الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
248/ 8/ 46 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "لم أر [رسول] (1) الله صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلَاّ الركنين اليمانيين"(2).
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: "الركنان اليمانيان" هما الركن الأسود الذي فيه الحجر والثاني الذي يليه من نحو دور بني جمح وكلاهما من جهة اليمن، فلذلك نسبا إليه، كذا قاله القرطبي (3).
وخالف النووي فقال: قيل لهما اليمانيان [للتغليب](4)
(1) في ن هـ (النبي).
(2)
البخاري أطرافه (166)، ومسلم (1187)، وأبو داود (1772) في المناسك، باب: في وقت الإِحرام، والنسائي (1/ 80)(5/ 163، 232)، والحميدي (651)، وابن ماجه (3626)، وابن خزيمة (2725)، والبيهقي (5/ 76) ، والبغوي (1870)، وأحمد (2/ 17)، والموطأ (1/ 333).
(3)
المفهم (3/ 271).
(4)
في ن هـ ساقطة. انظر: شرح مسلم للنووي (9/ 14).
كالعمرين ونظائره، وتوبع [على ذلك](1).
وأجاب بعضهم: على هذا بأنه يحتمل أن يكون تغليب اليماني من باب استحباب لفظ اليَمن الذي هو التبرك.
[الثاني](2): "اليمانيان": بتحفيف الياء على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكى سيبويه وغيره لغة أخرى بالتشديد، فمن خفف فلأنها نسبة إلى اليمن، فالألف عوض من إحدى ياءي النسب ولو شدد لكان جمعاً بين العوض والمعوض منه وذلك ممتنع، ومن شدد جعل الألف زائدة وأصله اليمني كما زادوا الألف في صنعاني ورقباني ونظائرهما.
ثالثها: للبيت أربعة أركان، الركن الأسود واليماني ويقال: لهما اليمانيان، وأما الآخران فيقال لهما: الشاميان لأنهما لجهة الشام، ويقال: الغربيان.
فالأسود: يستلم ويقبل لاختصاصه بفضيلتي الحجر وكونه على قواعد إبراهيم كما سلف في الحديث السادس.
واليماني: يستلم ولا يقبل لاختصاصه بفضيلة واحدة وهي كونه على قواعد إبراهيم فقط.
والآخران: لا يستلمان ولا يقبلان لانتفاء هذين الفضيلتين فيهما.
(1) في ن هـ (عليه).
(2)
في ن هـ (ثانيها).
قال القاضي عياض (1): فلو بني اليوم على ما بناه ابن الزبير لاستلمتها كلها كما فعل ابن الزبير رضي الله عنه، والإِجماع قائم على استحباب إستلام اليمانيين.
ونقل القاضي أبو الطيب: إجماع أئمة الأمصار والفقهاء على أن الشاميين لا يستلمان، ونقل غيره ذلك عن جمهور العلماء، قال: واستحبه بعض السلف، وممن كان يقول باستلامهما الحسن والحسين ابنا علي (2) وابن الزبير وجابر بن عبد الله (3) وأنس بن مالك (4) وعروة بن الزبير وأبو الشعثاء جابر بن زيد رضي الله عنهم، قال القاضي أبو الطيب: كان فيه خلاف لبعض السلف من الصحابة والتابعين وانقرض الخلاف ثم أجمعوا على عدم إستلامهما فإن [الغالب](5) على العبادات الاتباع لا سيما إذا وقع التخصيص مع توهم الاشتراك في العلة فإن التوهم أمر زائد وإظهار معنى التخصيص غير موجود فيما ترك فيه الاستلام، ونقل القاضي (6) عن بعض أهل
(1) أشار إليه في إكمال إكمال المعلم (3/ 386).
(2)
مصنف عبد الرزاق (5/ 47).
(3)
الاستذكار (12/ 152). ولفظ فيه عن جابر: "كنا نؤمر إذا طفنا أن نستلم الأركان كلها"، قال أبو الزبير: ورأيت عبد الله بن الزبير يفعله إلى أن قال: قال أبو عمر: هو مباح لمن فعله لا حرج عليه، والسنة استلامهم الركنين الأسود واليماني. اهـ.
(4)
مصنف عبد الرزاق (5/ 47).
(5)
في ن هـ ساقطة.
(6)
ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 386).
العلم أن لمس الركنين اليمانيين إنما يكون في وتر الطواف لا في شفعه، ثم نقل عن الشافعي أن هذا كله أعني تقبيل الحجر ولمس اليمانيين في أول شوط ولا يلزم في بقيته إلَاّ أن يشاء، ولما نقل القرطبي الأول عن بعضهم، قال: وبه قال الشافعي ولعل مراده بذلك أن الشافعي يقول أنه آكد من الإِشفاع لا مطلقاً (1).
…
(1) أقول: الذي ذكره في الاستذكار (12/ 171)، عن الشافعي: أُحب الاستلام في كل وتر أكثر مما أحبهُ في كل شفع، وإذا لم يكن ازدحام أحببت الاستلام في كل طواف. اهـ.
وما ذكره عن القرطبي غير موجود في المفهم (3/ 371).