الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
338/ 2/ 65 - عن زينب بنت أم سلمة رضي الله عنها قالت: توفي حميمٌ لأم حبيبة فدعت بصفرةٍ فمسحته بذراعيها، وقالت: إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلَّا على زوج أربعة أشهر وعشرًا"(1).
الحميم: القرابة.
الكلام عليه من وجوه: وننبه قبلها أن السياق المذكور لمسلم.
الأول: في التعريف براويه، وقد سلف في كتاب النكاح.
وأما زينب فهي بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية ربيبة
(1) البخاري (1281)، ومسلم (1486، 1487)، وأبو داود (2299)، والنسائي (6/ 201)، والترمذي (1195، 1196)، والبغوي (2389)، والموطأ (2/ 596، 598)، وعبد الرزاق (1230)، وأحمد (6/ 324، 325)، والحميدي (306)، والدارمي (2/ 87)، والبيهقي (7/ 437، 439)، وابن الجارود (765).
النبي صلى الله عليه وسلم، وابنة أخيه من الرضاعة، لأن أباها رضع معه من ثويبة كما سلف، وهي أخت عمر بن أبي سلمة أيضًا، أمهما أم سلمة أم المؤمنين، وُلِدَت بأرض الحبشة، وكان اسمها برة، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، روى لها البخاري حديثًا، ومسلم آخر، وروى عنها الشعبي وغيره. وقال العجلي إنها مدنية تابعية ثقة. وقال ابن القطان: هي معدودة من [التابعيات](1) ماتت في ولاية طارق (2) على المدينة سنة ثلاث وسبعين، وحضر ابن عمر جنازتها، وقيل: قبل السبعين قاله البخاري. قال ابن سعد: تزوجها عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب فولدت له أولادًا، وقد كانت أسماء بنت أبي بكر أرضعتها فهي أخت أولادها من الرضاعة. قال أبو عمر: ويروي أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فنضح في وجهها. قالوا فلم يزل الشباب في وجهها حتى كبرت وعجزت، وكانت من أفقه نساء زمانها.
الوجه الثاني: بيان المبهم الواقع فيه، وهو "حميم أم حبيبة"، وقد قال ابن العطار: في "شرحه" لا أعرفه مسمى في المبهم ولا غيره.
قلت: في الصحيحين (3) عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب فدعت بطيب فيه صفرة، ثم ذكرت الحديث فاستفده.
(1) في المخطوط المبايعات، وما اثبت من المحقق عفى الله عنه.
(2)
طارق بن عمرو مولى عثمان بن عفان. انظر: تاريخ خليفة بن خياط (268).
(3)
انظر: ت (1) ص 388.
الثالث: في ألفاظه ومعانيه.
الحميم: في الأصل الماء الحار. ويقال: لخاصة الإِنسان، ومن يقرب منه حميم أيضًا، وكأنه لما كان القرب من الخمس حاملًا على حرارة الحمية والشفقة عليه سُمِّي حميمًا لمشابهة الماء الحار في المعنى، ووقع في رواية العدوي لمسلم "حميمة" بدل "حميم"، ووقع في نسخة ابن الحذاء "لأم سلمة" بدل "أم حبيبة". والصواب:"حميم" و"أم حبيبة".
و"الصُّفرة" بضم الصاد خلوق بفتح الحاء: طيب مخلوط، وإنما دعت به لتدفع صورة الإِحداد ومسحها به بذراعيها، وفي الصحيحين "بعارضيها" ولعلها مسحتها. لكون ذلك أظهر ما في بدن الإِنسان، ليكون أبلغ في ظهور العمل بالشرع في ترك الإِحداد على الميت غير الزوج.
"والذراعان" عظما المرفقين إلى الرسغ من اليدين.
"والعارضان" جانبا الوجه فوق الذقن إلى ما وراء الأذن.
وقوله: "تحد" هو بالحاء المهملة مضمومة مكسورة. قال الخطابي (1) في كتابه "تصاحيف الرواة": يروى "تحد" بالجيم والحاء وهو أجود، وبمعنى لا يختلف.
وقال غيره: رواية الجيم ليست بشيء، لأن الوجد لا يكون إلى اختيار الآدمي. وقال الترمذي في "شرح الفصيح" (2): روايته بالحاء
(1) إصلاح غلط المحدثين (65)، وهي مُضافة في الهامش.
(2)
لأبي العبّاس الترمذي، واسمه:"غريب الفصيح" يوجد مخطوط بالنور عثمانية. =
أشهر، ورواية الجيم مأخوذة من جذذت الشيء إذا قطعته، فكأنها أيضًا قد انقطعت عن الزينة، وما كانت عليه قبل ذلك.
