الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
ظَنَّ وأخواتها
ص:
206 -
انْصِبْ بِفِعْلِ الْقَلْبِ جُزْأَيِ ابْتِدَا
…
أَعْنِي رَأَي خَالَ عَلِمْتُ وجَدَا
(1)
207 -
ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَدّ
…
حَجَا دَرَى وجَعَلَ اللَّذْ كَاعْتَقَدْ
(2)
208 -
وَهَبْ تَعَلَّمْ وَالَّتِي كَصَيَّرَا
…
أَيْضًا بِهَا انْصِبْ مُبْتَدًا وخَبَرَا
(3)
ش:
تقدم من نواسخ الابتداء: (كَانَ)، و (أفعال المقاربة)، و (لَا التبرئة)، و (ما الحجازية).
وبقي: (ظنت وأخواتها)، وهي علَى قسمين:
* الأول: أفعال القلوب؛ أَي: الّتي معانيها قائمة بالقلب:
* فمنها: نوع لازم كـ (جبُنَ، وتفكَّر).
* ونوع يتعدَّى لمفعول واحد؛ كـ (عرفته، وفهمت المسألة، وكرهت زيدًا).
* ونوع يتعدَّى إِلَى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وهو المراد هنا.
وهو علَى ثلاثة أقسام:
(1)
انصب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. بفعل: جار ومجرور متعلق بانصب، وفعل مضاف. والقلب: مضاف إليه. جزأي: مفعول به لانصب، وجزأي مضاف. وابتدا. مضاف إليه. أعني: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا. رأى: قصد لفظه: مفعول به لأعني. خال، علمت، وجدا: كلهن معطوفات على رأى بعاطف مقدر.
(2)
ظن، حسبت، وزعمت: كلهن معطوفات على رأى المذكور في البيت السابق بعاطف مقدر فيما عدا الأخير. مع: ظرف متعلق بأعني، ومع مضاف. وعد: قصد لفظه: مضاف إليه. حجا، درى، وجعل: معطوفات على (عد) بعاطف مقدر فيما عدا الأخير. اللذ: اسم موصول، وهو لغة في الذي، صفة لجعل. كاعتقد: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول.
(3)
وهب، تعلم: معطوفان على (عد) بعاطف محذوف من الثاني. والتي. اسم موصول مبتدأ. كصيرا: جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقع جملته صلة التي. أيضًا: مفعول مطلق لفعل محذوف. بها: جار ومجرور متعلق بقوله: انصب الآتي. انصب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. مبتدًا: مفعول به لانصب. وخبرا: معطوف على (مبتدًا)، وجملة انصب وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ.
* قسم لليقين؛ كـ (علم، ووجد) بمعنَى علم لا بمعنَى أصاب، ومثلهما (ألفى، ودرَى، وتعلم) بمعنَى أعلم.
قال اللَّه تعالَى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} ، و {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} ، {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} .
وكَقَولِ الشَّاعرِ:
دُريتَ الوَفِيّ العَهْدَ يَا عُرْوَ فَاغْتَبطْ
…
....................
(1)
فـ (التاء): نائب الفاعل، وهو المفعول الأول، و (الوفي): مفعول ثان.
والاغتباط والغبطة: أَن يتمنَى مثل حال المغبوط.
وقولِ الآخرِ:
تَعلّمْ شِفَاءَ النّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّهَا
…
.................
(2)
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فَإنَّ اغْتِبَاطًا بالوَفَاءِ حَمِيدُ
وهو بِلَا نسبة في أوضح المسالك 2/ 33، والدّرر 2/ 245، وشرح التّصريح 1/ 247، وشرح ابَن عقيل ص 212، 218، وشرح قطر النّدى ص 171، والمقاصد النّحوية 2/ 372، وهمع الهوامع 1/ 149.
اللُّغة: دريت: عُلِمت. الوفي العهد: الصّادق في ولائه. عُرو: ترخيم عروة، وهو اسم رجل. الاغتباط: السّرور.
المعنى: يقول: لقد علم أنك وفي للعهد، فحق لك أن تُسرَّ يا عروة وتحمد.
الإِعراب: دريت: فعل ماض للمجهول، والتّاء: نائب فاعل. الوفي: مفعول به ثان، وهو مضاف. العهد: مضاف إِليه مجرور. يا: حرف نداء. عرو. منادى مرخم مبني على الضّم المقدر على التّاء المحذوفة في محل نصب على النّداء. فاغتبط: الفاء: حرف عطف، اغتبط: فعل أمر، والفاعل: أنت. فإِن: الفاء: حرف استئناف أو تعليل، إِن: حرف مشبه بالفعل. اغتباطًا: اسم إِن منصوب. بالوفاء. جار ومجرور متعلقان باغتباطًا. حميد. خبر إِن.
وَجُملَة (دريت الوفي العهد): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها ابتدائية. وجملة (يا عرو): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها استئنافية. وجملة (اغتبط): لا محل لها من الإِعراب، لأَنَّها استئنافية، أو جواب شرط جازم محذوف مع فعله تقديره: فإِن كنت فاغتبط. وجملة (إِن اغتباطًا حميدٌ): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها تعليلية.
الشاهد: قوله: (دريت الوفي)؛ حيث دخل الفعل (درى) على المبتدأ والخبر فنصبهما معًا.
(2)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فَبالِغْ بِلُطْفٍ في التَّحيُّلِ والْمَكْرِ
وهو لزياد بن سيار في خزانة الأدب 9/ 129، والدّرر 2/ 246، وشرح التّصريح 1/ 247، وشرح
وقد تستعمل (عَلِمَ) فِي الظّن؛ كقولِ الشَّاعرِ:
عَلِمْتُكَ البَاذلَ المَعْرُوفَ فَانْبَعَثَتْ
…
....................
(1)
أَي: ظننتك.
شواهد المغني 2/ 923، والمقاصد النّحوية 2/ 374، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 31، وشرح ابن عقيل ص 212، وهمع الهوامع 1/ 149.
اللُّغة: تعلم: تيقن. شفاء النّفس: راحة البال. التّحيل: استعمال الحيلة. المكر: الخديعة.
المعنى: يقول: كن على يقين بأن شفاء النّفس وراحتها لا تكون إِلا بالانتصار على عدوها، لذلك من الواجب أن تحتاط للأمر بالاحتيال والخديعة.
الإِعراب: تعلم: فعل أمر، والفاعل: أنت. شفاء: مفعول به أول، وهو مضاف. النّفس: مضاف إِليه مجرور. قهر: مفعول به ثان، وهو مضاف. عدوِّها: مضاف إِليه مجرور، وهو مضاف، وها: في محل جر بالإِضافة. فبالغ: الفاء: حرف عطف، أو رابطة لجواب شرط محذوف، تقديره: إِذا كَانَ الأمر كذلك .. فبالغ، بالغ: فعل أمر، والفاعل: أنت. بلطف: جار ومجرور متعلقان ببالغ. في التّحيل: جار ومجرور متعلقان ببالغ. والمكر: الواو: حرف عطف، المكر: اسم معطوف على التّحيل مجرور.
وَجُملَة (تعلم شفاء النّفس قهر عدوها): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها ابتدائية. وجملة (بالغ
…
): معطوفة على جملة تعلم.
الشاهد: قوله: (تعلم شفاء النفس قهر)؛ حيث جاء الفعل (تعلم) بمعنى (اعلم)، فنصب مفعولين هما (شفاء)، و (قهر).
(1)
التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: إليك بِي وَاجِفَاتُ الشَّوْقِ والأمَلِ
وهو بِلَا نسبة في المقاصد النّحوية 2/ 419، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (2/ 78)، وشرح التصريح (1/ 332)، وشرح الأشموني (2/ 20).
اللُّغة: الباذل: السّخي. المعروف: الخير. الواجفات: المسرعات.
الإِعراب: علمتك: فعل ماض، والتّاء ضمير في محل رفع فاعل، والكاف ضمير في محل نصب مفعول به أول. الباذل مفعول به ثان. المعروفَ: بالنّصب مفعول به لاسم الفاعل الباذل، وبالجر مضاف إِليه. فانبعثت: الفاء حرف عطف، انبعثت: فعل ماض، والتّاء للتأنيث. إِليك: جار ومجرور متعلقان بانبعثت. بي: جار ومجرور متعلقان بانبعثت. واجفاتُ: فاعل مرفوع، وهو مضاف: الشّوق: مضاف إِليه مجرور. والأمل: الواو حرف عطف، الأمل: معطوف على الشّوق، مجرور.
