المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يريد: (ابنُ هوبر). ولا لبس في قوله: (المال يزري بأقوام ذوي - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[الفارضي]

الفصل: يريد: (ابنُ هوبر). ولا لبس في قوله: (المال يزري بأقوام ذوي

يريد: (ابنُ هوبر).

ولا لبس في قوله: (المال يزري بأقوام ذوي حسب)، والتقدير:(فقد المال) ولولا ذلك لفسد المعنى، وقد يحذف (المال) المضاف للضمير، ويقام المضاف إليه مقامه ويجعل ضميرًا مستترًا بعد أن كان بارزًا؛ كقوله:

فَدَقَّتْ وَجَلَّتْ وَاسْبَكَرَّتْ وأُكْمِلَتْ

.................

(1)

أراد: (دق خصرها، وجلت عجيزتها، واسبكرَّ قوامها، وأكملت محاسنها).

فحذف أربعة أسماء مضافة، وأقام مقامها أربعة ضمائر كانت مجرورة فرفعت واستترت في الفعل.

‌تنبيه:

يقوم الثاني مقام الأول في التذكير والتأنيث، وكما قام مقامه في الإعراب.

قال الشيخ:

ومن الأول: قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ} ، التقدير:(أهل القرى)، فحذف (أهل) وأقيم (القرى) مقامه في التذكير فعاد إليها ضمير الذكور العقلاء.

وكذا قوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ} ، التقدير: كـ (ذي ظلمات)

= والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. في: حرف جر. ملتقى: اسم مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف. والجار والمجرور متعلقان بـ قضى. القوم: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. هوبر: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.

وجملة (فرّ الحارثيّون): في محل جر بالإضافة.

الشاهد فيه: حذف المضاف (ابن) وإقامة المضاف إليه (هوبر) مقامه. وهذا من الملبس؛ لأنه من المحتمل أن السامع لا يعرف ابن هوبر هذا، وليس هناك قرينة تشير إلى ذلك.

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فلو جُنّ إنسانٌ من الحُسْن جُنّت

وهو للشنفرى في مجالس ثعلب (358) برواية: "إنسان" بدل "الناس"، وشرح التسهيل 3/ 267، وشرح الألفية للشاطبي 1/ 536.

الشاهد قوله: (فَدَقَّتْ وَجَلَّتْ وَاسْبَكَرَّتْ وأُكْمِلَتْ)؛ حيث حذف أربعة أسماء مضافة، وأقام مقامها أربعة ضمائر كانت مجرورة فرفعت واستترت في الفعل، والأصل:(دق خصرها، وجلت عجيزتها، واسبكرَّ قوامها، وأكملت محاسنها).

ص: 511

فحذف المضاف وعادت الهاء على (ظلمات).

والثاني: كقولِ الشاعرَ:

مَوَّتْ بِنَا فِي نِسوَةٍ خَوْلَةٌ

وَالمِسْكُ مِنْ أَرْدَانِهَا نَافِحَهْ

(1)

فأخبر عن (المسك) بـ (نافحة)؛ لأن التقدير: و (رائحة المسك).

* وقد يعود ضمير (العقلاء) لغير العاقل بدون ما ذكر إذا نزل منزلته؛ كقوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} ، {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} .

* وقد عاد على المؤنث للتعظيم، في قول الشاعرِ:

فَإِن شِئتِ طَلَّقْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ

(2)

(1)

التخريج: البيت من السريع، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 324؛ والدرر 5/ 39؛ وهمع الهوامع 2/ 51.

اللغة: خولة: اسم امرأة. المسك: نوع من الطيب. الأردان: جمع الردن، وهو الكم الواسع، وهنا الثياب. نافحة: فائحة.

المعنى: يصف الشاعر خولة بأنها طيبة الرائحة، ينبعث من أثوابها ريح المسك إذا ما مرت بصحبة نسوة بنا.

الإعراب: مرت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. بنا: جار ومجرور متعلقان بمر. في نسوة: جار ومجرور متعلقان بمر أو بمحذوف حال من خولة. خولة: فاعل مرفوع بالضمة. والمسك: الواو: حالية، والمسك: مبتدأ مرفوع بالضمة. من أردانها: جار ومجرور متعلقان بنافحة، وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. نافحة: خبر المبتدأ مرفوع، وسكن للوقوف.

وجملة (مررت بنا خولة): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (المسك نافحة): في محل نصب حال.

الشاهد: قوله: (والمسك نافحة)؛ حيث أخبر عن المبتدأ المذكر (المسك) بمؤنث (نافحة) والمفروض أن يتطابق المبتدأ والخبر تذكيرًا أو تأنيثًا وإفرادًا أو تثنية أو جمعًا. ولكن المقصود من هذا الكلام هو: (ريح المسك نافحة) فحذف المضاف (ريح) وأقيم المضاف إليه (المسك) مكانه في الإعراب. فصار مرفوعًا على أنه مبتدأ بعد أن كان مجرورًا بالإضافة، وفي التأنيث الذي كان للمضاف المحذوف، فلذلك أخبر عنه بالمؤنث.

(2)

شطر بيت من الطويل، ولم أجده فيما بين يدي من مراجع.

الشاهد: قوله: (النساء سواكم)؛ حيث أعاد الضمير على المؤنث بلفظ المذكر المجموع للتعظيم.

ص: 512

وقوله:

وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ البَينِ إذْ رَحَلُوا

. . . . . . . . . .

(1)

أو أنها رحلت مع قومها، ففيه التغليب؛ كقول أبي جحيفة رضي اللَّه تعالى عنه: خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأتي بوضوء فتوضأ وصلى بنا الظهر والعصر، وبين يديه عنَزَةٌ، والمرأة والحمار يمرون من ورائها.

قال المصنف أراد: (المرأة والحمار وراكبه)، فحذف الراكب لدلالة الحمار، ثم غلب تذكير الراكب المعهود على تأنيث المرأة، وبهيمة الحمار.

ومن التشاكل قول بعض العرب

(2)

(اللَّهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين ومن

(3)

أضللن)، واللائق:(ومن أضلوا).

وحمل على حذف الموصوف قوله تعالى: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} ؛ أي: (من القوم القانتين).

وقيل غير ذلك.

وقد عادت النون للذكور العقلاء على تأويل الجماعة، في قول الشاعرِ:

(1)

التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: إلا أغن غضيض الطرف مكحول

وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص 60؛ والدرر 5/ 311؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 139؛ وشرح شواهد المغني 2/ 525؛ والشعر والشعراء 1/ 160؛ ولسان العرب 13/ 315 (غنن)؛ وهمع الهوامع 2/ 108؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 438؛ والمنصف 3/ 85.

الشاهد: قوله: (رحلوا)؛ حيث أعاد الضمير على المؤنث بلفظ المذكر المجموع للتعظيم.

وله توجيه آخر ذكره المصنف، وهو: أنها رحلت مع قومها. . ففيه التغليب.

(2)

بل هو حديث نبوي شريف، وهو دعاء دخول السوق كما رواه ابن خزيمة في صحيحه 2389: عن صهيب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: "اللَّهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها".

(3)

الأولى أن تكون (ما) كما في الحديث السالف الذكر.

أقول: وفي استعمال (ما) بدل (مَن) هنا نكتة لطيفة، وهي: أن من يغويه الشيطان يكون غالبًا قد ترك عقله جانبًا، فناسبه استعمال (ما) والتي تختص بما لا يعقل. واللَّه أعلم.

ص: 513

يَمُرُّونَ بِالدَّهْنَا خِفَافًا عِيَابُهُمْ

وَيَخْرُجْنَ مِن دَارِينَ بُجْرَ الحَقَائِبِ

(1)

فقال: (يمرون)، ثم قال:(يخرجن)، واللائق:(يخرجون).

وعن الشعبي: أنه قال بمجلس عبد الملك بن مروان: (رجلان جاؤوني)، فقال:

(1)

التخريج: البيت من الطويل، وبعده:

على حينَ ألْهَى الناسَ جُلُّ أمورِهِمْ

فنَدْلا زُرَيْقٌ المالَ نَدْلَ الثّعالبِ

وهما أو أحدهما لأعشى همدان في الحماسة البصرية 2/ 262، 263، ولشاعر من همدان في شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير في المقاصد النحوية 3/ 46، وهما في ملحق ديوان الأحوص ص 215، وملحق ديوان جرير ص 1021، وبلا نسبة في الإنصاف ص 293، وأوضح المسالك 2/ 218، وجمهرة اللغة ص 62، والخصائص 1/ 120، وسر صناعة الإعراب ص 507، وشرح التصريح 1/ 331، والكتاب 1/ 115، ولسان العرب 9/ 70 خشف، 11/ 653 ندل.

اللغة: الدهنا: اسم موضع. العياب: جمع العيبة، وهي وعاء الثياب. دارين: اسم قرية. بُجر الحقائب: أي منتفخة الحقائب. ألهى الناس: شغلهم. جل: معظم. الندل: الخطف.

المعنى: يقول: إن هؤلاء اللصوص يكونون صفر الأيدي حين ذهابهم إلى دارين، ولكن عند عودتهم تكون حقائبهم منتفخة مما اختلسوه من متاع، وينادي بعضهم بعضًا: اخطف سريعًا، وكن خفيف اليد.

الإعراب: يمرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو ضمير في محل رفع فاعل. بالدهنا: جار ومجرور متعلقان بيمرون. خفافا: حال منصوب. عيابهم: فاعل لخفاف، وهو مضاف، وهم: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ويخرجن: الواو حرف عطف، يخرجن: فعل مضارع مبني، والنون ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. من دارين: جار ومجرور متعلقان بيرجعن. بُجرَ: حال، وهو مضاف. الحقائب: مضاف إليه مجرور بالكسرة. على: حرف جر. حين: ظرف زمان في محل جر، أو مجرور بالكسرة. ألهى: فعل ماض. الناس: مفعول به مقدم. جل: فاعل مرفوع، وهو مضاف. أمورهم: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، وهم: ضمير في محل جر بالإضافة. فندلا: الفاء حرف استئناف، ندلا: مفعول مطلق لفعل محذوف. زريق: منادى بحرف نداء محذوف مبني على الضم في محل نصب. المال: مفعول به لندلًا تقديره: اندل. ندل: مفعول مطلق، وهو مضاف. الثعالب: مضاف إليه مجرور.

وجملة (يمرون): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (يرجعن): معطوفة على سابقتها. وجملة (ألهى): في محل جر بالإضافة. وجملة (اندل اندلا): استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة المنادى (زريق): اعتراضية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (ويخرجن)؛ حيث عادت النون على جماعة الذكور العقلاء بتأويل (الجماعة).

ص: 514

لحنت، قال: لم ألحن، مع قوله تعالى:{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} ، فقطعه.

وقد ينسب الشيء إلى اثنين والمراد واحد؛ كقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ، و (لا يخرجان إلا من الملح).

و (المُضافَ): مفعول بـ (يَلِي).

واللَّه الموفق

ص:

414 -

وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذي أبْقَوْا كَمَا

قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا

(1)

415 -

لكِنْ بِشَرط أَنْ يَكُوْنَ مَا حُذِفْ

مُمَاثِلًا لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ

(2)

ش:

سبق أن الثاني يقوم مقام الأول في الإعراب وغيره إذا حذف الأول.

وذكر هنا: أن الأول قد يحذف، ويبقى الثاني مجرورًا على حاله كما كان ذلك قبل حذف الأول، لكن بشرط أن يكون المضاف المحذوف معطوفًا على مضاف مذكور مماثل له في اللفظ والمعنى؛ كقوله الشاعرِ:

(1)

وربما: رب: حرف تقليل وجر، ما: كافة. جروا: فعل وفاعل. الذي: مفعول به لجروا أبقوا: فعل وفاعل، والجملة لا محل لها صلة. كما: جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف. قد: حرف تحقيق. كان: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه. قبل: ظرف متعلق بمحذوف خبر كان، والجملة من (كان) واسمه وخبره: لا محل لها صلة ما، وقبل مضاف وحذف: مضاف إليه، وحدف مضاف وما: اسم موصول بمعنى الذي مضاف إليه، والجملة من تقدما وفاعله المستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى ما: لا محل لها صلة (ما).

(2)

لكن: حرف استدراك. بشرط: جار ومجرور قال المعربون: إنه متعلق بمحذوف حال: إما من فاعل (جروا) في البيت السابق، وإما من مفعوله، وعندي أنه لا يمتنع أن يكون متعلقًا بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: لكن ذلك الجر كائن بشرط إلخ. أن: مصدرية. يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن. ما: اسم موصول: اسم يكون، وجملة حذف ونائب الفاعل المستتر فيه: لا محل لها صلة. مماثلا: خبر يكون. لِمَا: جار ومجرور متعلق بمماثل. عليه: جار ومجرور متعلق بعطف الآتي، وجملة. عطف مع نائب الفاعل المستتر فيه: لا محل لها صلة ما الموصولة المجرورة محلًا باللام.

ص: 515

أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبينَ امْرَأً

وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيلِ نَارَا

(1)

بجر (نار)، والأصل: و (كل نار)، فحذف المضاف وبقي الثاني مجرورًا به، وجاز ذلك: لأن المحذوف معطوف على مضاف مثله لفظًا ومعنى.

وجعل بعضهم من ذلك قراءة ابن جماز: (تريدون عرض الدنيا واللَّه يريد الآخرةِ)، بجر (الآخرة) على أن التقدير:(عرض الآخرة).

والتحقيق: أن التقدير: (واللَّه يريد عمل الآخرة)، فليس المحذوف مماثلًا لما عطف عليه؛ إذ لا يقال:(عرض الآخرة)؛ لأن ما في (الآخرة دائم).

واعتذر للأول: بأنه للمشاكلة.

وربما جاء الجر بدون عطف؛ كقوله:

رَحِمَ اللَّه أَعْظُمًا دَفَنُوهَا

بِسِجِسْتَانَ طَلْحَةِ الطَّلَحاتِ

(2)

(1)

التخريج: البيت لأبي دؤاد في ديوانه ص 353، والأصمعيات ص 191، وأمالي ابن الحاجب 1/ 134، 297، وخزانة الأدب 9/ 592، 10/ 481، والدرر 5/ 39، وشرح التصريح 2/ 56، وشرح شواهد الإيضاح ص 299، وشرح شواهد المغني 2/ 700، وشرح عمدة الحافظ ص 500، وشرح المفصل 3/ 26، والكتاب 1/ 66، والمقاصد النحوية 3/ 445، ولعدي بن زيد في ملحق ديوانه ص 199، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 49، والإنصاف 2/ 473، وخزانة الأدب 4/ 417، 7/ 180، ورصف المباني ص 348، وشرح ابن عقيل ص 399، وشرح المفصل 3/ 79، 142، 8/ 52، 9/ 105، والمحتسب 1/ 281، ومغني اللبيب 1/ 290، والمقرب 1/ 237، وهمع الهوامع 2/ 52.

شرح المفردات: تحسبين: تظنين: توقد: أي تتوقد: أي تشتعل.

المعنى: يقول: لا تحسبي أن كل من كان على هيئة رجل هو رجل، ولا كل نار هي نار، وإنما الرجل هو من تحلى بالصفات الحقيقية للرجل، والنار هي التي توقد للقِرى.

الإعراب: أكل: الهمزة: للاستفهام، كل: مفعول به مقدم، وهو مضاف. أمرئ: مضاف إليه تحسبين: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والياء في محل رفع فاعل. امرأ: مفعول به منصوب. ونار: الواو حرف عطف، نار: معطوف على امرئ مجرور. توقد: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هي. بالليل: جار ومجرور متعلقان بتوقد. نارًا: مفعول به منصوب.

وجملة (تحسبين): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (توقد): في محل جر نعت نار.

الشاهد: قوله: (ونار)؛ حيث حذف المضاف (كل) وأبقى المضاف إليه مجرورًا كما كان قبل الحذف، وذلك لأنه المضاف المحذوف معطوف على مماثل له، وهو:(كل امرئ).

