الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى رواية ابنِ جبرٍ، عن أنس، والبخاريُّ أخرجه عن أبي نعيم، ومسلم عن قتيبة، عنَ وكِيع، كلاهما عن مِسْعَر، عن ابن جبر، [ورواه شعبة، عن عبد الله بن جبر](1)، ومن طريقه أخرجه مسلم، والنَّسائيُّ، ورواه عبد الله ابن عيسى، عن عبد الله بن جبر، ومن طريقه أخرجه أبو داود.
وفي الألفاظ اختلافٌ، فلذلك صُرِّحَ بأنَّ اللفظَ لمسلمٍ، يعني: من بعضِ الوجوه، التي هي رواية مسعر.
* * *
*
الوجه الثَّاني: في شيء من مفردات ألفاظه:
[الأولى]:
الصاع: يُطْلق على المكيال الذي يُكال به، وهو المراد ها هنا، رأيتُ التّمر يُصاع؛ أي: يُكال بالصَّاع، ويطلق على المطمَئِنِّ من الأرض، قال المسيَّب بن عَلَس، بفتح العين المهملة واللام معاً وآخرُه سِيْن مهملة [من الكامل]:
مَرَحَتْ يداها للنَّجاءِ كأَنَّما
…
تَكْرُو بِكَفَّي لاعِبٍ في صَاعِ
يقال: كروتُ بالكرة أكرو بها كَرْواً: إذا لعبتُ، وضربْتُ بها.
والصَّاعُ بمعنى المطمئِنِّ من الأرض، وإن ذكر في سياقة المجاز عن هذه المادة، فلعلَّ الأقربَ: أنه مُشْتَرَك لخفاءِ العلاقةِ، وعدمِ مبادرة الذِّهنِ إليها، ويطلق الصَّاعُ - أيضاً - على وجه آخر، [يقال:
(1) زيادة يقتضيها السياق، وقد سقطت من الأصل و "ت".
ضرَبه في صَاع صَدْرهِ، وصاعٌ خوجِيَّةٌ، وسيق ذلك في المجاز] (1)، وهذا قريب؛ لأنَّ الصَّدْرَ جامعٌ، حاوٍ لما تحته، كجَمْعِ الصَّاع؛ أي: لما يحويه، فالعلاقة الاحتواءُ والجمعُ.
وربما عُدَّ - أيضًا - في المجاز (2) قولهم: الرَّاعي يصوعُ إبلَه، والكَمِيُّ يصوعُ أَقْرانه، والتَّيس يصوع المَعْز، قال الشاعر [من الوافر]:
يَصُوْعُ عنوقَها أحوى زنيمٌ
…
له ظَأَبٌ كَمَا صَخِبَ الغَرِيمُ (3)
ولعلَّ العلاقة في هذا الحوز والجمع من النواحي.
وما يقرب من هذه المادة: صوَّعَ الطارقُ موضعًا للطُّروق: هيَّأه وسوَّاه.
ويمكن أن تكون العلاقةُ التسويةَ؛ فإن الصَّاعَ يسوِّي المكيلةَ، وأمَّا التَّصَوُّع: بمعنى التفرق، يقول ذي الرُّمة [من الطَّويل]:
عَسفْتُ اعْتِسافاً دونَها كلُّ مُذْهلٍ
…
تظلُّ بها الآجالُ عنِّي تَصَوَّع (4)
أي: تَفَرَّقُ، وكذلك انصاع: بمعنى انفتلَ راجعاً، ومرَّ مسرعاً، تقول: صِعْتُ الشيء فانصاعَ؛ أي: فرَّقْتُه فتفرَّقَ، ففي ردِّ هذا إلى
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "وربما محمد في المجاز أيضاً".
(3)
البيت لأوس بن حجر، كما نسبه إليه ابن سيده في "المحكم"(2/ 301)، والأزهري في "تهذيب اللغة"(1/ 169)، وابن منظور في "لسان العرب"(1/ 568).
(4)
انظر: "ديوانه"(1/ 352).