الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَخْبَارٍ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]
ِ) عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا قَالَ: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ قُلْتُ: لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إنَّ ابْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ لَا يُجَصِّصُ مَسْجِدَهُ وَلَا يَرَى بِطَرَسُوسَ مَسْجِدًا مُجَصَّصًا إلَّا قَلَعَ جِصَّهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هُوَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا. وَذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَسْجِدًا قَدْ بُنِيَ وَأُنْفِقَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ فَاسْتَرْجَعَ وَأَنْكَرَ مَا قُلْتُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكْحَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: «لَا عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى.» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مِثْلُ الْكُحْلِ يُطْلَى بِهِ. أَيْ فَلَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ وَسَقْفُهُ بِالْجَرِيدِ وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ فَلَمْ يَزِدْ أَبُو بَكْرٍ فِيهِ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَيَّ بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ وَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ بِالْقَصَّةِ وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ. الْقَصَّةُ الْجِصُّ.
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ» إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «أُرَاكُمْ سَتُشَرِّفُونَ مَسَاجِدَكُمْ كَمَا شَرَّفَتْ الْيَهُودُ كَنَائِسَهَا وَكَمَا شَرَّفَتْ النَّصَارَى بِيَعَهَا» .
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ» رَوَاهُمَا ابْن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُغَلِّسِ، وَقَدْ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: صَدُوقٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ هُوَ عِنْدِي عَدْلٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُضْطَرِبٌ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ» إسْنَادُهُ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مُرْسَلًا وَأَنَّ الْمُرْسَلَ أَصَحُّ.
وَعَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَّخِذَ الْمَسَاجِدَ فِي دِيَارِنَا وَأَمَرَنَا أَنْ نُنَظِّفَهَا.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلَفْظُهُ «كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْمَسَاجِدِ أَنْ نَصْنَعَهَا فِي دِيَارِنَا وَنُصْلِحَ صَنْعَتَهَا وَنُطَهِّرَهَا» .
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «أَحَبُّ الْبِلَادِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَثَبَتَ فِي الْخَبَرِ ضَرْبُ الْخِبَاءِ وَاحْتِجَازُ الْحَظِيرَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ تَقْيِيدُ الْإِبَاحَةِ بِوُجُودِ الْبَرْدِ قَالَ الْقَاضِي سَعْدُ الدِّينِ الْحَارِثِيُّ: مِنْ أَصْحَابِنَا وَالصَّوَابُ عَدَمِ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ.
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَأَبِي أَسِيدٍ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَا عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ عَنْ أَبِي أَسِيدٍ بِالشَّكِّ. وَعَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ رضي الله عنها -
قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ» فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ «إذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ فِي الْمَسْجِدِ ضَالَّةً فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» . وَعَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا وَجَدْتَ إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ. وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُسْتَقَادُ فِيهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ.» إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.
وَرَوَى حَدِيثَهُ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يَنْشُدُ فَلَحَظَ إلَيْهِ فَقَالَ: كُنْتُ أَنْشُدُ فِيهِ، وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ قَالَ نَعَمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَتَقَدَّمَ عَنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُصَّاصِ وَالْوُعَّاظِ وَأَحَادِيثُ فِي الشِّعْرِ.
قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْفِرْيَابِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ
بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ: حَجَجْتُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَقَدَّمْتُ إلَى مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ أُصَلِّي إذْ دَخَلَ عُمَرُ فَرَآنِي فَأَخَذَ بِرَأْسِي وَجَعَلَ يَضْرِبُ بِهِ الْحَائِطَ وَيَقُولُ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَقْدُمُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ بِالسَّحَرِ إنَّ لَهُ عَوَامِرَ.
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَخَلَ حَابِسُ بْنُ سَعْدٍ الطَّائِيُّ الْمَسْجِدَ مِنْ السَّحَرِ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ فَإِذَا نَاسٌ فِي صَدْرِ الْمَسْجِدِ يُصَلُّونَ فَقَالَ: أَرْعِبُوهُمْ فَمَنْ أَرْعَبَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكُونُ قَبْلَ الصُّبْحِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ فِي الْمَسْجِدِ وَقْتَ السَّحَرِ.
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَلِمَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَرْفَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ.» إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ «وَرَأَى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَخَاهُ لِأُمِّهِ أَبَا سَعِيدٍ كَذَلِكَ وَكَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَجِعَةً فَضَرَبَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: أَوْجَعْتَنِي مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ هَذِهِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ قَالَ الْمَرُّوذِيّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ وَيَضَعُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَدْ رُوِيَ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ لَهُ سَرَاوِيلُ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةِ يُكْرَهُ كَشُرْبِهِ قَائِمًا وَنَهْيِهِ عَنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ اسْتِلْقَاءٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ، وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الْوَصْفِ. أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَضْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَالِاسْتِلْقَاءُ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ لَا أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ خُولِفَ لِلْخَبَرِ وَهُوَ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ: اتَّفَقُوا عَلَى
إبَاحَةِ جُلُوسِ الْمَرْءِ كَيْفَ أَحَبَّ مَا لَمْ يَضَعْ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ أَوْ يَسْتَلْقِي كَذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الِاسْتِلْقَاءِ وَالْقُعُودِ كَمَا قَدَّمْنَا فَمِنْ مَانِعٍ وَمُبِيحٍ.
