الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتى مسجد بيته، فصلى، فقُبض وهو ساجد. وقبض جماعة من السلف في الصلاة وهم سجود.
وكان بعضهم يوماً قاعداً مع أصحابه فقال: لبيك، ثم خرَّ ميتاً.
وكان بعضهم جالساً مع أصحابه، فسمعوا صوتاً يقول، يا فلان أجب، والله آخر ساعتك من الدنيا! فوثب، فقال: هذا والله منادي الموت، فودَّع أصحابه، وسلم عليهم، ثم انطلق نحو الصوت، وهويقول: سلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، ثم انقطع عنهم الصوت، فتتبعوا أثره، فوجدوه ميتاً.
وكان آخر جالسًا يكتب الحديث، فوضع القلم من يده، ورفع يديه يدعو الله، فمات. رحمه الله تعالى. انتهى. والله أعلم.
138-
"
من أهان لي ولياً فقد بارزته بالمحاربة
، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت، وأكره مساءته، ولابد له منه" 1. رواه البخاري عن أبي هريرة.
ش- هذا الحديث مختصر، ورواه البخاري أيضاًعن أبي هريرة مطولاً بألفاظ قريبة من ألفاظ الحديث السابق، وأعاد المصنف ذكره هنا؛ لأن لفظه السابق:"من آذى" وهذا: "من أهان لي" ينبه على أن الإيذاء سواء كان مشتملاً على إهانة أم لا يعد محاربةً لله تعالى، وثانياً: أن الرواة له مختلفة. والله أعلم.
1 رواه البخاري رقم"6502"من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو بلفظ "من عادى لي ولياً فقد بادرني بالمحاربة".
139-
"
من ترك الخمر وهو يقدر عليه
، لأسقينه منه في حظيرة القدس، ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه؛ لأكسونه إياه في حظيرة القدس" 2. رواه البزار عن أنس.
1 رواه البزار رقم"2939"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد" 5/ 76"وقال: رواه البزار، وفيه شعيب بن بيان، قال الذهبي صدوق. وضعفه الجوزجاني، والعقيلي. نقول: والحديث حسن.
ش- الخمر مؤنثه في اللغة الفصيحة المشهورة، وأصل الخمر: سترالشيء، وتغطيته، وسُميت خمراً؛ لكونها خامرة لمقرالعقل. قال الواحدي1: الخمرعند أهل اللغة سميت خمراً؛ لسترها العقل. قال الليث: اختمار الخمر إدراكها، وغليانها، ومخمرها: متخذها، وخمرت الدابة، أخمرها: سقيتها الخمر. قال الكسائي2: يقال: اختمرت خمراً، ولا يقال: أخمرتها. وأصل هذا الحرف التغطية، وقيل: سميت خمراً؛ لأنها تغطِّي حتى تدرك. وحظيرة القدس: الجنة، وهي في الأصل: الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم، والإبل، يقيها البرد، والريح. ويطلق أيضاً على الشريعة، وكلاهما صحيح، فالشريعة: حظيرة، منها يُستفاد القدس، أي: الطهارة. والتقديس: التطهير، ومنه: بيت المقدس، والحرير: معروف.
والمعنى: أن من ترك شرب الخمر، بأن لم يشربه ابتداء، أو تركه بعد أن شربه مدة،وهو يقدرعلى شربه؛ ليسقينه المولى جل ذكره من خمر الجنة في حظيرة القدس - أي: في الجنة- التي قال الله تعالى في وصفها في كتابه المبين: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ، بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 45-47] أي: يُطاف على أهل الجنة بكأس فيه خمر يجري كما تجري العيون على وجه الأرض، وهذه الكأس بيضاء، صافية اللون، ترى من الظاهر، ذات لذة، وأشد بياضاً من اللبن، وليس كخمر الدنيا، يغتال العقول، ويذهب بها -ولا يسكرون بعد شربها، فلا يصيبهم منها مرض، ولا صداع، وتغيب، بل يملكون حواسهم، وشعورهم، ويجدون لذة لوعرضت على أهل الدنيا لماتوا من شدة لذتها واستطابتها. اللهم لا تحرمنا منها!
