المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إِفْرَازُ حَقٍّ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٢

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّعَمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلٌ فِي صِفَةِ الْمُخْرَجِ فِي الْكَمَالِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌بَابُ الْخُلْطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْخُلْطَةِ وَالِانْفِرَادِ فِي حَوْلٍ وَاحِدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمُعْشِرَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَالِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ بُلُوغُ الْمُعَشَّرِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الْحُلِيِّ

- ‌بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا إِذَا كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ

- ‌فَصَلٌ فِي زَكَاةِ مَالِ الْقِرَاضِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إِفْرَازُ حَقٍّ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ

سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إِفْرَازُ حَقٍّ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ عِنْدَ تَمَامِ بَاقِي الْحَوْلِ نِصْفُ شَاةٍ. ثُمَّ إِذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ الْقِسْمَةِ، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ لَمَّا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً، فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْآخَرِ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ مُضِيِّ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصْفُ شَاةٍ.

‌فَصْلٌ

إِذَا اجْتَمَعَ فِي مِلْكِ الْوَاحِدِ مَاشِيَةٌ مُخْتَلِطَةٌ وَغَيْرُ مُخْتَلِطَةٍ مِنْ جِنْسِهَا، بِأَنْ مَلَكَ سِتِّينَ شَاةً خَالَطَ بِعِشْرِينَ مِنْهَا عِشْرِينَ لِغَيْرِهِ خُلْطَةَ جِوَارٍ أَوْ شُيُوعٍ، وَانْفَرَدَ بِالْأَرْبَعِينَ، فَكَيْفَ يُزَكِّيَانِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا - وَعَلَيْهِ فَرَّعَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالْأَكْثَرُونَ - أَنَّ الْخُلْطَةَ خُلْطَةُ مِلْكٍ، أَيْ كُلُّ مَا فِي مِلْكِهِ ثَبَتَ فِيهِ حُكْمُ الْخُلْطَةِ؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ تَجْعَلُ مَالَ الِاثْنَيْنِ كَمَالِ الْوَاحِدِ، وَمَالُ الْوَاحِدِ يُضَمُّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ وَإِنْ تَفَرَّقَ، فَعَلَى هَذَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، كَانَ صَاحِبُ السِّتِّينَ قَدْ خَلَطَهَا بِعِشْرِينَ، فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ، ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا عَلَيْهِ وَرُبُعُهَا عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْخُلْطَةَ خَلْطَةُ عَيْنٍ، أَيْ يُقْصَرُ حُكْمُهَا عَلَى الْمَخْلُوطِ، فَتَجِبُ بِعِشْرِينَ عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ خَلِيطُ عِشْرِينَ. وَفِي صَاحِبِ السِّتِّينَ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: يَلْزَمُهُ شَاةٌ. وَالثَّانِي: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ، كَمَا لَوْ خَالَطَ بِالْجَمِيعِ. وَالثَّالِثُ: خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَاةٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ، يَخُصُّ الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا ثُلُثَانِ، كَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِجَمِيعِ السِّتِّينَ، وَيَخُصُّ الْعِشْرِينَ رُبُعٌ كَأَنَّهُ خَالَطَ بِالْجَمِيعِ. وَالرَّابِعُ: شَاةٌ وَسُدُسٌ، يَخُصُّ الْأَرْبَعِينَ ثُلُثَانِ، وَالْعِشْرِينَ نِصْفٌ. وَالْخَامِسُ: شَاةٌ وَنِصْفٌ كَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِأَرْبَعِينَ، وَخَالَطَ بِعِشْرِينَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ. أَمَّا إِذَا خَلَطَ عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ لِغَيْرِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدَةً، فَفِي وَاجِبِهِمَا الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: خُلْطَةُ مِلْكٍ، فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ، عَلَى

