المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تسلمان) .. فمعناه: (اذهب بذي سلامتك)، و (اذهبا بذي سلامتكما). وكأنه - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[الفارضي]

الفصل: تسلمان) .. فمعناه: (اذهب بذي سلامتك)، و (اذهبا بذي سلامتكما). وكأنه

تسلمان) .. فمعناه: (اذهب بذي سلامتك)، و (اذهبا بذي سلامتكما).

وكأنه قيل: (اذهب بالأمر الّذي يسلمك)، ونحو ذلك.

وقوله: (إِذا): مفعول أول بـ (ألزموا)، و (إِضافةً): مفعول ثان.

وسيأتي الكلام علَى (لما) مفصلًا فِي باب (أما) و (لولا)، هل هي ظرف لازم للإِضافة، أَو غير ظرف؟

‌تنبيه:

اعلم أَن الجملة بعد (إِذا) فِي محل جر؛ لأنَّ (إِذا) مضافة، والجملة: مضاف إِليه؛ نحو: (إِذا جاء زيد أكرمته).

وأما جوابها .. فَلَا محل له؛ لأَنَّها شرط غير جازم.

واختلف فِي العامل فيها:

1 -

فقيل: شرطها.

وُردَّ: بأن المضاف إِليه لا يعمل فِي المضاف.

وأجيب: بأنها حينئذ بمنزلة (متى)، فهي مرتبطة بما بعدها اوتباط أداة الشّرط بجملة الشّرط، لا ارتباط المضاف بالمضاف إِليه.

وفي "إعراب السّمين": أن (جاء) هو العامل فِي (إِذا) من قوله تعالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} ، قال: وهو قول مكي، وإِليه نحا الشّيخ، يشير إِلَى أبي حيان.

2 -

وقيل: العامل فيها: ما فِي جوابها من فعل أَو شبهه، وهذا هو المشهور.

لكن رُدَّ أيضًا بأنه يقع فِي جوابها: (إِذا) الفجائية و (الفاء) و (إِنَّ) المؤكِّدة، وما بعد هذا لثلاثة: لا يعمل فيما قبلها؛ كما تقول: (إِذا جاء زيد فإِني أكرمه) ونحو ذلك.

وهذا الرّد ظاهر، إِلَّا أَن (إِذا): ظرف، والظّروف متوسع فيها.

ولهذا ارتضَى الزّمخشري والحوفي: أن جوابها المقرون بـ (الفاء): عامل فيها فِي {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} ، وسبق الكلام علَى إعمال ما بعد (الفاء) فيما قبلها فِي الفاعل وفي الاشتغال.

ثم إن اضطر إِلَى الجزم بها فِي الشّعر .. كانت اسم شرط، ويجزم الفعل بعدها: لفظًا

ص: 480

إن كَانَ مضارعًا، ومحلًا إن كَانَ ماضيًا كسائر أدوات الشّرط، وهي العاملة فيه الجزم كغيرها؛ وجوابها حينئذ كجواب غيرها من الأدوات.

ومن الجزم بها فِي الضّرورة قوله:

...................

وَإِذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ

(1)

والخصاصة: ضد الغنا، وسيأتي ذكرها أيضًا فِي عوامل الجزم.

واللَّه الموفق

ص:

404 -

لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ مُعَرَّفٍ بِلَا

تَفَرُّقٍ أُضِيْفَ كِلْتَا وَكِلَا

(2)

ش:

(كلا)، و (كلتا): من الأسماء اللّازمة للإِضافة فِي اللّفظ والمعنَى.

واختصا بأن يضافا:

* لمثنَّى فِي اللّفظ؛ نحو: (كلا الرّجلين)، و (كلتا المرأتين).

* أَو فِي المعنَى؛ نحو: (كلاهما) أو (كلتاهما).

ويشترط: أَن يكونَ المضاف إِليه معرفة كما ذكر.

خلافًا للكوفيين فِي إجازتهم: (جاءني كلا رجلين)، و (كلتا امرأتين).

(1)

التخريج: عجز بيت من الكامل، وصدره: وَاستَغنِ ما أَغناكَ رَبُّكَ بِالغِنى

وهذا البيتُ من الكامل، وهو لعبد القيس بن خفاف البرجميّ، وقيل: لحارثة ابن بدر الغدّانيّ.

يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 385، ومعاني القرآن للفرّاء 3/ 158، والأصمعيّات 230، وأمالي المرتضى 1/ 383، وشرح عمدة الحافظ 374، والمغني 128، والهمع 1/ 180، والأشمونيّ 4/ 13.

اللغة: والتجمل: المعاملة بالجميل والخصاصة: الحاجة والشدة.

الشّاهدُ فيه: (وإذا تصبك) حيث جزم بـ (إذا)؛ وهذا خاصٌّ بالشّعر.

(2)

لمفهم: جار ومجرور متعلق بقوله: (أضيف) الآتي، ومفهم مضاف واثنين: مضاف إليه.

معرف: صفة لمفهم. بلا تفرق: الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية لمفهم. أضيف: فعل ماض مبني للمجهول. كلتا: نائب فاعل. وكلا: معطوف على كلتا.

ص: 481

ومن المثنَّى فِي المعنَى أيضًا نحو: (كلا هذين)، و (كلتا هاتين).

* وما دل علَى اثنين باشتراك؛ كالضمير فِي قول الشّاعر:

كِلَانَا غَنِي عَنْ أَخِيهِ حَيَاتَهُ

.................

(1)

وقول الآخر:

فَإِنَّ اللَّه يَعْلَمُنِي ووَهْبًا

وَيعلَمُ أَنْ سَيَلْقاهُ كِلَانَا

(2)

(1)

التخريج: صدر بيت وعجزه: وَنَحْنُ إذَا متْنَا أَشَدّ تَغَانِيَا

وهو للأبيرد الرباحي في الأغاني 13/ 127، ولعبد اللَّه بن معاوية بن جعفر في الحماسة الشجرية 1/ 253، وللمغيرة بن حبناء التيم في الدرر 5/ 24، ولسان العرب 15/ 137 غنا، ولعبد اللَّه ابن معاوية أو للأبيرد الرباحي في شرح شواهد المغني 2/ 555، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 31، وتخليص الشواهد ص 65، ومغني اللبيب 1/ 204 وهمع الهوامع 2/ 50.

الإعراب: كلانا: مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف، ونا: ضمير في محل جر بالإضافة. غني: خبر المبتدأ مرفوع. عن أخيه: جار ومجرور متعلقان بغني وهو مضاف، والهاء، ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. حياته: ظرف زمان منصوب متعلق بغني، وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. ونحن: الواو حرف عطف، نحن: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. إذا: ظرف زمان متعلق بجوابه. متنا: فعل ماض، ونا: ضمير في محل رفع فاعل. أشد: خبر المبتدأ مرفوع. تغانيا: تمييز منصوب.

وجملة (كلانا غني): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (نحن أشد تغانيا): استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة (متنا): في محل جر بالإضافة.

الشاهد: قوله: (كلانا)؛ حيث أضيف لفظ (كلا) إلى الضمير نا، وهذا الضمير موضوع للدلالة على ما فوق الواحد، فتكون دلالته على الاثنين من باب دلالة المشترك على أحد معانيه.

(2)

التخريج: البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص 395. والبيت في شرح المفصل لابن يعيش 3/ 2، 77.

اللغة: وهب: اسم رجل.

الإعراب: فإنّ: الفاء: بحسب ما قبلها، وإنّ: حرف مشبه بالفعل. اللَّه: لفظ الجلالة، اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة. يعلمني: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. ووهبًا: الواو حرف عطف، ووهبًا: اسم معطوف منصوب. ويعلم: الواو: حرف عطف، ويعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. أنْ: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن المحذوف. سيلقاه: السين: حرف استقبال وتنفيس، ويلقاه: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر، والهاء: ضمير متصل مبني في محل

ص: 482

ومثل اسم الضّمير: اسم الإِشارة فِي قول الشّاعر:

إِنَّ لِلخَيرِ وَللشَّرِّ مَدًى

وَكِلَا ذَلِكَ وَجهٌ وَقَبَل

(1)

فهو وإِن كَانَ مفردًا فِي اللّفظ .. هو مثنى فِي المعنَى؛ لأنَّ الإِشارة به إِلَى (الخير) و (الشّر)، وكأنه قيل:(وكلا هذين وجه وقبل).

وقد أشير به أيضًا إِلَى اثنين فِي قوله تعالَى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} .