قال أهل اللغة: والحداد والإِحداد: مشتق من الحد، وهو المنع، لأنها تمنع من الزينة والطيب، يقال: أحدت المرأة تحد إحدادًا رباعيًّا، وحدّت تَحُدُّ بضم الحاء وكسرها حِدًّا بكسرها، كذا قاله الجمهور أنه يقال: أحدت وحدت رباعيًا وثلاثيًا (1).
وقال الأصمعي: لا يقال إلَّا رباعيًّا، ويقال: امرأة حادًّا ولا يقال: حادة (2)، وكل ما يصاغ من (ح، د) كيف ما تصرف فهو راجع إلى معنى المنع. ومنه: الحداد للبواب.
والإِحداد في الشرع: ترك الطيب والزينة، ومحل الخوض في تفصيله كتب الفروع.
وفاعل "لا يحل" المصدر الذي (3) يمكن صياغته من يحد مع أَنْ. فكأنه قال: الإِحداد.
"وأربعة" منصوب على الظرف. والعامل فيه يحد. "وعشرًا" معطوف، وأنثها لأنه أراد به مدة العشر، قاله المبرد، وقيل: لأنه أراد به الأيام بلياليها، وإليه ذهب العلماء كافة، كما سيأتي.
(1) انظر: غريب الحديث (2/ 38) لأبي عبيد.
(2)
قال الصنعاني -رحمنا الله وإياه- في الحاشية (4/ 248): قد وقع في البخاري: "الكحل للحادة"، قال ابن حجر: إنه جائز وليس بخطأ. قال: ويقال: أحدت رباعي. وقال الفراء: الثلاثي أكثر في كلامهم.
(3)
في هـ زيادة (لا).
الوجه الثالث في فوائده:
الأولى: وجوب الإِحداد على المعتدة من وفاة زوجها، ولا خلاف فيه في الجملة، وإن اختلفوا في التفصيل.
الثانية: وجوبه على كل زوج، سواء كان عند الدخول أو قبله لإِطلاق قوله:"إلَّا [على] (1) زوج".
الثالثة: وجوبه على كل امرأة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، حرة أو أمة، مسلمة أو كافرة، لعموم قوله:"لامرأة"(2) وهذا مذهب
(1) في الأصل: (في) وما أثبت من ن هـ.
(2)
قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (18/ 219، 221): واختلف الفقهاء فيمن يلزمها الإِحداد من النساء على أزواجهن.
فقال مالك: الإِحداد على المسلمة والكافرة والصغيرة والكبيرة.
وهو قول أصحابه، إلَّا ابن نافع، وأشهب فإنهما قالا: لا إحداد على الكتابية.
[وقال] الحسن بن حي، والليث، وأبو ثور، كقول مالك: الإِحداد على الصغيرة والكافرة كهو على المسلمة الكبيرة جعلوه من حق الزوج وحفظ النسب كالعدة، وقالوا: تدخل الصغيرة، والكافرة [في الإِحداد]، فالمعنى كما دخلت المسلمة الكبيرة بالنص، وكما دخل الكافر في أنه لا يجوز أن يُسام على سومه، وإنما في الحديث:"لا يبع أحدكم على بيع أخيه"، و"لا يسم على سوم أخيه".
وكما يقال: هذا طريق المسلمين، وقد سلكه غيرهم.
وقال أبو حنيفة: ليس على الصغيرة، ولا على الكافرة، ولا على الأمة المسلمة الإِحداد، كهو على الحرة بالعدة.
وقال الثوري: الأمَةُ عليها ما على الحرة من ترك الزينة، وغيرها إلَّا =
الشافعي والجمهور، ولكن في دخول الصغيرة تحت لفظ المرأة نظر، فإن وجب من غير دخوله تحته فبدليل آخر.
وقال أبو حنيفة وغيره من الكوفيين وأبو ثور وبعض المالكية: لا يجب على الزوجة الكتابية لوصفها بالحديث في الإِيمان.
وأجاب الأولون: بأن هذا ليس لتقييد الحكم به، بل لتأكيده مثل قوله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)} وتقول العرب: أطعني إن كنت ابني. وأجاب النووي في "شرحه"(1) أن
= الخروج.
وقال أحمد بن حنبل: الحرة والأمة في الخروج وغيره سواء عليهما الإِحداد، وكذلك الصغيرة.
وهو قول أبي ثور، وأبي عبيد أيضًا في الصغيرة.
قال أبو عمر: حجة من قال [لا إحداد إلَّا] على مسلمة مطلقة، قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر"، فعُلم أنها عبادة. فهو للحرة والأمَة دون الكافرة والصغيرة.
والحجة عليه ما وصفنا مما ندعو به من الحديث أن الخطاب فيه توجه إلى المؤمنات، ودخلت الذمية في ذلك بحق الزوجية، لأنها في النففة [والسكنى]، والعدة كالمسلمة، وكذلك تكون في الإِحداد.