وَجُملة (علمتك): ابتدائية لا محل لها من الإِعراب. وجملة (انبعثت): معطوفة على سابقتها.
الشَّاهد: قوله: (علمتك الباذل) حيث ورد الفعل (علم) دالًا على الظن، فنصب مفعولين أولهما الكاف، والثّاني الباذل.
* وقسم للرجحان؛ كـ (زعم)، و (حجا)، و (هب)، و (عد) بالتّشديد -أَي: ظن- وكذا: (جعل) الّتي بمعنَى اعتقد كما قال الشّيخ.
ومنه فِي القرآن: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} احترازًا من الّتي بمعنَى (صير)؛ فإِنها من أفعال التّحويل، قال تعالَى:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وإِن سدّت سد المفعولين كما سيأتي ذكره.
وكَقَولِ الشَّاعرِ:
زعَمَتْنِي شَيْخًا وَلَسْتُ بِشَيْخٍ
…
...................
(1)
وقولِهِ:
وَكُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخَا ثِقَةٍ
…
...................
(2)
(1)
التخريج: صدر بيت من الخفيف، وعجزه: إِنَّمَا الشَّيْخُ مَنْ يَدِبُّ دَبِيبَا
وهو لأبي أمية أوس الحنفي في الدّرر 1/ 214 وشرح التّصريح 1/ 248، وشرح شواهد المغني ص 922، والمقاصد النّحوية 2/ 397، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 38، وتخليص الشّواهد ص 428، وشرح قطر النّدى ص 172، ومغني اللّبيب ص 594.
اللُّغة: زعمتني: ظنَّتني. يدبُّ دبيبا: يمشي بتثاقل وبطء.
المعنى: يقول: إِنها ظنتني شيخًا عاجزًا، ولست كذلك؛ لأن الشّيخ هو ذلك الضّعيف الذي يتثاقل في مشيته.
الإِعراب: زعمتني: فعل ماض، والتّاء: للتأنيت، والنّون: للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به أول، والفاعل: هي. شيخًا: مفعول به ثان. ولست: الواو: حالية، لست: فعل ماض ناقص، والتّاء: ضميرِ في محل رفع اسم ليس. بشيخ: الباء: حرف جر زائد: شيخ: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه خبر ليس. إِنما: كافة ومكفوفة. الشّيخ: مبتدأ مرفوع. من: اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ. يدب: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: هو. دبيبا: مفعول مطلق.
وَجُملَة (زعمتني شيخًا): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها ابتدائية. وجملة (لست بشيخ): في محل نصب حال. وجملة (إِنما الشّيخ) لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها تفسيرية. وجملة (يدب دبيبا): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها صلة الموصول.
الشاهد: قوله: (زعمتني شيخا)؛ حيث استعمل الفعل (زعم) بمعنى (ظن)، ونصب مفعولين: أحدهما ياء المتكلم في زعمتني، وثانيهما قوله:(شيخًا)، وهذا مستعمل في كلام العرب من غير شذوذ.
(2)
التخريج: هذا صدر بيت، وعجزه قوله: حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْمًا مُلِمَّاتُ
وقد نسب صاحب "المحكم" البيت إلى أبي شنبل الأعرابي، ونسبه ثعلب في أماليه إلى أعرابي يقال له: القنان، وهو من شواهد: التصريح: 1/ 248، وابن عقيل: 125/ 2/ 38 والأشموني:
وقولِهِ:
فَقُلْتُ أَجِرْنِي أَبَا مَالِكٍ
…
وَإِلَّا فَهَبْنِي امْرَأً هَالِكا
(1)
322/ 1/ 157 وهمع الهوامع: 1/ 148، والدرر اللوامع: 1/ 130، والعيني: 2/ 376 وشذور الذهب: 178/ 472 وليس في ديوان تميم بن أبي مقبل.
اللغة: أحجو: أظن. ألمت: نزلت. ملمَّات: جمع ملمة وهي النازلة من نوازل الدهر.
المعنى: قد كنت أظن وأعتقد أن أبا عمرو أخًا مخلصًا، يوثق به، ويعتمد عليه في الملمات والشدائد؛ حتى نزلت بنا يومًا حوادث مؤملة؛ فتبين لي غير ما كنت أظن فيه.
الإعراب: أحجو: فعل مضارع، والفاعل: أنا. أبا: مفعول به أول، وهو مضاف. عمرو: مضاف إليه. أخا: مفعول به ثانٍ، وهو مضاف. ثقة: مضاف إليه؛ ويجوز أن تكون (أخًا) بالتنوين مفعولًا ثانيًا و (ثقةً): بالتنوين والنصب صفة لها. حتى: حرف غاية وجر: ألمت: فعل ماضٍ، والتاء، للتأنيث. ملمات: فاعل مرفوع.
الشاهد: قوله: (أحجو أبا عمرو أخا)؛ حيث استعمل فعل (أحجو) بمعنى (أظن)؛ فنصب به مفعولين؛ أحدهما: (أبا عمرو)، وثانيهما:(أخا ثقة)؛ وفعل (حجا) لا يتعدى إلى مفعولين إلا إذا كان قلبيًا مفيدًا الرجحان والظن.
(1)
التخريج: البيت لعبد الله بن همام السّلولي في تخليص الشّواهد ص 442، وخزانة الأدب 9/ 36، والدّرر 2/ 243، وشرح التّصريح 1/ 248، وشرح شواهد المغني 2/ 932، ولسان العرب 1/ 804 وهب، ومعاهد التّنصيص 1/ 285، والمقاصد النّحوية 2/ 378، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 37، وشرح ابن عقيل ص 216، ومغني اللّبيب 2/ 594، وهمع الهوامع 1/ 149.
اللُّغة: أجرني. أغثني، احمني. هبني: اعتبرني.
المعنى: يقول: أغثني واحمني يا أبا مالك وإِلا فاعتبرني من الهالكين.
الإِعراب: فقلت: الفاء: بحسب ما قبلها، قلت: فعل ماض، والتّاء: فاعل. أجرني: فعل أمر، والفاعل: أنت، والنّون: للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به. أبا: منادى منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتة، وهو مضاف. مالك: مضاف إِليه مجرور. وإِلا: الواو: حرف استئناف، إِلا: مركبة من إِن الشّرطية، ولَا النّافية، وفعل الشّرط محذوف تقديره: وإِلا تجرني فهبني. فهبني: الفاء: رابطة لجواب الشّرط، هبني: فعل أمر، والفاعل: أنت، والنّون: للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به. امرأ: مفعول به ثان منصوب. هالكا: نعت امرأ.
وَجُملَة (قلت أجرني): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها استئنافية أو معطوفة على جملة سابقة. وجملة (أجرني): في محل نصب مفعول به. وجملة (أبا مالك): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها استئنافية. وجملة (فهبني): الشّرطية مع جوابها لا محل لها من الإِعراب، لأَنَّها استئنافية. وجملة (هبني): في محل جزم جواب الشّرط لاقترانها بالفاء.
الشاهد: قوله: (فهبني امرأ) حيث جاء الفعل (هب) دالًا على الرّجحان، فنصب مفعولين هما الياء في هبني، وامرأ.
فـ (الياء): مفعول أول لـ (هب)، و (امرأً): مفعوله الثّاني.
وقولِهِ:
فَلا تَعْدُدِ الْمَوْلَى شَريكَكَ فِي الغِنَى
…
....................
(1)
أَي: لا تظن المولَى.
* وقسم يرِد: لليقين وللرجحان، والمشهور فيه الرّجحان، وهو:(ظن)، و (خالَ)، و (حسِب)، و (رأى).
* فاليقين: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} ، {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} .
ونحو قول الشّاعرِ:
دَعَانِي الغَوَانِي عَمَّهُنَّ وخِلْتُنِي
…
لِيَ اسْمٌ فَلَا أُدْعَى بِهِ وَهْوَ أَوَّلُ
(2)
(1)
صدر بيت من الطويل، وعجزه: وَلكنَّما الْمَوْلى شَريكُكَ في العُدْم
التخريج: وهو للنعمان بن بشير في ديوانه ص 29، وتخليص الشّواهد ص 431، والدّرر 2/ 328، وشرح التّصريح 1/ 248، والمقاصد النّحوية 2/ 277، وبلا نسبة في خزانة الأدب 3/ 57، وشرح ابن عقيل ص 214، وهمع الهوامع 1/ 148.
اللغة: تَعْدُد: تحسب. المولى: المعتِق والمعتَق، وهنا بمعنى النّصير. العدمِ: الفقر.
