المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المفعول المُطْلَق ص: 286 - الْمَصْدَرُ اسْمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ مِنْ … - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[الفارضي]

الفصل: ‌ ‌المفعول المُطْلَق ص: 286 - الْمَصْدَرُ اسْمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ مِنْ …

‌المفعول المُطْلَق

ص:

286 -

الْمَصْدَرُ اسْمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ مِنْ

مَدْلُوْلَي الفِعْلِ كَأَمْنٍ مِنْ أَمِنْ

(1)

ش:

المفاعيل خمسة:

مفعول مطلق: وهو المراد هنا.

ومفعول به: وقد مر فِي تعدي الفعل ولزومه فِي قوله: (تدبَّرتُ الكُتُب).

ومفعول فيه: ومفعل لهُ، ومفعول معه وسيأتي الكلام أن شاء اللَّه تعالَى عليها.

وزاد أبو بكر السّيرافي: مفعولًا منه واستشهد بقوله تعالَى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} ؛ أَي: من قومه.

والوجه: أَن اختار يتعدى لاثنين أحدهما بحرف الجر وقد حذف، والتّقدير:(واختار موسى من قومه سبعين رجلًا).

وقال الشّاعر:

اختَرْتُكَ النّاسَ إِذْ رَثَّت خَلائِقُهُم

. . . . . . . . . . .

(2)

أَي: اخترتك من النّاس.

وقيل غير ذلك.

(1)

المصدر: مبتدأ. أسم: خبر المبتدأ، واسم مضاف. وما: اسم موصول مضاف إليه. سوى: ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول، وسوى مضاف. والزمان: مضاف إليه. من مدلولي: جار ومجرور متعلق بما تعلق به سوى، ومدلولي مضاف. والفعل: مضاف إليه. كأمنٍ: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، أي: وذلك كأمن. من أمن: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لأمن المصدر.

(2)

التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: وَاعتَلَّ مَن كانَ يُرجى عِندَهُ السولُ

وهو للراعي النميري في ديوانه ص 194، ولسان العرب 11/ 350 (سول)؛ وتهذيب اللغة 13/ 67؛ وتاج العروس (سول).

الشاهد: قوله: (اخترتك الناس)، حيث حذف حرف الجر من معمول الفعل (اختار)، والأصل: اخترتك من الناس.

ص: 174

وفي "الأشباه والنّظائر" للسيوطي رحمه الله: قال الخوارزمي:

المفاعيل فِي الحقيقة ثلاثة: فأما المنصوب بمعنَى (اللّام) وبمعنَى (مع) فليسا مفعولين. انتهَى.

وبعضهم: أنكر المفعول لأجله فقط؛ لدخوله عنده فِي المفعول المطلق، وسيأتي مفصلًا فِي محله.

ثم إن الفعل لهُ مدلولان: (الحدث)، و (الزّمان).

والمصدر: اسم لما سوَى الزّمان من هذين المدلولين.

وما سوى الزّمان: هو الحدث؛ فالمصدر: اسم الحدث؛ كـ (الضرب) اسم الحدث. والحدث: أحد مدلولي (ضربت).

و (الأمن) اسم الحدث، والحدث: أحد مدلولي (أمنت) كما علم.

والحاصل:

أَن المفعول المطلق مصدر، أو جارٍ مجراه، يذكر من جهة صدوره عن الفاعل.

- فينتصب مؤكدًا لفاعله: كـ (ضربت ضربًا)، فخرج المؤكد المرفوع ونحوه، كقولك:(إِنما شأنك سيرٌ سيرٌ).

- أو ينصب مبينًا للنوع: كـ (ضربت ضربًا شديدًا)، فخرج المبين للنوع غير المنصوب؛ نحو:(ضربُك ضربُ الأمير).

- أَو ينصب مبينًا للعدد: كـ (ضربت ضربتين)، و (ضربته ثلاثين)، فخرج المبين للعدد غير المنصوب؛ نحو:(لهُ ضربتان).