(2)

التخريج: البيت لعبيد اللَّه بن قيس الرقيات في ديوانه ص 20، والحيوان 1/ 332، وخزانة الأدب 8/ 10، 14، والدرر 6/ 57، وشرح شواهد الإيضاح ص 294، ولسان العرب 2/ =

ص: 516

على رواية جر (طلحةَ)؛ أي: (أَعظُمَ طلحةَ).

وقولهم: (رأيت التيميَّ تيمِ عدي)، بجر:(تيمِ)؛ أي: (صاحب تيم عدي).

وعن الكوفيين: أن (تيم) بدل من ياء النسب؛ لأنها اسم عندهم في محل جر، ذكره القواس في "شرح ألفية ابن معطي".

واللَّه الموفق

ص:

416 -

ويُحْذَفُ الثَّانِي فَيَبْقَى الأَوَّلُ

كَحَالِهِ إِذَا بِهِ يَتَّصِلُ

(1)

417 -

بِشَرْطِ عَطْفٍ وَإِضَافَةٍ إِلَى

مِثْلِ الَّذِي لَهُ أَضَفْتَ الأَوَّلَا

(2)

= 533 (طلح)، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص 98، والجنى الداني ص 605، وخزانة الأدب 4/ 414، 10/ 128، ورصف المباني ص 297، 348، ولسان العرب 5/ 213 (نضر)، والمقتضب 1/ 188، 4/ 7، وهمع الهوامع 2/ 127.

اللغة: طلحة الطلحات: اسم الممدوح، وقيل سبب تسميته بذلك: أنه كان كريمًا، وقد زوّج مئة رجل عربي من مئة امرأة عربيّة، وقد دفع مهورهن من ماله، فكلّ من ولد له ذكر سمّاه طلحة فأضيف إليهم. سجستان: موضع معروف.

المعنى: يترحّم على عظام طلحة الطلحات المدفونة في سجستان.

الإعراب: رحم: فعل ماض مبني على الفتح. اللَّه: لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة. أعظمًا: مفعول به منصوب بالفتحة. دفنوها: فعل ماضٍ مبني على الضم، والواو: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، وها: ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به بسجستان: جار ومجرور بالفتحة عوضًا عن الكسرة لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، متعلّقان بـ دفنوها. طلحة: بدل من أعظمًا منصوب بالفتحة. الطلحات: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة (رحم اللَّه): ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (دفنوها): في محل نصب صفة لـ (أعظمًا).

الشاهد: قوله: (طلحة) حيث أبقى (طلحة) على جره من غير عطف، ولا لإضافة إلى مثل المحذوف، وهو غير الغالب في استعمال العرب.

(1)

ويحذف: فعل مضارع مبني للمجهول. الثاني: نائب فاعل يحذف. فيبقى: فعل مضارع. الأول: فاعل يبقى. كحاله: الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الأول، وحال مضاف وضمير الغالب مضاف إليه. إذا: ظرف متعلق بالحال. له: جار ومجرور متعلق بقوله: يتصل الآتي. يتصل: فعل مضارع. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى الأول، والجملة في محل جر بإضافة (إذا) إليها.

(2)

بشرط: جار ومجرور متعلق بقوله (يحذف) في البيت السابق، وشرط مضاف وعطف: مضاف =

ص: 517

ش:

يجوز حذف المضاف إليه، ويبقى المضاف على حاله، فلا يدخله تنوين كما كان ذلك والمضاف إليه موجود.

ويكثر هذا الاستعمال إذا عطف على المضاف اسم مضاف لمثل ما حذف من المضاف الأول؛ نحو: (خذ ربعَ وثمن المال)، بنصب (ربع) من غير تنوين؛ أي:(خذ ربع المال، وثمن المال)، فحذف من الأول لدلالة الثاني.

وقولهم: (قطع اللَّه يدَ ورِجلَ من قالها)؛ أي: (يد من قالها، ورجل من قالها)؛ وكقوله:

سَقَى الأَرَضِينَ الغَيثُ سَهْلَ وَحَزنَهَا

. . . . . . . . . . . .

(1)

بنصب (سهل)، و (حزنها) من غير تنوين، والأصل:(سهلها وحزنها) فحذف

= إليه. وإضافة: معطوف على عطف. إلى مثل: جار ومجرور متعلق بإضافة، ومثل مضاف والذي: اسم موصول. مضاف إليه. له: جار ومجرور متعلق بأضفت الآتي. أضفت: فعل وفاعل. الأول: مفعول به لأضفت، والجملة لا محل لها صلة الذي.

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فنِيطت عرا الآمال بالزرع والضرع

وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 326؛ والمقاصد النحوية 3/ 483.

اللغة: الأرضين: جمع الأرض. الغيث: المطر. السهل: المنبسط من الأرض. الحزن: الأرض الغليظة. نيطت: علقت. عرى: جمع عروة. الضرع: هنا كناية عن اللبن.

المعنى: يقول: سقى المطرُ الأرضَ سهلها وحزنها، فعلقت الآمال على الزرع والضرع.

الإعراب: سقى: فعل ماض، الأرضين: مفعول به منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم الغيث: فاعل مرفوع بالضمة. سهل: بدل من الأرضين منصوب. وحزنها: الواو حرف عطف، وحزن: معطوف على سهل منصوب، وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. فنيطت: الفاء: حرف عطف، ونيطت: فعل ماض للمجهول، والتاء: للتأنيث. عرى: نائب فاعل مرفوع بالضمة المقدرة، وهو مضاف. الآمال: مضاف إليه مجرور بالكسرة. بالزرع: جار ومجرور متعلقان بنيط. والضرع: الواو: حرف عطف، الضرع معطوف على الزرع مجرور بالكسرة.

وجملة (سقى. . .): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (نيطت. . .): معطوفة على سابقتها.

الشاهد: قوله: (سهل وحزنها) حيث حذف المضاف إليه وهو الضمير ها إذ التقدير سهلها ناويًا ثبوته بدليل أنه لم ينون المضاف (سهل).

ص: 518

المضاف إليه من الأول؛ لدلالة الثاني أيضًا.

وقولُ الآخر:

. . . . . . . . . . . .

بَينَ ذِرَاعَي وَجَبهَةِ الأَسَدِ

(1)

أي: (ذراعي الأسد وجبهة الأسد).

وقد يحذف المضاف إليه ويبقى المضاف على حاله بدون الشرط المذكور؛ كقراءة ابن محيصن: (فلا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون) بالرفع (من غير) تنوين على إهمال (لا)، التقدير واللَّه أعلم بمراده:(فلا خوف شيء عليهم).

وقرأ يعقوب: من غير تنوين على الإعمال.

(1)

التخريج: عجز بيت من المنسرح، وصدره: يا من رأى عارضا أُسَرُّ به

وهو للفرزدق في خزانة الأدب 2/ 319، 4/ 404، 5/ 289، وشرح شواهد المغني 2/ 799، وشرح المفصل 3/ 21، والكتاب 1/ 180، والمقاصد النحوية 3/ 451، والمقتضب 4/ 229، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 100، 2/ 264، 390، وتخليص الشواهد ص 87، وخزانة الأدب 10/ 187، والخصائص 2/ 407، ورصف المباني ص 341، وسر صناعة الإعراب ص 297، وشرح عمدة الحافظ ص 502، ولسان العرب 3/ 92 بعد، 15/ 492.

اللعة: العارض: السحاب يعترض الأفق. ذراعا الأسد: كوكبان يدل ظهورهما على نزول المطر. جبهة الأسد: كواكب سميت كذلك لموقعها من برج الأسد. فهي له بموقع الجبهة من الرأس.

المعنى: أيها القوم، من يبشرني برؤية الغمام بين موقعي ذراعي، وجبهة الأسد في السماء، فأفرح، وتفرحون لأن هذا يعني المطر والخصب.