المعنى: لا تحسب الذين رافقوك في زمن غناك حلفاء لك، وإِنما عُدَّ حليفًا من ناصرك ووقف إِلى جانبك في زمن فقرك وضيق حالك.
الإِعراب: فلا: الفاء بحسب ما قبلها، لا: النّاهية. تعدد: فعل مضارع مجزوم بالسّكون وحرك بالكسر منعًا من التّقاء السّاكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. المولى: مفعول به أول. شريكك: مفعول به ثان منصوب، وهو مضاف، والكاف ضمير متصل مبني في محل جر بالإِضافة. في الغنى: جار ومجرور متعلقان بشريك. ولكنما: الواو حرف استئناف، لك: حرف مشبه بالفعل بطل عمله، ما: كافة. المولى: مبتدأ مرفوع. شريكُك: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإِضافة. في العدم: جار ومجرور متعلقان بشريك.
وَجُملَة: (لا تعدد): بحسب ما قبلها. وجملة (لكنما المولى): استئنافية لا محل لها من الإِعراب.
الشاهد: قوله: (لا تعدد المولى شريكك)؛ حيث ورد الفعل (عدَّ) دالًا على الرّجحان، فنصب مفعولين هما المولى وشريك.
(2)
التخريج: البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص 370، وتخليص الشّواهد ص 437، والدّرر 2/ 248، 266، وشرح شواهد المغني 2/ 629، والمقاصد النّحوية 2/ 395، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 150.
وجملة (لي اسم): فِي موضع المفعول الثّاني، وقد عمل الفعل هنا فِي ضميرين لشيء واحد وهو خاص بأفعال القلوب.
ومنه فِي القرآن: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} .
وكقولك: (خلتُني، ورأيتُني).
* فَلَا يقال: (ضربتُني) ونحوه.
قال بعضهم: لأنَّ الفاعل يصير
(1)
مفعولًا.
وقال سيبويه: استغنوا عنهُ بالنّفس، فيقال:(ضربت نفسي).
وشذَّ: (عدمتُني)، و (فقدتُني).
وقولُ الآخرِ:
حَسِبْتُ التّقى والجود خَيْرَ تِجَارَةٍ
…
...................
(2)
اللُّغة: الغواني: جمع الغانية، وهي الّتي استغنت بجمالها عن الزّينة.
الإِعراب: دعاني: فعل ماض، والنّون للوقاية، والياء ضمير في محل نصب مفعول به أول. الغواني: فاعل مرفوع. عمهن: مفعول به ثان، وهو مضاف، وهن ضمير في محل جر بالإِضافة. وخلتني: الواو حرف عطف، خلتني: فعل ماض، والتّاء ضمير متصل في محل رفع فاعل، والنّون للوقاية، الياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. لي: جار ومجروو متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. اسم: مبتدأ مؤخر مرفوع. فلا: الفاء حرف عطف، لا: حرف نفي. أدعي: فعل مضارع للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره: أنا. به: جار ومجرور متعلقان بأدعى. وهو: الواو حالية، هو: ضمير منفصل مستتر في محل وفع مبتدأ. أولي: خبر المبتدأ مرفوع.
وَجُملَة: (دعاني الغواني): ابتدائية لا محل لها من الإِعراب. وجملة: (خلتني): معطوفة على سابقتها. وجملة (لي اسم): في محل نصب مفعول به ثان لخلتني. وجملة (لا أدعى): معطوفة على سابقتها. وجملة (هو أول): في محل نصب حال.
الشَّاهد: قوله: (خلتني لى اسم) حيث ورد الفعل خال دالًا على اليقين وليس الظّن، فنصب مفعولين، أولهما: الياء، والثّاني الجملة الاسمية لي اسم.
(1)
سقط من (ب).
(2)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: رباحًا، إِذا ما الْمَرْءُ أَصْبحَ ثَاقِلا
وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 246، وأساس البلاغة ص 46 ثقل، والدّرر 2/ 247، وشرح التّصريح 1/ 249، ولسان العرب 11/ 88، والمقاصد النّحوية 2/ 348، وبلا نسبة تخليص الشّواهد ص 435، وشرح ابن عقيل ص 213، وشرح قطر النّدى ص 274، وهمع الهوامع 1/ 149.
أَي: (علمت التقى والجود خير تجارة).
ومضارعها: (يحسِب) بالفتح والكسر (حِسبانًا) بالكسر.
بخلاف الّتي بمعنَى (عدَّ) فـ (يحسُب) بالضّم (حِسابًا).
* ومثال الرّجحان: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} .
وكَقَولِ الشَّاعرِ:
ظَنَنْتُكَ إِنْ شَبَّتْ لَظَى الحَرْبِ صَالِيَا
…
.................
(1)
اللغة: التّقى: خوف الله. الجود: الكرم. ثاقلا: ميتًا.
المعنى: يقول: إِنني أرى خوف الله والسّخاء أفضلَ ما يتاجر به الإِنسان استعدادًا لآخرته.
الإِعراب: حسبت: فعل ماض، والتّاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. التّقى: مفعول به أول. والجود: الواو حرف عطف، الجود معطوف على التّقى منصوب. خير: مفعول به ثان وهو مضاف. تجارة: مضاف إِليه مجرور. رباحًا: تمييز منصوب. إذا: ظرف متعلق بالفعل حسبت. ما: زائدة. المرء: اسم لفعل ناقص محذوف يفسره ما بعده. أصبح: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. ثاقلا: خبر أصبح منصوب.
وَجُملَة: (حسبت): ابتدائية لا محل لها من الإِعراب. والجملة من الفعل النّاقص المحذوف في محل جر بالإِضافة. وجملة (أصبح ثاقلا): تفسيرية لا محل لها من الإِعراب.
الشَّاهد: قوله: (حسبت التّقى والجود خير تجارة) حيث ورد الفعل حسب مفيدًا اليقين، فنصب مفعولين، أولهما: التّقى، وثانيهما خير.
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله: فعَرَّدتَ فِيمَن كَانَ عَنهَا مُعَرِّدَا
وهو بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 248، والمقاصد النحوية 2/ 381.
اللغة: شبت: اشتعلت: لظى الحرب: نارها. الصالي: المحترق. عرد: هرب، أو أحجم عن مواجهة الخصم.
المعنى: يقول: ظننتك شجاعًا تخوض غمار الحرب بلا خوف أو وجل، فإذا بك جبان تفر مع الفارين مُؤثِرًا الهزيمة على الشهامة.
الإعراب: ظننتك: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل، والكاف ضمير في محل نصب مفعول به أول. إن: حرف شرط. شبت: فعل ماض وهو فعل الشرط، والتاء للتأنيث. لظى: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الحرب: مضاف إليه مجرور. صاليا: مفعول به ثان لظن. وجملة جواب الشرط محذوفة. فعردت: الفاء حرف عطف، عردت: فعل ماض، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيمن: جار ومجرور متعلقان بعردت. كان: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. عنها: جار ومجرور متعلقان بمعردا. معردا: خبر كان منصوب.
وقولهِ:
إِخَالُك إِنْ لَم تُغمضِ العَينَ ذَا هَوَى
…
..................................
(1)
وقولهِ:
وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً
…
......................................
(2)
وَجُملَة: (ظننتك
…
): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (إن شبت ظننتك): الشرطية اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة (ظننت): المحذوفة جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الإعراب. وجملة (عردت): معطوفة على جملة لا محل لها من الإعراب. وجملة (كان معردا): صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: (ظننتك)؛ حيث استعمل ظن بمعنى الرجحان، ونصب به الجزأين.
(1)
صدر بيت من الطويل، وعجزه: يَسُومُكَ ما لا تستطيعُ من الوَجْدِ
التخريج: البيت بِلَا نسبة في الدّرر 2/ 248، وشرح التّصريح 1/ 249، وهمع الهوامع 1/ 150.
اللغة: إِخالك: أظنَك، وهمزة إِخال مكسورة على غير القياس. غض الطّرف: إِطباق الجفن، والمراد هنا: صرف النّفس عن الحِسان. يسومك: يكلفك. الوجد: العشق والهيام.
يقول: إِن لم تصرف نفسك عن الحسان فستبتلى بعشق يكلفك ما لا تقدر على احتماله.
الإِعراب: إِخالك: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أول. إِن: حرف شرط. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تغضض: فعل مضارع مجزوم بالسّكون وقد حرك بالكسر منعًا من التقاء السّاكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. الطّرف: مفعول به منصوب. ذا: مفعول ثان لإِخال منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتة، وهو مضاف. هوى: مضاف إِليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف المثبتة رسمًا المحذوفة صوتًا لالتقاء السّاكنين، منعه من ظهورها التّعذر. يسومك: فعل مضارع مرفوع بالضّمة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أول ليسوم. ما: اسم موصول مبني على السّكون في محل نصب مفعول به ثان. لا: حرف نفي. يستطاع: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. من الوجد: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من (ما) الموصولة.
وَجُملَة (إِخالك): ابتدائية لا محل لها من الإِعراب. وجملة (إِن لم تغضض) مع جواب الشّرط المحذوف: اعتراضية لا محل لها من الإِعراب. وجملة جواب الشّرط المحذوف المقدرة بإِخالك: لا محل لها من الإِعراب لعدم اقترانها بالفاء أو إِذا الفجائية. وجملة (يسومك): في محل جر صفة لهوى، وجملة (لا يستطاع): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها صلة الموصول.
الشاهد: قوله: (إخالك
…
ذا هوى)؛ حيث استعمل الفعل (إخال) بمعنى الرجحان، وهو الغالب فيه.
(2)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: عَشِيَّةَ لَاقَيْنَا جُذَامَ وَحِمْيَرَا
وهو لزُفَرِ بن الحارث الكلابيّ، في: شرح ديوان الحماسة للتّبريزيّ 1/ 41، وابن النّاظم 197،
والوجهان في قوله تعالَى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا} ؛ فهي فِي (يرونه): بمعنَى الظّن وفي (نراه): بمعنَى العلم؛ أَي: تظنونه بعيدًا ونعلمه قريبًا.
* والقسم الثّاني من قسمي أفعال هذا الباب أفعال التّحويل، وهي كأفعال القلوب في التّعدية إِلَى مفعولين؛ كما قال. (والّتي كصيَّرا أَيضًا بِها انصِبْ مُبتدًا وخَبَرا).
وهي: (جعل)، و (ردّ)، و (ترك)، و (صير)، و (اتخذ)، و (تخذ)، و (هب).
قال تعالَى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} ، {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} ، {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} ، {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} .
ونحو قولِ الشّاعرِ:
تَخِذَتْ غِرَازَ إِثرِهِمْ دَلِيلا
…
....................
(1)
وأوضح المسالك 1/ 305، وتخليص الشّواهد 435، والمغني 833، والمقاصد النّحويّة 2/ 382، والتّصريح 1/ 249.
اللغة: كنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة: أي: كنّا نطمع في أمرٍ فوجدناه على خلاف ما كنّا نظنّ.
المعنى: إِنّا كنّا نظنّ أنّ النّاس سواء في الخوَر والجبن، وأنّهم متى لقوا مَن لا قِبَل لهم بحربه مثل قومنا فرُّوا عنهم؛ ولكن هذا الظّنّ لم يلبث أنْ زال حين لقينا هاتين القبيلتين؛ فلقينا بلقائهم البأس والشّدّة.
الشَّاهد: فيه: (حسبنا كلّ بيضاء شحمة) حيث استعمل (حسب) بمعنى الرّجحان، فنصب به مفعولين؛ أوّلهما قوله:(كلّ بيضاء)، وثانيهما قوله:(شحمة).
(1)
التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه قوله: وفرُّوا فِي الحِجَازِ لِيُعْجِزُونِي
وهو ثالث ثلاثة أبيات يقولها الشاعر أبو جندب الهذلي، الملقب بالمشؤوم، في بني لحيان:
لَقَدْ أَمْسَى بَنُو لحيَانَ مِنِّي
…
بِحَمْدِ اللَّهِ فِي خزْي مُبِينِ
جَزَيْتُهُم بِمَا أَخَذُوا تلادِي
…
بَنِي لحيَان كَيْلا يَحرَبوني
والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 252، والأشموني: 329/ 1/ 158 والعيني: 2/ 400 وديوان الهذليين: 3/ 90.
اللغة: غراز: اسم واد، وقيل اسم جبل. إثرهم: عقب رحيلهم. ليعجزوني: ليغلبوني، وذلك بأن يفلتوا مني فلا أدركهم.
المعنى: يذم الشاعر بني لحيان -وكانت بينه وبينهم خصومة- فيقول: تتبعت أثرهم بعد رحليهم؛ ولكنهم فروا إلى الحجاز؛ ليعجزوني؛ فلا أدركهم.
الإعراب: تخذت: فعل ماضٍ وفاعل، وفعل (تخذت) دال على التصيير، وهو بمعنى جعل في هذا
وبعضهم: أَن (اتخذ) يتعدى لواحد؛ مستدلًا بقوله تعالَى: {اتَّخَذَتْ بَيْتًا} .
وقالَ الشّاعرُ:
فرَدَّ شُعُوْرَهنَّ السُّودَ بِيضًا
…
ورَدَّ وُجوهَهُنَّ البِيضَ سُودا
(1)
البيت. غرازَ: مفعول به أول؛ وهو ممنوع من الصرف على إرادة البقعة؛ وهي مؤنثة. إثرهم: ظرف متعلق بتخذت ومضاف إليه. دليلا: مفعول به ثانٍ لتخذت. في الحجاز: متعلق بفروا؛ وفي هنا بمعنى إلى. ليعجزوني: اللام للتعليل، يعجزوني: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام كي، وعلامة نصبه حذف النون، والواو: فاعل، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به؛ والمصدر المؤول من (أن) وما بعدها: في محل جر بلام التعليل؛ والجاو والمجرور: متعلق بفر؛ وتقدير الكلام: وفروا إلى الحجاز لإعجازهم إياي من اللحاق بهم.
الشاهد: قوله: (تخذَت غرازَ دليلا)؛ حيث جاء الفعل (تخذ) دالًّا على التصيير، ونصب مفعولين اثنين؛ الأول؛ غراز، والثاني: دليلًا، كما أوضحنا في الإعراب.
(1)
رَمى الحَدَثانِ نِسوَةَ آلِ حَربٍ
…
بِمِقدارٍ سَمَدنَ لَهُ سُمودا
التخريج: البيتان لعبد الله بن الزّبير في ملحق ديوانه ص 143 - 144، وتخليص الشّواهد ص 443، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 941، والمقاصد النّحوية 2/ 417، ولأيمن بن خريم في ديوانه ص 126، ولفضالة بن شريك في عيون الأخبار 3/ 76، ومعجم الشّعراء ص 309، وللكميت بن معروف في ذيل الأمالي ص 115، وبلا نسبة في لسان العرب 3/ 219 سمد البيت الأول فقط.
اللُّغة: الحدثان: مصائب الدّهر. سمدن: حزِنَّ. السّمود: الحزن.
المعنى: يقول: إِن الدّهر قد أنزل مصائبه بنساء بني حرب وجعلهن شديدات الحزن، فصيَّر شعورهن بِيضًا من الهم، وسوَّد وجوههن من شدة اللّطم.
الإِعراب: فرد: الفاء حرف عطف، رد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. شعورهن: مفعول به أول، وهو مضاف، هن: ضمير متصل مبني في محل جر بالإِضافة. السّود: نعت شعور منصوب. بيضًا: مفعول به ثان منصوب. ورَدَّ: الواو حرف عطف، رد: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. وجوهَهُن: مفعول به منصوب، وهو مضاف، هن ضمير في محل جر بالإِضافة. البيضَ: نعت وجوه منصوب. سُودَا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
وَجُملَة: (فرد شعورهن): معطوفة على جملة رمى الحدثان؛ فهى مثلها لا محل لها من الإِعراب. وجملة (رد وجوههن): معطوفة على رد شعورهن.
الشَّاهد: قوله: (فرد شعورهن)، (ورد وجوههن)؛ حيث ورد الفعل (رد) بمعنى التّصيير أو التّحويل، فنصب مفعولين، أولهما في الجملة الأولى: شعورهن، وثانيهما بيضا. وفي الجملة الثّانية المفعول الأول هو: وجوههن، والمفعول الثّاني هو سودا.
وقولِ الآخرِ:
...................
…
فصُيَّرُوا مِثلَ كَعَصْفٍ مَأْكولْ
(1)
وحكَى ابن الأعرابي: (وهبني الله فداك)؛ أَي: صيرني فداك.
ولَا يكون إِلَّا بصيغة الماضي.
وألحق الأخفش والفارسي بأفعال هذا الباب المتعدية إِلَى مفعولين (سمع) إِذا وليها اسم غير مسموع؛ كـ (سمعت زيدًا يقرأ).
