المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: يُدْفَنُ فِي مِلْكِهِ، وَبَعْضُهُمْ: فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٢

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْعِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ فَصَلَّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّعَمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصَلٌ فِي صِفَةِ الْمُخْرَجِ فِي الْكَمَالِ وَالنُّقْصَانِ

- ‌بَابُ الْخُلْطَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ الْخُلْطَةِ وَالِانْفِرَادِ فِي حَوْلٍ وَاحِدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمُعْشِرَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَالِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ بُلُوغُ الْمُعَشَّرِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الْحُلِيِّ

- ‌بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا إِذَا كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ

- ‌فَصَلٌ فِي زَكَاةِ مَالِ الْقِرَاضِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: يُدْفَنُ فِي مِلْكِهِ، وَبَعْضُهُمْ: فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ،

قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: يُدْفَنُ فِي مِلْكِهِ، وَبَعْضُهُمْ: فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ، دُفِنَ فِي الْمُسَبَّلَةِ. وَلَوْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَدَفَنَهُ فِي الْمِلْكِ، كَانَ لِلْبَاقِينَ نَقْلُهُ إِلَى الْمُسَبَّلَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلُوا. وَلَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ دَفْنَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، لَمْ يَلْزَمِ الْبَاقِينَ قَبُولُهُ. فَلَوْ بَادَرَ إِلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ، وَعِنْدِي: أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ، فَإِنَّهُ هَتْكٌ، وَلَيْسَ فِي بَقَائِهِ إِبْطَالُ حَقِّ الْغَيْرِ.

قُلْتُ: وَفِي (التَّتِمَّةِ) الْقَطْعُ بِمَا قَالَهُ صَاحِبُ (الشَّامِلِ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوِ اتَّفَقُوا عَلَى دَفْنِهِ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ بَاعُوهُ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي نَقْلُهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إِنْ كَانَ جَاهِلًا. ثُمَّ إِذَا بَلِيَ، أَوِ اتُّفِقَ نَقْلُهُ، فَذَلِكَ الْمَوْضِعُ لِلْبَائِعِينَ، أَمْ لِلْمُشْتَرِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ سَيَأْتِي نَظَائِرُهُمَا فِي الْبَيْعِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

‌فَصْلٌ

أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي الدَّفْنِ حُفْرَةٌ تَكْتُمُ رَائِحَةَ الْمَيِّتِ، وَتَحْرُسُهُ عَنِ السِّبَاعِ لِعُسْرِ نَبْشِ مِثْلِهَا غَالِبًا. أَمَّا الْأَكْمَلُ، فَيُسْتَحَبُّ تَوْسِيعُ الْقَبْرِ، وَتَعْمِيقُهُ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ، وَالْمُرَادُ قَامَةُ رَجُلٍ مُعْتَدِلٍ يَقُومُ وَيَبْسُطُ يَدَهُ مَرْفُوعَةً. وَالْقَامَةُ وَالْبَسْطَةُ: ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ قَامَةٌ فَقَطْ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ.

قُلْتُ: وَكَذَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: إِنَّ الْقَامَةَ وَالْبَسْطَةَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 132

فَرْعٌ

يَجُوزُ الدَّفْنُ فِي الشَّقِّ وَاللَّحْدِ فَاللَّحْدُ: أَنْ يُحْفَرَ حَائِطُ الْقَبْرِ مَائِلًا عَنِ اسْتِوَائِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ قَدْرَ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَلْيَكُنْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ. وَالشَّقُّ: أَنْ يُحْفَرَ وَسْطَهُ كَالنَّهْرِ، وَيُبْنَى جَانِبَاهُ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا شَقٌّ يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَيُسَقَّفُ. وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ صُلْبَةً، فَاللَّحْدُ أَفْضَلُ، وَإِلَّا، فَالشَّقُّ.

فَرْعٌ

السُّنَّةُ أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عِنْدَ أَسْفَلِ الْقَبْرِ، بِحَيْثُ يَكُونُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ. ثُمَّ يُسَلُّ مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ سَلًّا رَفِيقًا. وَلَا يَدْخُلُ الْقَبْرَ إِلَّا الرِّجَالُ مَتَى وُجِدُوا، رَجُلًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوِ امْرَأَةً. وَأَوْلَاهُمْ بِالدَّفْنِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ بِدَفْنِ زَوْجَتِهِ، ثُمَّ بَعْدَهُ الْمَحَارِمُ، الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ ثُمَّ الْأَخُ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ، ثُمَّ الْعَمُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَعَبِيدُهَا وَهُمْ أَحَقُّ مِنْ بَنِي الْعَمِّ، لِأَنَّهُمْ كَالْمَحَارِمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ، لَمْ يَتَوَجَّهْ تَقْدِيمُهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبِيدُهَا، فَالْخِصْيَانُ أَوْلَى، لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ. فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا، فَذَوُو الْأَرْحَامِ الَّذِينَ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا، فَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنَ الْأَجَانِبِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَمَا أَرَى تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَحْتُومًا، بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ، لِأَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ عَنْهُمْ. وَقَدَّمَ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) نِسَاءَ الْقَرَابَةِ عَلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ، وَخِلَافُ الْمَذْهَبِ الْمَعْرُوفِ.