الإعراب: يا من: يا: حرف نداء، مَن: اسم موصول بمعنى الذي في محل نصب على النداء. رأى: فعل ماضٍ مبني على الفتحة المقدرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو. عارضًا: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. أُسرُّ به: أُسر: فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنا، به: جار ومجرور متعلقان بالفعل أُسَر. بين: مفعول فيه ظرف مكان منصوب متعلق بالفعل رأى وهو مضاف. ذراعي: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة. وجبهة الأسد: الواو: عاطفة، جبهة: اسم معطوف على ذراعي مجرور بالكسرة الظاهرة وهو مضاف، الأسد: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

وجملة (يا من رأى): ابتدائية لا محل لها. وجملة (رأى): صلة الموصول لا محل لها. وجملة (أسر به): في محل نصب صفة لعارضًا.

الشاهد: قوله: (بين ذراعي وجبهة الأسد)؛ حيث حذف المضاف إليه من الأول لدلالة الثاني عليه.

ص: 519

وقرئ: (لأعدوا له عدةَ) بلا تنوين، التقدير واللَّه أعلم بمراده:(عدته).

ونحوه قولُ الشاعرِ:

وَمِنْ قَبلِ نَادَى كُلُّ مَولَى قَرَابَةً

. . . . . . . . . . . .

(1)

بالجر من غير تنوين؛ أي: (من قبل ذلك).

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فما عطفت مولى عليه العواطف

من شواهد: التصريح: 2/ 50، والأشموني: 643/ 2/ 322، وابن عقيل: 235/ 3/ 72، والعيني: 3/ 443، والهمع: 1/ 210، والدرر: 1/ 177.

اللغة: من قبل: أي من قبل ما حدث. مولى: للمولى معانٍ كثيرة منها: ابن العم، والسيد، والناصر، والقريب؛ والأول أو الأخير، هو المراد هنا. عطفت: أمالت ورققت. العواطف: الصلات والروابط التي تستلزم العطف، وميل بعض الناس لبعض؛ كالصداقة، والمروءة، والنجدة، ونحوها: وهي جمع عاطفة.

المعنى: يبين الشاعر في معرض وصفه لشدة نزلت به كيف نادى كل ابن عم أو عصبة قرابته؛ ومَن بينهم وبينه صِلات مودة وعطف ليساعدوه ويأخذوا بناصره؛ ولهول الموقف. . لم يجب أحد مستجيرًا، ولم يعطف قريب على قريب، أو يساعد صديق صديقا.

الإعراب: ومن: الواو بحسب ما قبلها، من: حرف جر. قبلِ: اسم مجرور بمن، وعلامة جره الكسرة؛ ومن قبل: متعلق بقوله: نادى الآتي. نادى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف؛ منع من ظهوره التعذر. كل: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف. مولى: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، منع من ظهورها التعذر. قرابةٍ: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة؛ وعلى هذه الرواية فالمفعول به لنادى محذوف، والتقدير: نادى كل مولى قرابة قرابته. فما: الفاء عاطفة، ما: نافية، لا محل لها من الإعراب. عطفت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث، لا محل لها. مولى: إما أن يكون مفعولًا به لعطف منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين، منع من ظهورها التعذر؛ أو بدلًا من الضمير المجرور بعلى بعده بدل كل من كل، قدم عليه لضرورة الشعر؛ أو حالًا من الضمير المجرور محلًا بعلى؛ والتقدير: فما عطفت العواطف عليه حال كونه مولى؛ أي: قريبًا. عليه: متعلق بعطف. العواطف: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الشاهد قوله: (ومن قبلِ) حيث جاءت (قبل) مجرورة؛ لمجيئها مضافة إلى مضاف إليه محذوف لفظه منوي ثبوته؛ وترك التنوين للإضافة المذكورة؛ لأن المنوي ثبوت لفظه كالثابت؛ والتقدير: (من قبل ذلك).

ص: 520

وقد جاء عكس المسألة السابقة؛ كقول رجل من الصحابة: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبع غَزَوَات وَثَمَانِيَ"، بفتح (الياء)؛ أي:(ثماني غزوات) فحذف من الثاني لدلالة الأول؛ كقولِ الشاعر:

خمسُ ذَوْدٍ أو سِتُّ عُوِّضْتُ مِنهَا

. . . . . . . . . . . .

(1)

وكان الأجود (ثمانيًا) و (ستًا)، وسيأتي الكلام على (ثماني) و (ثمانية) في العدد.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "أوحي إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثلَ أو قريبًا من فتنة الدجال" فحذف المضاف إليه من الأول؛ والتقدير: (مثل فتنة الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال).

ويروى: (أو قريبَ) بلا تنوين، وتقديره:(أو قريب الشبه من فتنة الدجال)، قاله المصنف رحمه الله.

تنبيه:

اختلف: (في قَطَع اللَّه يدَ ورِجلَ من قالها).

فأبو العباس المبرد والمصنف: أن المضاف إليه محذوف من الأول كما سبق.

وسيبويه: أن المضاف إليه محذوف من الثاني، والأصل:(قطع اللَّه يد من قالها ورجل من قالها)، فحذف (من قالها) الثاني، فحصل:(قطع اللَّه يد من قالها ورجل)، ثم قدم (ورجل) فأقحم بين المضاف والمضاف إليه، فحصل:(قطع اللَّه يد ورجل من قالها).

وابن عصفور: الأصل: (قطع اللَّه يد من قالها ورجله) فحذف الضمير من (رجله) ثم قدم فأقحم أيضًا بين المتضايفين.

وحكى الفراء: (يد)، و (رجل) مضافان معًا لقوله:(من قالها)، وليس في الكلام حذف.

(1)

التخريج: صدر بيت من الخفيف، وعجزه: منها مائة غير أبكر وأفال

انظره في التذييل (7/ 233)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 250).

اللغة: أبكر: جمع بَكر وهو الفتيُّ من الإبل. إفال: صغار الإبل مفرده أفيل.

الشاهد: قوله: (خمس ذود أو ستُّ) حيث حذف المضاف إليه من الثاني لدلالة الأول عليه؛ إذ التقدير: (ست ذود).

ص: 521

والمذهب الأول: أقل تكلف.

واللَّه الموفق:

ص:

418 -

فَصْلَ مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ مَا نَصَبْ

مَفْعُوْلًا أوْ ظَرْفًا أَجِرْ وَلَمْ يُعَبْ

(1)

419 -

فَصْلُ يَمِيْنٍ وَضْطِرَارًا وُجِدَا

بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِنَعْتٍ أَوْ نِدَا

(2)

ش:

يقول: إن كان المضاف يشبه إلفعل في العمل كالمصدر والصفة. . فأجز أن يَفصل المضافَ من المُضافِ إليه، ما نَصَبَهُ المضاف حالة كون المنصوب الفاصل بينهما مفعولًا للمضاف أو ظرفًا له.

فقوله: (فَصْلَ): مفعول بـ (أَجِزْ)، ومعناه: أن يفصل وما بعده: مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله.

وقوله: (ما نصب): فاعل بالمصدر المضاف، وهي موصولة واقعة على المفعول والظرف الفاصل، وفاعل (نصب): يعود على مضاف، والهاء العائدة على (ما): محذوفة؛ أي: ما نصبه المضاف.

وكأنه قال: (أجز في كل من المفعول أو الظرف أن يَفصِلَ هو المضاف من المضاف إليه).

وهذا الذي ذكره جائز في السعة وغيرها على الأصح؛ لأن الفصل حينئذ إنما هو

(1)

فصل مفعول به مقدم لأجز، وفصل مضافٍ ومضافٍ: مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله. شبهِ. نعت لمضاف، وشبه مضاف وفعلٍ: مضاف إليه. ما: اسم موصول: فاعل المصدر. نصب: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو، والجملة لا محل لها صلة ما، والعائد محذوف، وأصله ما نصبه. مفعولا: حال من ما الموصولة. أو: عاطفة. ظرفا: معطوف على قوله مفعولا. أجر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. ولم: نافية جازمة. يعب: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون.