فإِن وليها اسم مسموع .. اكتفت به؛ كـ (سمعت حديثًا، أَو كلامًا).
وما حكم به قبل النّاسخ .. يحكم به بعده؛ فكما يقدم الخبر فِي نحو: (فِي الدّار صاحبها) .. يقال: (ظننت فِي الدّار صاحبها) كذلك.
وكما لا يقدم الخبر فِي نحو: (زيد أخوك) .. يقال أيضًا: (ظننت زيدًا أخاك).
فإِن جاز التّقديم هناك .. جاز هنا.
(1)
التخريج: هذا عجز بيت من السريع الموقوف بسكون لام مأكول، أو من مشطور الرجز. وصدره قوله: وَلَعِبَتْ طَيْرٌ بِهِم أَبَابِيلْ
وقبل الشاهد قوله:
ومسهم ما مس أصحاب الفيلْ
…
ترميهمُ حجارة من سِجِّيلْ
وينسبهما بعض النحاة إلى حميد الأرقط. والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 252، 2/ 172، والأشموني: 328/ 1/ 158، وهمع الهوامع: 1/ 150 والدرر اللوامع: 1/ 132، ومغني اللبيب: 324/ 238، والسيوطي: 171 والكتاب لسيبويه: 1/ 203، والمقتضب: 4/ 141، 350، وخزانة الأدب: 4/ 270 والعيني: 2/ 402، وسيرة ابن هشام تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد: 1/ 56، وملحقات ديوان رؤبة:181.
اللغة: أبابيل: جماعات وفرق، واحدة إبول؛ أو أبيل، وقيل: لا واحد له. كعصف، العصف: الزرع الذي أكل حبه، وبقي تبنه وورقه، وقيل: التبن.
المعنى: يصف الشاعر قومًا أبيدوا واستؤصلوا، فلم يبق لهم أثر يذكر؛ مشبهًا لهم بأصحاب الفيل؛ الذين شبههم الله في كتابه بالزرع الذي عبثت به جماعات الطيور؛ فأكلت حبه؛ ولم تترك منه غير ورقه الجاف.
الشاهد: قوله: (فصيروا مثل كعصف)؛ حيث استعمل الفعل (صيَّر) للتحويل فنصب الجزأين، الأول هنا: هو الواو الواقعة نائب فاعل، والثاني هو (عصف)؛ إذ الأصل (صيرهم عصفًا مأكولًا.
وكما لا يقال: (النّار حارة) .. لا يقال: (علمت النّار حارة).
وكما يتعدد الخبر فِي: (زيدٌ كاتبٌ شاعرٌ) علَى الأصح .. يجوز: (ظننت زيدًا كاتبًا شاعرًا) علَى تكرار المفعول.
نص عليه مكي فِي قوله تعالَى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} .
والله الموفق
ص:
209 -
وَخُصَّ بِالتَّعْلِيْقِ وَالإِلْغَاء مَا
…
مِنْ قَبْلِ هَبْ وَالأَمْرَ هَبْ قَدْ أُلْزِمَا
(1)
210 -
كَذَا تَعَلَّمْ وَلِغَيْرِ الْمَاضِ مِنْ
…
سِوَاهُمَا اجْعَلْ كُلَّ مَا لَهُ زُكِنْ
(2)
ش:
[التعليق]:
التّعليق ترك العمل لفظًا لمانع؛ كاللام فِي نحو: (ظننتُ لَزيدٌ قائمٌ)، فالمانع من العمل فِي اللّفظ هنا: اللّام؛ لأنَّ لها صدر الكلام، فَلَا يعمل ما قبلها فيما بعدها لفظًا، بَلْ
(1)
وخُص: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. بالتعليق: جار ومجرور متعلق بخُص. والإلغاء: معطوف على التعليق. ما: اسم موصول: مفعول به لخُصَّ، مبني على السكون في محل نصب، ويجوز أن يكون خُصَّ فعلًا ماضيًا مبنيًا للمجهول، وعليه يكون (ما) اسما موصولًا مبنيًا على السكون في محل رفع نائب فاعل لخُصَّ، ولعل هذا أولى، لأن الجملة المعطوفة على هذه الجملة خبرية. من قبل: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما، وقبل مضاف. وهب: قصد لفظه: مضاف إليه. والأمرَ: الواو حرف عطف، الأمر -بالنصب- مفعول ثان مقدم على عامله وهو (ألزم) الآتي. هب: قصد لفظه: مبتدأ. قد: حرف تحقيق. أُلزما: ألزم: فعل ماض مبني للمجهول. والألف للإطلاق، ونائب الفاعل -وهو مفعوله الأول- ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود على هب، والجملة من ألزم ومعمولاته في محل رفع خبر المبتدأ.
(2)
كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. تعلم: قصد لفظه: مبتدأ مؤخر. ولغير: الواو عاطفة، لغير: جار ومجرور متعلق بقوله: اجعل الآتي، وغير مضاف. والماض: مضاف إليه. من سواهما: الجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لغير، وسوى مضاف، والضمير مضاف إليه. اجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. كل: مفعول به لاجعل، وكل مضاف. وما: اسم موصول مضاف إليه. له: جار ومجرور متعلق بزكن الآتي. زكن: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى (ما) الموصولة، والجملة من زكن ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول.
يعمل محلًا؛ فالجملة: فِي موضع نصعب كما سيأتي.
ويسمَّى: تعلقيًا؛ لأنَّ العامل ملغي فِي اللّفظ، عامل فِي المحل، فهو عامل لا عامل، شُبِّه بالمرأة المعلَّقة، لا مزوَّجة ولَا مطلَّقة.
[الإلغاء]:
والإِلغاء ترك العمل لفظًا ومعنَى لا لمانع، بَلْ لضعف الفعل بتأخره أَو لتوسطه بَينَ مفعولين؛ كـ (زيد قائم ظننت) ، و (خالد ظننت منطلق).
* والأحسن الإعمال مع التّوسط؛ كـ (زيدًا ظننت قائمًا).
ومن الإلغاء قولُ الشّاعرِ:
...........................
…
وَفِي الأَرَاجِيزِ خلتُ اللؤمُ والخورُ
(1)
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط وصدره: أبِالَأرَاجِيزِ يَا بنَ اللُّوْم تُوعِدُني؟
وهو لجرير في ملحق ديوانه ص 1028، وشرح أبيات سيبويه 1/ 407، ولسان العرب 11/ 226، خيل، وللعين المنقري في الدّرر 1/ 340، وتخليص الشّواهد ص 445، وخزانة الأدب 1/ 257، وشرح شواهد الإِيضاح ص 120، وشرح المفصل 7/ 84 ، 85، والكتاب 1/ 120، والمقاصد النّحوية 2/ 404، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 184، وأوضح المسالك 2/ 85، وشرح ابن النّاظم ص 147، وشرح قطر النّدى ص 174، واللّمع ص 137.
اللغة: الأراجيز: جمع أوجوزة، وهي ما كَانَ من الشّعر من بحر الرّجز، وقد كَانَ من الشّعراء من لا يقول غير الرّجز، كالعجاج، وابنه رؤبة، ومنهم من يقول الشّعر لا غير. وآخرون يقولون النّوعين. توعدني: تتهددني. اللّؤم: دناءة الأصل وشحُّ النّفس. الخور: الضّعف.
المعنى: أتتهددني بالأراجيز، يا دنيء الأصل، ويا وضيع النّسب؟ وفي هذه الأراجيز الدّناءة والضّعف. ربما لأن الرّجز لا ينزل منزلة الشّعر في نظره؛ وجعله ابنا للؤم مبالغة في هجائه.
الإِعراب: أبالأراجيز: الهمزة للاستفهام. بالأراجيز: متعلق بتوعدني. يا بن اللّؤم: حرف نداء، ومنادى مضاف منصوب، ومضاف إِليه، وجملة النّداء معترضة بين الجار والمجرور ومتعلقه. توعدني: فعل مضارع، والنّون للوقاية، والياء: مفعول به، والفاعل: أنت. وفي الأراجيز: الواو حالية. في الأراجيز: متعلق بمحذوف خبر مقدم. خلت: فعل ماضٍ وفاعل. اللّؤمُ: مبتدأ مؤخر. والخور: معطوف على اللّؤم مرفوع مثله، وجملة (خلت): اعتراضية، لا محل لها؛ لأَنَّها اعترضت بين المبتدأ والخبر.
وَجُملَة (في الأراجيز اللّؤم والخور): في محل نصب على الحال.
