الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
65 - باب العدة
هي اسم لمدة معدودة تتربص فيها المرأة لتعرف براءة رحمها، وذلك يحصل بالولادة أو الأقراء أو الأشهر، وذكر المصنف في آخر الباب الإِحداد لتعلقه بها، وذكر فيه أربعة أحاديث:
الحديث الأول
337/ 1/ 65 - عن سبيعة الأسلمية: "أنها كانت تحت سعد ابن خولة -وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا- فتوفي في حجة الوداع، وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح، والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال ليس ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك؟ فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي"(1).
(1) البخاري (5319)، ومسلم (1484)، وابن ماجه (2028)، وأبو داود (2306)، ومالك (2/ 33)، وأحمد (6/ 432)، والبغوي (2388)، =
قال ابن شهاب: ولا أرى بأسًا أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت في دمها، غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر (1).
الكلام عليه من وجوه:
وهو بهذه السياقة لمسلم، وزاد بعد "توفي" لفظة "عنها"، وقبل [لفظة](2)"والله" لفظة "إنك".
وفي بعض طرق البخاري (3)"إنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة" ولم يذكر قول ابن شهاب السالف، وفي رواية له (4)"فمكثت قريبًا من عشر ليال، ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال انكحي".
الأول: في التعريف براويه: هي سُبيعة -بضم السين المهملة ثم باء موحدة مفتوحة، ثم ياء مثناة تحت ساكنة، ثم عين مهملة، ثم هاء- بنت الحارث الأسلمية، لها صحبة ورواية، روت اثنا عشر حديثًا روى عنها زفر بن أوس بن الحدثان وجماعة قال أبو عمر: روى عنها فقهاء أهل المدينة وفقهاء أهل الكوفة من التابعين حديثها
= والنسائي (6/ 194، 195، 196)، والبيهقي (7/ 428)، وعبد الرزاق (1172)، والطبراني (24/ 745، 750).
(1)
مسلم (56/ 1484).
(2)
في ن هـ ساقطة.
(3)
البخاري (4909)، والفتح (8/ 653).
(4)
البخاري (5318)، والفتح (9/ 469). قال الزركشي في تصحيح العمدة: حديث سبيعة ذكره عبد الحق في أحكامه من جهة مسلم، وأنكره عليه ابن القطان في كتاب الوهم والإيهام، وقال: لم يروه مسلم، وليس كما قال ابن القطان.
هذا، وروى عنها ابن عمر حديث:"من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت فإنه لا يموت بها أحد إلَّا كنت له شهيدًا وشفيعًا يوم القيامة"(1). قال: وزعم العقيلي أن التي روى عنها ابن عمر غير الأولى، ولا يصح ذلك عندي (2).
[فائدة: سبيعة -تصغير سبعة- وهي اللبوة أي أنثى الأسد. قاله الجوهري](3).
[الوجه](4) الثاني: في التعريف بالأسماء الواقعة فيه: أما سعد بن خولة: فقد سلف واضحًا في باب الوصية.
وقوله: "وهو في بني عامر بن لؤي"، كذا هو في النسخ "في بني عامر" وهو صحيح ومعناه نسبته فيهم أي هو منهم.
(1) الطبراني في المعجم الكبير (24/ 294)، وأخبار أصفهان (2/ 103)، وذكره في مجمع الزوائد (3/ 306)، وقال: رجاله رجال الصحيح خلا عبد الله بن عكرمة، وقد ذكره ابن أبي حاتم، ورفعه عنه جماعة، ولم يتكلم فيه أحد بسوء، وذكره ابن حجر في ترجمتها في الإِصابة (10/ 103)، وتهذيب التهذيب (12/ 424)، وأسد الغابة (5/ 472).
