الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي خَوَاصِّ السَّمَكِ]
ِ) قَدْ وَرَدَ ذِكْرُ السَّمَكِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَجْوَدُهُ مَا لَذَّ طَعْمُهُ وَطَابَ رِيحُهُ وَتَوَسَّطَ مِقْدَارُهُ رَقِيقُ الْقِشْرِ لَا صُلْبَ اللَّحْمِ وَلَا يَابِسَهُ وَكَانَ فِي مَاءٍ عَذْبٍ جَارٍ عَلَى حَصْبَاءَ يَغْتَذِي بِنَبَاتِ لَا قَذَرَ فِيهِ. وَأَصْلَحُ أَمَاكِنِهِ مَا كَانَ فِي نَهْرٍ جَيِّدِ الْمَاءِ وَكَانَ يَأْوِي الْأَمَاكِنَ الصَّخْرِيَّةَ ثُمَّ الرَّمْلِيَّةَ. وَالْمِيَاهَ الْعَذْبَةَ الْجَارِيَةَ لَا قَذَرَ فِيهَا وَلَا حَمْأَةَ، الْكَثِيرَةَ الِاضْطِرَابِ وَالْمَوْجِ الْمَكْشُوفَةَ لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ. وَالسَّمَكُ الْبَحْرِيُّ فَاضِلٌ مَحْمُودٌ لَطِيفٌ.
وَالطَّرِيُّ مِنْ السَّمَكِ بَارِدٌ رَطْبٌ فِي الثَّانِيَةِ عَسِرُ الِانْهِضَامِ يُخَصِّبُ الْبَدَنَ وَيُسَمِّنُهُ، وَيَزِيدُ فِي الْمَنِيِّ مُعَطِّشٌ، يُرْخِي الْعَصَبَ وَيُوَرِّثُ غِشَاوَةَ الْعَيْنِ، رَدِيءٌ لِلْقُولَنْجِ وَالْأَمْرَاضِ الْبَارِدَةِ صَالِحٌ لِلْمَعِدَةِ الْحَارَّةِ وَأَصْحَابِ الصَّفْرَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ بِئْسَ الْغِذَاءُ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ اللُّزُوجَاتِ الرَّدِيئَةِ تَتَوَلَّدُ مِنْهُ صُنُوفُ الْأَمْرَاضِ، وَالسَّمَكُ يُوَلِّدُ بَلْغَمًا كَثِيرًا مَائِيًّا قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا الْبَحْرِيَّ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ خَلْطًا مَحْمُودًا. وَأَمَّا الْمَالِحُ فَأَجْوَدُهُ قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالتَّمْلِيحِ، وَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ وَكُلَّمَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ ازْدَادَ حَرُّهُ، وَيَبْسُهُ، يُذِيبُ الْبَلَاغِمَ وَيُحْدِثُ الْبَهَقَ الْأَسْوَدَ، وَيُصْلِحُهُ السَّعْتَرُ وَالْكَرَاوْيَا وَبَعْدَهُ الْحُلْوُ وَالدُّهْنُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ إلَّا الْقَلِيلُ مَعَ الْأَغْذِيَةِ الدَّسِمَةِ.
وَالْجَرِّيُّ ضَرْبٌ مِنْ السَّمَكِ لَا يَأْكُلهُ الْيَهُودُ كَثِيرُ اللُّزُوجَةِ وَهُوَ طَرِيٌّ
مُلَيِّنٌ لِلْبَطْنِ، وَأَكْلُ الْمَالِحِ مِنْهُ الْعَتِيقُ يُصَفِّي قَصَبَةَ الرِّئَةِ وَيُجَوِّدُ الصَّوْتَ، وَإِذَا دُقَّ وَوُضِعَ مِنْ خَارِجٍ أَخْرَجَ السَّلَى وَالْفُضُولَ مِنْ عُمْقِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ لَهُ قُوَّةً جَاذِبَةً. وَمَاءُ مِلْحِ الْجَرِّيِّ الْمَالِحِ إذَا جَلَسَ مَنْ بِهِ قُرْحَةُ الْأَمْعَاءِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْعِلَّةِ وَافَقَهُ بِجَذْبِ الْمَوَادِّ إلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَإِذَا احْتُقِنَ بِهِ أَبْرَأَ مِنْ عِرْقِ النَّسَا، وَأَجْوَدُ مَا فِي السَّمَكَةِ مَا قَرُبَ مِنْ مُؤَخِّرِهَا.