الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
عَدَّ الْأَئِمَّةُ مَا يُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ مِنَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَمَا لَا يُقَدَّمُ فِي هَذَا الْبَابِ.
فَمِنْهَا: كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَالْقَتْلُ، وَالظِّهَارُ، وَجَزَاءُ الصَّيْدِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي أَبْوَابِهَا.
وَمِنْهَا: لَا يَجُوزُ لِلشَّيْخِ الْهَرِمِ وَالْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ تَقْدِيمُ الْفِدْيَةِ عَلَى رَمَضَانَ. وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُضْحِيَةِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ قَطْعًا، وَلَا كَفَّارَةِ الْوِقَاعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ قَبْلَ الشِّفَاءِ - لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ عَلَى الْحُصُولِ.
فَصْلٌ
شَرْطُ كَوْنِ الْمُعَجَّلِ مُجْزِئًا: بَقَاءُ الْقَابِضِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ، فَلَوِ ارْتَدَّ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ تُحْسَبْ عَنِ الزَّكَاةِ، وَإِنِ اسْتَغْنَى بِالْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، أَوْ بِهِ وَبِمَالٍ آخَرَ، لَمْ يَضُرَّ، وَإِنِ اسْتَغْنَى بِغَيْرِهِ لَمْ يُحْسَبْ عَنِ الزَّكَاةِ، وَإِنْ عَرَضَ مَانِعٌ ثُمَّ زَالَ وَصَارَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّافِعِ بَقَاؤُهُ إِلَى آخِرِ الْحَوْلِ بِصِفَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، فَلَوِ ارْتَدَّ وَقُلْنَا: الرِّدَّةُ تَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، أَوْ مَاتَ، أَوْ تَلِفَ جَمِيعُ مَالِهِ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ - لَمْ يَكُنِ الْمُعَجَّلُ زَكَاةً، وَإِنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَ الْمُرْتَدِّ، وَجَوَّزْنَا إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ - أَجْزَأَهُ الْمُعَجَّلُ. وَهَلْ يُحْسَبُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ عَنْ زَكَاةِ الْوَارِثِ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ: إِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّ الْوَارِثَ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الْمَوْرُوثِ - أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ،
فَإِنْ قُلْنَا: يُحْسَبُ فَتَعَدَّدَتِ الْوَرَثَةُ، ثَبَتَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ بَيْنَهُمْ إِنْ كَانَ الْمَالُ مَاشِيَةً أَوْ غَيْرَ مَاشِيَةٍ وَقُلْنَا بِثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فِيهِ. فَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: لَا يَثْبُتُ، وَنَقَصَ نَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ عَنِ النِّصَابِ، أَوِ اقْتَسَمُوا وَنَقَصَ نَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ عَنِ النِّصَابِ - فَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى الثَّانِي: يَصِيرُونَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ.
فَرْعٌ
إِذَا أَخَذَ الْإِمَامُ مِنَ الْمَالِكِ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ حَوْلُهُ مَالًا لِلْمَسَاكِينِ، فَلَهُ حَالَانِ، أَحَدُهُمَا: يَأْخُذُهُ بِحُكْمِ الْفَرْضِ، فَيُنْظَرُ، إِنِ اسْتَقْرَضَهُ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمْ، سَوَاءٌ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إِلَيْهِمْ. وَهَلْ يَكُونُ الْإِمَامُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ وَيُرْجَعَ هُوَ عَلَى الْمَسَاكِينِ، أَمْ لَا؟ نُظِرَ، إِنْ عَلِمَ الْمُقْرِضُ أَنَّهُ يَسْتَقْرِضُ لِلْمَسَاكِينِ بِإِذْنِهِمْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَقْرِضُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهِمْ، فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْإِمَامِ، ثُمَّ الْإِمَامُ يَقْضِيهِ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ، أَوْ يَحْسِبُهُ عَنْ زَكَاةِ الْمُقْتَرِضِ، وَإِذَا أَقْرَضَهُ الْمَالِكُ لِلْمَسَاكِينِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهِمْ فَتَلَفَ فِي يَدِ الْإِمَامِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمَالِكِ. وَلَوِ اسْتَقْرَضَ الْإِمَامُ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ جَمِيعًا، فَهَلْ هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ أَوِ الْمَسَاكِينِ؟ وَجْهَانِ يَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي الْحَالِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوِ اسْتَقْرَضَ بِغَيْرِ سُؤَالِ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ، نُظِرَ، إِنِ اسْتَقْرَضَ وَلَا حَاجَةَ بِهِمْ إِلَى الْقَرْضِ، وَقَعَ الْقَرْضُ لِلْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ، سَوَاءً تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ دَفَعَهُ إِلَى الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ إِنْ دَفَعَ إِلَيْهِمْ مُتَبَرِّعًا، فَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ أَقْرَضَهُمْ، فَقَدْ أَقْرَضَهُمْ مَالَ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْتَقْرَضَ لَهُمْ وَبِهِمْ حَاجَةٌ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمَسَاكِينِ، يَقْضِيهِ الْإِمَامُ
مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ، كَالْوَلِيِّ إِذَا اسْتَقْرَضَ لِلْيَتِيمِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَكُونُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ غَيْرُ مُتَعَيَّنِينَ، وَفِيهِمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ، لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ مَنْعُ الصَّدَقَةِ عَنْهُمْ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِمْ بِالتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِقْرَاضُ لَهُمْ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، بِخِلَافِ الْيَتِيمِ. فَأَمَّا إِنْ دَفَعَ الْمُسْتَقْرِضُ إِلَيْهِمْ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ، وَالْإِمَامُ طَرِيقٌ، فَإِذَا أَخَذَ زَكَوَاتٍ وَالْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنَ الزَّكَوَاتِ، وَلَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ عَنْ زَكَاةِ الْمُقْرِضِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ تَمَامِ حُلُولِ الزَّكَوَاتِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ مِنْهَا، بَلْ يَقْضِي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ إِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ الْمَالَ لِيَحْسِبَهُ عَنْ زَكَاةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ كَالْقَرْضِ.