(2)

فصلُ: نائب فاعل ليُعب في البيت السابق، وفصل مضاف ويمين: مضاف إليه. واضطرارًا: مفعول لأجله. وجدا: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى فصل. بأجنبي: جار ومجرور متعلق بوجد. أو بنعت: معطوف على بأجنبي. أو ندا: معطوف على نعت، وقصر قوله:(ندا) للضرورة، وأصله نداء.

ص: 522

بمعمول المضاف، فليس أجنبيًا منه.

فالفصل بالمفعول: كقراءة ابن عامر: (وكذلك زُيِّنَ لكثيرٍ من المشركين قتلُ أولادَهم شركائِهم)، بالبناء للمفعول في (زين قتل) على النيابة، ونصب (أولادَهم)، وجر (شركائِهم).

فقيل: مصدر مضاف، و (شركائهم) مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، و (أولادَهم): مفعول بالمصدر المضاف، وقد فصل المفعول بين المتضايفين.

وأنكر الزمخشري: هذه القراءة.

واستبعدها أبو البقاء.

وارتضاها المصنف.

ونحو قول الشاعرِ:

. . . . . . . . . . . .

فَسُقنَاهُمُ سَوقَ البُغَاثَ الأَجَادِلِ

(1)

(1)

التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: عتوا إذا أجبناهم إلى السلم رأفة

وهو لبعض الطائيين في شرح عمدة الحافظ ص 419، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 57، والمقاصد النحوية 3/ 465.

اللغة: عتوا: تجبروا. البغاث: من صغار الطير. الأجادل: جمع الأجدل، وهو الصقر.

المعنى: يقول: إنهم تجبروا واستكبروا حين استجبنا إلى مسالمتهم رأفة بهم وشفقة، ولما تجاوزوا الحد. . سقناهم أمامنا كما تسوق الصقور ضعاف الطيور.

الإعراب: عتوا: فعل ماض، والواو ضمير في محل رفع فاعل، والألف فارقة. إذ: ظرف زمان مبني في محل نصب، متعلق بعتوا. أجبناهم: فعل ماض، ونا: ضمير في محل رفع فاعل، وهم: ضمير في محل نصب مفعول به. إلى السلم: جار ومجرور متعلقان بأجبنا. رأفة: مفعول لأجله منصوب. فسقناهم: الفاء حرف عطف، سقناهم: فعل ماض، ونا ضمير في محل رفع فاعل، وهم في محل نصب مفعول به. سوق: مفعول مطلق منصوب وهو مضاف. البغاثَ: مفعول به لسوق منصوب. الأجادل: مضاف إليه مجرور.

وجملة (عتوا): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (أجبناهم): في محل جر بالإضافة. وجملة (سقناهم): معطوفة على جملة عتوا.

الشاهد: قوله: (سوق البغاثَ الأجادل) حيث فصل المفعول به (البغاث) بين المضاف (سوق) والمضاف إليه (الأجادل).

ص: 523

فـ (سوق): مصدر للأجادل من إضافة المصدر لفاعله أيضًا، وفصل (البغاث) بينهما وهو مفعول المصدر المضاف أيضًا.

و (البغاث): بتثليث الموحدة: طائر ضعيف، و (الأجادل): جمع (أجدل): طائر. وقرئ شاذًا: (فلا تحسبنَّ اللَّه مخلفَ وعدَه رُسُلِه) بنصب (وعد)، فـ (مخلف): مضاف، (ووسله): مضاف إليه.

وفصل بينهما المفعول الثاني؛ لأن (مخلف) يطلب مفعولين، فأضيف للأول منهما، وفصل بالثاني.

ومن الفصل بالمفعول الثاني أيضًا قولُ الشاعرِ:

. . . . . . . . . . . . .

وَسِوَاكَ مَانِعُ فَضلَهُ المُحتَاجِ

(1)

والأصل: و (سواك مانع المحتاج فضله).

(1)

التخريج: عجز بيت من الكامل، وصدره: ما زال يوقن من يؤمُّك بالغنى

وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 58، وشرح عمدة الحافظ ص 493، والمقاصد النحوية 3/ 469.

اللغة: أيقن: أزال الشك وتحقق. أمَّ: قصد.

المعنى: يقول: إن من يقصدك فهو على يقين من أنه سوف ينال منك الغنى، في حين أن سواك يمنع فضله عن المحتاج والمعوز.

الإعراب: ما: حرف نفي. زال: فعل ماضٍ ناقص. يوقن: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. من: اسم موصول مبني في محل رفع اسم ما زال. يؤمك: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: ضمير مستتر تقديره هو، والكاف: في محل نصب مفعول به. بالغنى: جار ومجرور متعلقان بالفعل يوقن. وسواك: الواو للعطف، سوى: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، وهو مضاف، والكاف في محل جر بالإضافة. مانع: خبر المبتدأ مرفوع. فضله: مفعول به لمانع منصوب، وهو مضاف، والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. المحتاج: مضاف إليه.

وجملة (ما زال): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (يوقن): في محل نصب خبر (ما زال). وجملة (يؤمك): صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة (سواك): في محل نصب حال.

الشاهد: قوله: (مانع فضله المحتاج)؛ حيث نصب (فضله) على المفعولية من اسم الفاعل (مانع)، والفعل (منع) يتعدى إلى مفعولين، وقد أضاف الشاعر (مانع) إلى مفعوله الأول (المحتاج) وفصل بينهما بالمفعول الثاني (فضله).

ص: 524

ومن الفصل بالظرف؛ قوله:

. . . . . . . . . . . . .

كَنَاحِتِ يَوْمًا صَخْرةٍ بِعَسِيلِ

(1)

فـ (ناحت): اسم فاعل أيضًا وهو مضاف لصخرة، وفَصل بينهما الظرف، وهو معمول المضاف أيضًا.

و (العسيل): كناية عن شيء حقير من الآلات.

وقولُ الآخر:

. . . . . . . . . . . . .

لِلَّهِ دَرُّ اليَوْمَ مَن لَامَهَا

(2)

(1)

التخريج: عجز بيت من الطويل وصدره: فرُشني بخير لا أكونَنْ ومِدحتي

وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 43، وشرح التصريح 2/ 58، وشرح عمدة الحافظ ص 328، ولسان العرب 11/ 447 عسل، والمقاصد النحوية 3/ 481، وهمع الهوامع 2/ 52.

اللغة: راش السهم. ألصق عليه الريش. العسيل: مكنسة العطار.

المعنى: يقول: أجزني على مدحي إياك، ولا تجعلني كمن ينحت صخرة بمكنسة العطار التي يجمع بها طيبه؛ أي: لا تردني خائبًا.

الإعراب: فرُشني: الفاء بحسب ما قبلها، رُشني: فعل أمر مبني، والنون للوقاية، والياء ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنت. بخير: جار ومجرور متعلقان برشني. لا: حرف نفي. أكونن: فعل مضارع ناقص، والنودن للتوكيد، واسمه ضمير مستتر تقديره: أنا. ومِدحتي: الواو للمعية، مدحتي: مفعول معه منصوب، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. كناحتِ: جار ومجرور متعلقان بخبر أكون المحذوف. يومًا: ظرف زمان منصوب، متعلق بناحت. صخرة: مضاف إليه مجرور. بعسيل: جار ومجرور متعلقان بناحت.

وجملة (رشني): بحسب ما قبلها. وجملة (لا أكونن): جواب الطلب لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (كناحت يومًا صخرةٍ) حيث فصل الظرف (يومًا) بين اسم الفاعل (ناحت) المضاف وبين مفعوله (صخرة) المضاف إليه.

(2)

التخريج: عجز بيت وصدره: لما رأتْ ساتيدَما استعبَرَتْ

وهو لعمرو بن قميئة في ديوانه ص 182، وخزانة الأدب 4/ 405، 406، 407، 411، 419، وشرح أبيات سيبويه 1/ 367، والكتاب 1/ 178، ومعجم البلدان 3/ 168 (ساتيدما)، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 232، والكتاب 1/ 194، واللامات ص 107، ومجالس ثعلب ص 152، والمقتضب 4/ 377.

اللغة: ساتيدما: اسم جبل. استعبرت: بكت.

ص: 525

فـ (در): مصدر مضاف، و (مَن لامها): مضاف إليه، وفصل بينهما بالظرف أيضًا.