الشّاهد: قوله: (في الأراجيز خلت اللّؤم)؛ حيث توسط فعل (خال) بين المبتدأ (اللّؤم) والخبر
فـ (اللّؤم): مبتدأ، و (في الأراجيز): خبر، والفعل ملغي؛ لتوسطه.
والخور بالمعجمة: الضَّعفُ.
وفي "شرح الكافية" للمصنف: الإلغاء والإعمال: سِيَّان مع التّوسط. انتهَى.
* والإلغاء أحسن مع تأخيرها؛ كقوله:
القَومُ فِي أَثَرِي ظَنَنَتُ فَإِنْ يَكُن
…
مَا قَدْ ظَنَنتُ فَقدْ نَجَوتُ وَخَابُوا
(1)
ويروى بنصب (القومَ) علَى الإعمال.
والّذي يختص بالتّعليق والإلغاء: هو المذكور فِي المتن فِي الأبيات السّابقة قبل قول المصنف (هب)، وهو:(رأى، وخال، وعلم، ووجد، وظن، وحسب، وزعم، وعد، وحجا، ودرى، وجعل).
ولهذا قال: (وخُصَّ، بالتّعليقِ والإِلغَاءِ مَا مِن قَبلِ هَبْ) يعني: ما ذكرته فِي المتن قبل (هب).
وأما (هب، وتعلم) فَلَا حظ لهما في إلغاء ولَا تعليق؛ للزومهما حالة واحدة وهي الأمر، كما قال:(والأمرَ هَب قَدْ أُلزِما، كذا تعلَّم).
وأشار بقوله: (ولغيرِ المَاضي مِن سِوَاهُما اجعَلْ) إِلَى قوله: (زكن)؛ أَي: علم إِلَى أَن غير الماضي من هذه الأفعال يعمل أيضًا كالماضي.
فدخل: المضارع، والأمر، والمصدر، واسم الفاعل، واسم المفعول؛ نحو:(أظن زيدًا قائمًا)، و (ظن زيدًا قائمًا)، و (يعجبني زعمك عمرًا بخيلًا)، و (أنا ظان الآن زيدًا
(الأراجيز)؛ ولما توسط الفعل بينهما .. ألغي عمله فيهما؛ إِذ لولا توسطه؛ لنصبهما؛ والتّقدير: وخلت اللّؤم والخور في الأراجيز؛ فاللّؤم: مفعول أول، ومحل الجار والمجرور: المفعول الثّاني.
(1)
التخريج: البيت مجهول القائل، وهو من شواهد قطر الندى 175، وفي شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية 1/ 104.
المعنى: يقول: إني أظنّ أن القوم يتعقبونني وهم خلفي، فإن كان هذا الذي أظنه واقعًا .. فسوف أفلت منهم، أو أوقع بهم أعظم وقيعة فأخيّب فألهم وأظفر عليهم.
الشاهد: قوله: (القوم في أثري ظننت)؛ فقد جاء الفعل (ظننت) متأخرًا عن المفعولين، فألغي، وعادت جملة (القوم في أثري) إلى باب المبتدأ والخبر.
كريمًا)، و (زيدًا مظنون أبوه شاعرًا)، فأبوه: مفعول أول، وارتفع لأنه نائب الفاعل، وشاعرًا: هو المفعول الثّاني.
وكل منها لهُ ما للماضي من: التّعليق، والإِلغاء، والإعمال؛ نحو:(أنا ظان الآن لزيد قائم).
ويجوز الإعمال والإِلغاء فِي نحو: (زيدًا أنا ظان الآن كريمًا).
والإعمال أحسن مع التّوسط، والإِلغاء أحسن مع التّأخر؛ نحو:(زيد كريم أنا ظان الآن).
فجميع أفعال هذا الباب تتصرف، ويعمل المتصرف منها كما ذكر.
وأفعال التّحويل كأفعال القلوب، إلا (هب، وتعلم) فيلزمان الأمر كما سبق، ولا حظَّ لهما فِي تعليق ولَا إلغاء كما سبق ذكره.
ويشاركهما فِي عدم هذين
(1)
: باقي أفعال التّحويل المتقدم ذكرها فِي شرح الأبيات السّابقة، وهي:(صير، ورد، وترك، واتخذ، وتَخِذ، وجعل، وهَبْ)، وكذا (وَهَبَ) علَى ما حكاه ابن الإعرابي.
وإِنما خصت أفعال القلوب بالتّعليق والإلغاء؛ لضعفه من حيث إن معانيها قائمة بالقلب، فليس لها قوة تأثير، بخلاف أفعال التّحويل.
وذهب المبرد وثعلب ووافقهما ابن كيسان: إِلَى أنه لا يعلق إِلَّا ما كَانَ بمعنَى العلم.
وجميع أفعال التّحويل تتصرف، إِلا (وَهَبَ)؛ فإِنه لازم المضي، و (هَبْ)؛ فإِنه لازم الأمر كما سبق.
و (هب) الثّانية: مبتدأ، و (قد ألزم) خبره. أي: و (هب) قد ألزم الأمر.
وفيه: أَن الفعل المقرون بـ (قد) يعمل فيما قبله، وتقديم معمول الخبر الفعلي علَى المبتدأ، وسيأتي فِي الفاعل.
والله الموفق
(1)
أي التعليق والإلغاء.
ص:
211 -
وَجَوِّزِ الإِلْغَاء لَا فِي الابْتِدَا
…
وَانْوِ ضَمِيْرَ الشَّانِ أَوْ لَامَ ابْتِدَا
(1)
212 -
فِي مُوهِمٍ إِلْغَاءَ مَا تَقَدَّمَا
…
وَالْتَزِمِ التَّعْلِيْقَ قَبْلَ نَفْيِ مَا
(2)
213 -
وَإِنْ وَلَا لَامُ ابْتِدَاءٍ أَوْ قَسَمْ
…
كَذَا وَالاسْتِفْهَامُ ذَا لَهُ انْحَتَم
(3)
ش:
تقدَّم أَن الإعمال أحسن مع التّوسط، وعكسه مع التّأخر، وسبق مفصلًا.
وإِذا ابتُدِئ بالعامل .. فَلَا إلغاء عند البصريين؛ كما قال: (وجوِّزِ الإلغاءَ لَا فِي الابتِدَا)؛ أَي: جوزه فِي التّأخير والتّوسط، لا فِي الابتداء.
وإِن ورد ما يوهم الإلغاء مع تقديم العامل:
* فَانْوِ ضمير الشأن فِي الفعل، ويكون هو المفعول الأول، والجملة بعده فِي محل نصب علَى المفعول الثّاني.
(1)
وجوز: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. الإلغاء: مفعول به لجوِّز. لا: حرف عطف. في الابتدا: جار ومجرور معطوف على محذوف، والتقدير: جوز الإلغاء في التوسط وفي التأخر لا في الابتداء. وانو: الواو حرف عطف، انو: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. ضمير: مفعول به لانو، وضمير مضاف. والشأن: مضاف إليه. أو: عاطفة. لامَ: معطوف على ضمير، ولام مضاف. وابتدا: مضاف إليه وقد قصره للضرورة.
(2)
في موهم: جار ومجرور متعلق بانو في البيت السابق، وفاعل موهم: ضمير مستتر فيه. إلغاء: مفعول به لموهم، وإلغاء: مضاف. وما: اسم موصول مضاف إليه. تقدما: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى (ما) الموصولة، والجملة من (تقدم وفاعله): لا محل لها صلة (ما) الموصولة. والتُزِمَ: فعل ماض مبني للمجهول. التعليق: نائب فاعل لالتزم. قبل: ظرف متعلق بالتزم، وقبل: مضاف. ونفي: مضاف إليه، ونفي مضاف. وما: قصد لفظه مضاف إليه.
(3)
وإن، ولا: معطوفان على (ما) في البيت السابق. لامُ: مبتدأ، ولام مضاف. وابتداء: مضاف إليه. أو: عاطفة. قَسَمْ: معطوف على (ابتداءٍ). كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. والاستفهام: مبتدأ أول. ذا: اسم إشارة: مبتدأ ثان. له: جار ومجرور متعلق بانحتم الآتي. انحتم: فعل ماض، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى اسم الإشارة، والجملة من انحتم وفاعله: في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره: في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
* أَو تنوي لام الابتداء، فيكون العامل معلَّقًا.
* فالأول؛ كقولِهِ:
..............................
…
وَمَا إِخَالُ لَدَنيَا مِنكِ تَنْوِيلُ
(1)
فضمير الشّأن منوي فِي (إخال)، وهو المفعول الأول، و (لدنيا منك تنويل): جملة من مبتدأ وخبر فِي موضع المفعول الثّاني؛ أَي: وما إخاله لدنيا منك تنويل).