وذكر ابن الأنباري: إِضافة (كلا) إِلَى مفرد بشرط التّكرير؛ نحو: (كلاي وكلاك قائمان).

ولَا يجوز التّفريق مع (كلا) و (كلتا)، فَلَا يقال:(كلا زيد وعمرو)، ولهذا قال الشّيخ:(بِلَا تَفَرُّقٍ).

وفي "المفصّل": جواز التّفريق فِي الشّعر؛ كَقَولِ الشَّاعرِ:

= نصب مفعول به. والمصدر المُؤوَّل من أن سيلقاه: سَدَّ مسدّ مفعولي يعلم كلانا: فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، ونا: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.

وجملة (إن اللَّه يعلمني): بحسب الفاء. وجملة (يعلمني): في محل رفع خبر إن، وجملة (يعلم): معطوفة عليها. وجملة (سيلقاه كلانا): في محل رفع خبر أن.

الشاهد: قوله: (كلانا)؛ حيث أضاف (كلا) إلى ضمير الجمع نا، مع أن كلا إنما يضاف إلى المثنى، فحملت هذه الإضافة على المعنى، لأن الشاعر عنى نفسه ووهبًا.

(1)

التخريج: هذا بيت من كلمة، قالها الشاعر عبد اللَّه بن الزبعرى بعد غزوة أحد يتشفى بالمسلمين، وكان وقتئذ، لا يزال على جاهليته. وهو من شواهد: التصريح: 2/ 43، والأشموني: 627/ 2/ 317، وابن عقيل: 228/ 3/ 62، والهمع: 2/ 50، والدرر: 2/ 61، والسيرة: 616، وشرح المفصل: 3/ 2، والمقرب: 45، والمغني: 366/ 268، والسيوطي:187.

المعنى: إن للخير والشر غاية ونهاية، ينتهيان إليها ويقفان عندها، وكلاهما أمر معروف، يستقبله الإنسان ويعرفه، كما يستقبل الوجه. وضبطه بعضهم قِبَل؛ بكسر القاف، وفتح الباء، جمع قبلة؛ أي كلا من الخير والشر بمثابة القبلة التي يتوجه إليها المصلي.

الإعراب: إن: حرف توكيد، للخير: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن تقدم، وللشر: معطوف على ما قبله بالواو، مدى: اسم إن مؤخر عن خبرها، وكلا: الواو عاطفة، وكلا: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة، وكلا: مضاف واسم الإشارة في ذلك: مضاف إليه، واللام: للبعد والكاف: حرف خطاب، وجه: خبر المبتدأ، وقبل: معطوفة بالواو على ما قبلها.

الشاهد: قوله: (وكلا ذلك)؛ حيث أضاف (كلا) إلى مفرد لفظًا وهو ذلك؛ لأنه مثنى في المعنى لعوده على اثنين.

ص: 483

كِلا أَخِي وَخَلِيلِي وَاجِدَي عَضُدًا

.................

(1)

واللَّه الموفق

ص:

405 -

وَلَا تُضِفْ لِمُفْرَدٍ مُعَرَّفِ

أَيًّا وَإِنْ كَرَّرْتَهَا فَأَضفِ

(2)

406 -

أوْ تَنْوِ الاجْزَا واخْصُصَنْ بِالْمَعْرِفَه

مَوْصُوْلَةً أَيًّا وَبِالْعَكْسِ الصِّفَه

(3)

407 -

وَإِنْ تَكُنْ شَرْطًا أَوِ اسْتِفْهَامَا

فَمُطْلَقًا كَمِّلْ بِهَا الْكَلَامَا

(4)

(1)

التخريج: صدر بيت وعجزه: في النَّائِبَاتِ وَإِلْمَامِ الملمَّاتِ

وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 112، وشرح التصريح 2/ 43، وشرح شواهد المغني ص 552، وشرح ابن عقيل ص 390، ومغني اللبيب ص 203، والمقاصد النحوية 3/ 419، وهمع الهوامع 2/ 50.

شرح المفردات: الخليل: الصديق الصادق. العضد: المساعد. النائبات: المصائب. الإلمام: الحلول. الملمات: النكبات.

المعنى: يقول مادحا نفسه بالوفاء: إن أخي وصديقي ليجداني مساعدًا لهما إذا ما أصابتهما مصيبة، أو حلت بهما النكبات.

