الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثوب الذي يرتدى به من الحر والبرد. والقصم: كسر الشيء، وإبانته. والقذف: الرمي بقوة. وضرب الإزار والرداء مثلًا في إنفراده جل ذكره بصفة العظمة، والكبرياء، والعز، والقوة؛ أي: ليست كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازاً، كالرحمة، والكرم، وغيرهما، شبه ما ذكر بالإزار، والرداء؛ لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان، ولأنه لا يشاركه في إزاره، وردائه أحد، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشركه في هذه الصفات أحد. والمعنى: أن الله عز وجل يخبرنا، ويعلمنا: أن العز، والقوة، والكبرياء، والعظمة هي مختصة بالله تعالى، لا يشاركه في هذه الصفات أحد من خلقه، ولا يليق، لا جن، ولا أنس، ولا ملك، ولا سلطان، ولا فقير، ولا غني ولا صعلوك، كاختصاص أحدكم بردائه وإزاره، فإنهما يشملانه دون غيره، وهذا ضرب مثل تقريبي إلى عقول البشر حسب عاداتهم وعرفهم ليفهموا، ويعقلوا، فمن نازع المولى جلَّ علاه في شيء من هذه الصفات المختصة به جل وعز؛ قذفه في ناره -وهو قادر على ذلك بدون مانع مطلقًا- وعذبه بها، وقصمه.
وفيه: الزجر عن ادِّعاء العزة، والكبرياء، والعظمة، والقوة؛ لأنها لا يوصف بها في الحقيقة على الإطلاق غير الخالق، البارئ، العالم، الواجد من العدم، وهي دائمة باقية لله سبحانه وتعالى. "فإن قيل": إن كثيرًا من الخلق مؤمنًا كان أو كافرًا عند العزة، والقوة، ولا سيما الكفار في عصرنا الحاضر، فالجواب: أن هذه القوة، والعزة هي سحابة صيف، لا تستمر، وهي في الحقيقة ذلك لهم؛ لأنهم يعملون أعمال البهائم، والمتوحشين، والجمادات في النوع الإنساني، وما حرب بولندة، وأخذها، واغتصابها من يد أهلها ببعيد، فنسأل الله عزة النفس، والقوة المثمرة التي تَحْملنا على المدافعة عن حقوقنا المقدَّسة، ونصر المظلوم، والأخذ على يد الظالمم بحديد.
93-
"
المُتحابُّون في جلالي لهم منابر من نور
، يغبُطهم النبيون، والشهداء" 1. رواه الترمذي عن معاذ.
1 رواه الترمذي رقم "2390"وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال: من حديث معاذ رضي الله عنه.
94-
"
المتحابون لجلالي في ظِلِّ عرشي
يوم لا ظل إلا ظلي" 1. رواه
1 رواه أحمد في المسند "4/ 128". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد" 10/ 279 "وقال: رواه أحمد، والطبراني وإسنادهما جيد. من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، وإسناده حسن.
أحمد، والطبراني في الكبير عن العرباض بن سارية.
ش- المتحابون: المتوادون، والتحابب: التوادد، وتحابوا: أحب بعضهم بعضًا. والجلال: التناهي في عظم القدر، وخصَّ بوصف الله سبحانه وتعالى بقوله:"ذو الجلال والإكرام" ولم يستعمل في غيره. والمنابر: جمع مِنبر، معروف. وقوله:"يغبطهم" من الغبطة بكسر أوله وسكون ثانيه. يقال: غبطت الرجل، أغبطه، غبطاً: إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ماله، وأن يدوم عليه ما هو فيه، فالغبط حسٌّ خاص مقبول. والنبيون: جمع نبي، وهو بشر أوحي إليه بشرع يعمل به، فإذا أمر بتبليغه فيكون رسولا أيضًا. والشهداء: جمع شهيد، وهو في الأصل من قتل مجاهداً في سبيل الله، ثم اتسع فيه، فأطلق على من سماه النبي صلى الله عليه وسلم: من المبطون، والغريق، والحريق، وغير ذلك. والظل: الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أي شيء كان. وقيل: هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس، وما كان بعده فهو الفيء. والعرش في الأصل شيء مسقف، وعرش الملك: سريره. ويطلق أيضًاعلى معانٍ أخر منها: عرش البئر: طليها بالخشب، وعرش السماء، والملك، والسلطان، والعز، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة صفة عرش الرحمن، وإحاطته. والمعنى -والله أعلم-: أن الأحاديث الصحيحة صفة عرش الرحمن، وإحاطته. والمعنى -والله أعلم-: أن المتحابين في جلال الله؛ أي: المخلصين في المحبة لله، لا لحظٍّ دنيوي، ولا أخروي.
والمتحابون في الله على ثلاثة أنواع، الأول: إما أن يكون الشخصان تحابا في الله جل علاه مع رجاء حطام في هذه الدار معنويًا كان، أو حسيًا، فهذا طالب حاجة، وهمته في دنياه، فليس له إلا حاجته قضيت، أو لم تقض، كما قال صلى الله عليه وسلم:"من كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إمرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" والثاني: أن تكون صحبته لله مع رجاء حظ أخروي حسًا كان، أو معنى، فهذا أيضًا طالب حاجة، لكن نفسه أرفع من الأول، وهو الأكثر عند المنتسبين للخير، فله حاجته قضيت، أو لم تقض. والثالث: الذي تكون صحبته لله ليس إلا، فهذا الذي يصدق عليه اسم المتحابين في الله على حقيقة اللفظ. وإذا كان كذلك لا يغيره من أخيه شيء يصدر له منه. وإذا كان على غير هذا الوجه قلما يثبت عند الامتحان، فإذا كانت نية أحدهما لله، ونية الآخر لغير ذلك، فلكل امرئ ما نوى. فإذا كان ذلك كذلك؛ فينصب لهم يوم القيامة منابر من نور، يقفون عليها، فينظر إليهم أهل الموقف، فيغبطهم على مقامهم هذا الأنبياء، والشهداء