الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث المُوْفيَ عِشرين
وروى أبو داود من حديث خالد بن مَعْدانَ، عن بعض أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا، وفي ظَهْرِ قَدَمِهِ لَمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرهم، لم يُصِبْها الماءُ، فأمرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعيدَ الوضوءَ والصلاةَ.
وفي إسناده بَقِيَّة، يرويه عن بَحيِر بن سعد.
وفي "المسند" عن أحمد أنه قال (1): ثنا بَحِيْر (2). قال الأثرم:
(1) في بعض نسخ "الإلمام": "يعني بقية، وقد وثقه جماعة، وقد زالت تهمة تدليسه بقوله: حدثنا". كذا ذكره ابن عبد الهادي على هامش نسخته الخطية (ق 7/ ب)، وانظر: المطبوع من "الإلمام"(1/ 74).
(2)
* تخريج الحديث:
رواه أبو داود (175)، كتاب: الطهارة، باب: تفريق الوضوء، والإمام أحمد في "المسند"(3/ 424)، كلاهما من حديث بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، به.
قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(1/ 130) بعد أن ذكر كلام الإمام أحمد في تجويد إسناد هذا الحديث: وقد احتج به الإمام أحمد أيضاً في رواية غير واحد من أصحابه، وتكلم فيه البيهقي وابن حزم وغيرهما بغير مستند قوي.
قلت لأحمد: هذا إسناد جيد؟ قال: نعم.
الكلام عليه من وجوه:
* * *
* الأول: في التعريف:
فنقول: بَحِير - بفتح ثاني الحروف، وكسر سادسها، وقبل الراء المهملة ياء - ابن سعد أبو خالد السُّحولي (1)، ويقال: الكُلاعي، ويقال: الحزازي الحِمْصي، روى عن أبي عبد الله خالد بن معدان الكُلاعي، روى عنه عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعيّ، ومعاوية بن صالح الحَضْرمي، وإسماعيلُ بن عيَّاش، ومحمد بن حمير، وبقيَّةُ بن الوليد، وأبو مطيعٍ معاويةُ بن يَحْيَى الإطرابُلُسي.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: بحير بن سعد صالح الحديث.
قال الأوْنَبِي: أخرج له أبو داود، والترمذي، وهو ثقة، قاله ابن صالح، والنسوي.
وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله - يعني: أحمدَ بن حنبل -: أيُّما أصحُّ حديثاً عن خالد بن معدان؛ ثور، أو بحير بن سعد؟ قال: بحير، فقدَّم بحيراً.
(1) في الأصل و "ت": "السحوري"، والصواب ما أثبت. قال المزي: والسحول آخر الخبائر، وهو بطن من ذي الكلاع من حمير.
وقال محمد بن عوف الطَّائي: قال أحمد بن حنبل: ليس بالشام أثبت من حُرَيْز، إلَّا أن يكون بحيراً، انتهى (1).
وأمَّا بَقِيَّة: - بفتح الموحدة وكسر القاف -، فهو أبو يُحْمِد - بضم الياء آخر الحروف (2)، وسكون الحاء المهملة، وكسر الميم، وآخره دال مهملة - بقية بن الوليد بن صائد بن كعب بن حُرَيْز، الكلاعي الشَّاميُّ الحمصي.
روى عن أبي خالد بحير بن سعد الحزازي الحمصي، وأبي سفيان محمد بن زياد الأَلْهاني الحمصي، وأبي عبد الله ثابت بن عَجلان الأنصاري السلمي الحمصي.
روى عنه: شعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وعبد الله بن المبارك، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن يَحْيَى البرلسي المصري، وإبراهيم بن موسى الفرَّاء، وهشامُ بن عمَّار الدمشقيّ، وحَيْوَةُ بن شُرَيح بن يزيد الحَضْرمي الحِمْصي، وأبو سليمان يَحْيَى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينارٍ الحمصي، وأبو حَفْص عمر بن سعيد بن
(1) * مصادر الترجمة:
"التاريخ الكبير" للبخاري (2/ 137)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 412)، "الثقات" لابن حبان (6/ 115)، "تهذيب الكمال" للمزي (4/ 20)، "تذكرة الحفَّاظ"(1/ 175)، "الكاشف" كلاهما للذهبي (1/ 264)، "تهذيب التهذيب" لابن حجر (1/ 368).
(2)
قال ابن ماكولا في "الإكمال"(7/ 327): وأصحاب الحديث يقولون بفتح الياء.
مسروقٍ الحمصي، وأبو عثمان سعيد بن عمرو بن سعيد السُّكوني الحمصي، فيما ذكر الأَوْنبَي.
قلت: اختلفت الأقوال فيه، فمنهم من وثقه، وأطلق القول بذلك.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زُرعة يقول: بقية أحبُّ إليَّ من إسماعيل بن عيَّاش، ما لبقيةَ عيبٌ إلَّا كثرةَ روايتِهِ عن المجهولين، فأمَّا الصدقُ فلا يؤتى من الصِّدقِ، وإذا حدَّث عن الثقات فهو ثقة (1).