وسمي مفعولًا مطلقًا. . لصدق المفعولية عليه من غير قيد بحرف جرٍّ ونحوه، فهو المفعول حقيقة؛ لأنَّ (ضربت زيدًا) معناه:(فعلت الضّرب بزيد)، فأحدثت الضّرب، و (زيد) ونحوه: كالمحل للمفعول، ولهذا يقدر علَى غيره من المفاعيل.

وأما غيره فَلَا يصدق عليه المفعولية. . إِلَّا بقيد؛ كـ (المفعول فيه)، و (المفعول لهُ)، و (المفعول معه) فتذكر الصّلة وهي (فيه)، أو (له)، أَو (به)، أَو (معه).

بخلاف المطلق: فيصدق عليه أنه مفعول بِلَا شيء يصحبه.

وقوله: (مِنْ مَدْلُوْلَي الفعْلِ): فِي موضع الحال من الضّمير الّذي فِي صلة (ما)،

ص: 175

والعامل فِي الصّلة: استقر، وهو العامل فِي الحال.

تنبيه:

ابن هشام فِي "شرح اللّمحة" لأبي حيان: إن المصدر؛ اسم دال بالأصالة علَى معنَى مجرد، صادر من فاعل أو قائم به.

فاسم: يخرج الفعل.

ودال بالأصالة: يخرج اسم المصدر؛ إِذ دلالته بطريق النّيابة.

ومجرد: يخرج الوصف؛ لأنه دال علَى الحدث.

ومن قام به وقائم به: مدخل لنحو: (العلم، والجهل، والحسن، والقبح)؛ لأنَّ نحو هذه إِنما يقوم بمن اتصف به، لا أنه فاعل لهُ.

بخلاف نحو: (الضّرب)، و (الأكل) فيكون فاعلًا لهما.

واللَّه الموفق

ص:

287 -

بِمِثلِهِ أَو فِعْلٍ أوْ وَصْفٍ نُصِبْ

وَكَونُهُ أَصْلًا لِهَذَينِ انتُخِبْ

(1)

ش:

ينصب المصدر:

- بمثله فِي اللّفظ؛ كقولِهِ تعالَى؛ {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} .

- أَو فِي المعنَى: كـ (تعجبني قيامك وقوفًا) وسيأتي.

- وبالفعل: كـ (ضربت ضربًا).

(1)

بمثله: الجار والمجرور متعلق بنُصب الآتي، ومثل: مضاف، والضمير: مضاف إليه. أو فعل، أو وصف: معطوفان على مثل. نصب: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى المصدر. وكونه: الواو عاطفة، كون: مبتدأ، وكون: مضاف، والضمير: مضاف إليه من إضافة مصدر الفعل الناقص إلى اسمه: أصلًا: خبر الكون من جهة النقصان. لهذين: جار ومجرور متعلق بقوله: أصلًا، أو بمحذوف صفة له. انتُخِب: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى كونه أصلًا، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو كونه أصلًا، وهذا خبره من جهة الابتداء.

ص: 176

وابن الطراوة والسهيلي: أَن النّصب بمحذوف وجوبًا؛ أَي: (فعلت وقوفًا)، و (ضربت ضربًا).

ويستثنى (فعك التّعجب)، (وَكَانَ النّاقصة)، (والفعل الملغي) فَلَا ينصب مصدرا، فَلَا يقال:(ما أحسنه حسنًا)، و (لَا كَانَ كونًا)، و (لَا زيد قائمًا ظننت ظنًا).

وحكى ابن فلاح: أَن بعضهم أَجازَ (ما أحسنه حسنًا) علَى سبيل المبالغة.

- وينصب المصدر أيضًا بالوصف؛ نحو: (هو ضارب ضربًا)، و (مضروب ضربًا).

إِلَّا الصّفة المشبهة، وأفعل التّفضيل، فَلَا يقال:(حسُن وجهُهُ حسنًا)، ولَا (أقوم منك قيامًا).