الإعراب: كلا: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف، وهو مضاف. أخي: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. وخليلي: الواو حرف عطف، خليلي: معطوف على أخي، وتعرب إعرابها. واجدي: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. عضدًا: مفعول به لواجدي، أو حال من الياء في واجدي. في النائبات: جار ومجرور متعلقان بواجد. وإلمام: الواو حرف عطف، إلمام: معطوف على النائبات مجرور، وهو مضاف الملمات: مضاف إليه مجرور.

الشاهد: قوله: (كلا أخي وخليلي) حيث أضيفت (كلا) إلى كلمتين، وهذا ضرورة نادرة.

وأجاز ابن الأنباري إضافتها إلى المفرد بشرط تكررها.

(2)

ولا: ناهية. تضف: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. لمفرد: جار ومجرور متعلق بتضف. معرف: نعت لمفرد. أيا: مفعول به لتضف. وإن: شرطية. كررتها: فعل ماض فعل الشرط، وفاعله ومفعوله. فأضف: الفاء لربط الجواب بالشرط، أضف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط.

(3)

أو: عاطفة. تنو: فعل مضارع معطوف على (كررتها) وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. الاجزا: مفعول به لتنوي. واخصصن: اخصص: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت، والنون نون التوكيد. بالمعرفة: جار ومجرور متعلق باخصص. موصولة: حال من أي قدم على صاحبه. أيا: مفعول به لاخصص. وبالعكس الصفه: مبتدأ وخبر.

(4)

وإن: شرطية. تكن: فعل مضارع ناقص، فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره

ص: 484

ش:

اعلم أن أيًّا لا تضاف لمفرد معرفة، فَلَا يقال:(أَيُّ زيدٍ عندك).

ويجوز مع التكرار أَو قصد الأجزاء:

فالأول: (أَي زيد، وأي عمرو عندك)، ومنه قولُ الشّاعرِ:

...................

أَيِّي وأَيُّكَ فارِسُ الأَحْزابِ

(1)

والمعنَى: (أيُّنا فارس الأحزاب؟) ولا يعطف هنا بغير الواو.

والثاني: نحو: (أيُّ زيدٍ أحسن)، التقدير:(أي أجزاء زيد أحسن؟)، فهي في الحقيقة

= هي يعود على أي. شرطًا: خبر تكن. أو: عاطفة. استفهامًا: معطوف على قوله. شرطًا. فمطلقًا: الفاء لربط الجواب بالشرط، مطلقًا: مفعول مطلق عامله (كمِّل) الآتي، وأصله صفة لمصدر محذوف، أي: تكميلًا مطلقًا. كمِّل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. بها: جار ومجرور متعلق بكمل. الكلاما: مفعول به لكمل، والجملة في محل جزم جواب الشرط.

(1)

التخريج: عجز بيت وصدره: فلئن لقيتُكَ خاليَين لتعلمن

وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 32، وشرح التصريح 2/ 44، 138، والمحتسب 1/ 254، ومغني اللبيب ص 141، والمقاصد النحوية 3/ 422، وهمع الهوامع 2/ 51.

اللغة: خاليان: أي ليس معنا أحد. الحزب: الجماعة من الناس.

المعنى: يقول متوعدًا مخاطبه: لئن التقينا منفردين في مكان ما لا يرانا فيه أحد .. فإنك سوف ترى أينا الفارس المغوار الذي تهابه الشجعان.

الإعراب: فلئن: الفاء بحسب ما قبلها، لئن: اللام موطئة للقسم، إن: حرف شرط جازم. لقيتك: فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل؛ والكاف في محل نصب مفعول به. خاليين: حال منصوب بالياء لأنه مثنى. لتعلمن: اللام رابطة جواب القسم تعلمن: فعل مضارع مبني على الفتح، والنون للتوكيد، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. أيي: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء في محل جر بالإضافة. وأيك: الواو حرف عطف، أيُّك معطوف على أيي مرفوع، وهو مضاف، والكاف في محل جر بالإضافة فارس: خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف. الأحزاب مضاف إليه مجرور.

وجملة القسم المحذوفة بحسب ما قبلها. وجملة (إن لقيتك): الشرطية اعتراضية. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها جواب القسم. وجملة (تعلمن): جواب القسم لا محل لها من الإعراب. وجملة (أيي وأيك فارس): سدت مسد مفعولي تعلم.