والخمر جاء الشرع بتحريمها، واستنكارها، وبيان مضارها، واستفظاعها، والتهديد لمن شربها ووعيده. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ
1 الواحدي: الإمام العلامة. أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري الشافعي صاحب التفسير وإمام علماء التأويل من أولاد التجار. وأصله من ساوة، توفي بنيسابور" 468"هـ.
2 الكسائي: الإمام شيخ القراءة والعربية، أبو الحسن علي بن حمزة -ابن عبد الله بن فيروز الأسدي مولاهم الكوفي الملقب بالكسائي، تلا على ابن أبي ليلى عرضاً، وعلى حمزة، وحدث عن جعفر الصادق والأعمش، وسليمان بن الأرقم، له عدة تصانيف، منها:"معاني القرآن". وكتاب في القراءات ومختصر في النحو. سار مع الرشيد، فمات بالري سنة "189"هـ.
وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:90-91] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43] وقال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:219] الآية. أخبر سبحانه بأن الخمر، والميسر فيهما إثم كبير؛ لأن مضرتهما كبيرة، ولا إثم إلا فيما كان ضاراً، فإثم شارب الخمر ينشأ من فساد عقله، وإضعاف القوة العاقلة، فيصدر عنه ما يصدر عن فساد العقل من المخاصمة، والمشاءمة، وقول الفحش، والزور، وإفشاء السر، لاسيما في السياسة الدولية؛ فإن كثيراً من الأسرار الحربية تؤخذ بطريق السكر، وله حوادث كثيرة متكررة، وتعطيل الصلوات، وسائرما يجب عليه، ومخالطة الفساق، والفجار، وغشيان بيوت الدعارة، والملاهي، وضياع الأموال، وغير ذلك مما فساده ظاهر لكل عاقل. هذه مضاره الخلقية، والمالية، وأما مضاره الصحية: إفساد، وفقد شهوة الطعام، وتغيير الخُلُق، فالسكارى تسرع إليهم النشوة، فتجحظ أعينهم، وتمتقع سحنتهم، وتعظم بطونهم. ومرض الكبد، والكلى، وداء السل الذي يفتك في البلاد الأوروبية فتكاً ذريعاً على عناية أهلها بقوانين الصحة، ولكن لا وقاية من شرور السكرإلا بتركه. وقد قيل: إن نحو نصف الوفيات في بعض بلاد أوربا بداء السل.
قال الأستاذ المرحوم السيد رشيد رضا: ولم يكن هذا الداء معروفاً، أو منتشراً في مثل هذه البلاد -مصر- قبل شيوع السكر فيها، فهو من الأدواء التي حملها إليها الأوروبيون، وقد كثُر كثرة فاحشة في مصرعلى أن جوها لا يساعد على انتشاره. وقال أحد أطباء ألمانيا: اقفلوا لي نصف الحانات أضمن لكم الاستغناء عن نصف المستشفيات، والبيمارستانات، والتكايا، والسجون، وقد قال بعض الأطباء: إن المسكر لا يتحول إلى دم كما تتحول سائر الأغذية بعد الهضم، بل يبقى على حاله، فيزاحم الدم في مجاريه، فتسرع حركة الدم، وتختل موازنة الجسم، وتتعطل وظائف الأعضاء، أو تضعف، وتخرج عن وضعها الطبيعي المعتدل. فمن تأثيره في اللسان إضعاف حاسة الذوق، وفي الحلق الالتهاب، وفي المعدة ترشيح العصارة الفاعلة في الهضم حتى يغلظ نسيجها، وتضعف حركتها، وقد يحدث فيها احتقاناً، والتهاباً، وفي الأمعاء التقرح، وفي الكبد تمديده، وتوليد الشَّحم الذي يضعف عمله، وكل هذا يتعلق بما يسمونه: الجهاز الهضمي، ومن تأثيره في الدم: أنه بممازجته له يعيق دورته، وقد يوقفها أحياناً فيموت السكورفجأة. ويضعف مرونة الشرايين، فتمدد، وتغلظ، حتى
تفسد أحياناً، فيفسد الدم، ولوفي بعض الأعضاء، فتكون الغنغرينا التي تقضي بقطع العضو الذي تظهر فيه؛ لئلا يسري الفساد إلى الجسد كله، فيكون هالكاً. ومن تأثيره في جهازالتنفس: إضعاف مرونة الحنجرة، وتهييج شُعب التنفس، وأهون ضرر ذلك بحة الصوت، والسعال، وأعظمها تدرن الرئة؛ أي: السل الفاتك بالشبان، والقاطع لجميع لذات الإنسان.