ص: 181

كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفٌ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ قُلْنَا: خُلْطَةُ عَيْنٍ، فَسَبْعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ تَغْلِيبًا لِلِانْفِرَادِ. وَالثَّانِي: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ سِتِّينَ مُخَالِطَةً عِشْرِينَ. وَالثَّالِثُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ شَاةٍ، وَكَانَ الْجَمِيعُ مُخْتَلِطًا. وَالرَّابِعُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ، حِصَّةُ الْأَرْبَعِينَ ثُلْثَانِ، كَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِمَالِهِ، وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ رُبُعٌ، كَأَنَّهُ خَالَطَ السِّتِّينَ بِالْعِشْرِينَ. وَالْخَامِسُ: خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، حِصَّةُ الْعِشْرِينَ سُدُسٌ، كَأَنَّهُ خَلَطَهَا بِالْجَمِيعِ، وَالسَّادِسُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ وَسُدُسٌ، ثُلْثَانِ عَنِ الْأَرْبَعِينَ وَنِصْفٌ عَنِ الْعِشْرِينَ. وَالسَّابِعُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ وَنِصْفٌ. وَلَا فَرْقَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَرْبَعُونَ الْمُنْفَرِدَةُ فِي بَلَدِ الْمَالِ الْمُخْتَلِطِ أَمْ فِي غَيْرِهِ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ حَوْلُ صَاحِبِ السِّتِّينَ وَحَوْلُ الْآخَرِ، أَمِ اخْتَلَفَا، لَكِنْ إِنِ اخْتَلَفَا زَادَ النَّظَرُ فِي التَّفَاصِيلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا، فَإِنِ اتَّفَقَا فَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِمَا شَاةً، رُبُعُهَا عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ وَبَاقِيهَا عَلَى الْآخَرِ، وَهَذَا شَاذٌّ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ.

فَرْعٌ فِيمَا إِذَا خَالَطَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَاحِدًا وَبِبَعْضِهِ آخَرَ وَلَمْ يُخَالِطْ أَحَدُ خَلِيطَيْهِ الْآخَرَ

فَإِذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فَخَلَطَ عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ، لِمَنْ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، وَالْعِشْرِينَ الْأُخْرَى بِعِشْرِينَ لِآخَرَ، فَإِنْ قُلْنَا: الْخُلْطَةُ خُلْطَةُ مِلْكٍ، فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ نِصْفٌ. وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مَضْمُومٌ إِلَى الْأَرْبَعِينَ. وَهَلْ يُضَمُّ إِلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي لِخَلِيطِ الْخَلِيطِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ: نَعَمْ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُ شَاةٍ. وَالثَّانِي: لَا، فَعَلَيْهِ ثُلُثُ شَاةٍ. وَإِنْ قُلْنَا: خُلْطَةُ عَيْنٍ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيِ الْعِشْرِينَيْنِ نِصْفُ شَاةٍ. وَأَمَّا صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ، فَفِيهِ الْأَوْجُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي فَصْلِ حَقِّ صَاحِبِ السِّتِّينَ، لَكِنَّ الَّذِي يَنْجَمِعُ مِنْهَا هَاهُنَا ثَلَاثَةٌ، أَصَحُّهَا هُنَا: نِصْفُ شَاةٍ. وَالثَّانِي: شَاةٌ. وَالثَّالِثُ: ثُلُثَا شَاةٍ. وَلَوْ مَلَكَ

ص: 182

سِتِّينَ خَلَطَ كُلَّ عِشْرِينَ بِعِشْرِينَ لِرَجُلٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ فَعَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ نِصْفُ شَاةٍ، وَفِي أَصْحَابِ الْعِشْرِينَاتِ وَجْهَانِ. إِنْ ضَمَمْنَا إِلَى خَلِيطٍ خَلِيطَهُ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ شَاةٍ، وَإِلَّا فَرُبُعٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْعِشْرِينَاتِ نِصْفُ شَاةٍ، وَفِي صَاحِبِ السِّتِّينَ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: يَلْزَمُهُ شَاةٌ، وَالثَّانِي: نَصِفٌ. وَالثَّالِثُ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ. وَالرَّابِعُ: شَاةٌ وَنِصْفٌ، وَفِي عِشْرِينَ: نَصِفٌ. وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ، فَخَالَطَ بِكُلِّ خَمْسٍ خَمْسًا لِآخَرَ، فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ، فَعَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ نِصْفُ حِقَّةٍ، وَفِي وَاجِبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خُلَطَائِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: عُشْرُ حِقَّةٍ. وَالثَّانِي: سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خُلَطَائِهِ شَابٌّ، وَفِي صَاحِبِ الْخَمْسُ وَالْعِشْرِينَ الْأَوْجُهُ. عَلَى الْأَوَّلِ: بِنْتُ مَخَاضٍ. وَعَلَى الثَّانِي: نِصْفُ حِقَّةٍ. وَعَلَى الثَّالِثِ: خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ. وَعَلَى الرَّابِعِ: خَمْسُ شِيَاهٍ. وَلَوْ مَلَكَ عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، فَخَلَطَ خَمْسًا بِخَمْسَ عَشْرَةَ لِغَيْرِهِ، وَخَمْسًا بِخَمْسَ عَشْرَةَ لِآخَرَ، فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ، فَعَلَى صَاحِبِ الْعَشْرِ رُبُعُ بِنْتِ لَبُونٍ. وَفِي صَاحِبَيْهِ وَجْهَانِ، إِنْ ضَمَمْنَاهُ إِلَى خَلِيطِهِ فَقَطْ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَإِنْ ضَمَمْنَاهُ أَيْضًا إِلَى خَلِيطِ خَلِيطِهِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ بِنْتِ لَبُونٍ. وَإِنْ قُلْنَا بِخَلْطَةِ الْعَيْنِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي صَاحِبِ الْعَشْرِ، الْأَوْجُهُ، عَلَى الْأَوَّلِ: يَلْزَمُهُ شَاتَانِ، وَعَلَى الثَّانِي: رُبُعُ بِنْتِ لَبُونٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ: خُمُسَا بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى الرَّابِعِ: شَاتَانِ كَالْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ، خَلَطَ كُلَّ خَمْسَةٍ بِخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ لِرَجُلٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ لَزِمَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ نِصْفِ بِنْتِ لَبُونٍ، وَخُمُسَيْ حِقَّةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِبِلَ إِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّ وَاجِبَهَا الْأَغْبَطُ مِنْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَأَرْبَعِ حِقَاقٍ، وَجُمْلَةُ الْأَمْوَالِ هُنَا مِائَتَانِ، وَفِيمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخُلَطَاءِ، وَجْهَانِ، إِنْ ضَمَمْنَاهُ إِلَى خَلِيطِ خَلِيطِهِ أَيْضًا، لَزِمَهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَثَمَنُهَا، أَوْ تِسْعَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ، وَإِنْ لَمْ تُضَمَّ

ص: 183

إِلَّا إِلَى خَلِيطِهِ لَزِمَهُ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ جَذَعَةٍ. وَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخُلَطَاءِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ، وَفِي صَاحِبِ الْعِشْرِينَ، الْأَوْجُهُ، عَلَى الْأَوَّلِ: أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَعَلَى الثَّانِي: الْأَغْبَطُ مِنْ نِصْفِ بِنْتِ لَبُونٍ، وَخُمُسَيْ حِقَّةٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ: أَرْبَعَةُ أَجْزَاءَ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ جَذَعَةٍ، وَعَلَى الرَّابِعِ: أَرْبَعُ شِيَاهٍ كَالْأَوَّلِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا (إِذَا) اتَّفَقَتْ أَوَائِلُ الْأَحْوَالِ، فَإِنِ اخْتَلَفَتْ، انْضَمَّ إِلَى هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ مَا سَبَقَ مِنَ الْخِلَافِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْحَوْلِ.

مِثَالُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ اخْتَلَفَ الْحَوْلُ، فَيُزَكُّونَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ الِانْفِرَادِ كُلٌّ لِحَوْلِهِ، وَفِي بَاقِي السِّنِينَ يُزَكُّونَ كُلُّهُمْ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَى الْقَدِيمِ: يُزَكُّونَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَيْضًا بِالْخُلْطَةِ، وَعَلَى وَجْهِ ابْنِ سُرَيْجٍ: لَا تَثْبُتُ لَهُمُ الْخُلْطَةُ أَبَدًا وَلَوْ خَلَطَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْغَنَمِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ لِغَيْرِهِ، وَلِأَحَدِهِمَا خَمْسُونَ مُنْفَرِدَةٌ، فَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْعَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ دُونَ نِصَابٍ، وَعَلَى الْآخَرِ شَاةٌ عَنِ الْخَمْسِ وَالسِّتِّينَ، كَمَنْ خَالَطَ ذِمِّيًّا. وَإِنْ قُلْنَا بِخُلْطَةِ الْمِلْكِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا أَثَرَ لِهَذِهِ الْخُلْطَةِ؛ لِنُقْصَانِ الْمُخْتَلِطِ عَنِ النِّصَابِ. وَالثَّانِي: تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ وَيُضَمُّ الْخَمْسُونَ إِلَى الثَّلَاثِينَ، فَيَجِبُ شَاةٌ، مِنْهَا عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ سِتَّةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ، وَالْبَاقِي عَلَى الْآخَرِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: تَثْبُتُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ لِوُجُوبِ زَكَاةِ النَّعَمِ: الْحَوْلُ.

فَلَا زَكَاةَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، إِلَّا النِّتَاجُ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ إِلَى الْأُمَّاتِ بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْدُثَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَإِنْ قَلَّتِ الْبَقِيَّةُ، فَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْحَوَلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَدَاءِ لَمْ يُضَمَّ إِلَى الْأُمَّاتِ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ قَطْعًا، وَيُضَمُّ فِي الثَّانِي، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ لَمْ يُضَمَّ فِي الْحَوْلِ الْمَاضِي عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ فِي ضَمِّهِ قَوْلَانِ.

ص: 184

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَحْدُثَ النِّتَاجُ بَعْدَ بُلُوغِ الْأُمَّاتِ نِصَابًا، فَلَوْ مَلَكَ دُونَ النِّصَابِ، فَتَوَالَدَتْ وَبَلَغَتْ نِصَابًا - فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ، وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطَانِ، فَمَاتَتِ الْأُمَّاتُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا، وَالنِّتَاجُ نِصَابٌ - زَكَّى النِّتَاجَ بِحَوْلِ الْأُمَّاتِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي وَجْهٍ قَالَهُ الْأَنْمَاطِيُّ: لَا يُزَكِّي بِحَوْلِ الْأُمَّاتِ إِلَّا إِذَا بَقِيَ مِنْهَا نِصَابٌ. وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: يُشْتَرَطُ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنَ الْأُمَّاتِ وَلَوْ وَاحِدَةٌ، وَفَائِدَةُ ضَمِّ النِّتَاجِ إِلَى الْأُمَّاتِ إِنَّمَا يَظْهَرُ إِذَا بَلَغَتْ بِهِ نِصَابًا آخَرَ، بِأَنْ مَلَكَ مِائَةَ شَاةٍ فَوَلَدَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَيَجِبُ شَاتَانِ، وَلَوْ تَوَلَّدَتْ عِشْرُونَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ. أَمَّا الْمُسْتَفَادُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إِرْثٍ، فَلَا يُضَمُّ إِلَى مَا عِنْدَهُ فِي الْحَوْلِ، وَلَكِنْ يُضَمُّ إِلَيْهِ فِي النِّصَابِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبَيَانُهُ بِصُوَرٍ:

مِنْهَا: مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا، فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأَصْلِ تَبِيعٌ، وَعِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْعَشْرِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ، فَإِذَا جَاءَ حَوْلٌ ثَانٍ لِلْأَصْلِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ، وَإِذَا تَمَّ حَوْلٌ ثَانٍ لِلْعَشْرِ لَزِمَهُ رُبُعُ مُسِنَّةٍ، وَهَكَذَا أَبَدًا. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ لَا يُضَمُّ إِلَى الْأَصْلِ فِي النِّصَابِ، كَمَا لَا يُضَمُّ إِلَيْهِ فِي الْحَوْلِ. فَعَلَى هَذَا: لَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْعَشْرِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ يُسْتَأْنَفُ حَوْلُ الْجَمِيعِ.

وَمِنْهَا: لَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا، لَزِمَهُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَعِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْعَشْرِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ، فَإِذَا حَالَ حَوْلٌ ثَانٍ عَلَى الْعِشْرِينَ، فَفِيهَا ثُلُثَا بِنْتِ مَخَاضٍ، وَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي عَلَى الْعَشْرِ، فَثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَهَكَذَا يُزَكِّي أَبَدًا. وَعَلَى الْمَحْكِيِّ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ: عَلَيْهِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْعِشْرِينَ. وَلَا نَقُولُ هُنَا: لَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْعَشْرِ حَتَّى يَسْتَفْتِحَ حَوْلُ الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْعَشْرَ مِنَ الْإِبِلِ نِصَابٌ بِخِلَافِ الْعَشْرِ مِنَ الْبَقَرِ، وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَاشْتَرَى خَمْسًا، فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْعِشْرِينَ فَعَلَيْهِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِ فَعَلَيْهِ خُمُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَإِذَا تَمَّ حَوْلُ

ص: 185

الثَّانِي عَلَى الْأَصْلِ، فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. وَعِنْدَ ابْنِ سُرَيْجٍ: فِي الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ أَبَدًا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا، وَفِي الْخَمْسِ: شَاةٌ أَبَدًا. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّ الْخَمْسَ لَا تُجْزِئُ فِي الْحَوْلِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الْأَصْلِ، ثُمَّ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ، وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي الْعَشْرِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ. وَمِنْهَا: مَلَكَ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ اشْتَرَى أَرْبَعِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ شَهْرِ رَبِيعٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَعَ أَشْبَاهِهَا فِي بَاقِي بَابِ الْخُلْطَةِ.

فَرْعٌ

الِاعْتِبَارُ فِي النِّتَاجِ بِالِانْفِصَالِ، فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ وَتَمَّ الْحَوْلُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَلَوِ اخْتَلَفَ السَّاعِي وَالْمَالِكُ فَقَالَ الْمَالِكُ: حَصَلَ النِّتَاجُ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَالَ السَّاعِي: قَبْلَهُ، أَوْ قَالَ: حَصَلَ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ وَقَالَ السَّاعِي: بَلْ مِنْ نَفْسِ النِّصَابِ - فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، فَإِنِ اتَّهَمَهُ، حَلَّفَهُ.

قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ فَقَطْ، فَهَلَكَ مِنْهُ وَاحِدَةٌ، وُوُلِدَتْ وَاحِدَةٌ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ - لَمْ يَنْقَطِعِ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ نِصَابٍ. قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَلَوْ شَكَّ، هَلْ كَانَ التَّلَفُ وَالْوِلَادَةُ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا - لَمْ يَنْقَطِعِ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: بَقَاءُ الْمِلْكِ فِي الْمَاشِيَةِ جَمِيعَ الْحَوْلِ، فَلَوْ زَالَ الْمِلْكُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ، وَلَوْ بَادَلَ مَاشِيَتَهُ بِمَاشِيَةٍ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ اسْتَأْنَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَوْلَ، وَكَذَا لَوْ بَادَلَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ، اسْتَأْنَفَ الْحَوْلُ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَيْرَفِيًّا يَقْصِدُ التِّجَارَةَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ، فَقَوْلَانِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: يَنْقَطِعُ، وَالثَّانِي: لَا. هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُبَادَلَةِ الصَّحِيحَةِ. أَمَّا

ص: 186

الْفَاسِدَةُ، فَلَا تَقْطَعُهُ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ أَمْ لَا. ثُمَّ لَوْ كَانَتْ سَائِمَةً وَعَلَفَهَا الْمُشْتَرِي، قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: هُوَ كَعَلَفِ الْغَاصِبِ، وَفِي قَطْعِهِ الْحَوْلَ وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ، بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ بَاعَ مَعْلُوفَةً بَيْعًا فَاسِدًا، فَأَسَامَهَا الْمُشْتَرِي، فَهُوَ كَإِسَامَةِ الْغَاصِبِ.

فَرْعٌ

لَوْ بَاعَ النِّصَابَ، أَوْ بَادَلَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ يَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ، سَوَاءٌ رَدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ مَضَى حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا بَعْدُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، سَوَاءٌ إِنْ قُلْنَا: الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، أَوْ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ لِلسَّاعِي أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ عَيْنِهَا لَوْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ عَيْبٌ حَادِثٌ، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الرَّدِّ بِالتَّأْخِيرِ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْهُ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ التَّمَكُّنِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَالْمَاشِيَةِ الَّتِي تَجِبُ زَكَاتُهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَهِيَ الْإِبِلُ دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَبَيْنَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَدَّادِ تَجْوِيزُ الرَّدِّ قَبْلَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ، وَلَمْ يُثْبِتُوهُ وَجْهًا. وَإِنْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ، نُظِرَ، إِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ آخَرَ بُنِيَ جَوَازُ الرَّدِّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، أَمْ بِالذِّمَّةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَإِنْ قُلْنَا بِالذِّمَّةِ وَالْمَالُ مَرْهُونٌ بِهِ فَلَهُ الرَّدُّ، كَمَا لَوْ رَهَنَ مَا اشْتَرَاهُ ثُمَّ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا. وَإِنْ قُلْنَا: الْمَسَاكِينُ شُرَكَاءُ، فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرُونَ: لَهُ الرَّدُّ.

وَالثَّانِي: وَبِهِ قِطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى شَيْئًا وَبَاعَهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِعَيْبٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ وَرِثَهُ

ص: 187

، هَلْ لَهُ رَدُّهُ؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ الشَّرِكَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ عَنِ الزَّكَاةِ قَدْ يَظْهَرُ مُسْتَحَقًّا فَيَتَّبِعَ السَّاعِي عَيْنَ النَّصَّابِ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْوَجْهَ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ، وَجَعَلَ الزَّائِدَ عَلَى قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَهَذَا الْوَجْهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ، وَإِنْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ نَفْسِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَبَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ، فَهَلْ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا إِذَا لَمْ نُجَوِّزُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ. وَعَلَى هَذَا، هَلْ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ؟ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ إِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ بَاقِيًا فِي يَدِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَعُودُ إِلَى مِلْكِهِ فَيُرَدُّ الْجَمِيعُ، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا رَجَعَ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَهُ كَعَيْبٍ حَادِثٍ، فَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَلَمْ يَنْتَظِرْ زَوَالَ الْعَيْبِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَرُدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَهَذَا إِذَا جَوَّزْنَا تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَرُدُّ الْبَاقِي وَقِيمَةَ الْمُخْرَجِ فِي الزَّكَاةِ، وَيَسْتَرِدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِيَحْصُلَ غَرَضُ الرَّدِّ، وَلَا تَتَبَعَّضُ الصَّفْقَةُ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمُخْرَجِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ الْبَائِعُ: دِينَارَانِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: دِينَارٌ - فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. وَالثَّانِي: قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ عَلَى الثَّمَنِ، فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إِلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ.