وقال أشهب: لا إحداد على الكتابية، ورواه عن مالك، وخالفه الأكثر من أصحاب مالك في ذلك.
وقال مالك وأصحابه: الإِحداد على كل زوجة متوفى عنها: حرة أو مملوكة، مسلمة أو ذمية، صغيرة أو كبيرة، والمكاتَبة، والمدبَّرة إلَّا ما ذكرنا عن ابن نافع، وأشهب). اهـ.
(1)
شرح مسلم (10/ 112).
[المؤمن هو الذي ينقاد لأحكام الشرع فلذلك](1) قيَّد به، ونقل الشيخ تقي الدين في "شرحه"(2) هذا عن بعض المتأخرين، وعنى به النووي، ثم قال: وغير هذا أقوى منه، وهو أن يكون ذكر [هذا الوصف](3) لتأكيد [التحريم](4).
وخالف أبو حنيفة في الصغيرة والزوجة الأمة [فقال](5): لا إحداد عليهما وقام الإِجماع على أنه لا إحداد على أم الولد ولا على الأمة إذا توفي عنهما سيدهما، وقد يؤخذ ذلك من الحديث من حيث إنهما ليستا بزوجتين، والحكم متعلق بالزوجية، وقام أيضًا على أنه لا إحداد على الرجعية لبقاء أحكام النكاح فيها.
واختلفوا في المطلقة ثلاثًا على قولين (6):
(1) زيادة من ن هـ.
(2)
إحكام الأحكام (4/ 250).
(3)
زيادة من المرجع السابق.
(4)
زيادة من المرجع السابق.
(5)
في هـ (وقال).
(6)
قال ابن عبد البر -رحمنا الله وإياه- في الاستذكار (18/ 221، 222): وأجمع مالك وأصحابه ألا إحداد على المطلقة.
وهو قول ربيعة، وعطاء.
والحجة لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت إلا على زوج".
فأخبر أن الإِحداد هو على المتوفى، والمطلق حي، فلا إحداد على امرأته.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، والحسن بن حي: الإِحداد على =
أحدهما: لا إحداد عليها لظاهر الحديث، فإن قوله "إلَّا على زوج" إيجاب بعد نفي فيقتضي حصر الإِحداد على المتوفى عنها زوجها، فلا تدخل المطلقة فيه من جهة لفظه بوجه. وبه قال عطاء وربيعة ومالك والليث وابن المنذر، وهو أصح قولي الشافعي.
وثانيهما: نعم وبه قال الحكم وأبو حنيفة والكوفيون وأبو ثور وأبو عبيدة قياسًا على المتوفى عنها.
وحكى القاضي عياض (1) قولًا شاذًا غريبًا عن الحسن البصري (2) أنه لا يجب الإِحداد على المطلقة، ولا على المتوفى
= المطلقة واجب، وهي والمتوفى عنها في ذلك سواء، لأنهما جميعًا في عدة يحفظ بها النسب.
وهو قول سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وابن سيرين.
والحكم بن عيينة أوكد وأشد على المتوفى عنها زوجها.
وبه قال أبو ثور وأبو عبيد.
وقال الشافعي: أُحبُّ للمطلقة المبتوتة: الإِحداد، وأن لا يتبين لي أن أوجبه عليها.
قال أبو عمر: ليس في الحديث إلَّا قوله: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحد على ميت"، وليس فيه: لا يحل لها أن تحد على حيّ.
(1)
إكمال إكمال المعلم (4/ 131).
(2)
دليل الحسن البصري كما ذكره ابن العربي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 181) عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر بن أبي طالب قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسلبي -أي البسي السواد- ثلاثًا ثم اصنعي ما شئتِ". خرجه أحمد (6/ 438)، ولهذا كان يقول: "المطلقة ثلاثًا =
عنها. قال القاضي واستفيد وجوب الإِحداد على المتوفى عنها من اتفاق العلماء على حمل هذا الحديث على ذلك، مع أنه ليس في لفظه ما يدل على الوجوب أي فإن قوله:"على زوج" مستثنى من قوله: "لا يحل" وظاهره لا يقتضي إلَّا الجواز، ولكن اتفقوا على حمله على الوجوب عليه قوله عليه الصلاة والسلام في حديث أم عطية (1) وأم سلمة (2) في الكحل والطيب واللباس، ومنعها منه أي وأنه استثنى الواجب من الحرام.
فرع: امرأة المفقود تحد عند مالك خلافًا لابن الماجشون، حكاه ابن عبد البر.
ولا إحداد على من تبين بعد الموت فساد نكاحها، كما قاله
= أو المتوفى عنها زوجها تكتحلان وتمتشطان، وتتطيبان، وتختضبان وتصنعان ما شاءتا".
