الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: أن يكون ظرفاً، أي: وقتاً مؤتَنِفاً.
والثاني: أن يكون حالاً من الضمير في (جئت)؛ أي: مؤتنفاً.
التاسعة:
"وحدَه" قال الجوهريُّ رحمه الله: الوحدةُ: الانفرادُ، تقول: رأيتُه وحدَهُ، وهو منصوبٌ عندَ أهلِ الكوفة على الظَّرفِ، وعندَ أهلِ البصرةِ على المَصْدرِ في موضع حال، كأنَّك قلت: أوحدْتُه برؤيتي إيحاداً، أي لم أرَ (1) غيَره، ثم وَضَعْتَ (وحده) في هذا الموضع.
وقال أبو العباس: يَحْتَمِل أيضاً وجهاً آخر، وهو أن يكونَ الرجلُ في نفسه منفرداً، أو كأنّك قلتَ: رأيتُ رجلاً منفرداً انفراداً، ثمَّ وضعت (وحده) في موضعه.
ولا يضافُ إلا في قولهم: فلانٌ نسِيْجُ وَحْدِهِ، وهو مَدْحٌ، وجُحَيْشُ (2) وحدِهِ، وعُيَيْرُ (3) وَحْدِهِ، وهما ذَمٌّ. كأنَّك قلتَ: نسيجُ إفرادٍ، فلما وضعت (وحده) موضعَ مَصْدَرٍ مجرورٍ جررتَه.
وربما قالوا: رُجَيلُ وحدِهِ (4).
وقال أبو الحسن بن عصفورٍ النحويُّ (5): اختلفوا فيه؛ فمنهم مَنْ زعم: أنه انتصبَ انتصابَ الظروفِ، وهو يونس، ويقول: إنَّك إذا
(1) في الأصل: "في "، والمثبت من "ت".
(2)
في الأصل: "نحس"، والصواب ما أثبت.
(3)
في الأصل و "ت": "عصير"، والصواب ما أثبت.
(4)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 547 - 548).
(5)
انظر: "شرح الجمل " له (2/ 162).
قلت: زيدٌ وَحْدَهُ، فالمعنى: جاء زيدٌ على حيادة، فكأن الأصلَ: جاء زيد على وَحْدةٍ، ثم حُذف حرفُ الجَرِّ، ونُصِبَ [كما](1) يُعمَلُ بالمفعولِ إذا حُذِفَ منهُ حرفُ الجَرِّ، وحُكِيَ من كلام العرب: جَلَسا على وحدَيْهِمَا.
ومنهم من قال: إنَّه مصدرٌ موضوعٌ موضعَ الحالِ، والقائلون بهذا:
منهم مَنْ يقول: إنّه مصدرٌ لمْ يُلْفَظ له بالفعل مثل: الأبوَّة، والأخوَّة، والعمومَة، ويَحْتَجُّ الأول بأنْ يقولَ: قد وجدنا مصدرَ (أفْعَلَ)، يأتي على وزن مصدر (فَعَل)، ويأتي مصدر (تَفَعَّل) على وزن مصدر (فَعَّل)، مثال الأول:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17]، فنبات مصدر أَنْبَتَ، لكنَّه على تَوَهُّمِ حَذْفِ حرفِ الزيادة، وذلك أن (أَفْعَلَ) لا يأتي مصدرُه إلا إِفْعالاً، فجاء مصدرُ أنبت على نَبَاتٍ على توهُّمِ حذفِ حرفِ الزيادة، ومصدر تَفَعَّل تَفَعُّلاً، نحو تَكَرَّم تكرُّماً، وقال تعالى:{وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]، وتبتيلٌ إنَّما هو مصدرُ بَتَّلَ، فجاء على حَذْفِ حرفِ الزيادة، وكذلك (وحده).
ومنهم من قال: إنَّه اسمٌ موضوع [موضعَ](2) المصدرِ الموضوعِ موضعَ الفعل؛ أعني: فعلَ الحالِ، وهو الأصح.
(1) زيادة من "ت".
(2)
زيادة من "ت".
وأمَّا مَنْ قال: إنَّه ظرفٌ، فباطلٌ؛ لأنَّ حذفَ [حرف](1) الجر لا يجوز بقياس، ومهما أمْكَنَ أنْ يخرج عن حذف [حرف](2) الجرِّ، فهو أحسن.
وأما من قال: إنه مصدرٌ موضوعٌ موضعَ الحالِ على توهُّمِ حذفِ الزيادة، أو مصدرٌ لا فِعْلَ له، فباطلٌ أيضاٌ؛ لأنَّ هذه المصادرَ الموضوعةَ موضعَ الأحوال تَتصرَّفُ، وهذا لا يتصرّفُ، فدلَّ على بُطلانِ مذهبِهم.
فلم يبق إلا ما ذهبَ إليه سيبويهِ؛ مِنْ أنَّه اسمٌ موضوعٌ موضعَ المصدرِ الموضوعِ موضعَ الحال، فـ (وحده) عندَ سيبويهِ موضعَ (3)(اتحاد) الموضوع موضع (موحد)، وإذا قلتَ: ضربتُ زيداً وَحْدَه، ففيه خلاف:
ومذهب سيبويه: أنَّه حالٌ من الفاعلِ، كأنه [إذا] (4) قال: ضربْتُ زيداً وحده، قال: مُفْرِدًا له بالضَّرب (5).
والمبرِّدُ يقول: إنهُ يجوز أن يكون حالاً من المفعول، فإذا قلتَ: ضربتُ زيداً وَحْدَه، فمعناه: ضربت زيداً في حالِ أنه مُفْرَدٌ بالضَّربِ (6).
(1) زيادة من "ت".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
في الأصل: "موضوع"، والمثبت من "ت".
(4)
زيادة من "ت".
(5)
انظر: "الكتاب" لسيبويه (1/ 374).
(6)
انظر: "المقتضب" للمبرد (3/ 239).