وأما قوله:

أَمَّا المُلُوكُ فَأنتَ اليَوْمَ أَلأَمُهُمْ

لُؤْمًا وَأَبْيَضُهُمْ سِرْبَالَ طَبَّاخِ

(1)

فـ (لؤمًا): منصوب بمحذوف.

والبصريون: أَن المصدر أصل، والفعل والوصف مشتقان منه، كما قال الشّيخ:(وَكَوْنُهُ أَصْلًا لِهَذَيْنِ انتُخِبْ)؛ أَي: اختير.

فلما صدرا عنهُ. . سمي مصدرًا.

والكوفيون: الفعل أصل، والمصدر مشتق منه.

ورُدَّ بأن الفرع لا بد أَن يكونَ فيه معنَى الأصل وزيادة، والفعل يدل علَى المصدر والزّمان، فهو فرع، والمصدر يدل علَى المصدرية فقط.

(1)

التخريج: البيت لصدوه روايات مختلفة، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص 18، ولسان العرب 7/ 124، بيض، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 139، وأمالي المرتضى 1/ 92، والإنصاف 1/ 149، وخزانة الأدب 8/ 230، وشرح المفصل 6/ 93، واللسان 7/ 123 بيض، 15/ 96، عمى، والمقرب 1/ 73، وأساس البلاغة طبخ.

الشاهد: قوله: (لؤمًا)؛ حيث إن ظاهره أنه مصدر عمل فيه (أَلأَمُهُمْ)، وهو أفعل تفضيل، فانتصب على أنه مفعولٌ مطلق، هذا الظاهر، والجماهير أو من حكى الإجماع على المنع: يقدره مصدرًا لفعلٍ محذوف: (فأنت اليوم ألأمهم تلؤُم لُؤمًا)، وليس العامل فيه اسم التفضيل، بل فعل مقدر من لفظه.

ص: 177

والّذي يثبت به فرعية الفعل. . يثبت به فرعية الصّفات؛ كـ (ضارب) ونحوه.

وعنهم أيضًا: أَن المصدر أصل، والفعل مشتق منه، والوصف مشتق من الفعل، فالوصف: فرع الفرع.

واختاره ابن الحاجب.

وعنهم: أَن الفعل أصل للوصف والمصدر.

وعبد اللَّه بن طلحة شيخ الزّمخشري: أَن كل واحد من المصدر والفعل أصل برأسه غير مشتق، قال: لأنا وجدنا مصادر لا أفعال لها، كـ (الأمومة)، وأفعالًا لا مصادر لها، كـ (عسَى)، و (بئس)، فدل علَى عدم الأصلية والفرعية، ويعضده من قال: إن الكلام كله أصل، وليس شيء اشتق من شيء.

ولكن المشهور: أَن بعض الكلام مشتق، وبعضه غير مشتق.

واحتج من قال: إن الفعل أصل المصدر، بأن الفعل يعمل فِي المصدر ويؤثر فيه، فكان أصلًا؛ لأنَّ القوة تجعل القوي أصلًا.

ورد: بأن الحرف يعمل فِي الاسم ويؤثر فيه.

والاشتقاق: اقتطاع فوع من أصل يدور فِي تصاريفه الأصل، كما قاله الرّماني.

ولَابد من موافقة الأصل والفرع فِي الحروف الأصول؛ نحو: (قال من القول)، و (مال من الميل).

بخلاف الاشتقاق الأكبر: فَلَا يشترط فيه ذلك كـ (البيع من الباع) إِذ الأول يائي والثّاني واوي.

وجعل بعضهم: منه قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} .

فالأول: من القول، والثّاني: من القلي وهو البعض.

والفرق بَينَ: المصدر، واسم المصدر:

أن الأول: اسم الحدث الجاري علَى أحرف فعله؛ يعني: يكون فيه أحرف فعله؛ كـ (ضربت ضربًا)، و (تدحرج تدحرجًا).

فخرج نحو: (اغتسل غسلًا)، فـ (غسلًا): اسم مصدر وكذا (أعطَى عطاء)؛ لأنه لم يستوعب أحرف فعله.

