المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثامن 266/ 8/ 50 - عن عائشة رضي الله عنها، - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٦

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الثامن 266/ 8/ 50 - عن عائشة رضي الله عنها،

‌الحديث الثامن

266/ 8/ 50 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله إنها حائض، فقال:"أحابستنا هي"؟ قالوا: يا رسول الله، [إنها قد](1) فاضت يوم النحر، قال:"أخرجوا".

وفي لفظ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عقرى، حلقى، [أفاضت] (2) يوم النحر؟ قيل: نعم. قال: "فانفري" (3).

(1) في الأصل ساقطة.

(2)

في متن العمدة (أطافت).

(3)

البخاري في أطرافه (294)، ومسلم (1211)، والنسائي (1/ 194)، والترمذي (943)، وأبو داود (2003) في المناسك، باب: الحائض تخرج بعد الإِفاضة، وابن ماجه (3073)، والدارمي (2/ 568)، والبيهقي (5/ 162، 163)، والبغوي (1974، 1975)، وأحمد (6/ 99، 122، 175، 192، 213، 224، 253، 207)، والموطأ (1/ 412)، وابن خزيمة (3002)، وابن الجارود (496).

ص: 374

الكلام عليه من وجوه والتعريف براويه سلف: في الطهارة وممن وقع في الاعتكاف.

الأول: كان حيض صفية رضي الله عنها ليلة النفر كما ثبت في بعض طرق البخاري.

وقوله: "فأفضنا يوم النحر" أي طفنا طواف الإِفاضة وله أسماء طواف: الإِفاضة، والزيارة، والفرض، والركن، والصدر، والأشهر أن طواف الصدر طواف الوداع وكره مالك أن يقال للطواف الزيارة وفي الصحيح "قالوا: يا رسول الله إنها قد زارت يوم النحر، قال: فلتنفر معكم"، وهو حجة للشافعي وأبي حنيفة وأهل العراق على عدم الكراهة.

الثاني: في الحديث دلالة على أن طواف الإِفاضة لا بد منه وهو إجماع.

الثالث: فيه أيضاً دلالة على فعله في يوم النحر وهو السنة كما أسلفته في الحديث الثاني من باب التمتع ويدخل وقته من نصف ليلة النحر، ولا آخر لوقته كما هو موضح في كتب الفروع وإذا أخره لا شيء عليه بالتأخير عند جمهور العلماء.

وقال مالك، وأبو حنيفة: إذا تطاول الزمان لزمه دم.

الرابع: فيه أيضاً إباحة الجماع للأهل بعد الإِتيان بأسباب التحلل في الحج لكن قال الرافعي وغيره: إن المستحب إذا تحلل

ص: 375

التحلل الثاني أن لا يطأ حتى يرمي أيام التشريق، وفيه نظر إذ لا معنى لتركه لا سيما وأيام التشريق "أيام أكل وشرب وبعال"(1)، كما ورد في الحديث وقد بعث صلى الله عليه وسلم أم سلمة لتطوف قبل النحر، وكان يومها فأحب صلى الله عليه وسلم أن توافيه، وفيه إشعار بمواقعتها فيه، وعليه، بوب سعيد بن منصور في "سننه" فقال، باب: الرجل يزور البيت ثم يواقع أهله قبل أن يرجع إلى منى"، ثم ذكر الحديث.

الخامس: فيه أيضاً الإِخبار بالأعذار المانعة من الإِجابة إلى ما يجب المبادرة إلى فعله ممن توجه الوجوب إليه ومن غيره.

السادس: فيه أيضاً أن الحائض لا تدخل المسجد ولا تطوف نعم يجوز لها المرور إن أمنت التلويث.

السابع: فيه أيضاً سقوط طواف الوداع عن الحائض لقوله: "فانفري" نعم لو طهرت قبل مفارقة محطة مكة لزمها العود والطواف، وإن طهرت بعد بلوغها مسافة القصر، فلا وإن لم تبلغ فالصحيح من مذهب الشافعي أنه لا يلزمها العود.

فرع: النفساء في هذا كالحائض.

الثامن: فيه أيضاً عدم سقوط طواف الإِفاضة عنها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أحابستنا هي، فقيل: إنها فاضت" إلى آخره.

