الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَهُ، وَأَشَارَ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) إِلَى تَخْصِيصِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ بِمَا قَبْلَ الْإِدْرَاجِ.
قُلْتُ: قَدْ تَوَافَقَ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْمَحَامِلِيُّ، وَالسَّرَخْسِيُّ صَاحِبُ (الْأَمَالِي) : فَجَزَمُوا بِالِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الْإِدْرَاجِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوْ لَمَسَ رَجُلٌ امْرَأَةً مَيِّتَةً بَعْدَ غُسْلِهَا، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ إِعَادَةُ الْغُسْلِ أَوِ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ، وَجَبَا هُنَا. كَذَا أَطْلَقَهُ فِي (التَّهْذِيبِ) . وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى نَقْضِ طُهْرِ الْمَلْمُوسِ. وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ إِلَّا غَسْلُ الْمَحَلِّ، فَلَا يَجِبُ هُنَا شَيْءٌ، وَلَوْ وُطِئَتْ بَعْدَ الْغُسْلِ، فَإِنْ قُلْنَا بِإِعَادَةِ الْغُسْلِ، أَوِ الْوُضُوءِ لِلنَّجَاسَةِ، وَجَبَ هُنَا الْغُسْلُ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ، لَمْ يَجِبْ هُنَا شَيْءٌ.
قُلْتُ: كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى نَجَاسَةِ بَاطِنِ فَرْجِهَا، فَإِنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى الذَّكَرِ، وَتَنَجَّسَ بِهَا ظَاهِرُ الْفَرْجِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَصْلٌ
فِيمَنْ يُغَسِّلُ الْمَيِّتَ
الْأَصْلُ أَنْ يُغَسِّلَ الرِّجَالَ الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءَ النِّسَاءُ. وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِالرَّجُلِ، أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَسَيَأْتِي تَرْتِيبُهُمْ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَالنِّسَاءُ أَوْلَى بِغَسْلِ الْمَرْأَةِ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ غَسْلُ الْمَرْأَةِ إِلَّا لِأَحَدِ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ. أَحَدُهَا: الزَّوْجِيَّةُ، فَلَهُ غَسْلُ زَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ، وَلَهَا غَسْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا عَلَى الصَّحِيحِ. الثَّانِي: الْمَحْرَمِيَّةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَّالِيِّ، تَجْوِيزُ الْغُسْلِ لِلرِّجَالِ الْمَحَارِمِ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ، لَكِنْ لَمْ أَرَ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي
التَّرْتِيبِ، وَيَقُولُونَ: الْمَحَارِمُ بَعْدَ النِّسَاءِ أَوْلَى. الثَّالِثُ: مِلْكُ الْيَمِينِ، فَلِلسَّيِّدِ غَسْلُ أَمَتِهِ، وَمُدَبَّرَتِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَمُكَاتَبَتِهِ، لِأَنَّ كِتَابَتَهَا تَرْتَفِعُ بِمَوْتِهَا. فَإِنْ كُنَّ مُزَوَّجَاتٍ، أَوْ مُعْتَدَّاتٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ غَسْلُهُنَّ.
قُلْتُ: وَالْمُسْتَبْرَأَةُ كَالْمُعْتَدَّةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لِلْمَرْأَةِ غَسْلُ زَوْجِهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الْعِدَّةِ، لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ غَسْلُهُ، لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ فِي الْحَيَاةِ. وَإِلَى مَتَى تُغَسِّلُ زَوْجَهَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: أَبَدًا. وَالثَّانِي: مَا لَمْ تُنْقَضْ عِدَّتُهَا بِأَنْ تَضَعَ حَمْلًا عُقَيْبَ مَوْتِهِ. وَالثَّالِثُ: مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ. وَإِذَا غَسَّلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ، لَفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَلَا يَمَسُّهُ، فَإِنْ خَالَفَ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَصِحُّ الْغُسْلُ وَلَا يُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِ الْمَلْمُوسِ.
قُلْتُ: وَأَمَّا وُضُوءُ الْغَاسِلِ، فَيَنْتَقِضُ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
هَلْ لِلْأَمَةِ، وَالْمُدَبَّرَةِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، غَسْلُ السَّيِّدِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبَةِ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَالْمُزَوَّجَةُ، وَالْمُعْتَدَّةُ، وَالْمُسْتَبْرَأَةُ، كَالْمُكَاتَبَةِ. صَرَّحَ بِهِ فِي (التَّهْذِيبِ) وَغَيْرِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ، أَوْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالرُّويَانِيِّ، وَالْأَكْثَرِينَ: لَا يُغَسَّلُ، بَلْ يُيَمَّمُ وَيُدْفَنُ. وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ، وَرَجَّحَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَّالِيُّ: يُغَسَّلُ فِي ثِيَابِهِ، وَيَلِفُّ الْغَاسِلُ خِرْقَةً عَلَى يَدِهِ، وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنِ اضْطُرَّ لِلنَّظَرِ، نَظَرَ لِلضَّرُورَةِ.
قُلْتُ: حَكَى صَاحِبُ (الْحَاوِي) هَذَا الثَّانِي عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَصَحَّحَهُ. وَحَكَى صَاحِبُ (الْبَيَانِ) وَغَيْرُهُ وَجْهًا ثَالِثًا: أَنَّهُ يُدْفَنُ، وَلَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُيَمَّمُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
إِذَا مَاتَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَحْرَمٌ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ النِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، جَازَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ غَسْلُهُ، وَكَذَا وَاضِحُ الْحَالِ مِنَ الْأَطْفَالِ، يَجُوزُ لِلْفَرِيقَيْنِ غَسْلُهُ، كَمَا يَجُوزُ مَسُّهُ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى كَبِيرًا، فَوَجْهَانِ، كَمَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ، أَحَدُهُمَا: يُيَمَّمُ وَيُدْفَنُ. وَالثَّانِي: يُغَسَّلُ. وَفِيمَنْ يُغَسِّلُهُ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا وَبِهِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يَجُوزُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا غَسْلُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَاسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ كَالْمَرْأَةِ، وَفِي حَقِّ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ، أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ. وَالثَّالِثُ: يُشْتَرَى مَنْ تَرِكَتِهِ جَارِيَةٌ لِتُغَسِّلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ، اشْتُرِيَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ إِثْبَاتَ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً