الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أُخْرِجَتِ الزَّكَاةُ مِنْ نَفْسِ الْمَاشِيَةِ، فَفِيمَا يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: نِصْفُ الْجُمْلَةِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَةُ الْغَنَمِ، أَخَذَ مِنْهَا عِشْرِينَ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَخَذَ النِّصْفَ بِالْقِيمَةِ، وَالثَّانِي: نِصْفُ الْغَنَمِ الْبَاقِيَةِ، وَنِصْفُ قِيمَةِ الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي، وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ وَيَرْجِعَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي كَذَا صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَخْرَجَهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: يَأْخُذُ نِصْفَ الْأَرْبَعِينَ، وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ: فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَصْلًا. فَالْمَذْهَبُ أَنَّ نِصْفَ الْأَرْبَعِينَ يَعُودُ إِلَى الزَّوْجِ شَائِعًا، فَإِذَا جَاءَ السَّاعِي وَأَخَذَ مِنْ عَيْنِهَا شَاةً، رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا.
فَصْلٌ
إِذَا أَجَّرَ دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ مُعَجَّلَةٍ وَقَبِضَهَا، فَفِي كَيْفِيَّةِ إِخْرَاجِ زَكَاتِهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةُ جَمِيعِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَامٌّ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ صَاحِبَيِ الْمُهَذَّبِ وَ «الشَّامِلِ» ، وَالثَّانِي: وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ سَنَةٍ إِلَّا زَكَاةُ الْقَدْرِ الَّذِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا قُلْنَا بِالثَّانِي، أَخْرَجَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ رُبُعِ الْمِائَةِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا سَنَتَيْنِ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهَا لِلسَّنَتَيْنِ، وَهِيَ دِينَارَانِ وَنِصْفٌ، لَكِنَّهُ أَخْرَجَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى خَمْسَةَ
أَثْمَانِ دِينَارٍ، فَيَسْقُطُ وَيَجِبُ الْبَاقِي، وَهُوَ دِينَارٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانٍ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِينَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ، وَزَكَاتُهَا فِيهَا خَمْسَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ، أَخْرَجَ مِنْهَا فِي السَّنَتَيْنِ دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا، فَيُخْرِجُ الْبَاقِي، فَإِذَا مَضَتِ الرَّابِعَةُ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى الْمِائَةِ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَزَكَاتُهَا فِيهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، أَخْرَجَ مِنْهَا خَمْسَةً وَخَمْسَةَ أَثْمَانٍ، فَيُخْرِجُ الْبَاقِي، هَذَا إِذَا أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ الْمِائَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْهَا وَاجِبَ السَّنَةِ الْأُولَى، فَعِنْدَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُولَى سِوَى مَا أَخْرَجَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، وَزَكَاةُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أُخْرَى لِسَنَتَيْنِ، وَعِنْدَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ الْمِائَةِ، وَكَذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ إِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ عَيْنِهَا، زَكَّى كُلَّ سَنَةٍ مَا بَقِيَ. وَاخْتَلَفَ الْعِرَاقِيُّونَ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَطَائِفَةٌ: هُمَا فِي نَفْسِ الْوُجُوبِ، وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ وَشِيعَتُهُ: الْوُجُوبُ ثَابِتٌ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ.
وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: إِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ السَّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَةً، فَإِنْ تَفَاوَتَتْ، زَادَ الْقَدْرُ الْمُسْتَقِرُّ فِي بَعْضِ السَّنَتَيْنِ عَلَى رُبُعِ الْمِائَةِ، وَنَقَصَ فِي بَعْضِهَا، فَإِنْ قِيلَ: هَلْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْمِائَةُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهَا، أَوْ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَمْ لَا فَرْقَ؟
الْجَوَابُ، أَنَّ كَلَامَ نَقْلَةِ الْمَذْهَبِ يَشْمَلُ الْحَالَتَيْنِ، وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا وَتَفْصِيلًا إِلَّا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ زَكَاةُ كُلِّ الْمِائَةِ، إِذَا حَالَ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَى مَا أَخَذَ، حَتَّى لَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ، لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ، بَلْ لَهُ رَدُّ مِثْلِهِ، وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، قَالَ: حُكْمُ الزَّكَاةِ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِأَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَحَقُّ بِالْخِلَافِ مِنَ الْأُولَى، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي اخْتِيَارٌ لِلْوُجُوبِ فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا.