الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَامِلُونَ} [فصلت: 5]، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: 110] أي - واللهُ أعلمُ -: لا أقدر على إجبارِكم على الإيمانِ، وكذلك أمرُ النذارةِ لا ينحصرُ فيها صلى الله عليه وسلم {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8)} [الفتح: 8].
إذا عرفتَ هذا فنقولُ: إن دلت القرائنُ والسياقُ على التخصيصِ، فاحملْه على العموم فيما دخلَتْ عليه، وعلى هذا حَمَل ابنُ عباس:"إنما الرِّبا في النَّسيئة"(1) على العموم، حتى نفى ربا الفضل، وقيل: إنه رجعَ عنه، وحملَ غيرُهْ "إنما الماء من الماء"(2) على ذلك، ولم يوجِبِ الغسلَ بالتقاء الختانَيْن، ومن خالفَ في الأمرين فبِدليلٍ مِنْ خارج.
* * *
*
الوجه الخامس: في شيء من العربية:
يوشك: من أفعال المقاربة كعسى، وحكمُها في أن مفعولها بـ (أن) والفعل كحكم عسى، وفي التعدي وعدمه كذلك تقول: يوشك أن تأتيَني، قال الله تعالى في عسى:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] فهذه بمعنى قَرُبَ، فلا ينصب، ويكون فاعلُها (أن) والفعل، وتقول: يوشك زيدٌ أن يأْتيَني، كما تقول: عسى زيد أن يأتيَني، بمعنى قارب، فيتعدى، ويكون مفعولها (أن) والفعل، قال الله تعالى:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} [المائدة: 52]، وقد تَرِدُ
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
عسى ويوشك من غير مقاربة (أن)، قال الشاعر [من المنسرح]:
يوشِك مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ
…
في بعضِ غَرَّاتِها (1) يوافقها (2)
وقال بعضهم: إنما جاء في الشعر، وأما في الكلام، فلا يكون إلا بـ (أن) كعسى.
قلت: ومما جاء في عسى بغير (أن) قول هُدبة [من الوافر]:
عسى الكربُ الذي أمسيتُ فيهِ
…
يكونُ وراءَهُ فرجٌ قريبُ (3)
أُجريَتْ مجرى كاد، كما أجريت كاد مجرى عسى في ثُبوتِ (أن)، قال الشاعر [من الرجز]:
قد كاد من طول البلى أن يَمْصَحَا (4)
ومعنى مَصَح: ذهب ودرس.
فمقتضى هذا: تكون هذه اللفظة في الحديث ناصبةً، ومفعولها:"أن تيمموا الصعيدَ".
(1)"ت": "في غراته".
(2)
البيت لأمية بن أبي الصلت، كما في "ديوانه" (ص: 421) (ق: 8/ 47).
(3)
انظر: "ديوانه"(ص: 54).
(4)
عجز بيت لرؤبة بن العجاج، وصدره:
رسْمٌ عفا من بعدما قد امَّحى