المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع 224/ 4/ 46 - عن (1) عمر رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٦

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع 224/ 4/ 46 - عن (1) عمر رضي الله

‌الحديث الرابع

224/ 4/ 46 - عن (1) عمر رضي الله عنهما: "أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، وقال: إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك"(2).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: هذا الحديث أصل أصيل وقاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وإن لم يعلم العلة وترك ما كانت عليه الجاهلية من تعظيم الأصنام والأحجار ويبين أن النفع والضر بيد الله تعالى وهو حاصل هنا بالامتثال فقط، وأنه سبحانه هو النافع والضار

(1) في الأصل زيادة (ابن)، وما أثبت هو الصواب.

(2)

البخاري (1597، 1605، 1610)، ومسلم (1270)، وأبو داود (1873) في المناسك، باب: في تقبيل الحجر، والترمذي (860)، والنسائي (5/ 227)، وابن ماجه (2943)، وابن خزيمة (2711)، وابن الجارود (452)، والبغوي (1905)، ومالك (1/ 367)، والحميدي (9)، والبيهقي (5/ 74)، وعبد الرزاق (9033، 9034، 9034، 9035)، وأحمد (1/ 17، 26، 46)، والنسائي في الكبرى (2/ 400)، وابن أبي الجعد (2243).

ص: 190

وأن الأحجار لا تنفع من حيث [هي هي](1) كما كانت الجاهلية تعتقده في الأصنام وأراد عمر [رضي الله عنه](2) بذلك إزالة الوهم الذي يقع في أذهان الناس من ذلك جميعه [وقد توهم بعض الباطنية أن للحجر الأسود خاصية يَرجع إلى ذاته قاتلهم الله.

ثانيها: فيه دلالة على استحباب تقبيل الحجر الأسود] (3) ويستحب أن يستلمه أولاً، ثم يقبله، ثم يضع جبهته، عليه هذا مذهب الجمهور.

وانفرد مالك فقال: السجود عليه بدعة واعترف القاضي (4) عياض بشذوذ مالك عن العلماء في ذلك.

فرع: يستحب أن تخفف القبلة بحيث لا يظهر لها صوت ولا يستحب ذلك للنساء إلَاّ عند خلو المطاف.

قال القاضي أبو الطيب: ويستلم ويقبل الركن الذي فيه الحجر أيضاً وظاهر كلام الجمهور الاقتصار على فعل ذلك في الحجر.

فائدة: روى الأئمة أحمد والدارمي وابن ماجه والترمذي من

(1) في ن هـ بدون تكرار.

(2)

في ن هـ ساقطة.

(3)

زيادة من ن هـ.

(4)

ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 386). انظر: الآثار الواردة في السجود عليه. عن ابن عباس. مصنف عبد الرزاق (5/ 37)، وسنن البيهقي (5/ 75)، والاستذكار (12/ 157)، وعن طاووس في الاستذكار (12/ 157)، والأم (2/ 171).

ص: 191

حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي هذا الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق"(1) حسنه الترمذي وصححه ابن حبان فإنه أخرجه في صحيحه بلفظ: "إن لهذا الحجر لساناً وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق"(2)، وفي رواية له:"ليبعثن الله الركن يوم القيامة"(3)، وأخرجه الحاكم (4) في "مستدركه" باللفظ الأول الذي لابن حبان ثم قال: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، قال: وله شاهد صحيح فذكره (5).

قال الخطابي (6): وقد فضل الله بعض الأحجار على بعض،

(1) أحمد (1/ 266، 247، 291، 307)، والدارمي (2/ 42)، وابن ماجه (2944)، والترمذي (961)، وابن خزيمة (2736)، وأبو يعلى (2719)، ونقل ابن حجر في الفتح (3/ 462)، تصحيح ابن خزيمة، وابن حبان والحاكم ثم قال: وله شاهد من حديث أن عند الحاكم (1/ 457).

(2)

ابن حبان (3711).

(3)

ابن حبان (3712).

(4)

المستدرك للحاكم (1/ 457)، وقال: صحيح الإِسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

(5)

أي حديث أنس رضي الله عنه المستدرك (1/ 457) وسكت عنه الحافظ في الفتح (3/ 457)، أما حديث علي رضي الله عنه في مستدرك الحاكم أيضاً (1/ 457)، فقد ضعفه ابن حجر في فتح الباري (3/ 462).

(6)

معالم السنن (2/ 373).

