الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: أن الله تباركت أسماؤه، وتنزهت صفاته يخبرنا: أن النظرة. الواحدة من الإنسان إلى المرأة الأجنبية، أو الصبي الأمر للتلذذ والاستمتاع، وإلى أموال الناس شرها، وبغضًا، وحسدًا سهم مسموم من سهام إبليس اللعين، يسلط على العبد، فيصيب به قلب المؤمن، فيصليه نار المعصية، والمخالفة، ويبعد عن الله جل ذكره، فمن جاهد نفسه، وترك هذه النظرة؛مخافة الله عز وجل؛ فإن الله سيبدله إيماناً، ويقيناً، يجد حلاوته في قلبه، فليختبر الإنسان بين مطاوعته نفسه، وإعطائها حظها، فيتعرض لسموم إبليس وجنوده، وبين أن يكف نفسه، وهواه، فلا ينظر إلى ما تقدم ذكره، فيستجلب رضا الرحمن، ويتعرض لثوابه، واللذة القلبية الإيمانية التي حلت في قلبه إعراضًا عن المعصية، وعدم التفاتٍ إلى ما ترغب فيه النفس.
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب تحث الإنسان في أن يغض طرفه عن النظر إلى ما لا يحل، فمن ذلك: ما روي عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه"1 رواه أحمد، والطبراني إلا أنه قال:"ينظر إلى امرأة أول رمقة" والبيهقي، وقال: إنما أراد إن صح -والله أعلم- أن يقع بصره عليها من غير قصد، فيصرف بصره عنها تورعًا، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " يا علي، إن لك كَنزًا في الجنة، وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة"2 رواه الإمام أحمد. وقوله: "ذو قرنيها" أي: ذو قرني هذه الأمة، وذاك لأنه كان له شجتان في قرني رأسه، إحداهما من ابن ملجم لعنة الله، والأخرى من عمرو بن ود. والله أعلم.
1 رواه أحمد في المسند"5/ 264". والطبراني في الكبير رقم" 7842". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد "8/ 63"وقال: رواه أحمد، والطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني متروك أقول: وفي إسناده أيضًا: عبيد الله بن زخر ضعيف، فالحديث ضعيف.
2 رواه الحاكم في المستدرك "3/ 123"وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا من حديث علي رضي الله عنه، ورواه أحمد في المسند"5/ 353" وأبو داود رقم" 2149". والترمذي رقم "2778"من حديث بريدة رضي الله عنه وهو حديث حسن.
بسم الله الرحمن الرحيم إن من استسلم لقضائي
…
96-
"بسم الله الرحمن الرحيم: إن من استشلم لقضائي، ورضي
بحكمي، وصبر على بلائي؛ بعثته يوم القيامة مع الصِّدِّيقين"1. رواه الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه قال: إن أول شيء كتبه الله في اللوح المحفوظ: بسم الله
…
إلى آخره".
ش- الاستسلام: الإذعان، والانقياد، والقضاء -كما قال الراغب-: فصل الأمر قولاً كان ذلك، أو فعلًا، وكل واحد منهما على وجهين: إلهي، وبشري، فمن القول الإلهي قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23] أي: أمر بذلك. وقال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء:4] فهذا قضاء بالإعلام والفصل في الحكم؛ أي: أعلمناهم، وأوحينا إليهم وحياً جزماً. وعلى هذا {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ} [الحجر: 66] ومن الفعل الإلهي قوله: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} [غافر:20] وقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت:12] إشارة إلى إيجاده الإبداعي، والفراغ منه، ومن القول البشري: نحو: قضى الحاكم بكذا؛ فإن حكم الحاكم يكون بالقول. ومن الفعل البشري: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة:200] و {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}
[الحج:29] .
وقال صاحب النهاية: أصل القضاء القطع، والفصل، يقال: قضى، يقضي، قضاء فهو قاض: أي: حكم، وفصل، وقضاء الشيء: إحكامه، وإمضاؤه، والفراغ منه، فيكون بمعنى الخلق. وقال الأزهري: القضاء في اللغة على وجوه، مرجعها إلى انقطاع الشيء، وتمامه، وكل ما أحكم عمله، أو أتم، أو أدين أو أوجب، أو أعلم، أو أنفذ، أو أمضي، فقد قضي، والحكم بالشيء: أن تقضي بأنه كذا، أو ليس بكذا، سواء ألزمت ذلك غيرك، أو لم تلزمه. والصبر والبلاء تقدم تعريفهما. والقيامة عبارة عن قيام الساعة المذكورة في قوله تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} [الروم:12]{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] والقيامة: أصلها ما يكون من الإنسان من القيام دفعة واحدة، أدخل فيها الهاء تنبيهًا على وقوعها دفعة، وقوله:"الصديقين" جمع صِدِّيق، وهو من كثر منه الصدق، وقيل: بل يقال لمن لا يكذب قط، وقيل: بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق. وقيل: بل لمن صدق بقوله واعتقاده، وحقق صدقه بفعله.
1 ذكره المتقي الهندي في كنز العمال ج/3/ ورقم"8659"وقال: رواه ابن النجار من حديث علي رضي الله عنه. وفي إسناده موسى بن طريف الأسدي، وهو زائغ ضعيف. والحديث ضعيف.