المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وحذفت الواو في قول الشّاعر: إِذَا جَرَى في كَفِّهِ الرِّشَاءُ … - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[الفارضي]

الفصل: وحذفت الواو في قول الشّاعر: إِذَا جَرَى في كَفِّهِ الرِّشَاءُ …

وحذفت الواو في قول الشّاعر:

إِذَا جَرَى في كَفِّهِ الرِّشَاءُ

جَرَى القَلِيبُ لَيسَ فِيهِ مَاءُ

(1)

فجملة (ليس فيه ماء): حال من (القليب)، وهو البئر.

و (الرِّشاءُ) بالكسر: الحَبْلُ.

‌تنبيه:

سبق أَن الجملة الطّلبية لا تقع حالًا، وكذا التَّعجبية أيضًا.

خلافًا للفراء في الطّلبية؛ نحو: (تركت زيدًا قم إِليه)، ومنه:(وجدت النّاس اخبر .. تقله)، وسيأتي مفصلًا في الاختصاص.

ولا تقترن الجملة الحالية بدل استقبال؛ لما بينهما من المنافاة، فخرج نحو:(امرر بزيد سيقوم)، أو (سوف يقوم)، أو (لن يقوم).

وغلط من أعرب {سَيَهْدِينِ} حالًا في الآية الشّريفة

(2)

.

ويجوز وقوعها صفة؛ كقوله:

وإِلَّا فَهَبهَا ذِمَّةً سَتَضِيعُ

.............................

(3)

والله الموفق

(1)

التخريج: البيتان من الرجز المشطور، لأعرابي لم يعرف اسمه. وينظر في: دلائل الإعجاز (ص 222)، وشرح المصنف (2/ 367)، والتذييل (3/ 735)، والارتشاف (2/ 367)، والمساعد (2/ 46).

اللغة: الرشاء: الحبل، والقليب: البئر قبل بنائها بالحجارة.

الشاهد: قوله: (ليس فيه ماء)، حيث جاءت الحال في جملة فعلية غير مقترنة بالواو، وهي جملة (ليس فيه ماء) فعلها (ليس)، واقتران جملة الحال بالواو إذا كانت بهذه المنزلة جائز.

(2)

وقال {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62].

(3)

التخريج: شطر بيت من الطويل، ولم أعثر عليه فيما بين يدي من مراجع.

الشاهد: قوله: (ذمة ستضيع)؛ حيث وقعت جملة الحال صفة، وذلك جائز.

ص: 337

ص:

355 -

وَالحَالُ قَد يُحذَفُ مَا فِيهَا عمِل

وَبَعضُ مَا يُحذَفُ ذِكرُهُ حُظِل

(1)

ش:

يجوز يجوز حذف عامل الحال؛ نحو: (راكبًا) لمن قال: (كيف جئت؟)؛ أَي: (جئت راكبًا).

قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ؛ التقدير والله أعلم بمراده: (فصلوا رجالًا أَو ركبانًا).

{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ} ؛ التَّقدير والله أعلم بمراده: (بلَي نجمعها قادرين).

والفراء: أن (قادرين): مفعول ليحسب محذوفًا؛ أي: (بلى ليحسبنا قادرين).

ومن حذف عامل الحال جوازًا قولهم:

(حَظِيِّيْنَ بناتٍ، صَلِفِينَ كَنَّاتٍ)

(2)

؛ التقدير: (عُرِفتم حظيِّين صلفين).

والأول: اسم فاعل من (حظي حظوة)، و (صلفت المرأة): إِذا لم يكن لها حظ عند زوجها، و (بنات)، و (كنات): تمييز، جمع (كِنَّة) زوجة الابن.

(1)

والحال: مبتدأ. قد: حرف تحقيق. يحذف: فعل مضارع مبني للمجهول. ما: اسم موصول نائب فاعل ليحذف، والجملة من الفعل ونائب الفاعل: في محل رفع خبر المبتدأ. فيها: جار ومجرور متعلق بعمل الآتي. عمل: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها صلة الموصول. وبعض: مبتدأ أول، وبعض مضاف. وما: اسم موصول مضاف إليه. يحذف: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، والجملة لا محل لها صلة الموصول. ذكره: ذكر: مبتدأ ثان، وذكر مضاف، والهاء مضاف إليه. حظل: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، والجملة من حظل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(2)

قال الميداني في المجمع 1/ 209: حَظِيِّيْنَ بناتٍ، صَلِفِينَ كَنَّاتٍ.

يضرب هذا المثل في أمر يَعسُر طلب بعضه ويتيسر وجود بعضه.

ص: 338

وأشار بقوله: (وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ ذِكرُهُ حُظِلْ) -أي: مُنع-: إِلَى أَن بعض عوامل الحال المحذوفة يمتنع ذكره والتَّصريح به، فيجب الحذف قياسًا إذا كانت الحال مؤكّدة المضمون الجملة؛ نحو:(أنا زيد معروفًا) كما سبق عند قوله: (وإنْ تؤكَّد جُملَة فمُضمَرُ).

* وكذا إذا قصد بالحال بيان زيادة أو نقص بتدريج، وهذه تقترن بالفاء؛ نحو:(تصدق بدينار فصاعدًا)؛ التقدير: (فذهب المتصدق به صاعدًا) و (بعه بدينار فسافلًا)؛ أي: (فذهب الثّمن سافلًا).

* وكذا الحال التي تسد مسد الخبر كـ (ضربي العبد مسيًا)؛ أي: (ضربي العبد ثابت إذا كَانَ مسيًا) كما سبق في الابتداء.

و (مسيًا): حال من الضّمير في كَانَ.

* ومنها إذا قصد بالحال التّوبيخ؛ نحو: (أغافلًا وقد قرب الموت)؛ أَي: (أتلهو غافلًا)، وكقولك لمن لا يثبت على حالة واحدة في نسبه:(أتميمًا مرة وقيسيًا أخرى؟)؛ أَي: (تتحول مرة تميميًا وأخَرى قيسيًا؟).

وقيل: هو على حذف مضاف؛ أَي: (أتتحول تحوُّل تميمي) ونحوه.

* ومن حذف العامل سماعًا قولهم: (هنيئًا)؛ أي: (ثبت الخير لك هنيئًا).

* ويجوز حذف الحال ما لم تنب عن غيرها: كـ (ضربي العبد مسيئًا).

* أو يتوقف المراد عليها كاللازمة في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} .

* ويكثر حذفها إن كانت قولًا؛ كقوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} ؛ أي: (قائلين سلام عليكم).

و (ذِكرُ): مبتدأ، و (حُظِل): خبره، والجملة: خبر عن (بعضُ).

والله الموفق

* * *

ص: 339