إِحْدَاهَا: أَنْ يَأْخُذَ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَتَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَالِكُ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ - وَقَعَ الْمَوْقِعُ، وَإِنْ خَرَجُوا عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَعَلَيْهِمُ الضَّمَانُ، وَعَلَى الْمَالِكِ الْإِخْرَاجُ ثَانِيًا، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَهُ، نُظِرَ، إِنْ خَرَجَ الْمَالِكُ عَنْ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَهُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهَلْ يَكُونُ الْإِمَامُ طَرِيقًا؟ وَجْهَانِ، كَمَا فِي الِاسْتِقْرَاضِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَقَعُ الْمُخْرَجُ عَنْ زَكَاتِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَقَعُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الشَّامِلِ» وَ «التَّتِمَّةِ» ، وَالثَّانِي: لَا، فَعَلَى هَذَا لَهُ تَضْمِينُ الْمَسَاكِينِ، وَفِي تَضْمِينِ الْإِمَامِ الْوَجْهَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسَاكِينِ مَالٌ، صَرَفَ الْإِمَامُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الزَّكَوَاتُ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ عَنْ جِهَةِ الَّذِي تَسَلَّفَ مِنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ، فَإِنْ دَفَعَ إِلَى الْمَسَاكِينِ، وَتَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَعَ الْمَوْقِعُ، وَإِلَّا رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْمَسَاكِينِ دُونَ الْإِمَامِ، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِئِ الْمَالِكَ، سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ الْإِمَامِ،
أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، كَالتَّلَفِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ، ثُمَّ إِنْ تَلَفَ بِتَفْرِيطِ الْإِمَامِ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ لِلْمَالِكِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمَسَاكِينِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ جَمِيعًا، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ «الشَّامِلِ» وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمَسَاكِينِ، وَالثَّانِي: مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ.
الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ بِغَيْرِ سُؤَالِ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ، لِمَا رَأَى مِنْ حَاجَتِهِمْ، فَهَلْ تَكُونُ حَاجَتُهُمْ كَسُؤَالِهِمْ؟ وَجْهَانِ:
أَصَحُّهُمَا: لَا، فَعَلَى هَذَا إِنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِمْ، وَخَرَجُوا عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ - اسْتَرَدَّهُ الْإِمَامُ مِنْهُمْ وَدَفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنْ خَرَجَ الدَّافِعُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ، اسْتَرَدَّهُ وَرُدَّ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ مَالٌ، ضَمِنَهُ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَرَّطَ أَمْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَعَلَى الْمَالِكِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا، وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْإِمَامِ. ثُمَّ الْوَجْهَانِ فِي تَنَزُّلِ الْحَاجَةِ مَنْزِلَةَ سُؤَالِهِمْ، هُمَا فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ، أَمَّا إِذَا كَانُوا أَطْفَالًا فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ تُدْفَعُ إِلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ، أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَأَبِيهِ وَغَيْرِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُدْفَعُ لَهُ إِلَى قَيِّمِهِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِاسْتِغْنَائِهِ بِسَهْمٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ جَوَّزْنَا التَّصَرُّفَ إِلَيْهِ، فَحَاجَةُ الْأَطْفَالِ كَسُؤَالِ الْبَالِغِينَ، فَتَسَلُّفُ الْإِمَامِ الزَّكَاةَ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَهُمْ كَاسْتِقْرَاضِ قَيِّمِ الْيَتِيمِ. هَذَا إِذَا كَانَ الَّذِي يَلِي أَمْرَهُمُ الْإِمَامُ، فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا مُقَدَّمًا عَلَى الْإِمَامِ، فَحَاجَتُهُمْ كَحَاجَةِ الْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَنْ يَسْأَلُ التَّسَلُّفَ لَوْ كَانَ صَلَاحُهُمْ فِيهِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَى الصَّبِيِّ، فَلَا تَجِيءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَجِيءَ فِي سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لَوْ تَلِفَ الْمُعَجَّلُ فِي يَدِ السَّاعِي أَوِ الْإِمَامِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ، سَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْحُصُولَ فِي يَدِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْوُصُولِ إِلَى يَدِ الْمَسَاكِينِ كَمَا لَوْ أَخَذَ بَعْدَ الْحَوْلِ. ثُمَّ إِنْ فَرَّطَ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِمْ ضَمِنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَيْسَ مِنَ التَّفْرِيطِ أَنْ يَنْتَظِرَ انْضِمَامَ غَيْرِهِ إِلَيْهِ لِقِلَّتِهِ،