الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصلِّ، وأما أنا فتمعَّكْتُ في التراب، فصليتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما كان يكفيك أن تضربَ بيديك الأرضَ، ثم تنفضَ (1)، ثم تمسحَ بها وجهك وكفيك"، فقال عمر: اتَّقِ الله يا عمار! الحديث (2).
والمتحقِّق من هذا: أنهما كانا مجتمعين في السَّرِيَّة، وأما أنهما كانا مجتمعين عند قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الذي أخبر به عنه عمار، فلا يتحقّق.
الثامنة:
فيه دليلٌ على أن التوقف لأجل الرِّيبة إذا لم تَزُلْ، وجب العمل بظاهر الحال، وما يقتضيه الموجبُ لذلك، وهذا من قول عمر رضي الله عنه: نولِّيك ما تولَّيت، وقد نصَّ الفقهاء على ذلك في باب القضاء، أعني: أن الحاكمَ يتوقف لأجل الريبةِ، فإن لم تَزُلْ أمضى الحكم بمقتضى البينة (3)، وهذا ينبغي أن يُجعَل أصلاً فيه.
التاسعة:
قد مرَّ في الحديث ذِكْرُ قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة: 6]، والشافعيةُ أوجبوا القَصْدَ إلى الصعيدِ أخذاً من معنى التيمم ومدلوله، وبنوا عليه: أنَّه لو وقفَ غير ناوٍ في مهبِّ
(1) في المطبوع من "صحيح مسلم": "ثم تنفخ".
(2)
رواه مسلم (386/ 112)، كتاب: الحيض، باب: التيمم.
(3)
قال الإمام العز بن عبد السلام: بحث الحاكم عن الشهود عند الريبة والتهمة حق واجب في حقوق الله وحقوق عباده، فإن بحث على حسب إمكانه، فلم تزل الريبة والتهمة، لزمه القضاء؛ لأنه بذل ما في وسعه. قال: وهذا مشكل عند قيام الشك مع تساوي الطرفين، وعند غلبة كذب الشهود على ظنه. انظر:"قواعد الأحكام"(2/ 34).