الشاهد: قوله: (أيي وأيك)؛ حيث أضاف (أي) إلى مفرد معرفة لأنه تكرر، ولولا هذا التكرير .. لم تجز إضافته للمعرفة المفردة.

ص: 485

مضافة لجميع لا لمفرد.

وجواب هذا الاستفهام: أن يقال: (عينه، أو رأسه، أو يده) ونحو ذلك.

واعلم أن (أيًا) على أقسام:

* فأما الموصولة .. فلا تضاف إلا لمعرفة غير مفرد؛ نحو: (يعجبني أيُّ القوم هو كريم)، و (مررت بأيهم هو أكرم).

ولم يخصها ابن عصفور بالمعرفة.

والمعتمد: خلافه، وإليه أشار بقوله:(واخصصن بالمعرفة موصولة أيًا)، و (موصولة): حال من (أيًا)؛ أي: و (اخصص أيًا بالمعرفة حالة كونها موصولة).

* وأما الواقعة صفة .. فعكس الموصولة؛ كما قال: (وبالعكس الصفة)، فقوله:(صفة) تشمل:

الواقعة صفة لنكرة؛ نحو: (مررت برجل أيِّ رجل)، و (رجلين أيِّ رجلين)، و (برجال أيِّ رجال).

وتشمل الواقعة حالًا من معرفة؛ نحو: (مررت بزيد أيَّ فارس)، و (بالزيدين أيَّ فارسين)، و (بالقوم أيَّ كرام)، فلا تضاف إلا لنكرة كما ذكر.

* وأما الشرطية والاستفهامية .. فتضاف للنكرة والمعرفة، وإليه أشار بقوله: و (إن يكن شرطًا أو استفهامًا فمطلقًا

إلى آخره) لكن بشرط أن لا تكون المعرفة مفردًا لما سبق من أنها لا تضاف لمفرد معرفة.

فالشرطية: نحو: (أيُّ رجل قام فاضربه)، و (أيَّ رجلين تضرب أضرب)، و (أيَّ رجال تضرب أضرب)، و (أيَّ الرجلين تضرب أضرب)، و (أيَّ الرجال تضرب أضرب).

وقد تُردَف بـ (ما)، كقوله تعالى:{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} .

ولا يقال: (أي الرجل تضرب أضرب)، ولا (أي زيد تضرب أضرب) من غير أن ينوى الأجزاء.

والاستفهامية: نحو: (أيُّ رجل عندك؟)، (أي الرجلين عندك؟)، (أي رجال عندك؟)، (أي الرجال عندك؟).

وفي القرآن: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ، {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} ، ولا يقال: (أي

ص: 486

الرجل عندك؟) كما سبق.

والحاصل: أن (أيا) بالنسبة للإضافة على ثلاثة أقسام:

* فالموصولة: مخصوصة بالمعرفة.

خلافًا لابن عصفور.

وهي في هذه الحالة ملازمة للإضافة معنى.

* والصفة: مخصوصة بالنكرة؛ سواء كانت صفة لنكرة، أو حالًا من معرفة، وهي في هذه الحالة ملازمة للإضافة لفظًا ومعنى.

وأما الشرطية والاستفهامية: فتضافان للنكرة والمعرفة على ما سبق ذكره مفصلًا، وهي في حالة الشرط والاستفهام لازمة للإضافة معنى.

[وقوله: (أو تنو) مؤخر من تقديم لضرووة النظم، والتقدير: وإن كررتها أو تنو الأجزاء فأضف]

(1)

، و (مطلقًا): حال من المصدر المفهوم من (تمِّمْ) أي التميم مطلقًا، أو حال من الضمير في (تمِّم) أي تمم بلا قيد.

واللَّه الموفق

ص:

408 -

وَأَلْزَمُوا إِضَافَةً لَدُنْ فَجَرّ

وَنَصْبُ غُدْوَةٍ بِهَا عَنْهُمْ نَدَرْ

(2)

ش:

من الأسماء اللازمة للإضافة لفظًا ومعنى: (لدن) ، ظرف مكان بمعنى (عند).

وقد تأتي: في الزمان؛ كقوله:

(1)

زيادة من (ب).

