الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهل إِذا جرَى القول مجرَى الظّن يكون باقيًا علَى معناه، أَو يكون بمعنَى الظّن؟ خلافٌ.
ولَا يصح حمل هذا الشّاهد إِلَّا علَى الأول؛ إِذ لا معنى للظن هنا؛ كما نص عليه يوسف الأعلم وعلي بن خروف الحضرمي.
وعلَى القول الثّاني: تفتح أَنَّ المشددة بعد القول، ومنهُ قولُهُ:
إِذَا قُلْتُ أنِّي آئِبٌ أَهْلَ بَلْدَةٍ
…
..........................
(1)
وقيل: مذهب الجمهور إجراؤه مجرَى الظّن فِي المعنَى والعمل.
وفي "النّهاية": أَنه يجرى مجرى الظّن فِي الإِلغاء والتّعليق.
تنبيه:
(أَنَّ) و (أنْ) المصدريتان مع ما اتصلَا به يسدَّان مسد المفعولين كـ (ظننت أَنَّ زيدًا قائم).
وفي القرآن: {أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} .
(1)
التخريج: صدر بيت الطويل، وعجزه: وَضَعْتُ بِهَا عَنْهُ الوَليَّةَ بِالْهَجْر
وهو للحطيئة في ديوانه ص 225، وتخليص الشّواهد ص 459، وخزانة الأدب 2/ 440، وشرح التّصريح 1/ 262، والمقاصد النّحوية 2/ 432.
اللغة: الآئب: القاصد. عنه: أي عن البعير. الولية: البرذعة أو نحوها. الهَجَر: شدة الحر.
المعنى: يقول: إِنه لشدة سرعة بعيره يصل إِلى البلدة بنصف ما تقتضيه المسافة من الوقت، أي يصل عند الظّهر وفي ظنه أنه سيصل عند الغروب.
الإِعراب. إِذا: ظرف يتضمن معنى الشّرط متعلق بجوابه. قلت: فعل ماض، والتّاء: فاعل. أنى: حرف مشبه بالفعل، والياء ضمير في محل نصب اسم أن. آئب: خبر أن مرفوع. أهل: مفعول به لاسم الفاعل آئب، منصوب، وهو مضاف. بلدةٍ: مضاف إِليه مجرور بالكسرة. وضعت: فعل ماض، والتّاء: فاعل. بها: جار ومجرور متعلقان بوضعت. عنه: جار ومجرور متعلقان بوضعت. الولية: مفعول به منصوب. بالهجر: جار ومجرور متعلقان بوضعت.
وَجُملَة (إِذا قلت .. وضعت): شرطية ابتدائية لا محل لها من الإِعراب. وجملة (قلت): في محل جر بالإِضافة. وجملة (وضعت): لا محل لها من الإِعراب؛ لأَنَّها جواب شرط غير جازم.
الشَّاهد: قوله: (أني آئب)؛ حيث فتح همزة (أن)؛ لأن (قلت) بمعنى ظننت، وهي لغة سليم، فإِنهم يُجرون القول مجرى الظّن مطلقًا، وعلى هذه اللّغة تفتح همزة (أَنَّ) بعد القول.
وعن الأخفش: أَن ذلك إِنما سد مسد مفعول واحد، والثّاني: محذوف؛ فـ (علمت أنَّك قائم) فِي تأويل: (علمت قيامك كائنًا أَو حاصلًا).
ولَا يجب أَن يكونَ الواقع بعد القول مقولا لذلك القول المذكور، بَلْ قَدْ يكون مقولًا لقول آخر.
وفي القرآن: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} فقوله تعالى: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} : ليس من قول الملأ بَلْ هو قول فرعون، بدليل:{قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} فيكون حدُّ قول الملأ: {مِنْ أَرْضِكُمْ} .
وكذا أيضًا قولُ الشّاعرِ:
قَالَتْ لَهُ وَهُوَ بِعَيشٍ ضَنْكِ
…
لَا تُكثِرِيْ لَومِيْ وَخَلِّي عَنْكِ
(1)
فقوله: (لا تكثري لومَي) ليس مقولًا لها، وإِنما هو مقول لمحذوف، والتّقدير:(قالت لهُ وهو بعيش ضنك: أتذكر قولك لي: لا تكثري لومي وخلِّي عنك؟)، والمعنَى: أنه كَانَ يسرف فِي الإنفاق، فلامته علَى ذلك، فقال:(لا تكثري لومي، وخلِّي عنك)، فلما افتقر .. ندم على إسرافه فِي الزّمن الأول، فقالت لهُ:(لا تكثري لومي وخلي عنك علَى سبيل التهكُّم).
والله الموفق
* * *
(1)
التخريج: الرجز بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 834؛ ومغني اللبيب 2/ 415. المعجم المفصّل 11/ 274.
والشاهد في الشطر الثاني: حيث وقعت الجملة بعد القول غير محكية.