الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ لَمْ تَكُنِ النَّجْدِيَّةُ مَضْمُومَةً إِلَى التَّهَامِيَّةِ الْأُولَى بِأَنْ أَطْلَعَتْ بَعْدَ جِدَادِهَا - ضَمَمْنَا التَّهَامِيَّةَ الثَّانِيَةَ إِلَى النَّجْدِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ قَدْ لَا يُسَلِّمُهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُمْ حَكَمُوا بِضَمِّ ثَمَرَةِ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، وَبِأَنَّهُ لَا تُضَمُّ ثَمَرَةُ عَامٍ إِلَى ثَمَرَةِ عَامٍ آخَرَ، وَالتِّهَامِيَّةُ الثَّانِيَةُ حِمْلُ عَامٍ آخَرَ.
فَصْلٌ
لَا يُضَمُّ زَرْعُ عَامٍ إِلَى زَرْعِ عَامٍ آخَرَ فِي إِكْمَالِ النِّصَابِ وَاخْتِلَافِ أَوْقَاتِ الزِّرَاعَةِ، لِضَرُورَةِ التَّدْرِيجِ، كَالَّذِي يَبْتَدِئُ الزِّرَاعَةَ، وَيَسْتَمِرُّ فِيهَا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ لَا يَقْدَحُ، بَلْ يُعَدُّ زَرْعًا وَاحِدًا، وَيُضَمُّ قَطْعًا. ثُمَّ الشَّيْءُ قَدْ يُزْرَعُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا، كَالذُّرَةِ تُزْرَعُ فِي الْخَرِيفِ وَالرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ، فَفِي ضَمِّ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضِ عَشْرَةُ أَقْوَالٍ، أَكْثَرُهَا مَنْصُوصَةٌ. وَأَرْجَحُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: إِنْ وَقَعَ الْحَصَادَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، ضُمَّ، وَإِلَّا فَلَا. الثَّانِي: إِنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ فِي سَنَةٍ، ضُمَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يُؤْثِرُ اخْتِلَافُ الْحَصَادِ وَاتِّفَاقُهُ. وَالثَّالِثُ: إِنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ وَالْحَصَادَانِ فِي سَنَةٍ، ضُمَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَاجْتِمَاعُهُمَا فِي سَنَةٍ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَرْعِ الْأَوَّلِ وَحَصْدِ الثَّانِي، أَقَلُّ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً. كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالتَّهْذِيبِ.
وَالرَّابِعُ: إِنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ وَالْحَصَادَانِ، أَوْ زَرْعُ الثَّانِي وَحَصْدُ الْأَوَّلِ فِي سَنَةٍ، ضُمَّ، وَهَذَا بِعِيدٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَالْخَامِسُ: الِاعْتِبَارُ بِجَمِيعِ السَّنَةِ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ؛ إِمَّا الزَّرْعَيْنِ وَإِمَّا الْحَصَادَيْنِ. وَالسَّادِسُ: إِنْ وَقَعَ الْحَصَادَانِ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ، ضُمَّ، وَإِلَّا فَلَا.
وَالسَّابِعُ: إِنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ فِي فَصْلٍ، ضُمَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَالثَّامِنُ: إِنْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ وَالْحَصَادَانِ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ، ضُمَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُرَادُ بِالْفَصْلِ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. وَالتَّاسِعُ أَنَّ الْمَزْرُوعَ بَعْدَ حَصْدِ الْأَوَّلِ لَا يُضَمُّ كَحَمْلَيِ الشَّجَرَةِ. وَالْعَاشِرُ خَرَّجَهُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَا يُعَدُّ زَرْعَ سَنَةٍ يُضَمُّ،
وَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الزَّرْعِ وَالْحَصَادِ. قَالَ: وَلَا أَعْنِي بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا؛ فَإِنَّ الزَّرْعَ لَا يَبْقَى هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَإِنَّمَا أَعْنِي بِهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِلَى ثَمَانِيَةٍ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ زَرْعُ الثَّانِي بَعْدَ حَصْدِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ زَرْعُ الثَّانِي بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّ الْأَوَّلِ فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالضَّمِّ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحُصُولِ فِي الْأَرْضِ.
وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ، ثُمَّ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِي بَقْلٌ لَمْ يَنْعَقِدْ حَبُّهُ، فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالضَّمِّ، وَالثَّانِي: عَلَى الْخِلَافِ؛ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَأَخَّرَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِ الثِّمَارِ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ إِلَى مَا بَدَا فِيهِ الصَّلَاحُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْحَاصِلَةَ هِيَ مُتَعَلِّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا، وَالْمُنْتَظَرُ فِيهَا صِفَةُ الثَّمَرَةِ، وَهُنَا مُتَعَلِّقُ الزَّكَاةِ الْحَبُّ، وَلَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ، وَالْمَوْجُودُ حَشِيشٌ مَحْضٌ.
فَرْعٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: الذُّرَةُ تُزْرَعُ مَرَّةً فَتَخْرُجُ فَتُحْصَدُ، ثُمَّ تُسْتَخْلَفُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، فَتُحْصَدُ أُخْرَى، فَهُوَ زَرْعٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ حَصْدَتُهُ الْأُخْرَى. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُرَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: مُرَادُهُ إِذَا سَنْبَلَتْ وَاشْتَدَّتْ، فَانْتَثَرَ بَعْضُ حَبَّاتِهَا بِنَفْسِهَا، أَوْ بِنَقْرِ الْعَصَافِيرِ، أَوْ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ، فَنَبَتَتِ الْحَبَّاتُ الْمُنْتَثِرَةُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مَرَّةً أُخْرَى وَأَدْرَكَتْ، وَالثَّانِي: مُرَادُهُ إِذَا نَبَتَتْ وَالْتَقَتْ، وَعَلَا بَعْضُ طَاقَاتِهَا فَغَطَّى الْبَعْضَ، وَبَقِيَ الْمُغَطَّى مُخْضَرًّا تَحْتَ الْعَالِي، فَإِذَا حُصِدَ الْعَالِي أَثَّرَتِ الشَّمْسُ فِي الْمُخْضَرِّ، فَأَدْرَكَ، وَالثَّالِثُ: مُرَادُهُ الذُّرَةُ الْهِنْدِيَّةُ، تُحْصَدُ سَنَابِلُهَا، وَتَبْقَى سُوقُهَا، فَتُخْرِجُ سَنَابِلَ أُخَرَ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُرَادِ بِالنَّصِّ، وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مَا نُصَّ عَلَيْهِ،