ص: 178

وقد يختص المصدر بزيادة قبل الآخر؛ كـ (أكرام إِكرامًا).

وإِنما لم يستوعب المصدر أحرف فعله؛ فِي نحو: (قدَّس تقديسًا)؛ لأنهم أبدلوا المدغم فيه بالثقل.

ولَا تكاد تثبت ألف فاعل فِي المصدر؛ نحو: (قاتل قتالًا)، وندر (قاتل قيتالًا) بثبوتها وقلبها ياء لوقوعها بعد كسرة.

واللَّه الموفق

ص:

288 -

تَوْكِيدًا أو نَوْعًا يُبِينُ أَوْ عَدَدْ

كَسِرْتُ سَيْرَتَيْنِ سَيْرَذِي رَشَدْ

(1)

ش:

سبق أَن المفعول المطلق: يكون مؤكدًا، ومبينًا للنوع، ومبينًا للعدد.

ومن المبين للعدد: (سرت سيرتين).

ومن المبين للنوع: (سير ذي رشد)؛ أَي: (سرت سير ذي رشد).

• ويجوز: (ضرتجط ضربًا ضربتين)، علَى أَن الأول مؤكد، والثّاني بدل منه.

• ولَا يصح (ضربت ضربتين ضربًا)، إِلَّا بوصف؛ نحو:(ضربًا شديدًا) ذكره أبو حيان.

واللَّه الموفق

ص:

289 -

وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ دَلّ

كَجِدَّ كُلَّ الجِدِّ وَافْرَح الْجَذَلْ

(2)

(1)

توكيدًا: مفعول به مقدم ليبين. أو نوعًا: معطوف عليه. يُبين: فعل مضارع، وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى المصدر. أو عدد: معطوف على قوله نوعًا السابق، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. كسِرتُ: الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرارًا، سِرتُ: فعل وفاعل. سيرتين: مفعول مطلق يبين العدد. سير: مفعول مطلق يبين النوع، وسير مضاف. وذي: بمعنى صاحب مضاف إليه، وذي مضاف، ورشد: مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة، وسكنه للوقف.

(2)

وقد: هنا حرف تحقيق: ينوب: فعل مضارع. عنه: جار ومجرور متعلق بينوب. ما: اسم موصول: فاعل ينوب. عليه: جار ومجرور متعلق بدلَّ الآتي. دل: فعل ماض، وفاعله ضمير =

ص: 179

ش:

الكثير: كون المفعول المطلق مصدرًا.

وقد ينوب عنهُ: ما يجري مجراه.

1 -

فمن ذلك: (كل) و (بعض) مضافين للمصدر؛ نحو: (جِدَّ كُلَّ الجِدِّ)، قال تعالى:{فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} ، {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} .

وقال الشّاعر:

وقدْ يَجْمَعُ اللَّهُ الشَّتِيتَيْنِ بعْدَمَا

يَظُنَّانِ كُلَّ الظَّنِّ أَنْ لا تَلاقِيَا

(1)

وتقول: (ضربته بعض الضّرب)، أَو (يسير الضّرب) بالنّصب علَى المفعول المطلق.

= مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى ما، والجملة لا محل لها صلة ما. كجد: الكاف جارة لقول محذوف، جد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، تقديره: أنت. كلَّ: مفعول مطلق، نائب عن المصدر، منصوب بالفتحة الظاهرة، وكل مضاف. والجد: مضاف إليه. وافرح: الواو حرف عطف، أفرح: فعل أمر، والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. الجذل: مفعول مطلق.

(1)

التخريج: البيت للمجنون في ديوانه ص 243، وشرح التصريح 1/ 328، والمقاصد النحوية 3/ 42، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 448، ولسان العرب 2/ 48 شتت.

اللغة: الشتيتان: اللذان تفرقا.

المعنى: يقول: إن اللَّه تعالى قادر على أن يجمع الشمل بعد تفرُّقه، وبعد أن ظُنَّ أن اللقاء أصبح مستحيلًا.