وأما تأثيره في المجموع العصبي: فهو الذي يولد الجنون، ويهلك النسل، فولد السكور لا يكون نجيباً، وولد ولده يكون شراً من ولده، وأضعف بدناً وعقلاً، وقد يؤدي تسلسل هذا الضعف إلى انقطاع النسل بالمرة؛ لا سيما إذا جرى الأبناء على طريق الآباء، كما هو الغالب، وأطباء الأفرنج، وعلماؤهم مجمعون على أن ضرر الخمر أكبر من نفعها، وقد أُلِّفت جميعات في أوربا، وأمريكا، ومصر للسعي في إبطال المسكرات، فهم يتعاهدون على عدم الشرب، وعلى الدعوة إلى ذلك، والسعي لدى الحكومات بالتشديد على بائع الخمور. فالأيام، والأجيال كلما تقدمت، وارتقت تؤيد قول القرآن بأن إثم الخمر والميسر أكبر من نفعهما؛ فإن أطباء هذا العصر يصفون من مضرات الخمرما لم يكن معروفاًً عند الأطباء المتقدمين، وهو ما أطلقه الله تعالى لعباده؛ليبحثوا فيه، ويتبينوا صدقه بأنفسهم؛ لتكون عقولهم مؤدية لكتابه بوجوب اجتنابه.
وأما إثم الميسر؛ أي: إثم متعاطيه: فما ينشأ من الفقر، وذهاب المال في غير طائل، والعداوة، وإيحاش الصدور، وضياع مستقبل نفسه إذا لم يكن صاحب عائلة، أو ضياعه، وضياع مستقبل عائلته، فإذا كان مستخدماً في مصالح الحكومة، أو الشركات الأجنبية، أوالأهالي؛ فإنه بسبب الميسر يتطلع إلى ما في يده من مال الغير، أو ما في يدي غيره من المال، فتحدثه نفسه باغتيال ذلك، ويحسن له الشيطان ذلك، ويوقع في قلبه، بأنه لو مد يده إلى أموال الغير التي تحت يده، وبددها في القمار لربما يربح في أقرب وقت مالاً كثيراً، فيرد ما اغتاله من أموال الناس، ولا يطلع عليه أحد، فيتجاسر، ويأخذ شيئاً فشيئاً إلى أن ينكشف أمره، ويؤخذ على يده، ويفتضح، وتذهب منه وظيفته، ويحكم عليه بالحبس، ويعد من المجرمين، ويقتل مستقبله قتلاً مؤبداً؛ حيث يموت موتاً معنوياً، فلا يرفع بعد ذلك رأساً، وتمسي عائلته فقراء، يتطلبون العيش فلا يجدونه. وهذا كثير في زماننا، تنشره الجرائد على صفحاتها، وتتكرر حوادثه، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ومن مضاره: إفساد التربية بتعويد النفس على الكسل، وانتظار الرزق من الطرق الوهمية، وإضعاف القوة العقلية بترك الأعمال
المفيدة في طريق الكسب، وإهمال المقامرين الزراعة، والصناعة، والتجارة؛ التي هي أركان العمران. وأما منافع الخمرعلى ادَّعاء ذلك، فربح التجارة، وما يصدر عنها من الطرب، والنشاط، وقوة القلب، وثبات الجنان، وإصلاح المعدة، وقوة الباءة، وقد أشار أحد شعراء العرب إلى شيء من ذلك قال:
وإذا شربتُ فإنني
…
ربُّ الخورنق والسَّدير
وإذا صحوت فإنني
…
ربُّ الشويهة والبعير
وقال آخر:
ونشربها فتتركنا ملوكاً
…
وأُسداً ما ينهنهنا اللقاءُ
وقال بعض الشعراء وأشار إلى ما فيها من المفاسد والمصالح:
رأيت الخمر صالحةً وفيها
…
خصال تفسدُ الرجلَ الحليما
فلا والله أشربُها صحيحاً
…
ولا أشفى بها أبداً سقيما
ولا أعطي بها ثمناً حياتي
…
ولا أدعو لها أبداً نديما
ومنافع الميسر -على زعم أنه فيه منافع-: مصير الشيء إلى الإنسان بغير تعب ولا نصب، وسرور الرابح، وأريحيته عند أن يصيرله منها سهم صالح، وغيرذلك.