(2)

وألزموا: فعل وفاعل. إضافة: مفعول ثان لألزم قدم على المفعول الأول، ولدن: قصد لفظه: مفعول أول لألزم. فجَرّ: الفاء عاطفة، جَرّ: فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى لدن. ونصب: مبتدأ، ونصب مضاف وغدوة: مضاف إليه. بها: جار ومجرور متعلق بنصب. عنهم: جار ومجرور متعلق بندر الآتي. ندر: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى نصب، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله:(نصب غدوة).

ص: 487

..........

مِنْ لَدُنِ الظُّهْرِ إِلى العُصَيْرِ

(1)

ولا تكون إلا لابتداء الغاية زمانًا أو مكانًا.

وغالب أحوالها: أن تجر بـ (مِن).

فتشترك مع (عند) في ابتداء الغاية؛ كقوله تعالئ: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} .

وتفارقهما: في نحو: (جلست عندك)، و (زيد عندك)، فلا يقال:(جلست لدنك)، لانتفاء مبدأ الغاية، فتصلح (عند) مكان (لدن)، ولا عكس.

ولا يضافان إلا لمفرد؛ إذ لا يضاف للجمل من ظروف المكان إلا (حيث) كما سبق، نص عليه ابن برهان والقواس.

وأجاز بعضهم ذلك في (لدن)؛ مستدلًا بقوله:

...................

لَدُنْ شَبَّ حتَّى شَابَ سُودُ الذَّوائبِ

(2)

(1)

التخريج: عجز بيت من الرجز، وصدره: تنتهض الرعدة في ظهيري

وهو لرجل من طيئ في المقاصد النحوية 3/ 429، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 235، والدرر 3/ 136، 6/ 288، ولسان العرب 7/ 245 نهض.

الإعراب: تنتهض: فعل مضارع مرفوع. الرعدة: فاعل مرفوع. في ظهيري: جار ومجرور متعلقان بتنتهض، وهو مضاف، والياء ضمير متصل في محل بالإضافة. من لدن: جار ومجرور متعلقان بتنتهض، وهو مضاف. الظهر: مضاف إليه مجرور. إلى: حرف جر. العصير: اسم مجرور بالكسرة.

الشاهد فيه قوله: (من لدن)؛ حيث ورد (لدن) ظرف زمان، والأكثر أن يكون ظرف مكان بمعنى (عند).

(2)

التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: صريعُ غوانٍ راقَهُنَّ ورُقنَه

وهو للقطامي في ديوانه ص 44، وخزانة الأدب 7/ 86، والدرر 3/ 137، وسمط اللآلي ص 132، وشرح التصريح 2/ 46، وشرح شواهد المغني ص 455، ومعاهد التنصيص 1/ 181، والمقاصد النحوية 3/ 427، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 47، وتخليص الشواهد ص 263، ومغني اللبيب ص 157، وهمع الهوامع 1/ 215.

اللغة: الصريع: المصروع، وهنا: من غلب عليه الحب. الغواني: جمع الغانية، وهي الفتاة الحسناء التي استغنت بجمالها عن الزينة. شاقه: تشوق إليه. لدن: لدى. الذوائب: جمع الذؤابة، وهي شعر في مقدم الرأس.

ص: 488

وقول الآخر:

وتذكرُ نُعْماهُ لَدُنْ أَنْتَ يافِعٌ

...................

(1)

المعنى: يقول: لقد أصبحت قتيل الحسان، أتشوق إليهن، ويتشوقن إلي منذ أن بلغت سن الشباب إلى أن شاب شعري، وأصبحت كهلًا.

الإعراب: صريع: خبر لمبتدأ محذوف مرفوع، وهو مضاف. غوان: مضاف إليه مجرور. راقهن: فعل ماضٍ مبني على الفتح، وهن: ضمير متصل في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. ورقنه: الواو حرف عطف، رقنه: فعل ماضٍ، والنون فاعل، والهاء ضمير في محل نصب مفعول به. لدن: ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب، متعلق براقهن أو رقنه. شب: فعل ماضٍ وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو. حتى: حرف جر وغاية. شاب: فعل ماضٍ. سود: فاعل، وهو مضاف. الذوائب: مضاف إليه.

وجملة (هو صريع غوان): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (راقهن): في محل رفع خبر ثان للمبتدأ المحذوف. وجملة (رقنه): معطوفة على الجملة السابقة. وجملة (شب): في محل جر بالإضافة. وجملة (شاب): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (لدن شب)؛ حيث أضاف (لدن) إلى جملة (شب) الفعلية، والفاعل مستتر.