الإعراب: وقد: الواو بحسب ما قبلها، قد: حرف تقليل. يجمع: فعل مضارع مرفوع. اللَّه: اسم الجلالة فاعل مرفوع. الشتيتين: مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى. يعد: ظرف زمان متعلق بيجمع منصوب بالفتحة، ما: حرف مصدري. يظنان: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والألف ضمير في محل رفع فاعل. والمصدر المؤول من (ما) وما بعدها في محل جر بالإضافة. كلَّ: مفعول مطلق نائب عن مصدره، وهو مضاف. الظن: مضاف إليه مجرور. أن: حرف مشبه بالفعل مخفف، واسمه ضمير الشأن المحذوف تقديره: أنه أي الحال والشأن. لا: النافية للجنس. تلاقيا: اسم لا مبني في محل نصب، والألف للإطلاق. وخبر لا محذوف تقديره: أن لا تلاقي لهما. والمصدر المؤول من (أن) وما بعدها: سد مسد مفعولي يظنان.

وجملة (يجمع اللَّه): بحسب ما قبلها. وجملة (يظنان): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة (لا تلاقيا): في محل رفع خبر أن.

الشاهد: قوله: (يظنان كل الظن)؛ حيث نصب (كل) على أنه مفعول مطلق نائب عن المصدر.

ص: 180

2 -

ومنه المرادف لمصدر الفعل المذكور؛ كـ (قعدت جلوسا)، و (افرح الجذل)؛ لأنَّ (الجلوس): القعود، و (الجذل): الفرح، وجعل منه قوله تعالَى:{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} ؛ لأن (الموري): هو القادح.

ونحو قول الشّاعر:

يُعْجبُهُ السَّخُونُ والبَرُودُ

والتَّمْرُ، حُبًّا ما لَهُ مَزِيدُ

(1)

فنصب (حُبًا): بـ (يعجبه)؛ لأنه فِي معنَى يحبه.

وقيل: إن نحو: (جلست قعودًا): منصوب بمحذوف كما سبق؛ أَي: (فعلت قعودًا)، و (قعدت قعودًا).

وأَجازَ الأخفش: الوجهين.

وتعريف هذا المصدر خطأ عند الكوفيين نحو: (قعدت الجلوس)، ما لم ينعت؛ كـ (الجلوسَ الحسنَ).

3 -

ومن ذلك أيضًا الضّميرِ؛ كـ (ضربته زيدًا)؛ أَي: (ضربت الضّرب زيدًا)، قال تعالَى:{لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} ؛ أَي: (لا أعذب التّعذيب أحدًا).

وقال الشّاعر:

هَذَا سُرَاقَةُ لِلقُرآنِ يَدْرُسُهُ

. . . . . . . . . .

(2)

(1)

التخريج:: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص 172، والمقاصد النحوية 3/ 45، وبلا نسبة في شرح المفصل 1/ 112، واللمع في العربية ص 133.

اللغة: السخون: الساخن من المرق. البرود: البارد.

الإعراب: يعجبه: فعل مضارع مرفوع، والهاء: ضمير متصل في محل نصب مفعول به. السخون: فاعل مرفوع بالضمة. والبرود: الواو: حرف عطف، والبرود: معطوف على السخون مرفوع بالضمة: حُبا: مفعول مطلق منصوب. ما: حرف نفي. له: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. مزيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

وجملة (يعجبه): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (ما له مزيد): في محل نصب نعت حُبًا.

الشاهد قوله: (يجبه حُبًا)؛ حيث نصب المصدر الذي من معنى الفعل، وليس من لفظه على أنه مفعول مطلق، لأن الحب بمعنى الإعجاب.

