الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيرويه الهمذاني المتوفى سنة 558هـ قال الحافظ عبد الرؤوف المناوي في شرحه الجامع الصغير -مسند الفردوس المسمى بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب-: والفردوس للإمام عماد الإسلام أبي شجاع الديلمي، ألفه محذوف الأسانيد، مرتبًا على الحروف؛ ليسهل حفظه، وأعلم بإزائها بالحروف للمخرجين، ومسنده لولده سيد الحفاظ أبي منصور بن شيرويه خرج مسند كل حديث تحته، وسماه: إبانة الشبه في معرفة كيفية الوقوف على ما في كتاب الفردوس من علامات الحروف. انتهى.
وابن عساكر: هو الإمام الحافظ الكبير فخر الأمة ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي، صاحب التصانيف المفيدة النافعة، كتاريخ دمشق، والأطراف، المتوفى سنة 571هـ.
شرح حديث: أنا الرحمن خلقت الرحم
…
53-
"أنا الرحمن خلقت الرَّحم، وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها، وصلته، ومن قطعها، قطعته، ومن ثبَّتها، ثبَّته، إن رحمتي سبقت غضبي". رواه أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي عن ابن عوف1: والحاكم، والخرائطي، والخطيب، عن أبي هريرة2.
ش- الرحم -بفتح الراء وكسر الحاء المهملة-: يطلق على الأقارب، وهم من بينه وبين الآخر نسب سواء كان يرثه أم لا، سواء كان ذا محرم أم لا، وقيل: هم المحارم فقط، والأول هو المرجع؛ لأن الثاني يستلزم خروج أولاد الأعمام، وأولاد الأخوال من ذوي الأرحام؛ وليس كذلك.
ووصل الرحم كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار،
1 رواه أحمد في المسند"1/ 194"، والبخاري في الأدب المفرد"53". والحميدي رقم"65"وأبو داود رقم"1694". والترمذي رقم"1907". والحاكم "4/ 158". والبغوي في شرح السنة"2433"، وابن حبان رقم" 443"من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. وهو حديث صحيح.
2 رواه أحمد في المسند"2/ 498"، والحاكم في المستدرك"4/ 157". وصححه الحاكم؛ ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والتعطُّف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا، أو أساؤوا، وقطع الرحم ضد ذلك كله، يقال: وصل رحمه، يصلها، وصلًا، وصِلةً، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة فكأنه بالإحسان إليهم قد وصل بينه وبينهم من علاقة القرابة والصهر، ومعنى شققت لها اسمًا من اسمي: أي: أخرجت، وأخذت لها اسمًا من اسمي الرحمن، فلها به علقة.
وقوله: "ومن ثبتها ثبته" هو من التثبيت، وهو بمعنى وصلها، وفيه تكرار مع ما قبله، وفي نسخة:"ومن بتها" بالباء الموحدة، من البت، وهو القطع، وهي موافقة لما في كتاب الإتحافات السنية للمدني. والله أعلم.
ففي الحديث تعظيم أمر صلة الرحم، والعطف عليهم، وتفقد أحوالهم، وكل شخص بحسب ما يليق بحاله. قال القرطبي: الرحم التي توصل عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين. وتجب مواصلتها بالتوادد، والتناصح، والعدل، والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة. وأما الرحم الخاصة: فتزيد النفقة على القريب، وتفقد أحوالهم، والتغافل عن زلاتهم، وتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك. قال الإمام الحافظ ابن أبي جمرة1: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا، أو فجارًا؛ فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسب تخلفهم عن الحق، ولا تسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب، أو يعودوا إلى الطريق المثلى. والله أعلم.
وقد جاء في كثير من الأحاديث أن صلة الأرحام من أفضل الأعمال، منها: ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث معاذ بن أنس الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك" 2 وروي
1 ابن أبي جمرة - هو عبد الله بن سعد بن أبي جمرة، من العلماء بالحديث من آثاره مختصر الجامع الصحيح للبخاري. وشرح بهجة النفوس في سفرين توفي رحمه الله سنة "695"
2 رواه أحمد في المسند" 3/ 438"، والطبراني في الكبير"20/ 188"وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد"8/ 189"وقال: رواه الطبراني وفيه زبان بن فائد: ضعيف. أقول: وفي إسناده أيضًا ابن لهيعة ضعيف. من حديث معاذ بن أنس الجهني.
الحاكم من حديث عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عقبة! ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك"1.
وقول المصنف: رواه أحمد، والبخاري؛ أي: رواه أحمد في المسند، والبخاري في الأدب المفرد، وعزا هذا الحديث الحافظ ابن حجر في الفتح إلى أصحاب السنن.
وأحمد رحمه الله تعالى: هو الإمام الحافظ، الورع، الزاهد، المجتهد، رأس أهل السنة والجماعة، ومؤسس المذهب الحنبلي، من أجمعت الأمة على جلالته، وأمانته، وحفظه، وإتقانه، شيخ الإسلام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، المتوفى سنة 241هـ.
وقوله: "البخاري": هو الإمام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث، وقائد علمه، من أجمعت الأئمة على توثيقه، وأمانته، وتبحره، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري الجعفي المتوفى سنة 256 هـ وأغلب ما يعزى إليه في هذا الكتاب هو إلى صحيحه وجامعه.
وأبو داود: هو الإمام الورع، المتقن، الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب السنن، المتوفى سنة 275هـ.
وابن حبان: هو الإمام الحافظ العلامة أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ التميمي البستي، صاحب التصانيف العظيمة، المتوفى سنة 354هـ.
والخرائطي: هو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر السائي، المتوفى سنة 337هـ وكتابه هذا الذي روى فيه هذا الحديث اسمه: مساوئ الأخلاق، نص على ذلك محمد المدني في كتاه.
والخطيب: هو الإمام، الحافظ، المصنف، المؤرخ، محدِّث الشام والعراق
1 رواه أحمد في المسند "4/ 148" والطبراني في الكبير"17/ 270"، والحاكم في المستدرك"4/ 162"، وسكت عليه الذهبي. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد" 8/ 188"وقال: رواه أحمد، والطبراني، وأحد إسنادي أحمد ثقات. من حديث عقبة بن عامر، نقول: وهو حديث حسن بطرقه وشواهد.