الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاشْتِرَاكِ فَقَطْ. وَصُورَةُ الْخُلْطَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صِنْفُ نَخِيلٍ، أَوْ زَرْعٌ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ، أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ كِيسُ دِرْهَمٍ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَمْتِعَةُ تِجَارَةٍ فِي خِزَانَةٍ وَاحِدَةٍ. وَفَرَّعَ الْأَصْحَابُ عَلَى إِثْبَاتِ الْخَلْطَتَيْنِ مَسَائِلَ. مِنْهَا: نَخِيلٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى جَمَاعَةِ مُعَيَّنِينَ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ أَثْمَرَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ.
وَمِنْهَا: لَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِتَعَهُّدِ نَخِيلِهِ بِثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِ ثَمَرِهَا وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَشَرَطَ الْقَطْعَ، فَلَمْ يَتَّفِقِ الْقَطْعُ حَتَّى بَدَا الصَّلَاحُ وَبَلَغَ مَا فِي الْحَائِطِ نِصَابًا - وَجَبَ عَلَى الْأَجِيرِ عُشْرُ ثَمَرَةِ تِلْكَ النَّخْلَةِ وَإِنْ قَلَّتْ.
وَمِنْهَا: لَوْ وَقَفَ أَرْبَعِينَ شَاةً عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ لَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِمْ، فَلَا زَكَاةَ. وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُونَهُ فَوَجْهَانِ، الْأَصَحُّ: لَا زَكَاةَ أَيْضًا؛ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ.
فَصْلٌ
أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْخَلِيطَيْنِ قَدْ يَقْتَضِي التَّرَاجُعَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ يَقْتَضِي رُجُوعَ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ، ثُمَّ الرُّجُوعُ وَالتَّرَاجُعُ يَكْثُرَانِ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ، وَقَدْ يَتَّفِقَانِ قَلِيلًا فِي خُلْطَةِ الْمُشَارَكَةِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَأَمَّا خُلْطَةُ الْجِوَارِ، فَتَارَةً يُمْكِنُ السَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَصِيبِ كَلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ، وَتَارَةً لَا يُمْكِنُهُ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فَرْضَ الْجَمِيعِ مِنْ نَصِيبِ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سِنَّ الْفَرْضِ إِلَّا مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، أَخَذَهُ.
مِثَالُهُ: أَرْبَعُونَ شَاةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِشْرُونَ، يَأْخُذُ الشَّاةَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَلَوْ وَجَبَتْ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْهَا إِلَّا فِي أَحَدِهِمَا، أَخَذَهَا مِنْهُ. وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا مِرَاضًا أَوْ مَعِيبَةً، أَخَذَ الْفَرْضَ مِنَ الْآخَرِ. أَمَّا إِذَا أَمْكَنَهُ، فَوَجْهَانِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَأْخُذُ مِنْ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِيُغْنِيَهُمَا عَنِ التَّرَاجُعِ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْجُمْهُورُ: يَأْخُذُ مِنْ جَنْبِ الْمَالِ مَا اتَّفَقَ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ أَخَذَ كَمَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ثَبَتَ التَّرَاجُعُ؛ لَأَنَّ الْمَالَيْنِ كَوَاحِدٍ.
مِثَالُ صُورَةِ الْإِمْكَانِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةُ شَاةٍ وَأَمْكَنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ مِنَ الْبَقَرِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ، وَأَمْكَنَ أَخْذُ مُسِنَّةٍ مِنَ الْأَرْبَعِينَ وَتَبِيعٍ مِنَ الثَّلَاثِينَ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ ثَمَانُونَ، وَأَمْكَنَ أَخْذُ حِقَّتَيْنِ مِنَ الْمِائَةِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ مِنَ الثَّمَانِينَ.
فَرْعٌ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ
فَإِذَا خَلَطَا عِشْرِينَ مِنَ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ، فَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا - رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا، لَا بِنِصْفِ شَاةٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ. فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ شَاةً وَلِلْآخَرِ عَشْرٌ، فَأَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ - رَجَعَ بِرُبُعِهَا عَلَى الْآخَرِ. وَإِنْ أَخَذَهَا مِنَ الْآخَرِ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ، فَيَأْخُذُ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ، رَجَعَ عَلَى الْآخَرِ بِثُلُثِ قِيمَتِهِمَا، وَلَا يَقُولُ بِقِيمَةِ ثُلُثَيْ شَاةٍ، وَإِنْ أَخْذَهُمَا مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ، رَجَعَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا. وَلَوْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً، رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِهِ، وَصَاحِبُ الْخَمْسِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِهِ. وَلَوْ كَانَ نِصْفُ الشِّيَاهِ لِهَذَا وَنَصِفُهَا لِلْآخَرِ، رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاتِهِ. فَإِنْ تَسَاوَتِ الْقِيمَتَانِ، خَرَجَ عَلَى أَقْوَالِ الْتَّقَاصِّ عِنْدَ تَسَاوِي
الدَّيْنَيْنِ قَدْرًا وَجِنْسًا. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ مِنَ الْبَقَرِ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ، فَوَاجِبُهُمَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ، عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِمَا، وَعَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِمَا. فَلَوْ أَخَذَهُمَا السَّاعِي مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ، رَجَعَ عَلَى الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا، وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنَ الْآخَرِ، رَجَعَ بِأَرْبَعَةِ أَسِبَاعِهِمَا. وَلَوْ أَخَذَ التَّبِيعَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ، وَالْمُسِنَّةَ مِنَ الْآخَرِ، رَجَعَ صَاحِبُ الْمُسِنَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهَا، وَصَاحِبُ التَّبِيعِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهِ. وَلَوْ أَخَذَ الْمُسِنَّةَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ، وَالتَّبِيعَ مِنَ الْآخَرِ، رَجَعَ صَاحِبُ الْمُسِنَّةِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا، وَصَاحِبُ التَّبِيعِ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّبِيعِ وَالْمُسِنَّةِ قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ، رحمه الله. وَالَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي مَنْصُوصَاتِ الشَّافِعِيِّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ غَنَمَاهُمَا سَوَاءً، وَوَاجِبُهُمَا شَاتَانِ، فَأَخَذَ مِنْ غَنَمِ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً، وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ مُخْتَلِفَةً - لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ إِلَّا مَا عَلَيْهِ فِي غَنَمِهِ لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً. هَذَا نَصُّهُ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورِ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ تَبِيعًا وَعَلَى الْآخَرِ مُسِنَّةً، وَالتَّرَاجُعُ يَثْبُتُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي الشِّيَاهِ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي الدَّلِيلِ أَيْضًا، فَلْيُعْتَمَدْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ ظَلَمَ السَّاعِي فَأَخَذَ مِنْ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ شَاتَيْنِ، وَالْوَاجِبُ شَاةٌ، أَوْ أَخَذَ مَاخِضًا، أَوْ (شَاةً حُبْلَى) رُبَّى - رَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَاجِبِ لَا قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ، وَيَرْجِعُ الْمَظْلُومُ عَلَى الظَّالِمِ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ بَاقِيًا فِي يَدِ السَّاعِي، اسْتَرَدَّهُ، وَإِلَّا اسْتَرَدَّ الْفَضْلَ، وَالْفَرْضُ سَاقِطٌ. وَلَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ فِي الزَّكَاةِ، أَوْ أَخَذَ مِنَ السِّخَالِ كَبِيرَةً، رَجَعَ - عَلَى الْأَصَحِّ - لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَبِيرَةَ قَطْعًا.