(2)

التخريج: صدر بيت من البسيط، وعجزه: والمَرْءُ عِنْدَ الرُّشَا إنْ يَلْقَهَا ذِيبُ

ولم يعرف له قائل، وهو في: الكتاب (3/ 67)، والمقرب (1/ 115)، والخزانة (1/ 227)، =

ص: 181

فـ (الهاء): للدرس، لا للقرآن؛ لأنَّ الفعل قد تعدى إِليه باللّام، وأنت لا تقول:(لزيد ضربته) علَى أَن الهاء لـ (زيد)؛ إِذ يصير الفعل لازمًا متعديًا فِي آن واحد.

4 -

ومنه العدد؛ كـ (ضربت العبد أربعين)، وفي القرآن {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} .

5 -

ومنه اسم الآلة؛ كـ (ضربته سوطًا).

وقيل: تقديرُهُ: (ضرب سوط)، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إِليه مقامه.

قيل: وهو الأولى.

6 -

ومنه وصف المصدر؛ كـ (سرت أحسن السّير)، و (ضربته أشد الضّرب)؛ أَي:(ضربًا أشد الضّرب)، و (ضربته أَيَّ ضربٍ) أي:(ضربًا أَيَّ ضرب).

وعن سيبويه: لا ينوب عن المصدر وصفه، ويعربه حالًا.

7 -

ومنه ما دل علَى نوع؛ كـ (رجعت القهقرى)؛ أَي: (إِلَى وراء).

(وقعد القرفصاء)؛ أَي: جلس علَى إِليتيه ونصب ساقيه وأدار يديه عليهما.

ونحو: (غدا البَشَكَى)؛ أَي: (غدوة فيها سرعة).

وقيل: إنها وصف؛ أَي: (الرّجعة القهقرى)، و (القعدة القرفصاء)، وهو للمبرد، وابن السّراج.

وقيل: نصب لمحذوف؛ أَي: (تقهقر القهقرى).

8 -

ومنه وقت المصدر؛ كقولِهِ:

أَلم تَغتَمِضْ عَينَاكَ لَيلَةَ أَرمَدَا

. . . . . . . . . .

(1)

= (2/ 383)، (3/ 572، 649)، (4/ 170)، والتصريح (1/ 126)، والأمالي الشجرية (1/ 339)، والهمع (2/ 33)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (2/ 587).

اللغة: سراقة: رجل من القراء، نسب إليه الرياء، وقبول الرّشا، والحرص عليها كما يحرص الذئب على فريسته.

الشاهد: قوله: "للقرآن درسه"؛ حيثما ناب الضمير عن المصدر وعاد الضمير على المصدر المفهوم من الفعل، والتقدير: يدرس الدرس.

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: وَبِتَّ كَمَا بَاتَ السَّليمُ مُسهَّدا

وهو للأعشى في ديوانه ص 185؛ وخزانة الأدب 6/ 163؛ والخصائص 3/ 322؛ والدرر 3/ 61؛ =

ص: 182

أَي: اغتماض ليلة أرمد.

9 -

ومنه اسم الإشارة؛ كـ (ضربته ذلك الضّرب)، ولَا يشترط وصفه بالمصدر فمن أمثلة سيبويه:(ظننت ذلك)؛ أَي: ظننت الطن.

خلافًا لبعضهم.

10 -

وقد ينوب عنهُ اسم العين؛ كقولِهِ تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} ، ومنه:(ضربت العبد سوطًا) كما سبق.

وقيل: الأصل: (إِنباتًا)، فحذفت الهمزة.

وقيل: مصدر لفعل آخر؛ أَي: (فنبتم نباتًا)؛ كما فِي قوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} ؛ لأنَّ التّبتيل مصدر (بتَّل)، كـ (التقديس): مصدر قدَّس.

وعلَى القول: أَن (نبات) مصدر. . فهو سماعي.

= وشرح المفصل 10/ 102؛ وشرح شواهد المغني 2/ 576؛ والمحتسب 2/ 121؛ والمقاصد النحوية 3/ 57؛ والمنصف 3/ 8؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 188.

اللغة: أغتمضت: سكنت. أرمد: أصابهما الرمد. المسهد: القلق الذي لا يستطيع إلى النوم سبيلًا.

