الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير طاعات الله، وإحياء سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإنَّ قيامَ العالم بإحياء قوانين دينهم، وسلوك نهج كلياته، وإبراز مفروضاته، وسننه، ومستحباته، ففي ذلك سعادتهم دنيا وأُخرى، ويكون وضع الشيء في محله المشروع له. وما تأخرت الأمم وانتشر الفساد فيها إلا بنبذ تعاليم الرسل والأنبياء، وطرح ما أتوا به من المحاسن والمشروعات، والأخذ بما تسوله لهم أنفسهم من السوء، والفحشاء، والانقياد لما تزينه لهم شياطينهم من المعتقدات الباطلة والأعمال الفاسدة. فأرجو الله تعالى أن يوفق الأمم أجمع إلى الأخذ بدين الإسلام، دين العز، والقوة، والرحمة، والرأفة، والسلام، والأمان، والسهل الممكن لكل إنسان!
ولما كان الإنسان بطبعه ميالًا إلى حب المال، شرِهًا، طمعًا، لا يشبع، وليس له حدي ينتهي إليه إلا ما كان من مادته، والجزء الأكبر فيه؛ قال الله تعالى في الحديث لو كان لابن آدم واد -أي: من ذهب، أوفضة- لأحب أن يكون له ثانٍ، ولوكان له واديان لأحب
…
إلخ، ولا يملأ جوفه إلا التراب؛ لأنه منه خلق، وإليه يعود، والله أعلم.
شرح حديث: إنك إن ذهبت تدعو على آخر
…
43-
"إنَّك إن ذهبت تدعو على آخر من أجل أنه ظلمك، وإنَّ آخر يدعو عليك إنك ظلمته، فإن شئت استجبنا لك، وعليك، وإن شئت أخَّرتكما إلى يوم القيامة، فأوسعكما عفوي"1. رواه الحاكم عن أنس.
ش- فيه: أن الله سبحانه وتعالى حليم ورؤوف بعباده يحب تأخير الجزاء إلى الآخرة، ولا يجازي عبده عقب ارتكابه الجُرم؛ ليشمله عفوه جل، وعز يوم القيامة، ويثيب صاحب الحق بحسب مظلمته، وتعدي الغير عليه. وفيه أيضًا: أن الله تبارك يستجيب للمظلوم، ويحبس شكايته عنده ذخرًا له في وقت يكون أحوج ما يكون إليه. سبحانك يا رب ما أحلمك بعبادك، وأرأفك بهم!.
1 ذكره المتقي الهندي في كنز العمال ج/3/رقم "7017"وقال: رواه الحاكم في تاريخه من حديث أنس رضي الله عنه. وفي إسناده إبراهيم بن زيد الأسلمي. قال ابن حبان: واهٍ.
شرح حديث: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع
…
44-
"إنما أتقبَّل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطلْ على خلقي، ولم يبت مُصرًا على معصيتي، وقطع نهاره في ذكري، ورحم المسكين، وابن السبيل، والأرملة، ورحم المصاب. ذلك نوره كنور الشمس. أكلؤُهُ بعزتي، وأستحفظه بملائكتي، أجعل له في الظلمة نورًا،
وفي الجهالة حِلمًا، ومثلُهُ في خَلْقي كمثل الفردوس في الجنة" 1 رواه البزار عن ابن عباس.
ش- أعظم أعمال الدين بعد الإقرار بالشهادتين الصلاة، ولذلك كانت صلة بين الرب والعبد، ولها فوائد كثيرة، ومنافع عظيمة، منها: أنها تنهي صاحبها عن الفحشاء، والمنكر، ومن نجده يصلي الصلوات الخمس، ويواظب عليها، وهو مقبلٌ على شهوات نفسه، مطيع لهواه، ليس عليه سمات أهل الصلاح والتقوى، نعلم أن صلاته غير مقبولة؛ لأنها لم تستوف الشروط المعتبرة شرعًا حسية كانت أو معنوية؛ بدليل ما ذكر في الحديث. وليست الشروط، والأركان، والمستحبات التي تذكر في كتب الفقه كافية في أن يكون المصلي ناجيًا من عذاب الله يوم القيامة، بل لابد من أشياء أخر تضاف إليها، كما في الحديث، وقال الله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}
[المؤمنون: 1-9] فبيَّن الله تعالى في هذه الآيات أوصاف المؤمن الذي نجا، وفاز من العقاب والعتاب، ومن لم يتصف بهذه الصفات فحاله حال خوف، وخطر، ولذلك قال الله في الحديث:"إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي" أي: إنما تقبل صلاة من تواضع بصلاته لله جل، وعلا، ولم يستطل على الناس، ويحتقرهم، ويترفع عليهم، ولم يَبِتْ مصرًا على معصية الله تعالى، بل إذا فعل معصية ووقع في جريمة فليبادر إلى الله بتوبة نصوح قبل أن يمضي عليها الوقت، وتسجل في كتاب الأعمال، وكان غالب نهاره في ذكر المولى تبارك وتعالى، ورحم الفقير، والمسكين، وابن السبيل: المسافر الغريب الذي ليس له أنيس، ولا مأوى، ومن كانت أرملةً خاليةً من الزوج، وتعول نفسها، ورحم من كان أصيب بجائحة، أو مرض، أو فاقة، ولم يجد ما يسد حاجته، أو يدفع مصيبته، فمن اتَّصف بهذه الأوصاف الحميدة
1 رواه البزار رقم "348". وابن حبان في المجروحين"2/ 35"وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد"2/ 147"وقال: رواه البزار، وفيه عبد الله بن واقد الحراني ضعفه النسائي، والبخاري، وإبراهيم الجوزجاني، وابن معين في رواية، ووثقه في رواية. ووثقه أحمد وقال: وكان يتحرى الصدق، وأنكر على من تكلم فيه. أقول: وإسناده ضعيف.