(1)
ولفظه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحدّ على ميت فوق ثلاث إلَّا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا، لا تكتحل، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلَّا ثوب عصب ولا تمس طيبًا إلا عند أدنى طهرها إذا اغتسلت من محيضها، نُبذة قسطٍ وأظفار". أخرجه البخاري (313)، ومسلم (1128)، وابن ماجه (2087)، وأبو داود (2302، 2303)، والنسائي (6/ 202، 203)، والبيهقي (7/ 439)، والدارمي (2/ 167، 168)، وأحمد (5/ 85)(6/ 408).
(2)
ولفظه عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل". أخرجه أبو داود (2304)، والنسائي (6/ 203، 204)، والبيهقي (7/ 440)، وأحمد (6/ 302).
ابن القاسم في "المدونة".
تنبيه: ادعى الشافعى رحمه الله أن عموم "لا يحل لامرأة" دال على تحريم الإِحداد على الأمة والموطوءة بشبهة، وفيه نظر بالنسبة إلى الموطوءة بشبهة، فإن الموت لا يؤثر في [عدتها](1).
وقد يجاب: بأن [ترضى](2)[المسلمة](3) في عدتها عن مستفرشها بشبهة إذا مات (4).
فائدة: الحكمة في شرعية الإِحداد في عدة الوفاة دون الطلاق: أن الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح ويوقعان فيه، فنهيت عنه، ليكون الامتناع من ذلك زاجرًا عن النكاح، لكون الزوج ميتًا لا يمنع معتدته عن النكاح، ولا يراعيه ناكحها، ولا يخاف منه بخلاف المطلق الحي، فإنه يستغنى بوجوده، عن زاجر آخر، ولهذه العلة وجبت العدة على كل متوفى عنها، وإن لم يكن مدخولًا بها بخلاف الطلاق فاستظهر للميت بوجوب العدة، وجعلت أربعة أشهر وعشرًا، لأن الأربعة أشهر فيها تنفخ الروح في الولد إن كان والعشر احتياط، وفي هذه المدة يتحرك الولد في البطن ولم يوكل ذلك إلى أمانة النساء، ويجعل بالأقراء كالطلاق كما ذكرناه من الاحتياط للميت، وهذا سر لطيف ولما كانت الصغيرة من الزوجات نادرة ألحقت
(1) في الأصل عدمها وما أثبت من هـ.
(2)
في هـ[فرض].
(3)
في هـ المسئلة.
(4)
الكلام كأنه لم يتم.
بالغالب في حكم وجوب العدة والإِحداد حسمًا [للباب](1).
الرابعة: أن مدة عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها، وبهذا قال العلماء كافة، وحُكي عن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي أنها أربعة أشهر وعشرة ليال، وأنها تحل في اليوم العاشر.
وعند الجمهور حتى تدخل ليلة الحادي عشر. ثم التقييد بالمدة المذكورة خرج على غالب المعتدات أنهن يعتددن بالأشهر.
أما الحامل: فعدتها بالحمل، ويلزمها الإِحداد في جميع العدة حتى تضع، قصرت المدة أو طالت.
وعن بعضهم: أنه لا إحداد عليها بعد أربعة أشهر وعشرة، وإن لم تضع الحمل.
الخامسة: جواز الإحداد على غير الزوج ثلاثة فما دونها، ومنعه فيما زاد، وادعى ابن العطار أن التقييد بما فوق الثلاث ليس فيه الإِذن في الثلاث وما دونها، وإنما هو تقييد خرج مخرج العادة للنفوس، وعليه طبعها كما جعل في الهجرة بين المسلمين (2) فوق ثلاث، لكن مفهومه الإِباحة في الثلاث، لأجل حظ النفس ومراعاتها ، ولهذا دعت أم حبيبة بالخلوق، وتمسحت به، لعلمها بأن
(1) في الأصل: "للبواب"، وما أثبت من ن هـ.
(2)
إشارة إلى الحديث الصحيح لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. الحديث.
الشارع لم يأذن في الإِحداد على غير الزوج مطلقًا، من غير أن تفعل ذلك بعد الثلاث، حيث علمت أن التقييد بالثلاث. إنما هو مراعاة للعادة في حظ [النفس](1) لا لأجل الأذن في الثلاث وفيما ذكره نظر لا يخفى، وادعى أيضًا القرطبي في "شرحه" (2) أنه يستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام:"فوق ثلاث" أن المرأة إذا مات حميمها، فلها أن تمتنع من الزينة ثلاث ليال متتابعة، تبدأ بالعدد من الليلة التي تستقبلها إلى آخر ثالثها فإن مات حميمها في بقية يوم أو ليلة ألغتها، وحسبت من الليلة المستأنفة. قال: فإنه عليه الصلاة والسلام عني بقوله: "فوق ثلاث" الليالي، ولذلك أنَّث العدد.
(1) في هـ (النفوس).
(2)
المفهم (5/ 2589).