ومن الفصل بالمجرور: قوله عليه الصلاة والسلام: "هل أنتم تاركو إلي صاحبي"، فـ (تاركو): مضاف، و (صاحبي): مضاف إليه، وفصل بينهما بالمجرور وهو معمول المضاف أيضًا؛ لأنه متعلق به.

ومنه أيضًا قولُ الشاعرِ:

لَأَنتَ مُعتَادُ فِي الهَيجَا مُصَابَرَةٍ

. . . . . . . . . . . . .

(1)

= المعنى: لما رأت تلك المرأة جبل ساتيدَما. . تذكرت بلادها، فبكت شوقًا إليها، فواعجبي ممن يلومها على بكائها وشوقها لبلادها.

الإعراب: لما: اسم شرط غير جازم مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بالفعل استعبرت. رأت: فعل ماضٍ مبني على الفتحة، والتاء: للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هي. ساتيدما: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. استعبرت: فعل ماضٍ مبني على الفتحة، والتاء: للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. للَّه: جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. درّ: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، وهو مضاف. اليوم: مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل لامها. مَن: اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. لامها: فعل ماضٍ مبني على الفتحة، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، وها: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.

وجملة (لما رأت استعبرت): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (رأت): في محل جر بالإضافة. وجملة (استعبرت): جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (لامها): صلة الموصول الاسمي لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (للَّه درّ اليوم من لامها) حيث فصل بين المضاف (دَرُّ) والمضاف إليه (مَنْ) بالظرف (اليوم).

(1)

التخريج: صدر بيت قال العيني: لم أقف على اسم قائله، وبحثت فلم أعثر له على قائل، وهو من البسيط، وعجزه: يصلى بها كل من عاداك نيرانا

ذكره المكودي في شرحه للألفية ص 92، شرح التسهيل 3/ 273، الإنصاف 2/ 354.

اللغة: الهيجا: قال الجوهري: الحرب، وتمد وتقصر وههنا مقصورة، يَصلَى: من قولهم: صَلَيت الرجل نارًا، أدخلته النار.

الإعراب: لأنت: اللام للتوكيد، أنت مبتدأ، معتاد: خبره، في الهيجا: جار ومجرور متعلق بمعتاد مضاف، ومصابرة: مضاف إليه، يصلى: فعل مضارع، بها: جار ومجرور متعلق بيصلى. كل: فاعل، من: اسم موصول مضاف إليه، عاداك: عادى فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره =

ص: 526

ففصل بين: (معتاد)، و (مصابرةٍ): بالمجرور وهو معمول المضاف أيضًا.

وقوله: (وَلَمْ يُعَبْ فَصْلُ يَمِيْنٍ) يشير به إلى أنه: يجوز الفصل بين المتضايفين باليمين، وهو أيضًا جائز مطلقًا كما سبق.

حكى الكسائي: (هذا غلام واللَّه زيد) ففصل بالقسم بين (غلام)، و (زيد).

وألحق به ما حكماه ابن الأنباري: (هذا غلام إن شاء اللَّه ابن أخيك)، الأصل:(هذا غلام ابن أخيك إن شاء اللَّه).

قيل: والفصل بـ (أما) كذلك؛ كقولهِ:

هُمَا خَطَّتَا إِمَّا إِسَارٍ وَمِنَّةٍ

. . . . . . . . . . . . .

(1)

ففصل: بين (خطتا) و (إسار) بـ (إما).

= هو يعود إلى مَن، والكاف ضمير مبني في محل نصب مفعول به، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، نيرانا: مفعول به ليصلى.

الشاهد: قوله: (معتاد في الهيجا مصابرة)، فإنه فصل بين المضاف وهو قوله:(معتاد) والمضاف إليه وهو (مصابرة)، فالفصل بالجار والمجرور.

(1)

التخريج: صدر بيت قائله تأبط شرًا، واسمه ثابت بن جابر الفهمي جاهلي، وهو من الطويل، وعجزه: وإما دم والقتل بالحر أجدر

الأشموني 2/ 328، والسيوطي ص 79، وفي الهمع 2/ 49، وابن هشام في المغني 2/ 202، والشاهد رقم 547 من الخزانة.

اللغة: همما خُطتما: أصله: هما خطتان، فحذفت منها النون، وهي تثنية خطة وهي القصة والحالة، إسار: -بكسر الهمزة- بمعنى الأسر، والتقدير: خطتا أسر.

المعنى: ليس لي إلا واحدة من خصلتين اثنتين على زعمكم، إما إسار والتزام منكم إن رأيتم العفو، وإما قتل هو أولى بالحر وهذا تهكم واستهزاء.

الإعراب: هما: ضمير مبتدأ، خطتا: خبره مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة، إما: تفصيلية، خطتا مضاف، وإسار: مضاف إليه، ومنه: الواو عاطفة ومنه معطوف على إسار، والقتل: الواو استئنافية والقتل مبتدأ، يالحر: جار ومجرور متعلق بأجدر الآتي، أجدر: خبر المبتدأ.

والجملة من المبتدأ والخبر: استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (خطتا إما إسارٍ) حيث فصل فيه بـ (إما) بين المضاف وهو (خطتا)، والمضاف إليه وهو (إسار).

ص: 527

وأشار بقوله: (وَاضْطِرَارًا وُجِدَا) إلى أنه: قد فصحك فى الضرورة بين المتضايفين بالأجنبي؛ وبالنعت، وبالنداء؛ كقول الشاعرِ:

أَنجَبَ أَيّامَ والِدَاهِ بِهِ

إِذ نَجَلاهُ فَنِعمَ ما وَلَدَا

(1)

الأصل: (أنجب والداه به أيام إذ نجلاه)، ففصل: بين (أيام وإذ نجلاه)، بـ (والداه) وهو: أجنبي من المضاف؛ لأنه ليس معمولًا له، بل هو فاعل (أنجب).

يقال: أنجب فلان بابنه: إذا أتى به نجيبًا.

وكقول الآخر:

يَسقِي امْتِيَاحًا نَدَى المِسْوَاكِ رِيقَتَهَا

. . . . . . . . . . . . .

(2)

الأصل: (يسقي ندى ريقتها المسواك)، ففصل: بين المضاف وهو (ندى) والمضاف إليه وهو (ريقتها) بـ (المسواك) وهو: مفعول أول لقوله: (تسقي) فهو أجنبي من المضاف أيضًا.

(1)

التخريج: من المنسرح، قاله الأعشى من قصيدة في مدح سلامة ذا فائش والرواية في الديوان ص 171 وفي شرح عمدة الحافظ 383، وشرح التسهيل 2/ 182:

أنجب أيام والديه به

إذ نجلاه فنعم ما نجلا

اللغة: أنجب الرجل: ولد نجيبًا. نجلاه: نسلاه.

الشاهد: قوله: (أَنجَبَ أَيّامَ والِدَهِ بِهِ إِذ نَجَلاهُ)؛ ففصل بين (أيام) و (إذ نجلاه)، بـ (والداه) وهو: أجنبي من المضاف؛ لأنه ليس معمولًا له، بل هو فاعل (أنجب).

(2)

التخريح: صدر بيت من البسيط، وعجزه: كما تضمن ماء المزنة الرصف

وهو من قصيدة لجرير في مدح يزيد بن عبد الملك وهجاء آل المهلب الديوان 386 والضبط في الديوان بكسر كاف (المسواكِ)، وفتح (ريقتَها).

والضمير يعود إلى أم عمرو في بيت سابق هو:

ما استوصف الناس من شيء يروقهم

إلا أرى أم عمرو فوق ما وصفوا

اللغة: الامتياح: الاستياك. المزنة: السحاب. الرصف: جمع رصفة وهي حجارة مرصوف بعضها إلى بعض، وماء الرصف أرق وأصفى.