ص: 133

فَرْعٌ

إِنِ اسْتَقَلَّ بِوَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَاحِدٌ، بِأَنْ كَانَ طِفْلًا، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ وِتْرًا، ثَلَاثَةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ، عَلَى حَسَبِ الْحَاجَةِ، وَكَذَا عَدَدُ الْغَاسِلِينَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَرَ الْقَبْرُ عِنْدَ الدَّفْنِ بِثَوْبٍ، رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، وَالْمَرْأَةُ آكَدُ. وَاخْتَارَ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَبْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ أَنْ يَقُولَ: بِاسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْأَشِحَّاءُ مِنْ وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ، وَفَارَقَهُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، إِنْ عَاقَبْتَهُ فَبِذَنْبِهِ، وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ، فَأَهْلُ الْعَفْوِ أَنْتَ، أَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَهُوَ فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَتَهُ، وَاغْفِرْ سَيِّئَتَهُ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَاجْمَعْ لَهُ بِرَحْمَتِكَ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ، وَاكْفِهِ كُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ وَاخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَارْفَعْهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَعُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَهَذَا الدُّعَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي (الْمُخْتَصَرِ) .

فَرْعٌ

إِذَا وُضِعَ فِي اللَّحْدِ، أُضْجِعَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، بِحَيْثُ لَا يَنْكَبُّ وَلَا يَسْتَلْقِي، بِأَنْ يُدْنَى مِنْ جِدَارِ اللَّحْدِ، وَيُسْنَدَ ظَهْرُهُ بِلَبِنَةٍ وَنَحْوِهَا، وَوَضْعُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَاجِبٌ، كَذَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. قَالُوا: فَلَوْ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا، نُبِشَ وَوُجِّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ تَغَيَّرَ، لَمْ يُنْبَشْ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ

ص: 134

فِي كِتَابِهِ (الْمُجَرَّدِ) : التَّوْجِيهُ إِلَى الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ، فَلَوْ تُرِكَ اسْتُحِبَّ أَنْ يُنْبَشَ وَيُوَجَّهَ، وَلَا يَجِبُ. وَأَمَّا الْإِضْجَاعُ عَلَى الْيَمِينِ، فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. فَلَوْ وُضِعَ عَلَى الْيَسَارِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، كُرِهَ وَلَمْ يُنْبَشْ، وَلَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ مَيِّتٌ، جُعِلَ ظَهْرُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ لِيَتَوَجَّهَ الْجَنِينُ إِلَى الْقِبْلَةِ، لِأَنَّ وَجْهَ الْجَنِينِ عَلَى مَا ذُكِرَ إِلَى ظَهْرِ الْأُمِّ. ثُمَّ قِيلَ: تُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ. قِيلَ: فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَتَنْزِلُ مَنْزِلَةَ صُنْدُوقِ الْوَلَدِ. وَقِيلَ: تُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، مِنْهُمْ صَاحِبُ (الشَّامِلِ) ، وَالْمُسْتَظْهِرِيُّ، وَصَاحِبُ (الْبَيَانِ) . وَنَقَلَهُ صَاحِبُ (الْحَاوِي) عَنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْمُشْرِكِينَ. قَالَ: وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تُدْفَعُ إِلَى أَهْلِ دِينِهَا لِيَتَوَلَّوْا غُسْلَهَا وَدَفْنَهَا. وَقَطَعَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) بِأَنَّهَا تُدْفَنُ عَلَى طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا وَجْهٌ رَابِعٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

وَيُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِ الْمَيِّتِ لَبِنَةٌ أَوْ حَجَرٌ، وَيُفْضَى بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى التُّرَابِ، وَلَا يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ مِخَدَّةٌ. وَلَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ فِرَاشٌ. حَكَى الْعِرَاقِيُّونَ كَرَاهَةَ ذَلِكَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله، وَقَالَ فِي (التَّهْذِيبِ) : لَا بَأْسَ بِهِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ فِي تَابُوتٍ، إِلَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ رَخْوَةً، أَوْ نَدِيَّةً، وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ يَكُونُ التَّابُوتُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

ص: 135

فَرْعٌ

إِذَا فُرِغَ مِنْ وَضْعِهِ فِي اللَّحْدِ، نُصِبَ اللَّبِنُ عَلَى فَتْحِ اللَّحْدِ، وَتُسَدُّ الْفُرَجُ بِقِطَعِ اللَّبِنِ مَعَ الطِّينِ، أَوْ بِالْآجُرِّ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ يَحْثِي كُلُّ مَنْ دَنَا ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنَ التُّرَابِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى:(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ) وَمَعَ الثَّانِيَةِ (وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ) وَمَعَ الثَّالِثَةِ (وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)[طه: 55] ثُمَّ يُهَالُ بِالْمَسَاحِي.

