الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّهَادَةِ، وَأَظْهَرُهُمَا: بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ، فَيُصَلُّونَ مِنَ الْغَدِ بِلَا خِلَافٍ أَدَاءً. هَذَا كُلُّهُ إِذَا وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ وَفَوَاتُ الْعِيدِ لِجَمِيعِ النَّاسِ. فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَفْرَادٍ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا قَوْلَانِ، مَنْعُ الْقَضَاءِ وَجَوَازُهُ أَبَدًا.
فَرْعٌ
إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْعِيدِ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَحَضَرَ أَهْلُ الْقُرَى الَّذِينَ يَبْلُغُهُمُ النِّدَاءُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ لَوِ انْصَرَفُوا لَفَاتَتْهُمُ الْجُمُعَةُ، فَلَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا، وَيَتْرُكُوا الْجُمُعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ. وَعَلَى الشَّاذِّ: عَلَيْهِمُ الصَّبْرُ لِلْجُمُعَةِ.
فَصْلٌ
فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ
وَهُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَقَدْ مَضَى. وَالثَّانِي: فِي غَيْرِهِمَا، وَهُوَ ضَرْبَانِ. مُرْسَلٌ، وَمُقَيَّدٌ. فَالْمُرْسَلُ لَا يُقَيَّدُ بِحَالٍ، بَلْ يُؤْتَى بِهِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَالْمُقَيَّدُ يُؤْتَى بِهِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً. فَالْمُرْسَلُ مَشْرُوعٌ فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا، وَأَوَّلُ وَقْتِهِ فِي الْعِيدَيْنِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَفِي آخِرِ وَقْتِهِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: يُكَبِّرُونَ إِلَى أَنْ يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ. وَالثَّانِي: إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ. وَالثَّالِثُ: إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا. وَقِيلَ: إِلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَيَرْفَعُ النَّاسُ أَصْوَاتَهُمْ بِالْمُرْسَلِ فِي لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ وَيَوْمَيْهِمَا إِلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ
فِي الْمَنَازِلِ، وَالْمَسَاجِدِ، وَالْأَسْوَاقِ، وَالطُّرُقِ، فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى، وَبِالْمُصَلَّى. وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَاجُّ، فَلَا يُكَبِّرُ لَيْلَةَ الْأَضْحَى، بَلْ ذِكْرُهُ التَّلْبِيَةُ. وَتَكْبِيرُ لَيْلَةِ الْفِطْرِ آكَدُ مِنْ لَيْلَةِ الْأَضْحَى عَلَى الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ عَكْسُهُ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ، فَيُشْرَعُ فِي الْأَضْحَى، وَلَا يُشْرَعُ فِي الْفِطْرِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقِيلَ: عَلَى الْجَدِيدِ، وَعَلَى الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ. وَحُكْمُ الْفَوَائِتِ وَالنَّوَافِلِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُقَاسُ بِمَا نَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَضْحَى. وَأَمَّا الْأَضْحَى، فَالنَّاسُ فِيهِ قِسْمَانِ. حُجَّاجٌ، وَغَيْرُهُمْ. فَالْحُجَّاجُ يَبْتَدِئُونَ التَّكْبِيرَ عَقِبَ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَيَخْتِمُونَهُ عَقِبَ الصُّبْحِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْحُجَّاجِ، فَفِيهِمْ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: أَنَّهُمْ كَالْحُجَّاجِ. وَالثَّانِي: يَبْتَدِئُونَ عَقِبَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ النَّحْرِ إِلَى صُبْحِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَالثَّالِثُ: عَقِبَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَخْتِمُونَهُ عَقِبَ الْعَصْرِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَمْصَارِ.
قُلْتُ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، لِلْحَدِيثِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ فَاتَتْهُ فَرِيضَةٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَقَضَاهَا فِي غَيْرِهَا، لَمْ يُكَبِّرْ. وَلَوْ فَاتَتْهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَوْ فِيهَا فَقَضَاهَا فِيهَا، كَبَّرَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَيُكَبِّرُ عَقِبَ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ، وَمِنْهَا صَلَاةُ الْعِيدِ، وَعَقِبَ النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَعَقِبَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْجَمِيعِ. وَإِذَا اخْتُصِرَتْ فَقِيلَ: أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يُكَبِّرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ مَفْعُولَةٍ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَالثَّانِي: يَخْتَصُّ بِالْفَرَائِضِ الْمَفْعُولَةِ فِيهَا، مُؤَدَّاةً كَانَتْ أَوْ مَقْضِيَّةً. وَالثَّالِثُ: يَخْتَصُّ بِفَرَائِضِهَا مَقْضِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُؤَدَّاةً. وَالرَّابِعُ: لَا يُكَبِّرُ إِلَّا عَقِبَ مُؤَدَّاتِهَا وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ. وَلَوْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ خَلْفَ الصَّلَاةِ فَتَذَكَّرَ وَالْفَصْلُ قَرِيبٌ، كَبَّرَ وَإِنْ فَارَقَ مُصَلَّاهُ. فَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ، كَبَّرَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْمَسْبُوقُ إِنَّمَا يُكَبِّرُ إِذَا أَتَمَّ صَلَاةَ نَفْسِهِ.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ:
وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ وَيَجْعَلُهُ شِعَارًا. أَمَّا لَوِ اسْتَغْرَقَ عُمْرَهُ بِالتَّكْبِيرِ فِي نَفْسِهِ، فَلَا مَنْعَ مِنْهُ.
فَرْعٌ
صِفَةُ هَذَا التَّكْبِيرِ أَنْ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا نَسَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَرَّتَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَمَا زَادَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَحَسَنٌ. وَاسْتَحْسَنَ فِي (الْأُمِّ) أَنْ تَكُونَ زِيَادَتُهُ:(اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ) . وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: بَعْدَ الثَّلَاثِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا وَأَوْلَانَا) . قَالَ صَاحِبُ (الشَّامِلِ) وَالَّذِي يَقُولُهُ النَّاسُ لَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا، وَهُوَ:(اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) .
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ (الشَّامِلِ) نَقَلَهُ صَاحِبُ (الْبَحْرِ) عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي (الْبُوَيْطِيِّ) وَقَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
يَسْتَوِي فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ، الْمُنْفَرِدُ وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَالْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ.
قُلْتُ: لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ، فَكَبَّرَ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْمَأْمُومُ لَا يَرَى التَّكْبِيرَ فِيهِ، أَوْ عَكْسَهُ، فَهَلْ يُوَافِقُ فِي التَّكْبِيرِ وَتَرْكِهِ، أَمْ يَتَّبِعُ اعْتِقَادَ نَفْسِهِ؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: اعْتِقَادُ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَكْبِيرِ نَفْسِ الصَّلَاةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.