المعنى: لقد اغتمضت عيناك وسكنت سكون العين الرمداء، ونمت نوم اللديغ القلق الذي جفاه النوم.

الإعراب: ألم: الهمزة: حرف استفهام، لم: حرف نفي وقلب وجزم: تغتمض: فعل مضارع مجزوم بالسكون الظاهرة. عيناك: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ليلة: نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف. أرمدا: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل والألف للإطلاق. وبتَّ: الواو: حرف عطف، بت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة، والتاء: ضعير متصل في محل رفع اسمها. كما: الكاف: حرف جر، وما: مصدرية، والمصدر المؤول منها ومن الفعلِ بات مجرور بالكاف. والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف يقع مفعولًا مطلقًا للفعل بتَّ. بات: فعل ماض ناقص مبني على الفتحة الظاهرة. السليمُ: اسمها مرفوع بالضمة الظاهرة، وحذف خبره لدلالة خبر الأول عليه. مسهدا: خبر بتَّ منصوب بالفتحة الظاهرة.

وجملة (ألم تغتمض عيناك): ابتدائية لا محل لها. وجملة (وبت): معطوفة على تغتمض. وجملة (بات): صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

الشاهد قوله: (ليلة أرمدا) فقد نصب ليلة على النيابة عن مصدر، فكانت نائب مفعول مطلق وليست ظرفًا، على تقدير: ألم تغتمض عيناك اغتماض ليلة أرمد.

ص: 183

ولَا ينوب (أل) و (الفعل) عن المصدر، مع أنهما يدلان عليه. . فَلَا تقول:(ضربت أَن أضرب)؛ لأن (أَن) تخلص الفعل للاستقبال، فيصير مقصورًا علَى زمان واحد، بخلاف المصدر الصّريح. . فيصلح للأزمنة الثّلاثة.

وأجازه الأخفش.

وقد نظمت ما ناب عن المصدر فِي قولي:

وَعَن مَصدَرٍ قَدْ نَابَ وصفٌ وآلةٌ

وَفَي ذَينِ وَاسمِ العَينِ خُلفُ مَنِ اجتَهَدْ

وَكُلٌ وَبَعضٌ ثُمَّ نَوعٌ وَمُضمَرٌ

وَوَقتٌ وَنابَ اسمُ الإِشارَةِ وَالعَدَدْ

وَمَصدَر فِعْلٍ أُخِّرَ احفَظْ مُرَادِفَا

كيُعجِبُهُ حُبًّا بِهِ شَاهِدٌ وَرَدْ

واللَّه الموفق

ص:

290 -

وَمَا لِتَوكِيدٍ فَوَحِّدْ أَبَدَا

وَثَنِّ وَاجْمَعْ غَيْرَهُ وَأَفْرِدَا

(1)

ش:

سبق كون المصدر مؤكدًا، ومبينًا للنوع، أَو العدد.

وذكر هنا أَن المصدر المؤكد لا يثنى ولَا يجمع، بَلْ يجب إِفراده، فتقول إِذا قصدت التّوكيد:(ضربت ضربًا)؛ لأنه يقع علَى القليل والكثير، فَلَا معنَى للتثنية ولَا جمعه.

أَو لأنَّ المصدر المؤكد بمثابة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى، ولَا يجمع.

وإِنما دخلت عليه (أل) فِي نحو: (ضربت الضرب) وهي لَا تدخل علَى الفعل؛ لأَنَّها دخلت من جهة الاسمية الحاصلة.

(1)

وما: اسم موصول مفعول مقدم على عامله وهو (وحِّد) الآتي. لتوكيد: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما. فوحد: الفاء زائدة، ووحد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. أبدا. منصوب على الظرفية. وثنِّ: فعل أمر، وفيه ضمير مستتر وجوبًا هو فاعله. وأجمع: معطوف على ثن. غيره: تنازعه كل من ثن واجمع. وأفردا: الواو حرف عطف، وأفرد: فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، وقلبت نون التوكيد ألفًا للوقف، وفيه ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنت هو فاعله.