وقيل: هو علَى تقدير اللّام؛ أَي: لدنيا منك تنويل.
وكسر همزة (إخال) فصيح استعمالًا، شاذًا قياسًا.
(1)
التخريج: عجز بيت من البسيط، وصدره: أَرجُو وِآمَل أَنْ تَدْنُو مَوَدَّتها
والبيت لكعب بن زهير من القصيدة المشهورة في مدح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي مطلعها قوله:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي اليَوْمَ مَتْبُولُ
…
مَتَيَّمٌ إِثْرهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 258، وابن عقيل 129/ 2/ 47، والأشموني: 334/ 1/ 160 والخزانة: 4/ 7، والعيني: 2/ 412، وهمع الهوامع: 1/ 53، 153، والدرر اللوامع: 1/ 31، 136، وديوان كعب بن زهير: 9، وفيه برواية تعجيل.
اللغة: تدنو: تقرب. تنويل: إعطاء.
المعنى: إني لأرجو أن تدنو مودتها، وتقرب محبتها، وما أظن أني سأصل منك إلى أي عطاء أو تنويل.
الإعراب: أرجو وآمل: فعلان مضارعان، والفاعل فيهما: أنا. أن: حرف ناصب. تدنو: فعل مضارع منصوب بـ (أن) وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الواو، منع من ظهورها السكون العارض لضرورة الشعر. مودتها: فاعل ومضاف إليه، وها: عائد إلى سعاد. وما: الواو عاطفة. ما: نافية. إخال: فعل مضارع والفاعل أنا. لدينا: متعلق بمحذوف خبر مقدم، ونا: مضاف إليه. منك: متعلق بمحذوف حال من ضمير الخبر. تنويل: مبتدأ مؤخر مرفوع، وجملة المبتدأ والخبر: في محل نصب مفعول به ثان لإخال، والمفعول الأول: ضمير شأن محذوف على مذهب البصريين.
الشاهد: قوله: (وما إخال لدينا منك تنويل)؛ حيث إن ظاهر البيت يوحي بإلغاء العامل (إخال) مع تقدمه على معموليه، وبهذا الظاهر أخذ نحاة الكوفة، لأنهم يجوزون إلغاء أفعال القلوب، مع تقدمها، لضعفها.
ولكن نحاة البصرة أولوا البيت بما يخرجه عن استشهاد الكوفيين، ولهم فيه توجيهات عدة، ذكرها المؤلف في المتن وأعربنا الشاهد على الوجه الثالث منها، وهو اعتبار إخال عاملة في مفعولين، الأول محذوف، وهو ضمير الشأن، والثاني جملة.
* والثّاني؛ كقولِهِ:
............................
…
إِنِّي رَأَيتُ مِلاكُ الشِّيمَةِ الأَدَبُ
(1)
(1)
التخريج: هذا عجز بيت من البسيط، وصدره: كَذَاكَ أُدِّبتُ حَتَّى صَارَ مِن خُلُقِي
وقبله قوله:
أُكْنِيهِ حينَ أُنَادِيهِ لأُكرِمَهُ
…
وَلَا أُلقِّبُهُ وَالسَّوأَةُ اللَّقَبُ
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 258، وابن عقيل: 130/ 2/ 49، والأشموني: 335/ 1/ 160 وهمع الهوامع: 1/ 153، والدرر اللوامع: 1/ 135، والخزانة: 4/ 5 والعيني: 2/ 411، وشرح التبريزي على الحماسة تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد: 3/ 147، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي:1146. وهي برواية الأدبا.
اللغة: كذاك: اسم الإشارة، يراد به مصدر الفعل المذكور بعده؛ أي: تأديبًا مثل ذلك التأديب المعبر عنه في قوله: (أكنيه حين
…
). ملاك الشيء: قوامه الذي يملك به. الشيمة. الخلق، والجمع: الشِّيَم.
المعنى: أُدِّبتٌ أدبًا مثل ذلك الأدب العظيم، حتى من شيمتي وطبعي: الإيمان بأن رأس الأخلاق، وملاك الفضائل الإنسانية هو الأدب.
الإعراب: كذاك: الكاف اسم بمعنى مثل، صفة لمحذوف واقع مفعولًا مطلقًا من (أُدِّبت) الذي بعده، واسم الإشارة: مضاف إليه، أو الكاف: حرف جر، واسم الإشارة: اسم مجرور، والجار والمجرور: متعلق بمحذوف صفة لمصدر محذوف واقع مفعولًا مطلقًا لأدبت، والتقدير: أدبت تأديبًا مثل هذا التأديب. أُدِّبت: فعل ماضٍ مبني للمجهول، والتاء: نائب فاعل. حتى: ابتدائية. صار: فعل ماضٍ ناقص. من خلقي: متعلق بمحذوف خبر صار المقدم، والياء: مضاف إليه، أني: حرف مشبه واسمه. وجدت: فعل ماضٍ وفاعل، وجملة وجدت في محل رفع خبر (أنَّ)، والمصدر المؤول من (أنَّ) وما دخلت عليه: في محل رفع اسم صار. ملاك: مبتدأ. الشيمة: مضاف إليه. الأدب: خبر مرفوع، وجملة ملاك الشيمة الأدب: في محل نصب، سدت مسد مفعولي (وجد) على تقدير لام ابتداء، علقت هذا الفعل عن العمل في لفظ جزأي الجملة، والأصل:(وجدت لَملاكُ الشيمة الأدبُ)، أو الجملة في محل نصب مفعول ثان لفعل (وجد)، ومفعوله الأول: ضمير الشأن المحذوف، والتقدير: وجدته -أي الحال والشأن- ملاك الشيمة الأدب.
الشاهد: قوله: (وجدت ملاكُ الشيمة الأدبُ)؛ حيث ألغى الفعل (وجد) مع تقدمه على معموليه، إذ لو أعمله، لنصب به ملاك والأدب على أنهما مفعولان، ولكن رواية البيت برفعهما، وفي هذا الشاهد خلاف بين النحويين، فذهب الكوفيون إلى أن ما جاء في هذا الشاهد وأمثاله من باب الإلغاء، لأن الإلغاء -عندهم- جائز مع تقدم العامل، كجوازه في التوسط والتأخر، والعلة
أَي: (لَملاكُ الشّيمة الأدبُ)؛ فهو من باب التّعليق.
وخرجه المصنف علَى أن فيه ضمير الشّأن.
ويروَى بنصب (ملاكَ) ، و (الأدبَ).
ولَا يمتنع الإلغاء مع التّقديم عند البصريين إِلَّا حيث لم يسبق العامل بشيء.
فإِن سبق بشيء .. جاز الإِلغاء؛ نحو: (متَى ظننت زيد كريم).
والكوفيون يجيزون الإِلغاء بِلَا شرط؛ كـ (ظننت زيدٌ أخوك).
وأشار بقوله (والتُزِمَ التّعليق قبلَ نَفي مَا)
…
إِلَى قوله: (انحتم): إِلى أنه إِذا وقع بعد العامل (ما)، أَو (إن)، أو (لا) النّافيات، أَو (لام ابتداء)، أَو (لام قسم)، أَو (أداة استفهام) .. وجب التّعليق؛ لأنَّ هذه الأدوات لها الصّدر، فَلَا يعمل ما قبلها فِي لفظ ما بعدها وعكسه.
وفي (لا): تفصيل.
ولَا يرد نحو: (إن زيدًا لقائم)، ولَا نحو:(ضربت زيدًا لا عمرًا)؛ لأن اللّام مؤخرةٌ مِن تقديمٍ كما سبق فِي محله، فتخطاها العامل، ولأن (لا) لم تقع فِي جواب قسم، وهي فِي هذا الباب يذكر معها القسم كما سيأتي.
وبعضهم: لا يعد (لا) النّافية فِي المعلِّقات.
والمشهور: خلافه، وأن لها الصّدارة فِي هذا الباب؛ لأَنَّها فِي جواب قسم كما ذُكر، فتقول:(ظننت ما زيدٌ أخوك) فـ (زيدٌ): مبتدأ، و (أخوك): خبره، والجملة: فِي محل نصب؛ لأنَّ العامل معلق بالنّفي، وقد سدّت الجملة مسد المفعولين.
ودليل كونها فِي محل نصب: جواز نصب المعطوف علَى محلها، ومثَّل لهُ بعضهم بـ:(علمت ما زيد قائم وعمرًا).
