المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌66 - باب اللعان - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٨

[ابن الملقن]

الفصل: ‌66 - باب اللعان

‌66 - باب اللعان

(1)

وهو الملاعنة والتلاعن: ملاعنة الرجل امرأته. يقال: تلاعنا، [و](2) التعنا، ولاعن القاضي بينهما.

وسمى لعانًا لقول الزوج: و [علىَّ](3) لعنة الله إن كنت من الكاذبين. وإنما اختير لفظ اللعن علي الغضب، وإن كانا موجودين في الآية الكريمة، وفي صورة اللعان لتقدمه في الآية عليه، ولأن جانب الرجل فيه أقوى من جانبها لأنه قادر على الابتداء باللعان دونها ولأنه قد ينفك لعانه عن لعانها، ولا ينعكس.

وخصت بلفظ الغضب لعظم الذنب بالنسبة إليها على تقدير وقوعه لما فيه من تلويث الفراش والتعرض لإِلحاق من ليس من الزوج به، وذلك أمر عظيم، يترتب عليه مفاسد كثيرة: كانتشار المحرمية، وثبوت الولاية على الإِناث، واستحقاق الأموال بالتوارث. فاختصت به لأنه أشد من اللعنة.

(1) هو شهادات، مؤكدات بأيمان، من الجانبين مقرونة بلعن أو غضب.

(2)

في هـ ساقطة.

(3)

في هـ ساقطة.

ص: 419

وقيل: سُمِّي لعانًا من اللعن، وهو الطرد والإِبعاد، ولأن كلًّا منهما يبعد عن صاحبه، ويحرم النكاح بينهما على التأبيد، بخلاف المطلق وغيره.

واللعان: عند جمهور أصحابنا يمين.

وقيل: شهادة.

وقيل: يمين [فيها](1) ثبوت شهادة. وقيل: عكسه (2).

(1) في هـ ساقطة.

(2)

قال البخاري رحمه الله في صحيحه، باب: إحلاف الملاعن. وساق فيه حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: "أن رجلًا من الأنصار قذف امرأته فأحلفهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثم فرّق بينهما".

قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (9/ 444):

قوله: (باب إحلاف الملاعن): ذكر فيه حديث ابن عمر من رواية جويرية بن أسماء عن نافع مختصرًا بلفظ: "فأحلفهما" وكذا سيأتي بعد ستة أبواب من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع، وتقدم في تفسير النور من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر بلفظ:"لاعن بين رجل وامرأة"، والمراد بالإحلاف هنا النطق بكلمات اللعان، وقد تمسك به من قال أن اللعان يمين، وهو قول مالك والشافعي والجمهور، وقال أبو حنيفة: اللعان شهادة وهو وجه للشافعية، وقيل: شهادة فيها شائبة اليمين، وقيل بالعكس، ومن ثم قال بعض العلماء: ليس بيمين ولا شهادة، وانبنى على الخلاف أن اللعان يشرع بين كل زوجين مسلمين أو كافرين حرين أو عبدين عدلين أو فاسقين بناء على أنه يمين، فمن صح يمينه صح لعانه، وقيل: لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين، لأن اللعان شهادة ولا يصح من محدود في قذف. وهذا الحديث حجة للأولين =

ص: 420

قال العلماء: وليس من الأيمان شيء متعدد إلا اللعان والقسامة، ولا يمين في جانب المدعي إلَّا فيهما.

والحكمة في مشروعيته: حفظ الأنساب، ودفع المعرفة عن الأزواج. وأجمع العلماء على صحته في الجملة.

وذكر المصنف في الباب ثمانية أحاديث، وذكر في آخره اللحوق بالنسب، والإِلحاق به، والقيافة، وحكم العزل لتعلقه به.

= لتسوية الراوي بين لاعن وحلف، ويؤيده أن اليمين ما دل على حث أو منع أو تحقيق خبر وهو هنا كذلك، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق حديث ابن عباس:"فقال له: احلف بالله الذي لا إله إلَّا هو أني لصادق، يقول ذلك أربع مرات". أخرجه الحاكم والبيهقي من رواية جرير بن حازم عن أيوب، عن عكرمة، عنه، وسيأتي قريبًا:"لولا الأيمان لكان لي ولها شأن"، واعتل بعض الحنفية بأنها لو كانت يمينًا لما تكررت، وأجيب بأنها خرجت عن القياس تغليظًا لحرمة الفروج كما خرجت القسامة لحرمة الأنفس، وبأنها لو كانت شهادة لم تكرر أيضًا. والذي تحرر لي أنها من حيث الجزم بنفي الكذب وإثبات الصدق يمين، لكن أطلق عليها شهادة لاشتراط أن لا يكتفى في ذلك بالظن بل لابد من وجود علم كل منهما بالأمرين علمًا يصح معه أن يشهد به، ويؤيد كونها يمينًا أن الشخص لو قال أشهد بالله لقد كان كذا لعد حالفًا. وقد قال القفال في "محاسن الشريعة": كررت أيمان اللعان لأنها أقيمت مقام أربع شهود في غيره ليقام عليها الحد، ومن ثم سميت شهادات؟

ص: 421