(2)
ساق ذلك ابن حجر في ترجمتها في الإِصابة والتهذيب، ولم يتعقبه بشيء وذكر في الإصابة (10/ 104) سبيعة الأسلمية وقال: سبيعة الأسلمية: التي روى عنها ابن عمر ذكرها العقيلي وقال: هي غير بنت الحارث زوج سعد بن خولة. ورده ابن عبد البر فقال: لا يصح ذلك عندي. انظر الاستيعاب (4/ 1859).
(3)
زيادة من ن هـ.
(4)
زيادة من ن هـ.
وأما أبو السنابل (1): فهو -بفتح السين- جمع سنبلة ابن
(1) قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (4729):
قوله (فخطبها أبو السنابل) بمهملة ونون ثم موحدة جمع سنبلة، اختلف في اسمه فقيل عمرو، قاله ابن البرقي عن ابن هشام عمن يثق به عن الزهري، وقيل عامر روى عن ابن إسحاق، وقيل حبَّة بموحدة بعد المهملة، وقيل بنون وقيل لبيد ربه، وقيل أصرم، وقيل عبد الله، ووقع في بعض الشروح وقيل بغيض. قلت: وهو غلط والسبب فيه أن بعض الأئمة سئل عن اسمه فقال: بغيض يسأل عن بغيض، فظن الشارح أنه اسمه، وليس كذلك لأن في بقية الخبر اسمه لبيد ربه، وجزم العسكري بأن اسمه كنيته، وبعكك بموحدة ثم مهملة ثم كافين بوزن جعفر بن الحارث بن عميلة بن السباق بن عبد الدار، وكذا نسبه ابن إسحاق، وقيل هو ابن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق نقل ذلك عن ابن الكلبي ابن عبد البر قال: وكان من المؤلفة وسكن الكوفة، وكان شاعرًا، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: لا يعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال، لكن جزم ابن سعد أنه بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمنًا، وقال ابن منده في "الصحابة" عداده في أهل الكوفة، وكذا قال أبو نعيم أنه سكن الكوفة، وفيه نظر لأن خليفة قال: أقام بمكة حتى مات، وتبعه ابن عبد البر، ويؤيده كونه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم. قول ابن البرقي: أن أبا السنابل تزوج سبيعة بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل، ومقتضى ذلك أن يكون أبو السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه وقع في رواية عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة أنها تزوجت الشاب، وكذا في رواية داود بن أبي عاصم أنها تزوجت فتى من قومها، وتقدم أن قصتها كانت بعد حجة الوداع فيحتاج -إن كان الشاب دخل عليها ثم طلقها- إلى زمان عدة منه ثم إلى زمان الحمل حتى تضع وتلد سنابل حتى صار أبوه يكنى به أبا السنابل، وقد أفاد محمَّد بن وضاح فيما حكاه ابن بشكوال =
بعكك -بفتح الكاف- مصروف بن الحارث القرشي العبدري من مسلمة الفتح، في اسمه تسعة أقوال:
أحدها: عمرو. ثانيها: لبيد ربه. ثالثها: حبَّة -بالباء-. رابعها: حنة -بالنون-. خامسها: بعكك. سادسها: عامر. سابعها: أصرم. ثامنها: أن اسمه كنية. تاسعها: بغيض، سكن الكوفة، وهو شاعر إسلامي. قال البخاري (1): لا أعرفه أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن سعد: بقي بعده زمنًا. قال: وأمه عمرة بنت أوس ابن أبي عمرو، من بني عذرة.
وقال خليفة: أقام بمكة حتى مات. قال ابن إسحاق وهو من المؤلفة قلوبهم.
قلت: وله ولد اسمه سنابل قال ابن دريد في
= وغيره عنه أن اسم الشاب -الذي خطب سبيعة هو أبو السنابل، فآثرته على أبي السنابل- أبو البشر بن الحارث، وضبطه بكسر الموحدة وسكون المعجمة، وقد أخرج الترمذي والنسائي قصة سبيعة من رواية الأسود عند أبي السنابل بسند على شرط الشيخين إلى الأسود وهو من كبار التابعين من أصحاب ابن مسعود ولم يوصف بالتدليس فالحديث صحيح على شرط مسلم، لكن البخاري على قاعدته في اشتراط ثبوت اللقاء ولو مرة فلهذا قال ما نقله الترمذي.
