الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
214/ 2/ 42 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات: "من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل (1) للمحرم".
الكلام عليه من وجوه:
أحدها: "عرفات"(2): هو موضع الوقوف، ولماذا سميت بذلك؟ فيه أقوال:
أحدها: لأن آدم عليه [السلام](3) عرف حواء هناك لأن آدم أهبط بالهند، وحواء بجدة فتعارفا في الموقف.
ثانيها: لأن جبريل عرّف إبراهيم [عليهما السلام](4) المناسك هناك.
(1) سبق تخريجه ص 41.
(2)
انظر: لسان العرب (9/ 153، 158).
(3)
في ن هـ ساقطة.
(4)
في ن هـ ساقطة.
ثالثها: للجبال التي فيها والجبال هي الأعراف وكل عال نات فهو عرف ومنه عرف الديك.
رابعها: لأن الناس يعترفون فيها بذنوبهم ويسألون غفرانها فتغفر، والمشهور ترك صرف عرفات، قال الجوهري (1) وعرفات موضع بمنى كذا قال: ومراده بقرب مني، قال: وهو اسم في لفظ الجمع فلا يجمع، وهو منون، وإن كان فيه العلمية والتأنيث لأن التنوين فيه تنوين مقابلة يجمع المذكر السالم لا تنوين حرف العلتين المذكورتين قال الفراء: ولا واحد له بصحة، وقول الناس: نزلنا عرفة شبيه بمولَّد فليس بعربي [
…
] (2) وهو معرفة، وإن كان جمعاً لأن الأماكن لا تزول فصار كالشيء الواحد، فخالف الزيديين، ومثله أذرعات (3) وعامات (4) وعريتنات (5).
[ثانيها](6): "الإِزار": معروف يذكر ويؤنث، ويقال: أيضاً إِزاره كوساد ووساده وجمع القلة: أُزره، والكثرة: أُزر كحمار، وأحمرة، وحمر.
وقد يعبر عن المرأة بالإِزار والمئزر والإِزار وهو كقولهم: لحاف، وملحف، وقدام، ومقدم.
والإِزره: بالكسر هيئة الاتزار كالجلسة والركبة.
(1) مختار الصحاح (182).
(2)
في اللسان زيادة (محض)، وانظر: كلامه هناك.
(3)
معجم البلدان (1/ 130).
(4)
معجم البلدان (4/ 71، 72).
(5)
معجم البلدان (4/ 113)، ولسان العرب (9/ 157).
(6)
في الأصل (ثامنها)، والتصحيح من ن هـ
…
إلخ المسائل.
[ثالثها](1): السراويل تقدم الكلام عليه في الحديث قبله.
[رابعها]: قد أسلفنا الكلام في الحديث قبله أن حديث ابن عباس هذا استدل به من لم يشترط قطع الخف عند فقد النعل وجمعنا بينه وبين حديث ابن عمر السالف، والقاعدة: أن مهما أمكن إعمال الحديثين ولو من وجوه كان أولى من إلغاء أحدهما أو نسخه عند عدم تحقق النسخ وهذا الحديث مطلق بالنسبة إلى القطع وعدمه وحديث ابن عمر السالف مقيد فحمل المطلق على المقيد أولى كيف وحديث ابن عمر فيه صيغة الأمر وهو أمر زائد على الصيغة المطلقة فإن لم يعمل بها وأخرنا مطلق الخفين تركنا ما دل عليه الأمر بالقطع وهو غير سائغ وهذا بخلاف ما لو كان المطلق والمقيد في جانب الإِباحة فإن إباحة المطلق حينئذٍ تقتضي بزيادة ما دل عليه إِباحة المقيد فإذا أُخذ بالزائد كان أولى إذ لا تعارض بين إِباحة المقيد وإِباحة ما زاد عليه قال الشيخ تقي الدين: وكذا نقول في جانب النهي لا يحمل المطلق فيه على المقيد لما ذكرنا من أن المطلق دال على النهي فيما زاد على صورة المقيد من غير تعارض فيه وهذا يتوجه إذا كان الحديثان [مثلاً](2) مختلفين باختلاف مخرجهما، أما إذا كان المخرج للحديث واحداً ووقع اختلاف على أن من انتهت إليه الروايات فههنا نقول أن الآتي [بالمقيد](3) حفظ ما لم يحفظ المطلق من ذلك الشيخ، فكأن الشيخ لم ينطق به إلَاّ مقيداً، فيتقيد من هذا
(1) في الأصل (ثامنها)، والتصحيح من ن هـ
…
إلخ المسائل.
(2)
في ن هـ ساقطة.
(3)
في إحكام الأحكام (3/ 480)(بالقيد).
الوجه، قال: وهذا الذي ذكرناه في الإِطلاق والتقييد مبني على ما يقوله بعض المتأخرين، من أن العام في الذوات مطلق في الأحوال لا يقتضي العموم، وأما على ما يختاره في مثل هذا من العموم في الأحوال، تبعاً لعموم الذوات فهو من باب العام والخاص.
خامسها: لبس السراويل إذا لم يجد إزار يدل هذا الحديث على جوازه من غير قطع وهو مذهب الجمهور كما أسلفناه في الحديث قبله قال الشيخ تقي الدين: وهو قوي ههنا، أي دون ما قاله أحمد في الخفين إذ لم يرد بقطعه ما ورد في الخفين.
قال المازوي (1): وإنما لم يأخذ مالك بهذا لسقوطه من رواية ابن عمر واعترض عليه القاضي (2) بأن مسلماً ذكره من رواية جابر أيضاً.
وقال مالك: في "الموطأ"(3) لم أسمع بهذا ولا أرى أن يلبس المحرم السراويل واحتج بأنه -عليه الصلاة السلام- منع لبسه ولم يستثن فيه كما استثنى في الخفين، وظاهر هذا الكلام يدل على أن هذه الزيادة لم تبلغ مالكاً أو لم يبلغه لبسها على حالها، وكذلك قوله:"ولا أرى أن يلبسهما المحرم إلَاّ على الوجه المعتاد" كما قال الشافعي وأحمد: أو لا يلبسهما دون فدية، فأما مالك وأبو حنيفة فيريان في لبسهما الفدية قال: أما لو فتقت السراويل وجعل منها شبه
(1) المعلم بفوائد مسلم (2/ 68).
(2)
ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 293).
(3)
الموطأ (1/ 325).
الإِزار جاز كما جاز لبس الخف إذا قطع أي من غير فدية والأصح عند الشافعية: أنه لا يكلف في ذلك لإِطلاق الخبر.
فرعان: لو تأتي الائتزار بالسراويل على هيئته فلا يجوز له لبسه قاله النووي في "شرح المهذب"(1)، ولو قدر على بيع السراويل وشراء الإِزار قال القاضي أبو الطيب: إن كان مع فعل ذلك لا تبدو عورته وجب وإلَاّ فلا، وأطلق الدارمي في الوجوب، قال في "شرح المهذب"(2) والصواب الأول.
…
(1)(7/ 266).
(2)
(7/ 670).