الشاهد: قوله: (يَسقِي امْتِيَاحًا نَدَى المِسْوَاكِ رِيقَتَهَا)؛ حيث فصل بين المضاف وهو (ندى) والمضاف إليه وهو (ريقتها) بـ (المسواك) وهو: مفعول أول لقوله: (تسقي) فهو أجنبي من المضاف أيضًا، وذلك ضرورة لا تجوز في سعة الكلام

ص: 528

ومعنى هذا الشاهد: (إن المرأة تسقي المسواك ندى ويقتها)، فـ (المسواك): حينئذ فاعلٌ معنى؛ لأنه هو الشارب، على حد قولك:(سقيت زيدًا ماء).

وإن صحت رواية الياء آخر الحروف. . فتكون (ندي): فاعل سقيت؛ أي: (يسقي نديُّ ريقتها المسواك).

وقال الآخر:

كَمَا خُطَّ الكِتَابُ بِكفِّ يومًا

يَهُودِيٍّ يُقَارِبُ أَو يُزِيلُ

(1)

أصله: (بكف يهودي)، ففصل: بـ (يومًا) وهو أجنبي من المضاف؛ لأنه معمول (خُطَّ).

وقوله:

(1)

التخريج: البيت لأبي حية النميري في الإنصاف 2/ 432، وخزانة الأدب 4/ 219، والدرر 5/ 45، وشرح التصريح 2/ 59، والكتاب 1/ 179، ولسان العرب 12/ 390 عجم، والمقاصد النحوية 3/ 470، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 405، ووصف المباني ص 65، وشرح ابن عقيل ص 403، وشرح عمدة الحافظ 495، وشرح المفصل 1/ 103، ولسان العرب 4/ 158 حبر، والمقتضب 4/ 377، وهمع الهوامع 2/ 52.

اللغة: يقارب: يجعل بعض الكتابة قريبة من بعض. يزيل: يباعد الكتابة.

المعنى: يقول: إن ما بقي من آثار الدار شبيه بكتابة اليهودي الذي يقرب بين السطور مرة، وأخرى يباعد.

الإعراب: كما: الكاف حرف جر، وما: مصدرية. والمصدر المؤول من (ما) وما بعدها: في محل جر بحرف الجر الكاف، والجار والمجرور متعلقان بلفظ من بيت سابق. خط: فعل ماض للمجهول. الكتاب: نائب فاعل مرفوع. بكف: جار ومجرور متعلقان بخط. يومًا: ظرف زمان منصوب، متعلق بخط. يهودي: مضاف إليه مجرور. يقارب: فعل مضارع مرفوع. وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. أو: حرف عطف. يزيل: معطوف على يقارب مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو.

وجملة (خط الكتاب): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة (يقارب): في محل جر نعت يهودي. وجملة (يزيل): معطوفة على جملة: يقارب.

الشاهد قوله: (بكف يومًا يهودي) حيث فصل بين المضاف (كف)، والمضاف إليه (يهودي) بأجنبي هو (يومًا)، وأصل الكلام: كما خط الكتاب يومًا بكف يهودي، وهذا الفصل ضرورة لا تجوز في سعة الكلام.

ص: 529

نَجَوتُ وَقَد بَلَّ المُرَادِيُّ سَيفَهُ

مِنِ ابنِ أَبي شَيخِ الأَبَاطِحِ طَالِبِ

(1)

أصله: (من ابن أبي طالب شيخ الأباطح)، ففصل: بنعت أبي طالب.

وقولُ الآخر:

كَأَنَّ بِرذَونَ أَبَا عِصَامِ

زَيدٍ حِمارٌ دُقَّ بِاللِّجَامِ

(2)

أصله: (برذون زيد)، ففصل: بـ (أبا عصام): وهو منادى محذوف الأداة، و (حمار): خبر كان.

قيل: ويحتمل أن يكون (أبا عصام) مضافًا إليه على لغة: القصر، فيكون (زيد) بدلًا

(1)

التخريج: البيت لمعاوية بن أبي سفيان في الدرر 5/ 46، وشرح التصريح 2/ 59، والمقاصد النحوية 3/ 478، وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص 496، وهمع الهوامع 2/ 52.

اللغة: المرادي: هو عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي. الأباطح: جمع البطحاء، وهنا مكة.

الإعراب: نجوت: فعل ماض، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. وقد: الواو حالية، قد: حرف تحقيق. بلَّ: فعل ماض. المرادي: فاعل مرفوع. سيفه: مفعول به، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. من ابن: جار ومجرور متعلقان ببلَّ، وهو مضاف. أبي: مضاف إليه مجرور بالياء. شيخ: نعت (أبي) مجرور، وهو مضاف. الأباطح: مضاف إليه مجرور. طالب: مضاف إلى (ابن) مجرور بالكسرة.

وجملة (نجوت): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (وقد بل): في محل نصب حال.

الشاهد قوله: (من ابن أبي شيخ الأباطح طالب) حيث فصل بين المضاف والمضاف إليه بأجنبي وهو نعت المضاف، وذلك ضرورة لا تجوز في سعة الكلام.

(2)

التخريج: الرجز بلا نسبة في الخصائص 2/ 404، والدرر 5/ 47، وشرح التصريح 2/ 60، وشرح عمدة الحافظ ص 495، والمقاصد النحوية 3/ 480، وهمع الهوامع 2/ 53.

اللغة: البرذون من الخيل: ما ليس بعربي.

الإعراب: كأن: حرف مشبه بالفعل. برذون: اسم كأن منصوب. أبا: منادى مضاف منصوب. عصام: مضاف إليه مجرور. زيدٍ: مضاف إليه مجرور. حمارٌ: خبر كأن مرفوع. دُق: فعل ماض للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره: هو. باللجام جار ومجرور متعلقان بدق.

وجملة (كأن برذودن): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء (أبا عصام): اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة (دق باللجام): في محل رفع نعت حمار.

الشاهد قوله: (كأن برذون أبا عصام زيد)؛ حيث فصل بين المضاف (برذون)، والمضاف إليه (زيد) بـ (أبا عصام) الواقعة منادى، وأصل الكلام:(كأن برذودن زيد يا أبا عصام)، وذلك ضرورة لا تجوز في سعة الكلام.

ص: 530

أو بيانًا.

ومن الفصل بالمنادى قولُ الآخر:

وَفَاقُ كَعبُ بُجَيرٍ مُنقِذٌ لَكَ مِنْ

تَعجِيلِ تَهلُكَةٍ وَالخُلدِ فِي سَقَرِ

(1)

أصله: (وفاق بجير يا كعب).

وقوله:

بِأَيِّ تَرَاهُمُ الأَرَضِينَ حَلُّوْا

. . . . . . . . . . . . .

(2)

(1)

التخريج: من البسيط، وهو لبجير بن زهير في الدرر 5/ 48، والمقاصد النحوية 3/ 489، وهمع الهوامع 2/ 53، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 329، وشرح ابن عقيل ص 405.

اللغة: التهلكة: الموت والهلاك.

الإعراب: وفاق: مبتدأ مرفوع. كعب: منادى مبني في محل نصب، ووفاق مضاف. بجير: مضاف إليه مجرور. منقذ: خبر المبتدأ مرفوع. لك: جار ومجرور متعلقان بمنقذ. من تعجيل: جار ومجرور متعلقان بمنقذ، وهو مضاف. تهلكة: مضاف إليه مجرور. والخلد الواو حرف عطف، الخلد: معطوف على تعجيل مجرور. في سقر: جار ومجرور متعلقان بالخلد.

وجملة (وفاق كعب منقذ): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء (يا كعب): اعتراضية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد قوله: (وفاق كعب بجير)؛ حيث فصل بين المضاف (وفاق) والمضاف إليه (بجير) بـ (كعب) الواقعة منادى، وأصل الكلام: وفاق بجير يا كعب منقذ لك، وهذا ضرورة لا يجوز في السعة.

(2)

التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه: أالدبران أم عسفوا الكِفارا

وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 50، وشرح التصريح 2/ 60، والمقاصد النحوية 3/ 490، وهمع الهوامع 2/ 53.

اللغة الدبران: اسم مكان. عسفوا: ركبوا المفازة واجتازوها على غير هدى. الكِفارا: اسم مكان.

