المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث العاشر 268/ 10/ 50 - عن عبد الله بن عمر - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٦

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث العاشر 268/ 10/ 50 - عن عبد الله بن عمر

‌الحديث العاشر

268/ 10/ 50 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال:"استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقاية العباس، فأذن له"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: الاستئذان طلب الأذن كما سلف في الحديث الرابع من باب فضل الجماعة ووجوبها والتعريف بحال العباس سبق مختصراً في الحديث الخامس من كتاب الزكاة (2).

الثاني: كانت السقاية للعباس رضي الله عنه في الجاهلية، وكانت قبله في يد قصي بن كلاب، ثم ورثها ابنه عبد مناف، ثم ورثها ابنه عبد المطلب، ثم ورثها ابنه العباس فأقره صلى الله عليه وسلم عليها وهي له ولعقبه إلى يوم القيامة.

(1) البخاري في أطرافه (1634)، ومسلم (1315)، وأبو داود (1959) في المناسك، باب: يبيت بمكة ليالي منى، والنسائي في الكبرى (2/ 462)، وابن ماجه (3065)، والبغوي (1969)، وابن خزيمة (2957)، وابن الجارود (490)، وأحمد (2/ 19، 29)، والدارمي (2/ 75).

(2)

(5/ 73) من هذا الكتاب المبارك.

ص: 383

قال بعضهم: وفي ذلك إشارة إلى أن الخلافة تكون في ولده.

والسقايه: إعداد الماء للشاربين بمكة يذهب أهلها القائمون بها ليلاً يستقوا الماء من زمزم ويجعلوه في الحياض مسبلاً للشاربين وغيرهم.

قال الطبري: ويجعلون فيه سويقاً والمشهور أنهم ينبذون فيه التمر كما ثبت في الصحيح (1) ومشروعية هذه السقاية من باب إكرام الضيف واصطناع المعروف، قال أصحابنا: والشرب منها مستحب.

الأول: فيما يستنبط منه من الأحكام.

الثاني (2): استئذان الكبار والعلماء فيما يطرأ من المصالح والأحكام وبدار الكبير أو العالم إلى الأذن عند ظهور المصلحة من غير توقف.

الثالث: أن المبيت ليالي منى نسك من مناسك الحج، وواجباته حيث أذن صلى الله عليه وسلم في ترك المبيت للعباس من أجل سقايته فاقتضى ذلك الأذن لهذه العلة المخصوصة وأن الإِذن لم يتعد إلى غيرها نعم رعاة الإِبل كذلك كما سيأتي.

وقد اختلف العلماء في وجوب مبيت ليالي منى وللشافعي قولان:

(1) مسلم (1316).

(2)

هكذا في المخطوط.

ص: 384

أحدها: أنه واجب، وبه قال مالك وأحمد، وصححه النووي (1) للاتباع.

والثاني: أنه سنة وبه قال ابن عباس والحسن وأبو حنيفة ومال إليه الرافعي فقال يشبه ترجيحه ووجوب الدم بتركه مبني على هذا الخلاف ولا يحصل المبيت إلَاّ بمعظم الليل على أظهر قولي الشافعي وله قول آخر أنه يحصل بساعة حكاه النووي في "شرح (2) مسلم"، وحكى في أصل "الروضة"(3) بدله أن الاعتبار بوقت طلوع الفجر.

الثالث: ترك المبيت لأجل السقاية ولا يختص ذلك بالسقاية الموجودة إذ ذاك بل لو أحدثت أخرى كان للقائم بشأنها ترك المبيت، وهذا هو الصحيح.

وقال بعض الشافعية: تختص بسقاية العباس وهو جمود على الظاهر، وجمود عن المعنى.

الرابع: اختصاص السقاية بالعباس واتفق العلماء على أن الحكم لا يختص به.

واختلفوا في اختصاصها بآله بعده والأصح: عدم الاختصاص بل كل من تولى السقاية كان له هذا.

(1) شرح مسلم (9/ 63).

(2)

شرح مسلم للنووي (9/ 62، 63).

(3)

الروضة (3/ 104، 105)، ونصه فيه أظهرهما: معظم الليل، والثاني: المعتبر كونه حاضراً حال طلوع الفجر.

ص: 385

وقيل: تختص ببني هاشم من آل العباس وغيرهم.

الخامس: يلحق بأهل السقاية رعاة الإِبل كما صح في حديث آخر خارج الصحيح (1) وألحق أصحابنا بها من له مال يخاف ضياعه (2)، أو أمر يخاف فوته أو مريض يحتاج أن يتعهده.

وعند المالكية من خاف على ماله الضيعة أو نحوه يلزمه هدي.

(1) ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء في البيتوتة، وأن يرموا يوماً ويدعوا يوماً"، أخرجه أبو داود في الحج (1975)، باب: رمي الجمار، والترمذي (955)، والنسائي (5/ 273)، وابن ماجه (3037)، وصححه ابن خزيمة (2979)، والحاكم (1/ 478)، والمنتقى (478)، والبيهقي (5/ 155)، وأحمد (5/ 450)، والموطأ (1/ 408)، والبغوي (1970).

(2)

ورد عند أبي داود (1958) بعد سياق الإِسناد: أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ يسأل ابن عمر، قال: أنا نتبايع بأموال الناس، فيأتي أحدنا مكة فيبيت على المال، فقال: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل.

وهو أيضاً لابن عباس: كان يقول لا بأس إذا كان للرجل متاع بمكة يخشى عليه أن يأتي -لعلها ينأى- عن منى.

ص: 386