الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ]
فَصْلٌ رَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اسْتَكْثِرُوا مِنْ النِّعَالِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ؛ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَقِيهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالنَّجَاسَاتِ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لِيُوَسِّعْ الْمُنْتَعِلُ لِلِحَافِي عَنْ جُدُدِ الطَّرِيقِ فَإِنَّ الْمُنْتَعِلَ بِمَنْزِلَةِ الرَّاكِبِ» .
وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلْيَسْتَرْجِعْ فَإِنَّهَا مُصِيبَةٌ» وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَعَاهَدُوا نِعَالَكُمْ عِنْدَ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ» وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا نَجَاسَةٌ فَتُنَجِّسُ الْمَسْجِدَ قَالَهُ الْقَاضِي وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «لِيَسْأَلَ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَ نَعْلِهِ إذَا انْقَطَعَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ ثَابِتٍ مُرْسَلَةٍ «حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمِلْحَ، وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَهُ إذَا انْقَطَعَ» . وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ لَهُ بِمِصْرَ مَا لِي أَرَاك شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْأَرْضِ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ» قَالَ فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْك حِذَاءً قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِي أَحْيَانًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامِلًا بِمِصْرَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِذَا هُوَ شَعِثُ الرَّأْسِ مِشْعَارٌ فَقُلْت مَا لِي أَرَاك شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرٌ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا عَنْ الْإِرْفَاهِ،» قُلْت وَمَا الْإِرْفَاهُ؟ قَالَ الرَّجُلُ كَانَ يَوْمَ الْإِرْفَاهِ الِاسْتِكْثَارُ مِنْ الزِّينَةِ وَالتَّنَعُّمِ وَالْمِشْعَارُ هُوَ الْبَعِيدُ الْعَهْدُ عَنْ الْحَمَّامِ، يُقَالُ رَجُلٌ مِشْعَارٌ إذَا كَانَ مُنْتَفِشَ الشَّعْرِ ثَائِرَ الرَّأْسِ بَعِيدَ الْعَهْدِ عَنْ الْحَمَّامِ بِالتَّسْرِيحِ وَالدَّهْنِ.
قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ:
وَسِرْ حَافِيًا أَوْ حَاذِيًا وَامْشِ وَارْكَبَنْ
…
وَتَمَعْدَدْ وَاخْشَوْشِنْ وَلَا تَتَعَوَّدْ
وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي فَرْدَةِ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي إصْلَاحِ الْأُخْرَى أَوْ لَمْ يَكُنْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالْأَثْرَمِ وَجَمَاعَةٍ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ: كَثِيرًا وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْدَأَ بِلُبْسِ حَائِلِ الْيُمْنَى بِيُمْنَاهُ وَخَلْعِ حَائِلِ الْيُسْرَى بِيُسْرَاهُ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ وَقَدْ سُئِلَ يَنْتَعِلُ قَبْلَ الْيُمْنَى أَوْ يَنْزِعُ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى قَالَ أَكْرَهُ هَذَا كُلَّهُ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَابِلَ بَيْنَ نَعْلَيْهِ وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهَا قِبَالَانِ» قِبَالُ النَّعْلِ بِكَسْرِ الْقَافِ الزِّمَامُ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْإِصْبَعِ الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَقَدْ أَقْبَلَ نَعْلَهُ وَقَابَلَهَا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَابِلُوا النِّعَالَ» أَيْ اعْمَلُوا لَهَا قِبَالًا، وَنَعْلٌ مُقْبَلَةٌ إذَا جَعَلْت لَهَا قِبَالًا، وَمَقْبُولَةٌ إذَا شَدَدْت قِبَالَهَا قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ الْكَرَاهَةَ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ لَا يَنْتَعِلُ قَائِمًا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمِ الْأَحَادِيثُ فِيهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى الْأَحَادِيثِ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ كَتَبَ إلَيَّ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الِانْتِعَالِ قَائِمًا قَالَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ الْقَاضِي وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ ضَعَّفَ الْأَحَادِيثَ فِي النَّهْيِ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.