ص: 192

كما فضل بعض البقاع والبلدان وكما فضل بعض الليالي والأيام والشهور وباب هذا كله التسليم وهو أمر سائغ في العقول جائز فيها غير ممتنع ولا مستنكر وقد روى في بعض الأحاديث "إن الحجر الأسود يمين الله في الأرض"، والمعنى أن من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد فكان كالعهد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته [والاختصاص (1) به] وكما يصفق على أيدي الملوك للبيعة،

(1) زيادة من ن هـ ومن معالم السنن، وأيضاً في فتح الباري (3/ 463).

تنبيه: قوله: وكما روى في بعض الأحاديث: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض"، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله وإياه- في الفتاوى (6/ 397) لما سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم "الحجر الأسود يمين الله في الأرض". فأجاب رحمه الله ورضي عنه-: بقوله: فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت، والمشهور إنما هو عن ابن عباس قال:"الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقتله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه إلَاّ على من لم يتدبره، فإنه قال:"يمين الله في الأرض" فقيده بقوله: "في الأرض" ولم يطلق، فيقول يمين الله، وحكم اللفظ المقيد حكم اللفظ المطلق.

ثم قال: "فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" ومعلوم أن المشبه غير المشبه به، وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً، ولكن شبه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الله تعالى كما جعل للناس بيتاً يطوفون به: جعل لهم ما يستلمونه، ليكون ذلك بمنزلة تقبيل يد العظماء، فإن ذلك تقريب للمقبل وتكريم له، كما جرت العادة، والله ورسوله لا يتكلمون بما فيه إضلال الناس [بل لا بد] من أن يبين لهم ما يتقون، فقد يبين لهم في الحديث ما ينفي من التمثيل. اهـ. المقصود منه. =

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال في موضع آخر (3/ 44): "الحجر الأسود يمين في الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" صريح في أن الحجر الأسود يشير هو صفة لله ولا هو نفس يمينه، لأنه قال:"يمين الله في الأرض" وقال: "فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه" ومعلوم أن المشبه ليس هو المشبه به، ففي نفس الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحاً لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفراً لأنه محتاج إلى التأويل، مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس. اهـ. محل المقصود.

وانظر: عدة الصابرين لابن القيم (46) أو (36) باختلاف الطبعات.

انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 522)، وقد ورد بألفاظ غير هذا نذكرها للتنبيه عليها مع ذكر من ضعفها.

"الحجر يمين الله، فمن مسحه، فقد بايع الله [أن لا يعصيه] عن أنس ذكره الديلمي في فردوس الأخبار (2/ 258)، قال ابن حجر: أسنده عن أنس وأخرجه الحارث عن جابر بلفظ "في الأرض يصافح الله به عباده".

وجاء من رواية عمر في مسنده عن ابن عباس ورفعه الطبراني"، قال في الجامع الصغير (2/ 110): بأن مخرجه الديلمي والأزرقي في أخبار مكة (1/ 323، 324)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2/ 110): موضوع.

وأيضاً ورد بلفظ: "الحجر يمين الله في الأرض يصافح به عبده" عن أنس ذكره الديلمي في الفردوس (2/ 258).

وأيضاً الخطيب عن جابر في تاريخ بغداد (6/ 328)، وابن عدي في الكامل (2/ 17) وابن عساكر عنه. انظر: ضعيف الجامع (2/ 110)، فقد ضعفه فيه وأيضاً سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/ 257)، وطبقات المحدثين بأصبهان (2/ 366)، وورد بلفظ "يأتى الركن يوم القيامة" إلى =

ص: 194

وكذلك تقبيل الخدم أيدي السادة والكبراء، فهذا كالتمثيل بذلك والتشبيه به (1).

فائدة أخرى: روى سعيد بن منصور عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "الحجر الأسود من الجنة لولا ما تعلق به من أيدي الفجرة ما مسه أكمه ولا أبرص ولا ذو داء إلَاّ بريء"(2)، اعترض

= قوله "وهو يمين الله عز وجل التي يصافح بها خلقه" سبق تخريجه. انظر: المعجم الأوسط (1/ 337).

وورد أيضاً بلفظ "الركن يمين الله في الأرض"، قال العجلوني في كشف الخفاء (4171): فالحديث حسن وإن كان ضعيفاً بحسب أصله كما قال بعضهم.

(1)

في المعالم زيادة (والله أعلم).

(2)

الحديث ورد بالفاظ عنه منها: "إن الركن والمقام من ياقوت الجنة، ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم، لأضاء ما بين المشرق والمغرب، وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلَاّ شفي".

أخرجه البيهقي في الشعب (7/ 584)، وفي السنن (5/ 75)، وذكره في كنز العمال (34742)، والأزرقي (1/ 322).