فَرْعٌ

الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَادَ فِي الْقَبْرِ عَلَى تُرَابِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَلَا يُرْفَعُ إِلَّا قَدْرَ شِبْرٍ لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ. قَالَ فِي (التَّتِمَّةِ) : إِلَّا إِذَا مَاتَ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ، فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ، بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لَهُ إِذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ. وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ. وَلَوْ بُنِيَ عَلَيْهِ، هُدِمَ إِنْ كَانَتِ الْمَقْبَرَةُ مُسَبَّلَةً، وَإِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي مِلْكِهِ، فَلَا. وَأَمَّا تَطْيِينُ الْقَبْرِ، فَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَّالِيُّ: لَا يُطَيَّنُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَشَّ الْمَاءُ عَلَى الْقَبْرِ، وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصًى، وَأَنْ يُوضَعَ عِنْدَ رَأْسِهِ صَخْرَةٌ، أَوْ خَشَبَةٌ وَنَحْوُهَا.

قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) : يُكْرَهُ أَنْ يُرَشَّ عَلَى الْقَبْرِ مَاءُ الْوَرْدِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ مِظَلَّةٌ، وَلَا بَأْسَ بِالْمَشْيِ بِالنَّعْلِ بَيْنَ الْقُبُورِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 136

فَرْعٌ

الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ تَسْطِيحَ الْقَبْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَسْنِيمِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْأَفْضَلُ الْآنَ التَّسْنِيمُ، وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَالْغَزَّالِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ.

فَرْعٌ

الِانْصِرَافُ عَنِ الْجِنَازَةِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: يَنْصَرِفُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ، فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ قِيرَاطٌ. الثَّانِي: أَنْ يَتْبَعَهَا حَتَّى تُوَارَى وَيَرْجِعَ قَبْلَ إِهَالَةِ التُّرَابِ. الثَّالِثُ: يَقِفُ إِلَى الْفَرَاغِ مِنَ الْقَبْرِ وَيَنْصَرِفُ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ. الرَّابِعُ: يَقِفُ بَعْدَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى لِلْمَيِّتِ، وَهَذَا أَقْصَى الدَّرَجَاتِ فِي الْفَضِيلَةِ. وَحِيَازَةُ الْقِيرَاطِ الثَّانِي تَحْصُلُ لِصَاحِبِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهَلْ تَحْصُلُ لِلثَّانِي؟ حَكَى الْإِمَامُ، فِيهِ تَرَدُّدًا، وَاخْتَارَ الْحُصُولَ.

قُلْتُ: وَحَكَى صَاحِبُ (الْحَاوِي)[فِي] هَذَا التَّرَدُّدِ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: أَصَحُّهُمَا: لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، وَيُحْتَجُّ لَهُ بِرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ (حَتَّى يُفْرَغَ مَنْ دَفْنِهَا) . وَيُحْتَجُّ لِلْآخَرِ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي (صَحِيحِهِ) :(حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَقَّنَ الْمَيِّتُ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَيُقَالُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ، اذْكُرْ

ص: 137

مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا، شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إِخْوَانًا. وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

قُلْتُ: هَذَا التَّلْقِينُ اسْتَحَبَّهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، مِنْهُمُ: الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَصَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ (التَّهْذِيبِ) وَغَيْرُهُمْ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَصْحَابِنَا مُطْلَقًا. وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ ضَعِيفٌ، لَكِنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدِ اعْتُضِدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِشَوَاهِدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، كَحَدِيثِ (اسْأَلُوا اللَّهَ لَهُ التَّثْبِيتَ) وَوَصِيَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (أَقِيمُوا عِنْدَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ، وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي) رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي (صَحِيحِهِ) وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى الْعَمَلِ بِهَذَا التَّلْقِينِ مِنَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، وَفِي زَمَنِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَقْعُدُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ، وَأَمَّا الطِّفْلُ وَنَحْوُهُ، فَلَا يُلَقَّنُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

الْمُسْتَحَبُّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ، أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ فَإِنْ كَثُرَ الْمَوْتَى، وَعَسُرَ إِفْرَادُ كُلِّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ، دُفِنَ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي قَبْرٍ، وَيُقَدَّمُ إِلَى الْقِبْلَةِ أَفْضَلُهُمْ، وَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ أَفْضَلَ مِنْهُ، لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ، وَكَذَا تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ إِلَّا عِنْدَ تَأَكُّدِ الضَّرُورَةِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ، وَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ وَإِنْ كَانَ ابْنًا، فَإِنِ اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَصَبِيٌّ، قُدِّمَ الرَّجُلُ، ثُمَّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ الْخُنْثَى، ثُمَّ الْمَرْأَةُ. وَهَلْ يُجْعَلُ حَاجِزُ

ص: 138