فَرْعٌ

حُكْمُ الْإِقَالَةِ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ بَاعَ النِّصَابَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَفَسَخَ الْبَيْعَ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ - بَنَى عَلَى حَوْلِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي، اسْتَأْنَفَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْفَسْخِ.

ص: 188

فَرْعٌ

لَوِ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، إِنْ قُلْنَا: يَزُولُ مِلْكُهُ بِالرِّدَّةِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ. فَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَأْنَفَ. وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، بَلْ يَبْنِي كَمَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى قَوْلٍ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ، فَالْحَوْلُ مُسْتَمِرٌّ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: مِلْكُهُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ هَلَكَ عَلَى الرِّدَّةِ تَبَيَّنَّا الِانْقِطَاعَ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ تَبَيَّنَّا اسْتِمْرَارَ الْمِلْكِ. وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ فِي الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ فِي الرِّدَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

فَرْعٌ

إِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَانْتَقَلَ الْمَالُ إِلَى وَارِثِهِ، هَلْ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الْمَيِّتِ؟ قَوْلَانِ، الْقَدِيمُ: نَعَمْ، وَالْجَدِيدُ: لَا بَلْ يَبْتَدِئُ حَوْلًا، وَقِيلَ: يَبْتَدِئُ قَطْعًا، وَأُنْكِرَ الْقَدِيمُ.

قُلْتُ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ حَوْلًا، سَوَاءٌ أَثْبَتْنَا الْخِلَافَ أَمْ لَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِذَا قُلْنَا: لَا يَبْنِي فَكَانَ مَالَ تِجَارَةٍ، لَمْ يَنْعَقِدِ الْحَوْلُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ الْوَارِثُ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ سَائِمَةً وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَارِثُ الْحَالَ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، أَمْ يَبْتَدِئُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ عِلْمِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَصْدَ السَّوْمَ هَلْ يُعْتَبَرُ؟ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَرْعٌ

ص: 189

لَا فَرْقَ فِي انْقِطَاعِ الْحَوْلِ بِالْمُبَادَلَةِ وَالْبَيْعِ فِي أَثْنَائِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ، بَلْ قَصَدَ الْفِرَارَ مِنَ الزَّكَاةِ، إِلَّا أَنَّهُ يَكْرَهُ الْفِرَارَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَقِيلَ: تَحْرِيمٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ، وَخِلَافُ مَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.

الشَّرْطُ الْخَامِسُ: السَّوْمُ، فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي النَّعَمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَائِمَةً، فَإِنْ عُلِفَتْ فِي مُعْظَمِ الْحَوْلِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا يَسِيرًا لَا يَتَمَوَّلُ، فَلَا أَثَرَ لَهُ قَطْعًا. وَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ. وَإِنْ أُسِيمَتْ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَعُلِفَتْ دُونَ مُعْظَمِهِ، فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الصَّيْدَلَانِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ: إِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ الْمَاشِيَةُ بِدُونِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَوَجَبَتِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْرًا تَمُوتُ لَوْ لَمْ تُرْعَ مَعَهُ لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ، قَالُوا: وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ الْيَوْمَيْنِ، وَلَا تَصْبِرُ الثَّلَاثَةَ.

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْحَقَ الضَّرَرُ الْبَيِّنُ بِالْهَلَاكِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا يُعَدُّ مَئُونَةً بِالْإِضَافَةِ إِلَى رَمَقِ السَّائِمَةِ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنِ احْتُقِرَ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ، وَفُسِّرَ الرَّمَقُ بَدَرِّهَا، وَنَسْلِهَا، وَأَصْوَافِهَا، وَأَوْبَارِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ رَمَقُ إِسَامَتِهَا. وَالثَّالِثُ: لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَلَا تَمْتَنِعُ زَكَاةٌ إِلَّا بِالْعَلَفِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ.

وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوِ اسْتَوَيَا فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ. وَالرَّابِعُ: كُلُّ مَا يَتَمَوَّلُ مِنَ الْعَلَفِ وَإِنَّ قَلَّ، يَقْطَعُ السَّوْمَ، فَإِنْ أُسِيمَتْ بَعْدَهُ اسْتَأْنَفَتِ الْحَوْلَ. وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَوْجُهِ بِمَا إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِعَلَفِهِ شَيْئًا، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ السَّوْمِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ لَا مَحَالَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ

ص: 190

صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» وَغَيْرُهُ: وَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلْفِ، وَلَوْ كَانَتْ تُعْلَفُ لَيْلًا وَتَرْعَى نَهَارًا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ.

قُلْتُ: وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَأٍ مَمْلُوكٍ، فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَمْ مَعْلُوفَةٌ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْبَيَانِ، وَأَصَحُّ الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ أَوَّلُهَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

السَّائِمَةُ الَّتِي تَعْمَلُ كَالنَّوَاضِحِ وَغَيْرِهَا، فِيهَا وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَبِهِ قَطَعَ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ؛ لِأَنَّهَا كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ، وَالثَّانِي: تَجِبُ.

فَرْعٌ

هَلْ يُعْتَبَرُ الْقَصْدُ فِي الْعَلْفِ وَالسَّوْمِ؟ وَجْهَانِ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا مَسَائِلُ:

مِنْهَا: لَوِ اعْتَلَفَتِ السَّائِمَةُ بِنَفْسِهَا الْقَدْرَ الْمُؤَثِّرَ، فَفِي انْقِطَاعِ الْحَوْلِ وَجْهَانِ، الْمُوَافِقُ مِنْهُمَا لِاخْتِيَارِ الْأَكْثَرِينَ فِي نَظَائِرِهَا: أَنَّهُ يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ شَرْطُ السَّوْمِ، فَصَارَ كَفَوَاتِ سَائِرِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ فَقْدِهَا قَصْدًا أَوِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ سَامَتِ الْمَاشِيَةُ بِنَفْسِهَا، فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْوَجْهَانِ.

وَقِيلَ: لَا تَجِبُ هُنَا قَطْعًا، وَلَوْ عَلَفَ مَاشِيَتَهُ لِامْتِنَاعِ الرَّعْيِ بِالثَّلْجِ، وَقَصَدَ رَدَّهَا إِلَى الْإِسَامَةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، انْقَطَعَ الْحَوْلُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ. وَلَوْ غَصَبَ سَائِمَةً فَعَلَفَهَا فَلَنَا خِلَافٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَنَّ الْمَغْصُوبَ هَلْ فِيهِ زَكَاةٌ أَمْ لَا؟

إِنْ قُلْنَا: لَا زَكَاةَ فِيهِ، فَلَا شَيْءَ، وَإِلَّا فَأَوْجُهٌ أَصَحُّهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: لَا زَكَاةَ؛ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ. وَالثَّانِي: تَجِبُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْعَدَمِ.

ص: 191

وَالثَّالِثُ: إِنْ عَلَفَهَا بِعَلَفٍ مِنْ عِنْدِهِ، لَمْ يَنْقَطِعْ، وَإِلَّا انْقَطَعَ. وَلَوْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً فَأَسَامَهَا، وَقُلْنَا: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَغْصُوبِ - فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا تَجِبُ. وَالثَّانِي: تَجِبُ، كَمَا لَوْ غَصَبَ حِنْطَةً وَبَذَرَهَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا يَنْبُتُ، فَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا فَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا مَئُونَةٌ وَجَبَتْ بِفِعْلِهِ، أَمْ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ نَفْعَ حَقِّهِ فِي الْمَئُونَةِ عَائِدٌ إِلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْمَالِكِ، فَفِي رُجُوعِهِ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ طَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ، وَأَشْهَرُهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ. أَصَحُّهُمَا: الرُّجُوعُ. فَإِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ، فَيَرْجِعُ قَبْلَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ أَمْ بَعْدَهُ؟ وَجْهَانِ. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنْ وَجَبَتْ كَانَتْ عَلَى الْمَالِكِ، ثُمَّ يُغَرَّمُ الْغَاصِبُ. أَمَّا إِيجَابُ الزَّكَاةِ عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ فَبَعِيدٌ.

الشَّرْطُ السَّادِسُ: كَمَالُ الْمِلْكِ، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ خِلَافٌ يَظْهَرُ بِتَفْرِيعِ مَسَائِلِهِ. فَإِذَا ضَلَّ مَالُهُ، أَوْ غُصِبَ، أَوْ سُرِقَ، وَتَعَذَّرَ انْتِزَاعُهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ فَجُحِدَ، أَوْ وَقَعَ فِي بَحْرٍ، فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ، أَصَحُّهَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ، أَظْهَرُهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ: وَجُوبُهَا، وَالْقَدِيمُ: لَا تَجِبُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ عَادَتْ بِتَمَامِهَا وَجَبَتْ، وَإِلَّا فَلَا.

فَإِنْ قُلْنَا بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: مَوْضِعُهُمَا إِذَا عَادَ الْمَالُ بِلَا نَمَاءٍ، فَإِنْ عَادَ مَعَهُ وَجَبَ الزَّكَاةُ قَطْعًا. وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، لَوْ عَادَ بَعْضُ النَّمَاءِ كَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يَعُدْ مَعَهُ شَيْءٌ.