وقد جاء في السنة النبوية تشديد عظيم في شرب الخمر، وبيعها، وشرائها، وعصرها، وحملها، وأكل ثمنها، وترغيب عظيم في ترك ذلك، والتوبة منه.
أخرج الشيخان، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزني الزاني حتى يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن" زاد مسلم في رواية له. وأبو داود آخره: "ولكن التوبة معروضة بعد" وفي رواية للنسائي قال: "لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن،- وذكر رابعة فنسيتها - فإذا فعل ذلك فقد خلع رِبقة الإسلام من عنقه، فإن تاب تاب الله عليه" 1 وروى أبو داود: "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، ومبتاعها، وبائعها، وعاصرها،
1 رواه أحمد في المسند "2/ 376"، والبخاري رقم "6810"في الحدود. ومسلم رقم" 57و104"، وأبو داود رقم"4689"، والنسائي "8/ 65"من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه" ورواه ابن ماجه وزاد:"وآكل ثمنها" 1 وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حرم الخمر، وثمنها، وحرم الميتة، وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه" 2 رواه أبو داود، وغيره. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أتاني جبريل، فقال: يا محمد، إن الله لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها" 3 رواه أحمد بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. وروى ابن ماجه عن خباب بن الأرت رضي الله عنه عن رسول الله صلى اله عليه وسلم: أنه قال: "إياك والخمر، فإنها تفرغ الخطايا، كما أن شجرها يفرع الشجر"4. قال الحافظ المنذري: وليس في إسناده من ترك. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات،وهويدمنها؛ لم يشربها في الآخرة" 5 رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والبيهقي، ولفظه في إحدى رواياته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر في الدنيا، ولم يتب؛ لم يشربها في الآخرة، وإن دخل الجنة" وفي رواية لمسلم قال: "من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة "قال الخطابي، ثم البغوي في شرح السنة: وفي قوله: "حرمها في الآخرة" وعيد بأنه لا يدخل الجنة؛ لأن شراب أهل الجنة خمرإلا أنهم لا يُصدعون عنها، ولا يُنزفون، ومن دخل الجنة لا يحرم شرابها. انتهى. وعن أبي موسى رضي الله عنه:
1 رواه أبو داود رقم "3674" في الأشربة، وابن ماجه رقم "3380"في الأشربة من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهو حديث صحيح.
2 رواه أبو داود رقم "4385"في الإجازة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وإسناده حسن.
3 رواه أحمد في المسند "1/ 316"رقم "2897"، وعبد بن حميد رقم "686"وابن حبان رقم "5356"، والحاكم"4/ 145"وصححه ووافقه الذهبي. وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
4 رواه ابن ماجه رقم"3372". وفي إسناده منير بن الزبير الشامي الأزدي ضعيف من حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه.
