الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الضَّعَفَةِ، والله تعالى أعلم (1).
*
الوجه الثاني: في الإيراد على الوجه:
روى مسلمٌ من حديث عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعايةُ الإبلِ، فجاءت نوبتي، فروَّحْتُها بعشِيٍّ، فأدركْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدِّثُ الناس، فأدركْتُ مِنْ قوله:"ما مِنْ مُسلمٍ يتوضَّأُ، فيُحْسِنُ وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مُقبلٌ عليهما بقلبه ووجهِهِ، إلا وجبَتْ له الجنة"، قال: فقلتُ: ما أجودَ هذه! فإذا قائلٌ بينَ يديَّ يقول: التي قَبْلها أجودُ، فنظرتُ فإذا عمرُ، قال: إني قد رأيتك جئتَ آنفًا، قال:"ما مِنْكُمْ مِنْ أحدٍ يتوضَّأ، فيُبلغُ، أو فيُسْبغ الوضوءَ، ثُمَّ يقولُ: أشهدُ أنْ لا إله إلا الله [وحدَهُ لا شريكَ له] (2)، وأنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُهُ، إلا فُتِحَتْ له أبوابُ الجَنَّةِ الثمانيةُ، يَدْخُلُ من أيِّها شاء".
(1) * مصادر الترجمة:
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (3/ 265)، "حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/ 38)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1144)، "تاريخ دمشق" لابن عساكر (44/ 3)، "صفة الصفوة"(1/ 268)، "المنتظم" كلاهما لابن الجوزي (4/ 131)، "أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 137)، "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي 21/ 324)، "تهذيب الكمال" للمزي (21/ 316)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7/ 133)، "الإصابة في تمييز الصحابة"(4/ 588)، "تهذيب التهذيب" كلاهما لابن حجر (7/ 385).
(2)
ما بين معكوفتين ليس في المطبوع من "صحيح مسلم".
والحديثُ في الجملة عند الترمذي، والنسائي، من رواية زيد بن حباب، عن معاويةَ بن صالحٍ بسنده، وفي لفظ الإسناد عند مسلم إشكالٌ، ينبّه عليه أهلُ الحديث؛ وهو مما تَكَلَّمَ عليه أبو علي الجَيَّاني، وذلك أنَّ مسلمًا أخرجه عن محمد بن حاتم بن ميمون، عن عبد الرحمن بن مهدي، ثنا معاويةُ بن صالحٍ، عن ربيعةَ؛ يعني: ابنَ يزيد، عن أبي إدريس الخَولانيّ، عن عقبةَ بن عامرٍ.
قال: وحدثني أبو عثمان، عن جُبَيْر بن نُفَيْر، هكذا وقع، قال أبو عثمان من غير إيضاح بقائله، فقيل: القائلُ ربيعةُ بن يزيد، وأنه وقع مبينًا في رواية قال ربيعة: وحدثني أبو عثمان، قيل: وما بعده يصححه في الحديث الآخر.
وقال آخر: وهذا وَهْمٌ، والصوابُ: أنَّ قائل ذلك معاوية بن صالح (1).
وعلى كل حال فلا تَضُرُّ جهالةُ قائله في الحكم بتصحيحِهِ، بعد كونِ كلِّ واحدٍ من الرجلين اللَّذينِ تردد القول بينهما ثقةً.
وأما الرواية الذي ذُكِرَ أن فيها: "أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له" فإن مسلمًا أخرجَها من حديثِ زيد بن الحباب، ثنا معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، وأبي عثمان، عن جُبير بن نفير بن مالكٍ الحَضْرمي، عن عقبةَ بن عامرٍ الجُهَنِيّ، ولم يَسُقْهُ بتمامِ لفظِهِ، وقال: إنَّ رسول الله قالَ، فذكر مثلَه،
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي (3/ 119).
غير أنه قال: "مَنْ توضأَ فقال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُه"، لم يزِدْ على هذا.
ورواه أبو نعيم الحافظ من طريق معاوية بن صالح، عن أبي عثمانَ، عن جُبير بن نُفير، عن عقبة بن عامر، قال: كنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُدَّام أنفُسِنِا، نتناوبُ على الرّعايةِ؛ رعايةِ إبِلِنا، فكنتُ على رعايةِ الإبلِ، فروَّحْتُها بعشيٍ، قال: فذكر نحوَه، ولم يسُقْه بتمامه أيضًا.
قال: وقال معاويةُ: حدثني ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، نحوه (1).
فمسلمٌ، وأبو نُعيم [لم](2) يذكرا الحديثَ بتمامِهِ، وهو عندَ الحافظ أبي عَوَانة الإسِّفراييني في "مسنده" بتمامه على الوجه، فاحتجْنا إلى إيراده من جهته: ثنا بَحْرُ بن نَضْر، ثنا ابن وَهْب قال: سمعتُ معاويةَ بن صالح يحدِّثُ عن أبي عثمان النهدي، عن جُبَيْرِ بن نُفير، عن عقبة بن عامر: أنه قال: كنَّا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم خُدَّام أنفسِنا، نتناوبُ رعايةَ إبلِنا، فروحتها بعشي، فأدركتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يخطبُ الناسَ، فسمعته يقول:"ما [مِنْكُم] (3) أحدٌ يتوضأُ، فيُحْسِنُ الوضوءَ، ثم يقومُ فيركَعُ ركعتين، يُقْبِل عليهما بقلبِهِ وبوَجْهِهِ، فقد أَوْجَبَ"، فقلت: بخٍ بخٍ، ما أجودَ هذه! فقال رجلٌ بين يديّ: التي قبلها أجودُ،
(1) انظر: "المسند المستخرج على صحيح مسلم" لأبي نعيم (1/ 298).
(2)
زيادة من "ت".
(3)
زيادة من "ت".