وزاد أبو نصر بن ماكولا: "حية".
وقال البخاري اسمه: "عبيد".
وقيل: عُبَيدُ رَبِّهِ.
(1)
ذكره عنه الترمذي في السنن (3/ 489).
"الاشتقاق"(1) وله أخ يكنى أبا سنبلة.
فائدة: في قريش آخر يسمى أبا السنابل وهو [ابن](2) عبد الله بن عامر بن كريز كانت تحته خديجة بنت علي بن أبي طالب، وربما أشكل بهذا. قال البرقي: ولد مسلمًا أمه أم البنين.
وأما ابن شهاب: فهو منسوب إلى جد جده، وهو أبو بكر محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [. .](3) بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب القرشي الزهري المدني ثم الشامي الإِمام، اعلم الحفاظ، أخذ عن الفقهاء السبعة في جمع كثير من التابعين، وسمع أنسًا وسهل بن سعد وأبا الطفيل وغيرهم من الصحابة [قال ابن طاهر يقال إنه رأى عشرة من الصحابة] (4). قال أبو داود: حديثه ألفان ومائتان، النصف منها مسند، ومن حفظ الزهري أنه حفظ القرآن في ثمانين ليلة. وقال: ما استودعت قلبي علمًا فنسيته. قال مالك: بقي ابن شهاب وما له في الدنيا نظير. وقال غيره: كانت الدراهم والدنانير عنده بمنزلة البعر، وكان يخضب بالحناء والكتم، أدى هشام عنه سبعة آلاف دينار دينًا، وكان يؤدب ولده، ويجالسه، [ووفد](5) على عبد الملك أيضًا فأعجبه ووصله وقضى دينه، أملى على بعض ولد هشام بن عبد الملك أربعمائة حديث ثم خرج فأملاها
(1) ص (159).
(2)
هذه غير موجودة في أسد الغابة (5/ 31).
(3)
في هـ زيادة (بن شهاب بن عبد الله).
(4)
زيادة من هـ.
(5)
في هـ وقدم.
على أصحاب الحديث، ثم إن هشامًا قال له بعد شهر أو نحوه: ضاع الكتاب فأملاها وقوبل بالأول فما غادر حرفًا. قال عراك بن مالك: أعلمهم جميعًا يعني ابن المسيب وعروة وعبيد الله بن عبد الله وأعلمهم جميعًا عندي محمَّد بن شهاب، لأنه جمع علمهم إلى علمه مات سنة أربع وعشرين ومائة، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وقيل: سنة ثلاث في ناحية الشام، وقد جاوز السبعين، وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق بضيعة يقال لها "شغب بدا" بفتح السين وسكون العين المعجمتين وبباء موحدة ثم دال مهملة قيل: إنها ضيعته.
الوجه الثالث: لم يذكر المصنف مدة وضع الحمل بعد وفاة زوجها. وقد أسلفناها أيضًا "فمكثت قريبًا من عشر ليال، ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: انكحي". وفي رواية لأحمد من حديث ابن مسعود "أنها وضعت بعد وفاته بخمس عشرة ليلة. وفي رواية [له] (1) من حديث بن الأسود عن أبي السنابل "بثلاث وعشرين ليلة". وفي رواية للنسائي "قريبًا من عشرين ليلة". وفي رواية له: "لأدنى من أربعة أشهر وفي رواية للنسائي والترمذي "بثلاث وعشرين يومًا أو خمسة وعشرين". وفي الطبراني "فمكثت بعده شهرين ثم وضعت" وفي رواية له "ثمان أو سبع" وفي رواية له "ببضع وعشرين ليلة".