5 رواه أحمد في المسند"2/ 19و20"،والبخاري رقم "5575"، ومسلم رقم "203 "وأبو داود رقم"3679"من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لايدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر، ومن مات مدمن الخمر سقاه الله جلَّ وعلا من نهر الغوطة، قيل: وما نهرالغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات، يؤذي أهل النار ريح فروجهم"1، رواه الإمام أحمد، وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وصححه. وفي رواية لابن حبان: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم"2 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر" 3 رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد، وعن جابررضي الله عنه:"أن رجلا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن- فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له: المذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مسكر هو؟ قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام، وإن عند الله عهداً لمن يشرب المسكرأن يسقيه طينة الخبال". قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟! قال: "عرق أهل النار، أوعصارة أهل النار" 4 رواه مسلم، والنسائي. وفي الباب أحاديث كثيرة تركتها خشية التطويل.
واختلف العلماء في حد الخمر، وحقيقته الشرعية، فقال سفيان الثوري، وأبو حنيفة، وأهل الرأي: الخمر ما اعتصر العنب، والنخلة، فيغلي بطبعه دون
1 رواه أحمد في المسند"4/ 399"، والحاكم "4/ 146"، وابن حبان رقم"5346 "وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "5/ 74"وقال: رواه أبو يعلى، والطبراني، وأحمد. ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات من حديث أبي موسى الاشعري رضي الله عنه، نقول: وفي إسناده أبو حريز، واسمه عبد الله ابن الحسين الأزدي مختلف فيه؛ ضعفه أحمد، ويحيى بن سعيد، والنسائي، وابن معين. وقال أبو داود: وسعيد بن أبي مريم: ليس حديثه بشيء، فالحديث إسناده ضعيف.
2 رواه ابن حبان رقم "6137"، وأبو يعلى رقم"7248"من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وإسناده ضعيف.
3 رواه الحاكم في المستدرك "4/ 145"وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
4 رواه مسلم رقم "2003"في الأشربة، والنسائي "8/ 327"في الأشربة من حديث جابر رضي الله عنه.
عمل النار، وما سوى ذلك ليس بخمر، وقال مالك، والشافعي، وأحمد، وأهل الأثر من المحدثين رضي الله عنهم: إنَّ الخمر كل شراب مسكر، فسواء كان عصيراً، أو نقيعًا، مطبوخًا كان، أو نيئًا. واللغة تشهد لهذا. قال الزجاج: القياس أن ما عمل عمل الخمر يُقال له: خمر، وأن يكون في التحريم بمنزلتها. قاله الواحدي، ونقله عنه الإمام النووي في تهذيب الأسماء،واللغات المطبوع في إدارتنا، وهو من الكتب المفيدة المحققة.
وأما الحرير: فقد ورد بتحريمه أحاديث صحاحٌ، وحسانٌ كثيرة، منها: ما رواه البخاري، ومسلم، والترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير؛ فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" 1، والنسائي، وزاد: وقال ابن الزبير: من لبسه في الدنيا لم يدخل الجنة. قال الله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج:23] وروى البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال: "نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب، والفضة، وأن نأكل فيهما، وعن لبس الحرير، والديباج، وأن نجلس عليه"2. والديباج بكسر الدال، وقد تفتح: الثياب المتخذة من الإبريسم سَداها، ولحمتها منه، وذكره له بعد الحرير من باب ذكر الخاص بعد العام، وعن أبي أمامة رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرًا، ولا ذهبًا" 3 رواه أحمد، ورواته ثقات، وعن خليفة بن كعب عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير؛ فإنِّه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ". رواه البخاري، ومسلم، والنسائي، وزاد في رواية: ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة، قال الله تعالى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] وحديث الكتاب ذكره المنذري في كتاب "الترغيب والترهيب" وقال: رواه البزار بإسنادٍ حسن.
1 رواه البخاري رقم "5426"في اللباس، ومسلم رقم"2069"في اللباس، والنسائي" 8/ 200"من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
2 رواه البخاري رقم "5837"من حديث حذيفة رضي الله عنه.
3 رواه أحمد في المسند "5/ 261"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "5/ 147 "وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات. من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وإسناده حسن.