الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
323/ 5/ 62 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها"(1).
هذا الحديث دليل للعلماء كافةً على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين خالتها، سواء كانت عمة [و](2) خالة حقيقية وهي أخت الأب وأخت الأم، أو مجازية وهي أخت أب الأب أو أب الجد وإن علا أو أخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب وإن علت فكله بالإِجماع يحرم الجمع بينهن، وأشار إلى ذلك الشافعي في "الأم"(3) أعني إلى الإجماع، حيث قال: لا خلاف فيه.
وقالت طائفة من الخوارج والشيعة وعثمان البتي يجوز واحتجوا بقوله -تعالى-: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (4)، وهم محجوجون بهذا الخبر وغيره من الأخبار الصحيحة، بل لا يعتد
(1) البخاري أطرافه (5109)، ومسلم (1408)، والموطأ (2/ 532)، والنسائي (6/ 96، 97)، وسعيد بن منصور (654)، والبغوي (2277)، والبيهقي (7/ 165)، وأحمد (2/ 462)، وأبو داود (2066).
(2)
في هـ (أو).
(3)
الأم (5/ 5).
(4)
سورة النساء: آية 24.
بخلافهم والآية خصت بهذه الأخبار، والصحيح [الذي عليه جمهور](1) الأصوليين جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، لأنه عليه الصلاة والسلام يبين للناس ما نزل إليهم من كتاب الله، وادعى بعضهم أن هذه الأخبار متواترة (2).
تنبيهات:
أحدها: ظاهر الحديث يقتضي أنه لا فرق بين نكاحهما معًا أو مرتبًا، وقد جاء في الترمذي وأبي داود ما يصرح بالترتيب فإن فيهما بعد النهي عن الجمع بينهما لا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (3)، فإن جمع بينهما بعقد بطل عملًا بمقتضى النهي أو مرتبًا، فالثاني لأن مسمى الجمع حصل به.
ثانيهما: العلة في النهي عنه ما يقع بسبب المضارة من التباغض والتنافر فيؤدي ذلك إلى قطيعة الرحم.
قال الشيخ تقي الدين (4): وقد ورد الإِشعار بهذا التعليل.
(1) في هـ ساقطة.
(2)
انظر: الحاوي الكبير (11/ 279، 280).
(3)
ولفظه من رواية أبي هريرة: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها، ولا تنكح المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى"، أخرجه الترمذي (1126)، وأبو داود (2065)، والبيهقي (7/ 166)، وعبد الرزاق (10758)، وابن الجارود (685)، وأحمد (2/ 426).
(4)
إحكام الأحكام (4/ 189).
قلت: بل صح مصرحًا به، روى ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تزوج المرأة على العمة والخالة، وقال:"إنكن إذا فعلتن ذلك قطعتن أرحامكن"(1).
ثالثها: الجمع بينهما في الوطء بملك اليمين حرام أيضًا عند العلماء كافة، وخالفت الشيعة في ذلك ولا التفات إليهم.
رابعها: الجمع بين باقي الأقارب كبنتي العم أو بنتي الخالة أو نحوهما جوزه العلماء كافةً، وشذَّ بعض السلف في ذلك، وكأنه نظر إلى المعنى في المنع من الجمع بين الأختين من إفضائه إلى قطيعة الرحم، ويجوز الجمع بين زوجة الرجل وبنته من غيرها عند الجمهور، ومنهم مالك والشافعي وأبو حنيفة، وخالف الحسن وعكرمة وابن أبي ليلى فيه ويرده قوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (2).
خاتمة: الرواية في قوله: "لا يجمع" برفع العين على الخبر، وهو متضمن النهي أيضًا (3).
(1) ابن حبان (4116)، والطبراني (11/ 11931).
وعند الترمذي (1125)، وأبو داود (2067)، وأحمد (1/ 217، 372)، والطبراني (11/ 11805، 11930)، بدون قوله:"إنكن إذا فعلتن ذلك قطعتن أرحامكن".
(2)
سورة النساء: آية 24.
(3)
المفهم (5/ 2351)، والفتح (9/ 161).