المعنى: يتساءل الشاعر عن أحبائه فيقول: في أي من الأرض حلوا، أفي الدبران أم اجتازوا الكِفار على غير هدى؟

الإعراب: بأي: جار ومجرور متعلقان بحلوا. تراهم: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت، وهم: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أول. الأرضين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. حلوا: فعل ماض، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. أألدبران: الهمزة: للاستفهام، والدبران: مفعول به لفعل محذوف تقديره: أحلُّوا الدبران؟ أم: حرف عطف. عسفوا: فعل ماض، والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكفار: مفعول به منصوب، والألف: للإطلاق.

ص: 531

أصله: (بأي الأرضين تراهم حلُّوا؟).

وقوله:

. . . . . . . . . . . . .

وَلَا عَدِمْنَا قَهرَ وَجدٌ صَبِّ

(1)

فـ (قهر): مصدر مضاف لمفعوله وهو صب، و (وجد): فاعل بالمصدر المضاف، والأصل:(قهر صب وجد) وهذا أيضًا مخصوص بالشعر؛ لأن (وجد) وإن كان معمولًا للمصدر المضاف: هو فاعل، ولا يفصل بينهما إلا بالمفعول به ونحوه كما سبق.

وقيل: الفصل بالمفعول لأجله مختص بالضرورة، كقوله:

معَاوِدُ جُرأَةً وَقتِ الهَوَادِي

. . . . . . . . . . . . .

(2)

= وجملة (تراهم): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (حلوا): في محل نصب مفعول به لترى. وجملة (عسفوا): معطوفة على جملة (حلوا).

الشاهد: قوله: (بأي تراهم الأرضين) حيث فصل بين المضاف (أي) والمضاف إليه (الأرضين) بفاصل (تراهم)، وأصل الكلام:(بأي الأرضين حلوا). . . وهذا ضرورة.

(1)

التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: مما إن وجدنا للهوى من طِبِّ

وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 49، وشرح التصريح 2/ 67، وشرح عمدة الحافظ ص 493، والمقاصد النحوية 3/ 483، وهمع الهوامع 2/ 53.

اللغة: الهوى: العشق. الطب: العلاج. عدمنا: فقدنا. القهر: الغلبة. الوجد: شدة الحب. الصب: العاشق.

المعنى: يقول: لم نجد للهوى علاجًا نافعًا، وكثيرًا ما نجد العشق يقهر العاشق ويمتلك قلبه.

الإعراب: ما: حرف نفي. إن: زائدة. رأينا: فعل ماض، ونا: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. للهوى: جار ومجرور متعلقان برأينا أو بمفعول محذوف لرأينا تقديره: رأينا علاجًا نافعًا للهوى. من: حرف جر زائد. طِبِّ: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًّا على أنه مفعول به لرأينا. ولا: الواو حرف عطف، لا: حرف نفي. عدمنا: فعل ماضٍ، ونا ضمير متصل في محل رفع فاعل. قهر: مفعول به منصوب. وجد: فاعل للمصدر قهر مرفوع. صب: مضاف إليه.

وجملة (رأينا): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (عدمنا): معطوفة على الجملة السابقة.

الشاهد: قوله: (قهر وجد صب) حيث فصل بين المضاف (قهر) والمضاف إليه (صب) بفاعل المضاف (وجد)؛ أي لم نعدم أن يقهر الوجد الصب، وذلك ضرورة.

(2)

التخريج: صدر بيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 492، والمقتضب 4/ 377، وهمع الهوامع 2/ 53. ويروى: =

ص: 532

أصله: (المعاود وقت الهوادي لجرأة فيه).

تنبيه:

قال ابن بابشاذ في "المحسبة": لا يتقدم شيء من معمول المضاف إليه على المضاف، فلا يجوز:(أنت زيدًا مثلُ ضاربٍ).

وأجازوا ذلك مع (غير) بشرط النفي، فقالوا:(أنت زيدًا غيرُ ضارب)، أجروه مجرى:(أنت زيدًا لا ضارب)؛ لأن (غير) قد تكون في معنى (لا)، فكأنك قلت:(أنت زيدًا لا ضارب). انتهى.

وهي من مسائل الكتاب، وذكرها المصنف، وجعل من ذلك قوله تعالى:{عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} فالحرف متعلق بـ (يسير).

وقيل: متعلق بـ (عسير) قبله، {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} فالحرف متعلق بـ (مبين).

= معاود جرأةً وقت الهوادي

أشمُ كَأنَّهُ رَجُلٌ عَبُوسُ

وهو بهذه الرواية لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص 98، والدرر 5/ 50، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 60.

اللغة: المعاود: المواظب، أو الذي يعاود الأمر مرة بعد أخرى، وقيل: هنا بمعنى الأسد. الجرأة: الشجاعة. ووقت الهوادي: أي وقت الهدوء عند الهاجرة أو الليل مثلًا. الأشم: ارتفاع قصبة الأنف. عبوس: مقطب الجبين.

المعنى: يقول: وكأن ذلك الرجل الأشم الذي يعكر صفو الناس، من أجل جرأته، ويمنع عنهم الاطمئنان في الوقت الذي اعتادوا الهدوء فيه: رجل عبوس الوجه.

الإعراب: معاود: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو. جرأة: مفعول لأجله منصوب. وقت: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. الهوادي. مضاف إليه مجرور. أشم: نعت معاود مرفوع. كأنه: حرف مشبه بالفعل، والهاء: ضمير متصل في محل نصب اسم كأن. رجل: خبر كأن مرفوع. عبوس: نعت رجل مرفوع بالضمة.

وجملة (كأنه رجل عبوس): في محل رفع نعت أشم.

الشاهد: قوله: (معاود جرأة وقت) حيث فصل بين المضاف (معاود) والمضاف إليه (وقت) بالمفعول لأجله (جرأة)، وأصل الكلام: معاودٌ وقت الهوادي جرأة، وهذا ضرورة لا تجوز في سعة الكلام.

ص: 533

وقالَ الشاعِر:

إِنَّ امرأً خَصَّنِي عَمدًا مَوَدَّتَهُ

عَلَى التَّنائِي لَعِندِي غَيرُ مَكفُورِ

(1)

فالظرف متعلق بـ (مكفور).

قال السيوطي في "همع الهوامع": ونقل عن ابن الحاج: جواز (أنا زيدًا مثلُ ضارب).

وأجاز الكسائي: (أنا زيدًا أول ضارب).

ومنع أبو حيان: التقديم في الجميع.

واللَّه الموفق

* * *

(1)

التخريج: البيت لأبي زبيد الطائي في الدرر 2/ 183، 5/ 18، وسر صناعة الإعراب 1/ 375، وشرح أبيات سيبويه 1/ 432، وشرح شواهد المغني 2/ 953، والكتاب 2/ 134، ولسان العرب 7/ خصص، ورصف المباني ص 121، 234، وشرح عمدة الحافظ ص 223، وشرح المفصل 8/ 65، ومغني اللبيب 2/ 676.

اللغة: خصني عمدًا: فضلني قصدًا. التنائي: البعد والفرقة. مكفور: مجحود.

المعنى: لست من يجحد مودة رجل خصني بها قصدًا رغم بُعد ما بيننا.

الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. امرأ: اسم إن منصوب بالفتحة. خصني: فعل ماض مبني على الفتح، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والفاعل: ضمير مستتر تقديره هو. عمدًا: مفعول مطلق نائب عن المصدر أو حال مؤول بمشتق، بتقدير: عامدًا منصوب بالفتحة. مودته: مفعول به منصوب بالفتحة، والهاء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة على التنائي: جار ومجرور بكسرة مقدرة على الياء، متعلقان بخصني. لعندي: اللام: لام الابتداء، عند: مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء، متعلق بمكفور، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. غير: خبر إن مرفوع بالضمة. مكفور: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة (إن امرأ): ابتدائية لا محل لها. وجملة (خصني): في محل نصب صفة لـ (امرأ).

الشاهد: قوله: (لعندي غير مكفور) حيث تقدم معمول المضاف إليه (مكفور) على المضاف (غير).

ص: 534