وورد بلفظ: "لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلَاّ شفي، وما على الأرض شيء من الجنة غيره"، أخرجه البيهقي في السنن (5/ 75)، وفي الشعب (7/ 584)، وعبد الرزاق (5/ 38).

وقال ابن حجر في الفتح على حديث: "إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاء ما بين المشرق والمغرب"، أخرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان وفي إسناده: رجاء أبو يحيى وهو ضعيف، قال الترمذي: حديث غريب، ويروي عن عبد الله بن عمرو موقوفاً. اهـ. (3/ 462).

ص: 195

بعض الملاحدة وقال: ما سودته خطايا أهل الشرك ينبغي أن تبيضه يد أهل التوحيد، وعنه جوابان:

أحدهما: قاله ابن قتيبة (1): أنه لو شاء الله لكان ذلك فيه وإنما هو سبحانه أجرى العادة بأن السواد يَصبغ ولا يُصبغ، والبياض ينصبغ ولا يَصبغ، فقال: فيه المعترض إن الشيب أيضاً مثل السواد يصبغ.

والثاني: قاله المحب الطبري: وهو الأشبه أن بقاءه أسود فيه عبرة لمن له بصيرة فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر بالسواد فتأثيرها في القلوب أشد وأعظم، قال: وأشد من هذا الجواب ما تضمنه حديث ابن عباس مرفوعاً: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم"(2) رواه الترمذي والنسائي،

(1) ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (287، 290).

(2)

النسائي (5/ 226)، والترمذي (877)، وابن خزيمة (2733)، وأحمد في مسنده (1/ 307، 329، 373)، والطبراني في الكبير (11/ 453، 146)، والشعب للبيهقي (7/ 585)، وذكره في مجمع الزوائد (3/ 242)، وضعيف الجامع (2766)، قال ابن حجر في الفتح -رحمنا الله وإياه- (3/ 462): أخرجه الترمذي وصححه، وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق لكنه اختلط، وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه لكن له طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة فيقوى بها، وقد رواه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن عطاء مختصراً ولفظه:"الحجر الأسود من الجنة" وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط. اهـ.

وقد روى بألفاظ أخرى عن ابن عباس وغيره، انظر: كنز العمال (34742) وما بعده.

ص: 196

فقد أجرى الله تعالى العادة أن من يرى ما كان في الجنة فيحرم على النار ولكن ستر الله زينته من الظلمة فجعل السواد كالمانع من رؤية الزينة.

قلت: وقد روى الأزرقي ذلك في حديث عن ابن عباس (1) مطولاً، وروى أبو عمر (2) عن غير واحد أن الحجر الأسود من الجنة ثم قال: إنه أولى من قول من قال: إنه من حجارة الوادي، وروى عن السدي قال: "أهبط آدم بالهند، وأنزل معه الحجر الأسود، وقبضة من ورق الجنة فنثرها بالهند فأنبتت شجرة الطيب.

ثالثها: ما روى الحاكم في "مستدركه" مستشهداً به لا محتجاً من حديث أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب، قال: لعمر لما قال، ما قال: بلى، يا أمير المؤمنين! إنه يضر وينفع، قال: بم؟ قلت: قال: بكتاب الله تبارك وتعالى، قال: وأين ذلك من كتاب الله تعالى؟ قال: قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (3)، خلق الله آدم، ومسح على ظهره، فقررهم بأنه الرب، وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم، وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان،

(1) قد روى: طمس النور، من حديث ابن عباس الأزرقي (1/ 329)، ومن حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد (2/ 213، 214)، والسنن الكبرى (5/ 75) ، وابن خزيمة (2831، 2732)، والترمذي (778)، والحاكم (1/ 456)، وعبد الرزاق (5/ 39).

(2)

الاستذكار (12/ 158، 159).

(3)

سورة الأعراف: آية 172.

ص: 197

فقال له: افتح فاك قال: ففتح فاه، فألقمه ذلك الرق، وقال: إشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود، وله لسان ذلق، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد" فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع، فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن (1).

رابعها: في الحديث دلالة على أنه ينبغي للعالم أن يبين للناس السنن بقوله وفعله.

خامسها: فيه أيضاً دلالة على أن المرجع في ذلك إلى الشارع دون غيره.

سادسها: فيه أيضاً دلالة على أن الإِمام العالم المقتدى به إذا خاف على الناس فعل محذوراً واعتقاده أو انجرار المشروع إلى ذلك أن يبينه ويوضحه للناس في المجامع والمواسم [وفسره](2) بالإِيضاح والبيان ليكون بيناً.

