الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن حبان: "
ينفرد عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ". قلت: وهذا من تلك الأحاديث التي
لا تشبه حديث الثقات، وابنه محمد ضعيف أيضا، فأحدهما آفته. والحديث أورده
السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخرائطي، وسكت عليه المناوي! وانظر
الحديث الآتي (3889) .
1849
- " لقد أشبع سلمان علما ".
ضعيف.
رواه ابن سعد (4 / 84 - 85) بسند صحيح عن أبي صالح قال: نزل
سلمان على أبي الدرداء، وكان أبو الدرداء إذا أراد أن يصلي منعه سلمان،
وإذا أراد أن يصوم منعه، فقال: أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي لربي؟! فقال: إن
لعينك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم، فبلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا مرسل، وبه أعله
الحافظ في " فتح الباري "(4 / 211) ، وقد روي مسندا، فقال أبو نعيم في "
الحلية " (1 / 187) : حدثنا عبد الله بن محمد بن عطاء حدثنا أحمد بن عمرو
البزار (كذا) : حدثنا السري بن محمد الكوفي حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا عمار
بن رزيق (الأصل: زريق) عن أبي صالح عن أم الدرداء عن أبي الدرداء: أن سلمان
دخل عليه
…
فذكر القصة نحوه، لكنه خالفه في لفظ حديث الترجمة، فقال: " لقد
أوتي سلمان من العلم ". وقال أبو نعيم:
" رواه الأعمش عن ابن شمر بن عطية (كذا الأصل) عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء ". قلت: وصله الطبراني في " الأوسط
" (2 / 182 / 1 رقم 7787 - بترقيمي) من طريق الحسن بن جبلة: أخبرنا سعد بن
الصلت عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء قالت: أتاني
سلمان الفارسي يسلم علي، وعليه عباءة قطوانية مرتديا بها، فطرحت له وسادة،
فلم يردها، ولف عباءته فجلس عليها، فقال: بحسبك ما بلغك المحل، ثم حمد
الله ساعته وكبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أين صاحبك
؟ يعني أبا الدرداء. فقلت: هو في المسجد، فانطلق إليه، ثم أقبلا جميعا وقد
اشترى أبو الدرداء لحما بدرهم فهو في يده معلقة، فقال: يا أم الدرداء اخبزي
واطبخي، ففعلنا، ثم أتينا سلمان بالطعام، فقال أبو الدرداء: كل مع أم
الدرداء فإني صائم! فقال سلمان: لا آكل حتى تأكل، فأفطر أبو الدرداء، وأكل
معه، فلما كانت الساعة التي يقوم فيها أبو الدرداء ذهب ليقوم أجلسه سلمان،
فقال أبو الدرداء: أتنهاني عن عبادة ربي؟! فقال سلمان: إن لعينك عليك حقا
، وإن لأهلك نصيبا، فمنعه، حتى إذا كان وجه الصبح، قاما، فركعا ركعات،
وأوترا، ثم خرجا إلى صلاة الصبح، فذكرا أمرهما للنبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: " ما لسلمان ثكلته أمه؟ لقد أشبع من العلم ". وقال الطبراني: " لم
يروه عن الأعمش إلا سعد بن الصلت، تفرد به الحسن بن جبلة ". قلت: لم أجد له
ترجمة. وقال الهيثمي (9 / 344) : " ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات "! كذا
قال! وشهر مختلف فيه، والظاهر من أقوال جارحيه أنه كان سيء الحفظ، وقد
ذكر له ابن عدي عدة مناكير منها: " لوكان العلم بالثريا.. ". والصحيح
المحفوظ: " لوكان الإيمان.... ". وفي رواية:
" لوكان الدين
…
".
وسيأتي حديثه المشار إليه برقم (2054)، ثم قال ابن عدي في آخر ترجمته: "
وشهر ليس بالقوي في الحديث، وهو ممن لا يحتج بحديثه، ولا يعتبر به ".
وبالجملة، فهذه الطريق ضعيفة، لضعف شهر، وجهالة الحسن بن جبلة، والإسناد
الذي قبله عن أبي صالح موصولا أصح منه، لولا أني لم أعرف عبد الله بن محمد بن
عطاء شيخ أبي نعيم. وشيخه أحمد بن عمرو البزاز (أظنه البزار بالراء بعد
الزاي) وهو الحافظ المشهور صاحب المسند المعروف به، وهو ثقة في حفظه شيء.
وشيخه السري بن محمد، لم أعرفه، لكني أظن أن (محمد) محرف من (يحيى)
، فهو السري بن يحيى الكوفي، فقد ذكره ابن أبي حاتم (2 / 1 / 285) فيمن روى
عن قبيصة، وقال:" وكان صدوقا ". وذكره ابن حبان في " الثقات " (8 / 302
) . ثم إن لفظ هذا الإسناد الأصح أقرب إلى الصواب من لفظ حديث الترجمة، وقريب
منه ما ذكره الحافظ في ترجمة سلمان من " الإصابة " أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لأبي الدرداء: " سلمان أفقه منك ". ولم يذكر من أخرجه. والخلاصة، أن
الرواة اضطربوا في ضبط هذه الجملة من الحديث، فأقربها ما عند الحافظ، ثم لفظ
رواية أبي صالح المسندة، ثم لفظ حديث الترجمة، بل هو منكر عندي لما فيه من
المبالغة، ولمخالفته للألفاظ الأخرى. بل هي كلها مخالفة لرواية البخاري لهذه
القصة في " صحيحه "(1968) بنحوما تقدم، وفي آخرها قوله صلى الله عليه
وسلم لأبي الدرداء: " صدق سلمان ". فهذا مما يجعلنا نرتاب في ثبوت شيء من
الألفاظ المذكورة، وبخاصة لفظ الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.