الوجه الرابع: كان الخاطب لها كهلًا هو أبو السنابل وشابًا
(1) في هـ ساقطة.
وهو أبو اليسر قاله ابن العطار في "شرحه"(1).
الوجه الخامس: في ألفاظه.
معنى "لم تنشب" لم تمكث.
ومعنى "تعلت من نفاسه": طهرت منه، وحكى الأصبهاني فيه لغة أخرى: تعالت [قال القرطبي (2): ويحتمل أن يكون المراد "تعلت" هنا: الاستقلال من أوجاعها](3). [وخطبة أبي السنابل لها ثابتة في "صحيح البخاري" من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن ولفظه وكان أبو السنابل فيمن خطبها وفي "مسند أحمد" (4) من حديث ابن مسعود "أنها لما أخبرته بقول أبي السنابل، قال عليه الصلاة والسلام "كذب أبو السنابل إذا أتاك أحد ترضيه فأنبئني [به](5) أو قال: فأنبئني، فأخبرها أن عدتها قد انقضت"] (6).
ومعنى "تجملت": أي تزينت.
(1) ذكر ذلك ابن حجر رحمه الله في الإصابة (10/ 103) بدون تسمية الكهل والشاب. وذكره في ترجمة أبي اليسر، الإِصابة (9/ 19)، وفي ترجمة أبي السنابل الإصابة (9/ 91)، ابن بشكوال غوامض الأسماء المبهمة (1/ 168).
(2)
المفهم (4/ 282).
(3)
هذه العبارة في الأصل بعد كلمة ابن العطار في شرحه.
(4)
مسند أحمد (1/ 447)، قال في مجمع الزوائد (5/ 2، 3) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(5)
زيادة من المسند.
(6)
ما بين القوسين في الأصل بعد قوله (وحكى الأصبهاني فيه لغة أخرى تعالت) وما أثبت يوافق هـ.
ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام في رواية أحمد "كذب" أي أخطأ وقيل: سماه كاذبًا، لأنه كان عالمًا ثم أفتى بخلافه، حكاه ابن داود من أصحابنا، وفيه بعدٌ، فإنه حلف بالله على ما أفتاها به وقيل: إنما قال لها أبو السنابل ما قال لتتربص حتى يأتي أولياؤها إذ كانوا غيبًا فيتزوجها هو إذ كان له فيها غرض، وكان رجلًا كبيرًا، فمالت إلى نكاح غيره كما جاء في حديث مالك، حكاه القاضي (1) قال: ويحتمل أنه حمل الآية على العموم، كما حملها غيره.
وقول ابن شهاب: "غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر"، معناها أن زواجها بعد الوضع صحيح، وأن وطئها حال النفاس حرام كغيرها، وهو مجمع عليه.
الوجه السادس: في فوائده:
الأولى: إن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها بوضعه ولو كان بلحظة قبل غسله، وبه قال الأئمة الأربعة والعلماء كافة إلَّا رواية عن علي وابن عباس وسحنون المالكي، أن عدتها بأقصى الأجلين، فإن تقدم وضع الحمل على تمام أربعة أشهر وعشرًا انتظرت تمامها، وإن تقدمت الأربعة أشهر والعشر على وضع الحمل انتظرت وضع الحمل، وروي عن ابن عباس الرجوع عنه، ويصحح ذلك أن أكابر أصحابه كعطاء وعكرمة وجابر بن زيد يقولون بما أسلفناه عن العلماء.
(1) إكمال إكمال المعلم (4/ 129).