التاسع: فيه أيضاً عدم وجوب الدم بترك طواف الوداع من

(1) الدارقطني (4/ 283).

ص: 376

الحائض لأمره عليه الصلاة والسلام لها لما ذكر إنها فاضت يوم النحر بالنفر من غير ذكر دم ولا غيره، وهو قول كافة العلماء وحكى القاضي عياض عن بعض السلف وجوب دم وهو شاذ مردود.

العاشر (1): أخذ القاضي عياض (2) من حبسها لأجل الطواف أن الكَرِيَّ يُحبس لها إذا لم تطف طواف الإِفاضة كما قال مالك، حتى تطهير أو تمضي أيامها بأقصى ما يمسك النساء الدم والاستطهار على اختلاف قوله في هذا الأصل خلافاً للشافعي فإنه قال لا يُحبس كَرِيَّ، ولتكر جملها، أو تحمل مكانها غيرها. واستدل أصحاب الشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار" هذا كله في الأمن، ووجود ذي المحرم. وأما مع الخوف أو عدم ذي المحرم، فلا يُحبس باتفاق، إذ لا يمكن أن يسيرَ بها وحده، وتفسخ الكراء، ولا تُحبس عليها الرفقة إلَاّ أن يبقى لطهرها كاليوم (3). واليومين قاله مالك رحمه الله.

وفي الحبس لأجل النفاس قولان له، ووجه المنع تكرر الحيض بخلاف الحمل.

الحادي عشر: قوله عليه الصلاة والسلام (4) -.

الثاني عشر: "عقرى حلقى" بفتح أولهما وإسكان ثانيها،

(1) انظر: الاستذكار (13/ 266).

(2)

ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 417).

(3)

انظر: المفهم (3/ 428).

(4)

هكذا في المخطوط. لعل "الثاني عشر" تكون زائدة.

ص: 377

وأخرهما ألف تأنيث مقصور تكتب بالياء من غير تنوين، وهو رواية المحدثين جميعهم، ونقله جماعة من أئمة اللغة وغيرهم وهو صحيح فصيح، وبعضهم نونها لأنه يشعر أن الموضع موضع دعاء فأجراهما مجرى سعياً ورعياً وجدعاً وما أشبه ذلك من المصادر التي يدعى بها، وهو ظاهر فإن الموضع موضع دعاء كما قلناه حتى صوبه أبو عبيد (1) قال: لأن معناها عقرها الله عقراً، ومن رواه مقصوراً رأى أن ألف التأنيث فيها نعت لادعاء، وفي معنى عقرى أقوال:

أحدها: عقرها الله أي جرحها.

ثانيها: عقر يومها.

ثالثها: جعلها عاقراً لا تلد.

وفي معنى حلقي أيضاً أقوال: حلق شعرها.

ثانيها: أن يصيبها وجع في حلقها.

ثالثها: أن يحلق يومها لشؤمها.

رابعها: أنها كلمة تقولها اليهود للحائض. حكاه القرطبي (2) وعلى كل قول فهي كلمة كان أصلها ما ذكرناه، ثم اتسعت العرب فيها فصارت تطلقها، ولا تريد حقيقة ما وضعت أولاً، ونظيره تربت يداه، وقاتله الله ما أشجعه وما أشعره وشبه ذلك. وقد سلَّى عليه الصلاة والسلام عائشة بقوله: "هذا شيء

(1) غريب الحديث (2/ 94).

(2)

المفهم (3/ 315).

ص: 378

كتبه الله على بنات آدم"، وفيه دلالة على ميله لها وحنوه عليها، قال القرطبي: وكم بين من يؤنس ويسترضي، ومن يقال له عقرى حلقى (1).

(1) المفهم (3/ 305)، قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (3/ 589)، قلت: وليس فيه دليل على اتضاع قدر صفية عنده، لكن اختلف الكلام باختلاف المقام، فعائشة دخل عليها وهي تبكي أسفاً على ما فاتها من الشك فسلاها بذلك، وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله فأبدت المانع فناسب كلا منهما ما خاطبها به في تلك الحالة. اهـ.

ص: 379