الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُخُولِ الْقِشْرَةِ السُّفْلَى مِنَ الْبَاقِلَاءِ فِي الْحِسَابِ وَجْهَانِ. قَالَ فِي «الْعُدَّةِ» : الْمَذْهَبُ لَا يَدْخُلُ.
الثَّالِثُ: قِشْرٌ يُدَّخَرُ الْحَبُّ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ مَعَهُ، فَلَا يَدْخُلُ فِي حِسَابِ النِّصَابِ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ فِيهِ كَالْعَلَسِ وَالْأُرْزِ. أَمَّا الْعَلَسُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَنْهُ فِي الْأُمِّ: يَبْقَى بَعْدَ دِيَاسِهِ عَلَى كُلِّ حَبَّتَيْنِ مِنْهُ كِمَامٌ لَا يَزُولُ إِلَّا بِالرَّحَى الْخَفِيفَةِ، أَوْ بِمِهْرَاسٍ، وَادِّخَارُهُ فِي ذَلِكَ الْكِمَامِ أَصْلَحُ لَهُ، وَإِذَا أُزِيلَ كَانَ الصَّافِي نِصْفَ الْمَبْلَغِ، فَلَا يُكَلَّفُ صَاحِبُهُ إِزَالَةَ ذَلِكَ الْكِمَامِ عَنْهُ، وَيُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ بَعْدَ الدِّيَاسِ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ لِيَكُونَ الصَّافِي مِنْهُ خَمْسَةً. وَأَمَّا الْأُرْزُ، فَيُدَّخَرُ أَيْضًا مَعَ قِشْرِهِ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لَهُ، وَيُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ مَعَ الْقِشْرِ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ كَالْعَلَسِ، وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ قَدْ يُخْرَجُ مِنْهُ الثُّلُثُ، فَيُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ قَدْرًا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْهُ نِصَابًا.
فَصْلٌ
لَا يُضَمُّ التَّمْرُ إِلَى الزَّبِيبِ فِي إِكْمَالِ النِّصَابِ، وَيُضَمُّ أَنْوَاعُ التَّمْرِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَأَنْوَاعُ الزَّبِيبِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إِلَى الشَّعِيرِ، وَلَا سَائِرُ أَجْنَاسِ الْحُبُوبِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إِلَى الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا، وَأَكِمَّتُهُ يَحْوِي الْوَاحِدُ مِنْهَا حَبَّتَيْنِ، وَإِذَا نَحَّيْتَ الْأَكِمَّةَ، خَرَجَتِ الْحِنْطَةُ الصَّافِيَةُ، وَقَبْلَ التَّنْحِيَةِ إِذَا كَانَ لَهُ وَسَقَانِ مِنَ الْعَلَسِ، وَأَرْبَعَةٌ حِنْطَةٌ، تَمَّ نِصَابُهُ. فَلَوْ كَانَتِ الْحِنْطَةُ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ إِلَّا بِأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ عَلَسًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
وَأَمَّا السُّلْتُ، فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ: هُوَ حَبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ فِي اللَّوْنِ وَالنُّعُومَةِ، وَالشَّعِيرَ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ، وَعَكَسَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَآخَرُونَ فَقَالُوا: هُوَ فِي صُورَةِ الشَّعِيرِ، وَطَبْعُهُ حَارٌّ كَالْحِنْطَةِ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ لَا يُضَمُّ إِلَى غَيْرِهِ، وَالثَّانِي: يُضَمُّ إِلَى الْحِنْطَةِ، وَالثَّالِثُ: إِلَى الشَّعِيرِ.