والّذي صححه بعض المتأخرين: أَن هذا المعطوف علَى المحل لا بد أَن يكونَ فيه معنَى الجملة؛ لأنَّ مطلوب هذه العوامل هو مضمون الجمل، واستدل بقول الشّاعر:
في ذلك، أن أفعال القلوب ضعيفة عن بقية الأفعال المتعدية، وهذا الإلغاء أثر من آثار ضعفها.
وأما البصريون فخرجوا هذا الشاهد وأمثاله على ثلاثة احتمالات، وانظر تفصيل هذه المسألة في شرح التصريح: 1/ 258، وشرح ابن عقيل: ط. دار الفكر: 1/ 342 - 344.
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي قَبلَ عَزَّةَ مَا الهوَى
…
وَلَا مُوجِعَاتِ القَلْبِ حَتى تَوَلَّتِ
(1)
بنصب (موجعات) عطفًا علَى محل (ما الهوى) وهو فِي معنَى: (قلبي لهُ موجعات).
وحيث يثبت التّعليق .. لا يجوز الإِلغاء.
ومن التّعليق بالنّفي أيضًا قوله تعالَى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} .
وتقول: (ظننت والله أَن زيد أخوك)، و (ظننت والله لا زيد أخوك)، فَلَا بدَّ من القسم مع (إنْ) و (لَا) النّافيتين.
ويجوز أَن يقدر.
(1)
التخريج: البيت لكثير عزة في ديوانه ص 95، وخزانة الأدب 9/ 144، وشرح التصريح 1/ 257، وشرح شواهد المغني ص 813، 824، وشرح قطر الندى ص 178، ومغني اللبيب ص 419، والمقاصد النحوية 2/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 64.
اللغة: أدري: أعرف. عزة: اسم حبيبة الشاعر. تولت: ابتعدت.
المعنى: يقول: لم أكن أعرف البكاء والحسرة إلا بعد أن ابتعدت عزة، وتخلت عني.
الإعراب: وما: الواو: بحسب ما قبلها، ما: حرف نفي. كنت: فعل ماض ناقص، والتاء: ضمير في محل رفع اسم كان. أدري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل، والفاعل: أنا. قبل: ظرف متعلق بأدري، وهو مضاف. عزة: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. ما: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. الهوى: خبر المبتدأ مرفوع. أو (ما) في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ، والهوى: مبتدأ مؤخر مرفوع. ولا: الواو: حرف عطف، لا: حرف لتأكيد النفي. موجعات: معطوف على محل جملة ما الهوى منصوب بالكسرة بدلًا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم، وهو مضاف. القلب: مضاف إليه مجرور. حتى: حرف جر وغاية. تولت: فعل ماض، والفاعل: هي، والتاء: للتأنيث. والمصدر المؤول من أن المضمرة وما بعدها في محل جر بحرف الجر حتى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل أدري.
وَجُملَة (ما كنت أدري): لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية أو استئنافية، أو معطوفة على جملة سابقة. وجملة (ما الهوى): في محل نصب مفعول به لأدري. وجملة (تولت): لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول الحرفي.
الشاهد: قوله: (ولا موجعات) حيث عطف بالنصب على محل مفعول أدري، الذي بمعنى (أعلم)، فهو يقتضي مفعولين، لأن بعض المتأخرين صحح أَن هذا المعطوف علَى المحل لا بد أَن يكونَ فيه معنَى الجملة؛ لأنَّ مطلوب هذه العوامل هو مضمون الجمل.
و (ما الاستفهامية) في قوله: (ما الهوى): علق أدري عن العمل لفظًا لا محلًا، لأن اسم الاستفهام لا يجوز أن يعمل فيه ما قبله، لأن رتبته التصدير.
ومن التّعليق بلام الابتداء: (ظننت لَزيدٌ أخوك).
وفي القرآن: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ؛ فـ (مَن): مبتدأ، و (خلاق): مبتدأ ثان جر بمِن الزّائدة، و (ما لهُ فِي الآخرة): خبر عن (خلاق)، و (الجملة): خبر (من اشتراه)، و (من اشتراه وخبره): جملة فِي محل نصب علق عنها العامل بلام الابتداء.
ومن لام القسم: قولُ الشّاعرِ:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَتأْتِيَنَّ مَنِيَّتي
…
............................
(1)
أَي: (والله لتأتين).
(1)
صدر بيت من الكامل، وعجزه: إنَّ الْمَنَايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها
التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 308، وتخليص الشّواهد ص 453، وخزانة الأدب 9/ 159 - 161، والدّرر 2/ 263، وشرح شواهد المغني 2/ 828، والكتاب 3/ 110، والمقاصد النّحوية 2/ 405، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 61، وخزانة الأدب 10/ 334، وسر صناعة الإِعراب ص 400، وشرح قطر النّدى ص 176، ومغني اللّبيب 2/ 401، 407، وهمع الهوامع 1/ 154.
اللُّغة: المنية: الموت. تطيش: تخطئ.
المعنى: يقول: لقد عرفت أن الموت لا مفر منه، وأن سهامه لا تخطئ أحدًا من النّاس عاجلًا أم آجلًا.
الإِعراب: ولقد: الواو: بحسب ما قبلها، لقد: اللّام: موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق. علمت: فعل ماض، والتّاء: فاعل. لتأتينَّ: اللّام: واقعة في جواب القسم، تأتين: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التّوكيد الثّقيلة، والنّون: للتوكيد. منيتي: فاعل مرفوع بالضّمة المقدرة على ما قبل الياء، وهو مضاف. والياء: ضمير في محل جر بالإِضافة. إِنَّ: حرف مشبه بالفعل. المنايا: اسم إِنَّ منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. لا: حرف نفي. تطيش: فعل مضارع مرفوع. سهامها: فاعل مرفوع، وهو مضاف، وها في محل جر بالإِضافة.
وَجُملَة (قد علمت): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها ابتدائية أو استئنافية. وجملة (تأتين منيتي): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها جواب القسم. وجملة (إِن المنايا
…
): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها استئنافية. وجملة (لا تطيش سهامها): في محل رفع خبر إِن.
الشاهد: قوله: (علمت لتأتين منيتي) حيث جاء الفعل علم المتعدي إِلى مفعولين معلقًا عن العمل لفظًا لا تقديرًا بسبب اعتراض اللّام الواقعة في جواب القسم بينه وبين معموليه.
فالقسم وجوابه: جملة فِي محل نصب علقت بلام القسم؛ أَي: بلام جواب القسم.
وبعضهم لا يذكر لام القسم فِي المعلِّقات أيضًا.
وأما الاستفهام:
فتارة يكون هو نفسه أحد المفعولين؛ كـ (ظننت أيهم أخوك)، و (علمت أيهما زيد)، ومنه:
............... ما البكا
…
....................
(1)
كما سبق فِي الشّاهد آنفًا.
وفي القرآن: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى}
…
الآية؛ فـ (أي): اسم استفهام مبتدأ، و (أحصَى): خبره، والجملة: معلق عنها العامل فِي محل نصب.
وتقول: (علمت متَى سفرُك)، فـ (متَى): خبر مقدم، و (سفرُك): مبتدأ، والجملة: فِي محل نصب علَى التّعليق بالاستفهام.
وتارة يكون الاستفهام فضلة متوسطة بَينَ الجملة والعامل؛ لقوله تعالَى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} ؛ فـ (أي): اسم استفهام مفعول مطلق منصوب بـ (ينقلبون) وهو مقدم من تأخير؛ لأنَّ الأصل: (ينقلبون أَيَّ منقلب) يعني؛ (أَيَّ انقلابٍ) فقدم؛ لأنَّ لهُ صدر الكلام.
ولَا يجوز أَن يكونَ مفعولًا لـ (سيعلم)؛ لأنَّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله علَى المشهور، وجملة (ينقلبون): معلق عنها العامل بالاستفهام؛ فهي فِي محل نصب.
وقال أبو البقاء: (أَيَّ منقلب): صفة لمصدر محذوف؛ أَي: ينقلبون انقلابًا أَيَّ منقلب صفة لمصدر.
ثم قال: ولَا يعمل فيه (سيعلم)؛ لأنَّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. انتهَى.
وهو مردود؛ لأن (أيًّا) الواقعة صفة لا تكون استفهامية، وكذلك الاستفهامية لا تكون صفة لشيء، كما نص عليه السّمين رحمه الله.
ومنه: (ظننت أزيدٌ قائم).
(1)
تقدم إعرابه وشرحه، وذكره هناك بلفظ:(ما الهوى).