الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: يُنَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَإِنْ قَالَ: هَلُمُّوا إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَا بَأْسَ، قَالَ: وَأُحِبُّ أَنْ يَتَوَقَّى أَلْفَاظَ الْأَذَانِ. وَقَالَ الدَّارِمِيُّ: لَوْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، كُرِهَ، لِأَنَّهُ مِنَ الْأَذَانِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَذْهَبُ إِلَى الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ، وَيَرْجِعُ فِي آخَرَ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِهِ، فَقِيلَ: لِتَبَرُّكِ أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ، وَقِيلَ: لِيُسْتَفْتَى مِنْهُمَا، وَقِيلَ: لِيَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَائِهِمَا، وَقِيلَ: لِيَزُورَ قُبُورَ أَقَارِبِهِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، وَقِيلَ: لِيَزْدَادَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ، وَقِيلَ: لِئَلَّا تَكْثُرَ الزَّحْمَةُ، وَقِيلَ: يَقْصِدُ أَطْوَلَ الطَّرِيقَيْنِ فِي الذَّهَابِ، وَأَقْصَرَهُمَا فِي الرُّجُوعِ، وَهَذَا أَظْهَرُهَا، ثُمَّ مَنْ شَارَكَ فِي الْمَعْنَى اسْتُحِبَّ ذَلِكَ لَهُ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يُشَارِكْ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَسَوَاءٌ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ.
قُلْتُ: وَإِذَا لَمْ يَعْلَمِ السَّبَبَ، اسْتُحِبَّ التَّأَسِّي قَطْعًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَصْلٌ
قَدْ قَدَّمْنَا فِي قَضَاءِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَغَيْرِهَا مِنَ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ إِذَا فَاتَتْ، قَوْلَيْنِ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ شَرَائِطِ الْجُمُعَةِ فِيهَا. فَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ، أَفْطَرُوا. فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ جَمْعُ النَّاسِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ، صَلَّوْهَا وَكَانَتْ أَدَاءً. وَإِنْ شَهِدُوا بَعْدَ غُرُوبِ
الشَّمْسِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إِلَّا الْمَنْعُ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، فَلَا يُصْغَى إِلَيْهَا، وَيُصَلُّونَ مِنَ الْغَدِ الْعِيدَ أَدَاءً، هَكَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ. وَفِي قَوْلِهِمْ: لَا فَائِدَةَ إِلَّا تَرْكُ صَلَاةِ الْعِيدِ إِشْكَالٌ، بَلْ لِثُبُوتِ الْهِلَالِ فَوَائِدُ أُخَرُ. كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ، وَابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَوَجَبَ أَنْ نَقْبَلَ، لِهَذِهِ الْفَوَائِدِ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَعْلِهَا فَائِتَةً، لَا عَدَمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
قُلْتُ: مُرَادُهُمْ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الصَّلَاةِ خَاصَّةً قَطْعًا، فَأَمَّا الْحُقُوقُ وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْهِلَالِ، كَأَجَلِ الدَّيْنِ، وَالْعِتْقِ، وَالْمَوْلَى، وَالْعِدَّةِ، وَغَيْرِهَا، فَثَبَتَ قَطْعًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَلَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ بَعْدَ الزَّوَالِ، أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الصَّلَاةُ، قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْفِطْرِ قَطْعًا، وَصَارَتِ الصَّلَاةُ فَائِتَةً عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: يُفْعَلُ مِنَ الْغَدِ أَدَاءً لِعِظَمِ حُرْمَتِهَا. فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، فَقَضَاؤُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَضَاءِ النَّوَافِلِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا تُقْضَى، لَمْ يُقْضَ الْعِيدُ. وَإِنْ قُلْنَا: تُقْضَى، بُنِيَ عَلَى أَنَّهَا كَالْجُمُعَةِ فِي الشَّرَائِطِ، أَمْ لَا. فَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، لَمْ تُقْضَ، وَإِلَّا قُضِيَتْ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ. وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِمْ؟ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَدَاءٌ أَمْ قَضَاءٌ. إِنْ قُلْنَا: أَدَاءً، فَلَا. وَإِنْ قُلْنَا: قَضَاءً وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَازَ. ثُمَّ هَلْ هُوَ أَفْضَلُ، أَمِ التَّأْخِيرُ إِلَى ضَحْوَةِ الْغَدِ. وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: التَّقْدِيمُ أَفْضَلُ، هَذَا إِذَا أَمْكَنَ جَمْعُ النَّاسِ فِي يَوْمِهِمْ لِصِغَرِ الْبَلْدَةِ. فَإِنْ عَسُرَ، فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ قَطْعًا. وَإِذَا قُلْنَا: يُصَلُّونَهَا فِي الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ قَضَاءً، فَهَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا؟ عَنْهُ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: جَوَازُهُ أَبَدًا. وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجُوزُ فِي بَقِيَّةِ شَهْرِ الْعِيدِ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَعَدَلَا بَعْدَهُ، فَقَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