فَرْعٌ
تَقَدَّمَ فِي الْخُلْطَةِ خِلَافٌ فِي ثُبُوتِهَا فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ، وَأَنَّهَا إِنْ ثَبَتَتْ فَهَلْ تَثْبُتُ خُلْطَتَا الشُّيُوعِ وَالْجِوَارِ أَمِ الشُّيُوعِ فَقَطْ؟ وَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُهُمَا مَعًا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَثْبُتَانِ، لَمْ يَكْمُلْ مِلْكُ رَجُلٍ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فِي إِتْمَامِ النِّصَابِ، وَإِنْ أَثْبَتْنَاهُمَا كَمُلَ بِمِلْكِ الشَّرِيكِ وَالْجَارِ. وَلَوْ مَاتَ إِنْسَانٌ وَخَلَّفَ وَرَثَةً وَنَخِيلًا مُثْمِرَةً أَوْ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي الْحَالَيْنِ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي الثِّمَارِ، فَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مُنْقَطِعٌ عَنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ بَلَغَ نَصِيبُهُ نِصَابًا زَكَّى، وَمَنْ لَا فَلَا، وَسَوَاءٌ اقْتَسَمُوا، أَمْ لَا. وَإِنْ قُلْنَا: تَثْبُتُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِنِ اقْتَسَمُوا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، زَكَّوْا زَكَاةَ الِانْفِرَادِ، فَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ نَصِيبُهُ نِصَابًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةُ الْجِوَارِ، أَوْ أَثْبَتْنَاهَا وَكَانَتْ مُتَبَاعِدَةً. أَمَّا إِذَا كَانَتْ مُتَجَاوِرَةً وَأَثْبَتْنَاهَا، فَيُزَكُّونَ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، كَمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنِ اقْتَسَمُوا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، زَكَّوْا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، لِاشْتِرَاكِهِمْ حَالَةَ الْوُجُوبِ. ثُمَّ هُنَا اعْتِرَاضَانِ:
أَحَدُهُمَا لِلْمُزَنِيِّ، قَالَ: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، وَبَيْعُ الرِّبَوِيِّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا لَا يَجُوزُ، وَبَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالرُّطَبِ بَيْعٌ جُزَافٌ، وَأَيْضًا فَبَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ. أَجَابَ الْأَصْحَابُ بِجَوَابَيْنِ. أَحَدُهُمَا: قَالُوا: الْأَمْرُ عَلَى مَا ذُكِرَ إِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، وَلَكِنْ فَرَّعَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهَا إِفْرَازُ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، فَتُتَصَوَّرُ الْقِسْمَةُ هُنَا مِنْ وُجُوهٍ.
مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ النَّخِيلِ مُثْمِرًا، وَبَعْضُهَا غَيْرَ مُثْمِرٍ، فَيَجْعَلُ هَذَا سَهْمًا وَذَاكَ سَهْمًا، وَيُقَسِّمُهُ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ، فَيَكُونُ بَيْعَ نَخِيلٍ وَرُطَبٍ بِنَخْلٍ مُتَمَحِّضٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ.
وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ نَخْلَتَيْنِ وَالْوَرَثَةُ شَخْصَيْنِ، اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ إِحْدَى النَّخْلَتَيْنِ - أَصْلُهَا وَثَمَرُهَا - بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَبَاعَ نَصِيبَهُ مِنَ الْأُخْرَى لِصَاحِبِهِ بِعِشَرَةٍ وَتَقَاصَّا. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنَ الثَّمَرَةِ وَالشَّجَرَةِ مَعًا، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا كُلَّهَا بِثَمَرَتِهَا صَفْقَةً، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إِذَا أَفْرَدَ الثَّمَرَةَ بِالْبَيْعِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرَةِ إِحْدَى النَّخْلَتَيْنِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ جِذْعِهَا، فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَلَا يَكُونُ رِبًا، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّهِ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى جِذْعِ الْبَائِعِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: قِسْمَةُ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ تَجُوزُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هُنَا تَفْرِيعٌ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هَذَا يَدْفَعُ إِشْكَالَ الْبَيْعِ جُزَافًا، وَلَا يَدْفَعُ إِشْكَالَ مَنْعِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ.
الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي: قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: جَوَازُ الْقِسْمَةِ قَبْلَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ هُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْقِسْمَةِ مَعَ التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ الْعَيْنِ بِأَنْ تُخَرَّصَ الثِّمَارُ عَلَيْهِمْ، وَيَضْمَنُوا حَقَّ الْمَسَاكِينِ، فَلَهُمُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّا حَكَيْنَا فِي قَوْلِ الْبَيْعِ قَوْلَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ، فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ إِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا، وَإِنْ قُلْنَا: إِفْرَازٌ فَلَا مَنْعَ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، فَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ نَخِيلٌ مُثْمِرَةٌ، فَبَدَا الصَّلَاحُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ أَنْ تُبَاعَ - فَالْمَذْهَبُ وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ مَا لَمْ تُبَعْ فِي الدَّيْنِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، وَيُمْكِنُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ الْإِرْثَ أَمْ لَا؟ فَعَلَى