وَمَعْنَى الْعَوْدِ بِلَا نَمَاءٍ: أَنْ يُتْلِفَهُ الْغَاصِبُ وَيَتَعَذَّرَ تَغْرِيمُهُ. فَأَمَّا إِنْ غُرِّمَ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ كَانَ يَتْلَفُ فِي يَدِ الْمَالِكِ أَيْضًا، فَهُوَ كَمَا لَوْ عَادَ النَّمَاءُ بِعَيْنِهِ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا عَادَ الْمَالُ إِلَيْهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُبْ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ قَبْلَ عَوْدِ الْمَالِ إِلَيْهِ، فَلَوْ تَلِفَ فِي الْحَيْلُولَةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَحْوَالٍ سَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ، وَالتَّلَفُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ. وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ فِي الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ إِذَا كَانَتْ سَائِمَةً فِي يَدِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ، فَإِنْ عُلِفَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا عَادَ النَّظَرُ الْمُتَقَدِّمُ قَرِيبًا فِي إِسَامَةِ الْغَاصِبِ

ص: 192

وَعَلَفِهِ هَلْ يُؤَثِّرَانِ؟ وَزَكَاةُ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ إِذَا لَمْ تَنْقُصِ الْمَاشِيَةُ عَنِ النِّصَابِ بِمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ، بِأَنْ كَانَ فِيهَا وَقَصٌ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ نِصَابًا فَقَطْ وَمَضَتِ الْأَحْوَالُ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَمَضَتِ الْأَحْوَالُ مَا يُخْرِجُ مِنْهَا زَكَاةً، وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَرْعٌ

لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَضَلَّتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ وَجَدَهَا، إِنْ قُلْنَا: لَا زَكَاةَ فِي الضَّالِّ، اسْتَأْنَفَ الْحَوْلُ، سَوَاءً وَجَدَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا فِي الضَّالِّ وَوَجَدَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، بَنَى، وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَهُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ.

فَرْعٌ

لَوْ دَفَنَ مَالَهُ بِمَوْضِعٍ ثُمَّ نَسِيَهُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ - فَهَذَا ضَالٌّ، فَفِيهِ الْخِلَافُ سَوَاءٌ دَفَنَ فِي دَارِهِ أَوْ فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ هُنَا قَطْعًا لِتَقْصِيرِهِ.

فَرْعٌ

لَوْ أُسِرَ الْمَالِكُ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْخِلَافُ، وَلَوِ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ قَطْعًا؛ لِضَعْفِ الْمِلْكِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمَغْصُوبِ، وَلَوْ رَهَنَ مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَهَا مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ، فَالْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ. وَقِيلَ

ص: 193

وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْمَغْصُوبِ لِامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ. وَالَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَلَنَا فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فِي الْمَرْهُونِ، فَمِنْ أَيْنَ يُخْرَجُ؟ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قُبَيْلَ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ.

فَرْعٌ

الدَّيْنُ الثَّابِتُ عَلَى الْغَيْرِ لَهُ أَحْوَالٌ. أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَكُونُ لَازِمًا كَمَالِ الْكِتَابَةِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لَازِمًا، وَهُوَ مَاشِيَةٌ، فَلَا زَكَاةَ أَيْضًا. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضَ تِجَارَةٍ، فَقَوْلَانِ، الْقَدِيمُ: لَا زَكَاةَ فِي الدَّيْنِ بِحَالٍ، وَالْجَدِيدُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ: وُجُوبُهَا فِي الدَّيْنِ عَلَى الْجُمْلَةِ. وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ لِإِعْسَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ جُحُودِهِ وَلَا بَيِّنَةَ، أَوْ مَطْلِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ - فَهُوَ كَالْمَغْصُوبِ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَقِيلَ: تَجِبُ فِي الْمَمْطُولِ، وَفِي الدَّيْنِ عَلَى مَلِيءٍ غَائِبٍ قَطْعًا، وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حُصُولِهِ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرِ اسْتِيفَاؤُهُ، بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ، أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي، وَقُلْنَا: يَقْضَى بِعِلْمِهِ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَلَزِمَ إِخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَغْصُوبِ. وَقِيلَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ قَطْعًا. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ قَطْعًا. فَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا، لَمْ يَجِبِ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَقْبِضَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: تَجِبُ فِي الْحَالِ.

فَرْعٌ

الْمَالُ الْغَائِبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْدُورًا عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ الطَّرِيقِ أَوِ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ، فَكَالْمَغْصُوبِ. وَقِيلَ: تَجِبُ قَطْعًا، وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ

ص: 194