سابعها: لا يشرع التقبيل إلَاّ للحجر الأسود وللمصحف (3)

(1) الحاكم (1/ 457)، والدر المنثور (3/ 605)، والشعب للبيهقي (7/ 589)، قال ابن الملقن في مختصر المستدرك (1/ 343) فيه: أبو هارون ساقط.

(2)

في ن هـ (وشهره).

(3)

قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن (1/ 478): يستحب تقبيل المصحف.

لأن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يقبله، وبالقياس على تقبيل الحجر الأسود، ولأنه هدية لعباده فشُرع تقبيله كما يستحب تقبيل =

ص: 198

ولأيدي الصالحين (1) من العلماء وغيرهم وللقادمين من السفر بشرط أن لا يكون أمرد ولا امرأة محرمة ولوجوه [الموتى](2) والصالحين ومن نطق بعلم أوحكمة ينتفع بها وكل ذلك ثابت من الأحاديث الصحيحة وفعل السلف.

= الولد الصغير، وعن أحمد ثلاث روايات: الجواز، الاستحباب، التوقف، وإن كان فيه رفعة وإكرام، لأنه لا يدخله قياس، ولهذا قال عمر في الحجر: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبلتك.

قال ابن تيمية في مختصر الفتاوى المصرية (265): وقد سئل أحمد عن تقبيله، فقال: ما سمعت فيه شيئاً، ولكن روى عن عكرمة بن أبي جهل، والأفضل اتباع السلف في كل شيء.

(1)

ورد ذلك في تقبيل الصحابة يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة منها تقبيل كعب بن مالك يده صلى الله عليه وسلم لما نزلت توبته ومنها حديث أسامة بن شريك في تقبيل الصحابة ليده، قال ابن حجر في الفتح (11/ 57): إسناده قوي، قال حميد بن زنجويه في كتاب الآداب: المأذون فيه عند التوديع والقدوم من سفر وطول العهد وشدة الحب في الله وإنما كره ذلك في الحضر -يعني حديث أنس بن مالك يلقى أحدنا أخاه- لأنه يكثر. انظر: شرح السنة للبغوي (12/ 293)، وقال شيخ الإِسلام في الفتاوى المصرية (563) وذكره عنه ابن مفلح -رحمنا الله وإياه- في الآداب (2/ 271)، تقبيل اليد لم يكن يعتادونه إلَاّ قليلاً.

(2)

في ن هـ ساقطة.

وفيه تقبيل الصديق لجبهته صلى الله عليه وسلم حين مات. انظر: ابن سعد (2/ 265)، والبداية لابن كثير (5/ 211): تقبيله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن مضعون من رواية أحمد والترمذي. انظر: مجمع الزوائد (3/ 20).

ص: 199

فأما تقبيل الأحجار والقبور والجدران والستور (1) وأيدي الظلمة والفسقة (2) واستلام ذلك جميع فلا يجوز، ولو كانت أحجار الكعبة أو القبر المشرف أو جدار حجرته أو ستورهما أو صخرة بيت المقدس، فإن التقبيل والاستلام ونحوهما تعظيم، والتعظيم خاص بالله فلا يجوز إلَاّ فيما أذن فيه، نعم في "شرح المهذب" لابن درباس (3) عن الشافعي [رضي الله عنه] أنه قال: وأي البيت قبّل، فحسن، غير أنا نؤمر بالاتباع.

(1) تقبيل القبور وما يحيط بها وعليها من بناء وثياب، فهذا كله من البدع المفضية إلى الشرك الأكبر إذ أن تقبيلها على سبيل التدين أو اعتقاد حصول البركة بدون نص شرعي صحيح من أكبر طرق الشرك ولذلك تجدهم يسارعون في تقبيل القبور والأعتاب والأحجار ونحوها فرضي الله عن عمر فإنه لما أراد أن يقبل الحجر قال:"اللهم إني أعلم أنه حجر لا يضر ولا ينفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله ما قبلته"، وانظر: تعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على هذا الموضع في الفتح (3/ 475).

(2)

قال سفيان الثوري رحمه الله وإياه- "تقبيل يد الإِمام العادل سنة" فإذا كان للإِمام العادل فلا يشترك معه أحد وذكر ابن مفلح عن ابن الجوزي في الآداب (2/ 272) نقبيل يد الظالم معصية إلَاّ أن يكون "عند خوف".

(3)

هو عثمان بن عيسى بن درباس الماراني صاحب الاستقصاء في "شرح المهذب"، و"شرح اللمع في أصول الفقه"، مات بمصر سنة اثنتين وستمائة وقد قارب التسعين سنة. ترجمته حسن المحاضرة (1/ 408)، وشذرات الذهب (5/ 7).

ص: 200