(1)

التخريج: صدر بيت وعجزه: إلى أنت ذو فودين أبيض كالنسر

وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 111، والدرر 3/ 136، وهمع الهوامع 1/ 215.

اللغة: نعماه: كثرة نعمه وعطاياه. اليافع: الشاب. الفودان: جمع الفود، وهو الشعر مما يلي الأذن، أو جانب الرأس.

المعنى: يقول: تذكر نعمه وعطاياه منذ كنت يافعًا إلى أن كبرت وشاب شعر رأسك.

الإعراب: وتذكر: الواو: بحسب ما قبلها، تذكر: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. نعماه: مفعول به منصوب، وهو مضاف، والهاء: ضمير في محل جر بالإضافة.

لدن: ظرف زمان متعلق بتذكر، أو بمحذوف حال من نعماه أنت: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. يافع: خبر المبتدأ مرفوع. إلى: حرف جر، والمجرور محذوف تقديره: إلى زمن. أنت: ضمير متصل مبني في محل رفع مبتدأ. ذو: خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. فودين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. أبيض: خبر ثان مرفوع. كالنسر: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ثالث للمبتدأ.

وجملة (تذكر): بحسب ما قبلها. وجملة (أنت يافع): في محل جر بالإضافة. وجملة (أنت ذو فودين): في محل جر بالإضافة.

الشاهد: قوله: (لدن أنت يافع)؛ حيث أضيفت (لدن) إلى جملة اسمية (أنت يافع)، وجملتها في محل جر بالإضافة.

ص: 489

فأضيفت للفعلية في الأول.

وللاسمية في الثاني.

وحكم المصنف في "الكافية": بتقدير: (أنْ) في الأول تبعًا لسيبويه؛ لئلا تخرج عن الإضافة إلى مفرد، فالتقدير:(لدن أن شب)، و (أن): مصدرية.

واعترض هذا بأن (أن) موصولة، والموصول الحرفي لا يحذف؛ لأنه يؤدي إلى حذف بعض الكلمة وإبقاء بعضها، نص عليه سيبويه في باب الاستثناء.

وعلى هذا: فالذي فر منه في الاستثناء وقع فيه هنا؛ ولكن حذف (أن) كثير في كلامهم؛ نحو: (تسمع بالمعيدي)، و (خذ اللص قبل يأخذك) كما سيأتي في إعراب الفعل.

و (ريثَ) بالمثلثة في الحكم: كـ (لدن)؛ فإن وقع بعدها فعل .. قدرت (أن) كما سبق. قال في "الكافية"

(1)

:

وَإِثْرَ رَيْثَ وَلَدُنْ إِنْ قُدِّرَا

مِنْ قَبْلِ فِعلٍ نَحْوُ مِنْ لَدُنْ سَرَى

وهي مصدر (راث) بمعنى (أبطأ)، وعومل معاملة الظروف.

قال الشاعر:

خَلِيلَيَّ رِفقًا رَيثَ أَقْضِي لُبَانَةً

مِنَ العَرَصَاتِ المُذْكِرَاتِ عُهُوْدَا

(2)

وندر إفراد (لدن)، ونصب (غدوة) بعدها؛ في قوله:

...................

لَدُنْ غدْوَةً حَتَّى دَنَتْ لِغُرُوبِ

(3)

(1)

شرح الكافية 2/ 946.

(2)

التخريج: البيت من الطويل، وهو غير منسوب في الدرر (1/ 182)، والمغني (421)، والهمع (1/ 213).

الشاهد: قوله: (ريث أقضي)، حيث أضاف (ريث) إلى الجملة الفعلية.

(3)

التخريج: عجز بيت من الطّويل، وصدره: وَمَا زَالَ مُهري مَزْجَرَ الكلبِ مِنهمُ اللغة: مزجَر الكلب: مكان زجر الكلب وإبعاده.

والمعنى: ما زال مُهري بعيدًا عن هؤلاء القوم من أوّل النّهار إلى آخره.

الشّاهد: قوله: (لدن غدوة)؛ حيث جاءت (لدن) بمعنى (مُنْذُ) أي: مُنْذُ غدوة.

ص: 490