وسبب هذا الخلاف: تعارض عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ. . . .} (1) الآية، مع قوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (2)، فإن كل واحد من الاثنين عام من وجه خاص من وجه، فعموم الأولى [و](3) هي المتوفى عنها، سواء كانت حاملًا أم لا؟ والثانية وهي وأولات الأحمال، سواء كانت المرأة متوفى عنها زوجها أم لا؟ فلعل هذا التعارض هو السبب لاختيار من اختار أقصى الأجلين لعدم ترجيح أحدهما على الآخر عنده، وذلك يوجب [أن](4) لا يرفع تحريم العدة السابقة إلَّا بيقين الحل، وذلك بأقصى الأجلين لكن فقهاء الأمصار اعتمدوا على هذا الحديث فإنه يخصص عموم آية الوفاة، وهو أيضًا آخر الأمر فإنه بعد حجة الوداع مع ظهور المعنى في حصول البراءة بوضع الحمل. وكان علي رضي الله عنه يرى أن آية البقرة آخر الآيتين نزولًا، وخالفه ابن مسعود وقال: من شاء لاعنته أن آية الطلاق نزلت بعدها، فهي مخصصة بعمومها، أو ناسخة له على من يرى أن التخصيص نسخٌ.
الثانية: أن المعتدة تنقضي عدتها بوضع الحمل وإن لم تطهر من النفاس، كما صرح به الزهري، وهو مقتضى قولها "فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي"، وقال الشعبي والحسن وحماد والنخعي فيما روي عنهم: لا يصح زواجها حتى تطهر من نفاسها
(1) سورة البقرة: آية 240.
(2)
سورة الطلاق: آية 4.
(3)
في هـ (وهو).
(4)
زيادة من هـ.
متعلقين بقوله: "فلما تعلت من نفاسها"، أي طهرت ، قال لها:"قد حللت فانكحي من شئت" رتب الحل على التعلي، فيكون علة له، وهو ضعيف لتصريح الرواية بأنه أفتاها بالحل بوضع الحمل، وهو أصرح من ذلك الترتيب المذكور نبه على ذلك الشيخ تقي الدين (1) ولم أرَ من خرَّج هذه الرواية بهذا اللفظ، والذي ذكره النووي في "شرحه لمسلم" (2) إنهم احتجوا بقوله:"فلما تعلت من نفاسها". ثم أجاب بأن هذا إخبار عن وقت سؤالها ولا حجة فيه، وإنما الحجة في قوله عليه الصلاة والسلام:"إنها حلت حين وضعت"، ولم يعلل بالطهر من النفاس.
الثالثة: انقضاؤها بوضعه على أي وجه كان من مضغة أو علقة أو استبان فيه الخلق أم لا؟ فإنه عليه الصلاة والسلام رتب الحل على وضعه من غير استفصال، وهو دال على العموم، وضعفه الشيخ تقي الدين (3) بأن الغالب هو الحمل التام المتخلق، ووضع المضغة والعلقة نادر، وحمل الجواب على الغالب ظاهر، وإنما تقوي تلك القاعدة حيث لا يترجح بعض الاحتمالات على بعض ويختلف الحكم باختلافها. هذا كلامه، وقد يترجح هنا الأول بالمعنى وهو أن وضع العلقة والمضغة دالة على براءة الرحم، وهو الأحوط هنا وللشافعي قول مخرج أن العدة لا تنقضي بوضع قطعة لحم، ليس فيها صورة بينة ولا خفية، وقالت القوابل: هي أصل آدمي،
(1) إحكام الأحكام (4/ 247).
(2)
شرح مسلم (9/ 109).
(3)
إحكام الأحكام (4/ 247).
والصحيح الانقضاء بها.
الرابعة: جواز تجمل المرأة للخطاب بشرط أن لا يكون فيه زور في ملبس أو خلق من وصل شعر أو تحمير وجه أو كثرة مال وغير ذلك مما يرغب في نكاحها عادة، فإنه كذب وغش.
الخامسة: أن النكاح لا يجب على المرأة لأمره عليه الصلاة والسلام لها به "إن بدا لها"، فلو كان مُحتَّمًا من جهة الشرع لم يقيده باختيارها.
السادسة: التوقف عن الأمر حتى يراجع الشرع.
السابعة: الفتيا في العلم وخروج المرأة لها ليلًا.