الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يُصَانُ الْمَسْجِدُ عَنْ كَلَامٍ وَشِعْرٍ قَبِيحٍ وَغِنَاءٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَيُبَاحُ فِيهِ اللَّعِبُ بِالسِّلَاحِ]
ِ) وَيُسَنُّ صَوْنُهُ عَنْ إنْشَادِ شِعْرٍ قَبِيحٍ وَمُحَرَّمٍ وَغِنَاءٍ وَعَمَلِ سَمَاعٍ وَإِنْشَادِ ضَالَّةٍ وَنِشْدَانِهَا وَيَقُولُ لَهُ سَامِعُهُ: وَلَا وَجَدْتهَا وَلَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ يَقُولَ: لَا وُجِدَتْ، إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَيُتَوَجَّهُ فِي نَشْدِ الضَّالَّةِ وَهُوَ طَلَبُهَا وَإِنْشَادُهَا وَهُوَ تَعْرِيفُهَا مَا فِي الْعُقُودِ مِنْ التَّحْرِيمِ.
وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ النَّهْيَ عَنْهَا يَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْعُقُودِ فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ لَكِنَّ مَذْهَبَهُ الْكَرَاهَةُ وَإِذَا حَرُمَ وَجَبَ إنْكَارُهُ قَالَ فِي الْغُنْيَةِ لَا بَأْسَ بِإِنْشَادِ شِعْرٍ خَالٍ مِنْ سُخْفِ وَهِجَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَوْلَى صِيَانَتُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الزُّهْدِيَّاتِ فَيَجُوزُ الْإِكْثَارُ إلَّا أَنَّ الْمَسَاجِدَ وُضِعَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُجَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَفِي الشَّرْحِ يُكْرَهُ إنْشَادُ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَعَنْ نَظَرِ حُرُمِ النَّاسِ وَعَنْ إقَامَةِ حَدٍّ وَسَلِّ سَيْفٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ رحمه الله وَمِنْ السُّنَّةِ ذِكْرُ اللَّهِ وَذِكْرُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْجِدِ وَتَرْكُ الْخَوْضِ، وَالْفُضُولِ وَحَدِيثِ الدُّنْيَا فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَقَدْ رُوِيَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ غَلِيظَةٌ صَعْبَةٌ بِطُرُقٍ جِيَادٍ صِحَاحٍ وَرِجَالٍ ثِقَاتٍ مِنْهَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ إمَامُهُمْ الدُّنْيَا لَا تُجَالِسُوهُمْ فَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ» . وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَجْلِسَ النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ لَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ حَدِيثُهُمْ فِيهَا الدُّنْيَا.»
وَمِنْهَا مَا قَالَهُ الْحَسَنُ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ حِلَقًا حِلَقًا حَدِيثُهُمْ الدُّنْيَا لَا تُجَالِسُوهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَرَكَهُمْ مِنْ يَدِهِ.
فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ بِالْجِدَالِ، وَالْخُصُومَةِ وَإِنْشَادِ الضَّوَالِّ وَإِنْشَادِ الشِّعْرِ الْغَزَلِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ وَسَلِّ السُّيُوفِ وَكَثْرَةِ اللَّغَطِ وَدُخُولِ الصِّبْيَانِ، وَالنِّسَاءِ، وَالْمَجَانِينِ، وَالْجُنُبِ، وَالِارْتِقَاءُ بِالْمَسْجِدِ وَاِتِّخَاذَهُ لِلصَّنْعَةِ، وَالتِّجَارَةِ كَالْحَانُوتِ مَكْرُوهٌ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَالْفَاعِلُ لَهُ آثِمٌ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ وَتَغْلِيظِهِ عَلَى فَاعِلِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ وَقَدْ سُئِلَ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ: يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الصَّلَاةِ إنَّمَا هِيَ سَاعَةُ تَسْبِيحٍ.
وَقَالَ مُهَنَّا سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْكَلَامِ، وَالْحَدِيثِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَرِهَهُ وَقَالَ عُمَرُ: نَنْهَى عَنْهُ، وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ قَالَ كُنَّا نَتَنَاظَرُ فِي الْمَسَائِلِ أَنَا وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَنَقَلَ عَنْهُ صَالِحٌ أَنَّهُ أَجَازَ الْكَلَامَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ لَيْسَ الْكَلَامَ الْكَثِيرَ قَالَ الْقَاضِي فَقَدْ أَجَازَ الْكَلَامَ فِي الْفِقْهِ وَأَجَازَ الْيَسِيرَ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
«وَلَعِبَ الْحَبَشَةُ بِدَرَقِهِمْ وَحِرَابِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ عِيدٍ وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُ عَائِشَةَ وَهِيَ تَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَقَالَ دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ وَبَنُو أَرِفْدَةَ جِنْسٌ مِنْ الْحَبَشَةِ يَرْقُصُونَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَيُقَالُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرُهَا أَشْهَرُ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ جَوَازُ اللَّعِبِ بِالسِّلَاحِ وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُعِينَةِ عَلَى الْجِهَادِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الرَّأْفَةِ، وَالرَّحْمَةِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ. وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «جَاءَ جَيْشٌ يَزْفِنُونَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ.»
يَزْفِنُونَ أَيْ: يَرْقُصُونَ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّوَثُّبِ بِسِلَاحِهِمْ وَلَعِبِهِمْ بِحِرَابِهِمْ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ هَيْئَةِ الرَّاقِصِ لِأَنَّ مُعْظَمَ الرِّوَايَاتِ إنَّمَا فِيهَا لَعِبُهُمْ بِحِرَابِهِمْ فَتَنَاوَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَزَادَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا
فُسْحَةً، أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» وَلِأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «لَمَّا كَانَتْ الْحَبَشَةُ يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَرْقُصُونَ وَيَقُولُونَ مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ فَقَالَ مَا يَقُولُونَ؟ قَالُوا: يَقُولُونَ مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «بَيْنَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِرَابِهِمْ إذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَأَهْوَى إلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعْهُمْ يَا عُمَرُ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ هَذَا لَا يَلِيقُ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْلَمْ بِهِ.