فَسَوَّى ابْنُ حَزْمٍ فِي حِكَايَتِهِ بَيْنَ الْقُعُودِ وَالِاسْتِلْقَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَبَقَ وَالْقَوْلُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُ مُتَّجَهٍ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَالْأَصْلُ التَّسَاوِي فِي الْأَحْكَامِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَقَدْ فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم وَسَبَقَ قَبْلَ فُصُولِ آدَابِ الْأَكْلِ قَبْلَ فَصْلِ اسْتِحْبَابِ الْقَائِلَةِ كَرَاهِيَةُ الِاتِّكَاءِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَسَبَقَ قَبْلَ فُصُولِ آدَابِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ فَصْلِ الْكَفِّ عَنْ مَسَاوِي النَّاسِ كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ رحمه الله فِي كَرَاهَةِ الِاتِّكَاءِ، وَسَوَاءٌ وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، وَيَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ تَجَبُّرٌ.
وَقَوْلُهُ أَهَوَانٌ بِالْجُلَسَاءِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِالْجَمَاعَةِ بَلْ يُكْرَهُ إنْ كَانَ وَحْدَهُ لِعِلَّةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ لِعِلَّتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ فِي جَمَاعَةٍ وَسَبَقَ بِنَحْوِ نِصْفِ كُرَّاسَةٍ فِي فُصُولِ آدَابِ الْمَسْجِدِ جِلْسَةُ الْمُحْتَبِي وَالْمُتَرَبِّعِ وَتَأْتِي جِلْسَةُ الْمُتَرَبِّعِ فِي اللِّبَاسِ فِي فَصْلِ كَرَاهَةِ النَّظَرِ إلَى مَلَابِسِ الْحَرِيرِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَكْرَهُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَلْقِيَ عَلَى قَفَاهَا قَالَ: إي وَاَللَّهِ، يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَرِهَهُ وَرَوَاهُ الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ عَزَبٌ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ، وَلَفْظُهُ «كُنَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَنَقِيلُ فِيهِ.» وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلَفْظُهُ «كُنَّا نَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ شَبَابٌ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَتَّخِذُوهُ مَقِيلًا وَمَبِيتًا قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: عَنْ أَنَسٍ: «قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: رضي الله عنهما: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ فُقَرَاءَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاِتَّخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا
إلَيْهِ» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، وَفِيهِ كَلَامٌ وَبَاقِيهِ ثِقَاتٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:«كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ: ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ فَذَكَرَهُ، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَسُلَيْمَانُ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ بَعْدَ دُخُولِهِ الْكَعْبَةَ فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ رَأَيْتُ قَرْنَيْ الْكَبْشِ حِينَ دَخَلْتُ الْبَيْتَ فَنَسِيتُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُخَمِّرَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي قُبَّةِ الْبَيْتِ شَيْءٌ يُلْهِي الْمُصَلِّيَ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَعَنْ وَاثِلَةَ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاِتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ أَيْضًا.
وَفِي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي عِنْدَ مَسَائِلِ الْقِسْمَةِ قَالَ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْقَاسِمِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيِّ خَرَّجَهُ فِي كِتَابِ الْجَمَاعَاتِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَأَبِي أُمَامَةَ قَالُوا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ خُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ، وَلَا تَتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ مَطَاهِرَ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ مَنْ مَرَّ بِنَبْلٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ سُوقٍ أَنْ يُمْسِكَ عَلَى نِصَالِهَا.» وَهَذَا مِنْ شَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعَ فِي حُفْرَةِ النَّارِ.» يَنْزِعُ مَعْنَاهُ يَرْمِي فِي يَدِهِ وَيُحَقِّقُ ضَرْبَتَهُ.
وَرُوِيَ بِالْغَيْنِ
مِنْ الْإِغْرَاءِ أَيْ: يَحْمِلُ عَلَى تَحْقِيقِ الضَّرْبِ وَيُزَيِّنُهُ وَلِمُسْلِمٍ «مَنْ أَشَارَ إلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ.» أَيْ حَتَّى يَدَعَهُ كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْهُ عليه السلام «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا.» وَرَوَوْا أَيْضًا «لَا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ جَادًّا وَلَا هَازِلًا.» إسْنَادُهُمَا صَحِيحٌ.
وَكَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ.» وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صَنَائِعَكُمْ.»