الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
222/ 2/ 46 - عن عبد الله بن عمر [رضي الله عنهما](1)"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من كَداء، من الثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى"(2).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: "كَداء" بفتح الكاف وبالمد مصروفاً هكذا ضبطه الجمهور وضبطه بعضهم غير مصروف [دلالة](3) على البقعة، وبعضهم بفتح الكاف والقصر وكذا بالضم والقصر بأسفل مكة هي الثنية السفلى ونقل الرافعي عن الأكثرين فيها الضم والمد.
وأما كُدي -بضم الكاف وتشديد الياء- فهي في طريق الخارج إلى اليمن وليس من هذين الطريقين في شيء.
(1) ساقطة من ن هـ.
(2)
البخاري (1575، 1576)، ومسلم (1257)، وأبو داود (1866) في المناسك، باب: دخول مكة، والنسائي (5/ 200)، وابن ماجه (2940).
(3)
في ن هـ (حملا له).
والثنية: هي الطريق بين الجبلين وتنحدر من العليا إلى مقابر مكة.
والبطحاء: بالمد ويقال له: الأبطح وهو بجنب المحصب.
ثانيها. إنما فعل صلى الله عليه وسلم هذه المخالفة داخلاً وخارجاً تفاؤلاً بتغير الحال إلى أكمل منه كما في العيد، ويشهد له الطريقان ولتبرك أهلها، قاله النووي (1) في "شرح مسلم" والقاضي عياض (2) حكى فيه أقوالاً.
أحدها: كما في العيد لتبرك به من يمر به ويدعوا له ويجيبه عما يسأله عنه ويعم بدعائه ولا يخص قوماً.
ثانيها: ليغيظ المنافقين ومن في قلبه مرض بإظهار أمر الإِسلام.
ثالثها: لتكثر خطاه ونوافله.
رابعها: أنه فعل ذلك في الخروج لأنه أسمح لخروجه أي أسهل كما جاء في الحديث. قال: ونقل ابن أبي صفرة أنه إنما دخلها مرة من أعلاها ومرة من أسفلها ليرى الناس السعة في ذلك بفعل ما تيسر وأهمل التنصيص على معاني أخر.
[أحدها](3): أن كل مقصود في سبيله أنه يؤتى من وجهه لا من ظهره ومن أتى من غير هذه الجهة لم يأتِ من قبالة الباب.
(1) في ن هـ زيادة رحمه الله، انظر شرح مسلم (9/ 3).
(2)
ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 381).
(3)
في ن هـ ساقطة.
ثانيها: أن الداخل يقصد موضعاً عالي المقدار فناسب الدخول من العليا والخارج عكسه مناسب السفلى.
ثالثها: أبداه السهيلي (1) وهو ما روي عن ابن عباس أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} (2) كان على كدا الممدود وهذا حسن.
الوجه [الثالث](3): في الحديث دلالة ظاهرة على استحباب دخول مكة من الثنية العليا سواء كانت على طريق الداخل أو لم تكن كالشامي والمدني والعراقي واليمني وهو ما صححه النووي في كتبه وإن كان كلامه في "المنهاج" تبعاً "للمحرر" يقتضي اختصاص الاستحباب بالداخل من طريق المدينة.
ونقل الرافعي عن الأصحاب أنهم عللوه بالمشقة قالوا: وإنما دخل عليه الصلاة والسلام منها لكونها في طريقه وهو ممنوع، فإنها ليست على طريقه بل عدل عنها، وأغرب الصيدلاني من الشافعية فقال: الدخول منها لا يتعلق به استحباباً للآتي من طريق المدينة ولا من غيره بناءً على ما أسلفه الأصحاب من أن دخوله منها كان اتفاقاً لا قصداً، وقد سلف الرد عليهم.
[الوجه](4) الرابع: فيه دلالة أيضاً على استحباب الخروج من
(1) الروض الأنف (4/ 101، 102).
(2)
سورة إبراهيم: آية 37.
(3)
في الأصل (تاسعها)، وما أثبت من ن هـ.
(4)
زيادة من ن هـ.
مكة من الثنية السفلى إلى بلده وكذا يستحب للخارج من بلده والداخل إليه أن يخرج من طريق ويرجع من آخر، قاله النووي في "شرحه"(1) وترجم في "رياضه"(2) على أن سائر العبادات كذلك يستحب الذهاب إليها من طريق والرجوع من آخر، وفيه اقتفاء الآثار خصوصاً في المناسك فإنه أمر به فقال:"خذو عني مناسككم"(3).
…
(1) شرح مسلم (9/ 3).
(2)
رياض الصالحين (308).
(3)
أبو داود (1944) في المناسك، باب: التعجيل من جمع، والترمذي (186)، والنسائي (5/ 258).