وقال ابن صالح: بقية بن الوليد الحمصي، ثقةٌ ما روى عن المعروفين، وما روى عن المجهولين، فليس بشيء (2).
وذكر عثمان الدَّارميُّ: أنه سأل يَحْيَى من معين قال: قلت: فبقية كيف حديثه؟ قال: ثقةٌ، قلت: هو أحبُّ إليك، أو ابنُ حرب؟ فقال: ثقة، وثقة (3).
قلت: وقد أخرج مسلم لبقيةَ في المتابعة، وذكر الصُّوفي قال: ثنا سعيد بن عثمان قال: سألت محمد بن عبد الله بن السُّكَّرى عن بقية بن الوليد، فقال: حمصيٌّ، ثقة، يُحدِّث عن الضعفاء، فما حدث عن الثقات فهو صحيح.
ومنهم من شَجَّع القول فيه: فعن أبي مُسْهِر الغَسَّاني أنه قال:
(1) انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 435).
(2)
انظر: "معرفة الثقات" للعجلي (1/ 250).
(3)
انظر: "تاريخ ابن معين - رواية عثمان الدارمي"(ص: 79).
بقية ليست أحاديثه نقيَّة، فكن منها على تقيَّة (1).
وعن سفيان بن عيينة: لا تسمعوا من بقية ما كان من سُنَّة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره (2).
ومنهم من فَصَّل القول، وبيَّن ما عابه به: ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سُئل أبي عن بقية، وإسماعيلِ بن عَيَّاشٍ، فقال: بقية أحبُّ إلي، فإذا حدَّث عن قوم ليسوا بمعروفين، فلا، يعني: لا تقبلوه (3).
وقال ابن أبي خَيْثَمة: سئل يَحْيَى بن معين عن بقية بن الوليدِ، فقال: إذا حدَّث عن الثقات مثلِ صفوانَ وغيره، فأمَّا إذا حدث عن أولئك المجهولين، فلا، وإذا كنَّى، ولم يسمّ اسمَ الرجل، فليس يساوي شيئًا، فقيل ليحيى: أيهما أثبت؛ بقية، أو إسماعيل بن عياش؟ قال: كلاهما صالحان (4).
وعن ابن المبارك: إذا اجتمع بقية وإسماعيل بن عياش في الحديث، فبقية أحبُّ إليَّ (5).
(1) رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 435)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(2/ 72)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(7/ 124).
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 435)، ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 339).
(3)
رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 435)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 162)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 343).
(4)
ومن طريق ابن أبي خيثمة: رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 435)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 345).
(5)
رواه البُخاريّ في "التاريخ الأوسط"(2/ 226)، ومن طريقه: ابن عدي =
وذكره أبو أحمد الحاكم في كتاب "الأسماء والكنى" فقال: ثقةٌ في حديثه إذا حدَّث عن الثقات بما يُعرف، لكنه ربما يروي عن أقوام نُبلٍ مثل: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وعبد الله بن عمر العُمَرِي، أحاديثَ شبيهة بالموضوعة، أحدها: عن محمد بن عبد الرحمن القشيري، ويوسف بن السفر كاتب الأوزاعي، وغيرهما من الضعفاء، فيُسْقِطُهم من الوسط، ويرويها عمن حدثوه بها عنهم.
وقال الأَوْنبَي: أخرج لبقيةَ هذا أبو داود، والترمذي، وأخرج له مسلمٌ في المتابعة، ولم يُتَكَلَّم [فيه من قِبَلِ حِفْظ، ولا مذهب، وإنَّما تُكُلِّمَ](1) فيه من قبل تدليسه، وروايته عن المجهولين.
وقال ابن يونس: توفي سنة سبع وتسعين ومئة (2).
= في "الكامل في الضعفاء"(1/ 293)، ورواه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/ 125)، ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 340).
(1)
زيادة من "ت".
(2)
* مصادر الترجمة:
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 769)، "التاريخ الكبير" للبخاري (2/ 150)، "معرفة الثقات" للعجلي (1/ 250)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 435)، "الكامل في الضعفاء" لابن عدي (2/ 72)، "الضعفاء" للعقيلي (1/ 162)، "تاريخ بغداد" للخطيب (7/ 123)، "رجال مسلم" لابن منجويه (1/ 99)، "تاريخ دمشق" لابن عساكر (10/ 328)، "تهذيب الكمال" للمزي (4/ 192)، "سير أعلام النبلاء"(8/ 518)، "ميزان الاعتدال" كلاهما للذهبي (2/ 45)، "تهذيب التهذيب" لابن حجر (1/ 416)، "طبقات الحفاظ" للسيوطي (ص: 126).