ص: 184

وقوله: (وَثَنِّ وَاجْمَعْ غَيْرَهُ وَأَفْرِدَا)، يشير به إِلَى أَن المبين للعدد أَو النّوع. . تجوز فيه التّثنية والجمع.

فالأول: كـ (ضربته ضربتين وضربات) وهذا لا خلاف فيه.

وأما الثّاني: فعلَى مقتضى كلام الشّيخ رحمه الله: أنه يجوز فيه ذلك، فتقول إِذا قصدت النّوع:(سرت سيرين شديدين)، و (ضربت ضروبًا شديدة).

والمشهور: أنه لا يثنى ولَا يجمع إِلَّا إِذا اختلفت أنواعه؛ نحو: (سرت سيري زيد، الحسن والقبيح)، و (ضربت ضروب الأمير الشّديد والخفيف والمتوسط).

وظاهر كلام سيبويه: قصره علَى السّماع، واختاره علي الشّلوبين.

ومن الجمع فِي القرآن: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} ، وقرئ (الظّنون) علَى الأصل.

وتثبت الألف فِي الأول تشبيهًا لهُ بآخر الآيات المطلقة، ذكره العكبري.

و (ما): مفعول، بـ (وحد)، من قبيل:(زيدًا فاضرب)، وسبق فِي الفاعل.

واللَّه الموفق

ص:

291 -

وَحَذْفُ عَامِلِ المُوِكِّدِ امْتَنَعْ

وَفِي سِوَاهُ لِدَلِيلٍ مُتَّسَعْ

(1)

ش:

لا يحذف عامل المصدر الموكد؛ لأن المصدر المؤكد يقصد به تقرير عامله وتقوية معناه، والحذف ينافي ذلك.

ولهذا رد الفارسي علَى الزّجاج حيث قال فِي {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ، تقديرُهُ:(إن هذان لهما ساحران).

فقال: الحذف والتّوكيد باللّام متنافيان، فتقول:(ضربت ضربًا) ولَا تقول: (ضربًا)

(1)

وحذف: مبتدأ، وحذف مضاف، وعامل: مضاف إليه، وعامل: مضاف. والمؤكد: مضاف إليه. امتنع: فعل ماض، وفعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى حذف، والجملة من امتنع وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ. وفي سواه: الواو حرف عطف، وما بعدها جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وسوى مضاف، والضمير: مضاف إليه. لدليل: جار ومجرور متعلق بمتسع. متسع: مبتدأ مؤخر.

ص: 185

على أنه مؤكد.

ونقل المصنف الجواز.

والظّاهر: خلافه؛ لما علم، ولما فيه أيضًا من توكيد المحذوف، وهو ممنوع عند الأخفش والفارسي وثعلب.

وأما المبين للنوع أو العدد. . فيجوز حذف عامله لدليل؛ كما قال: (وَفِي سِوَاهُ لِدَلِيْلٍ متَّسَعْ)؛ كقولك: (ضَربَ الأميرِ) لمن قال: (أَيَّ ضرب ضربت؟)، و (ضربتين) لمن قال:(كم ضربت زيدًا؟)؛ أَي: (ضربته ضرب الأمير)، و (ضربته ضربتين).

وتقول لمن قدم من سفره: (قدومًا مباركًا)، ولمن ختم درسه:(ختمًا عظيمًا)، ونحو ذلك ممَّا يدل عليه دليل مقالي أَو حالي.

وقد يجب حدف العامل؛ كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالَى.

و (متَّسع): مصدر ميمي. مبتدأ، والخبر قوله:(فِي سِواهُ)؛ أَي: (وفي حذف سواه اتساع).

واللَّه الموفق

ص:

292 -

وَالْحَذْفُ حَتْمٌ مَعَ آتٍ بَدَلا

مِنْ فِعْلِهِ كَنَدْلًا اللَّذْ كَانْدُلا

(1)

ش:

يجب حذف عامل المصدر الواقع بدلًا من فعله:

ووقوعه موقع فعله مقيس فِي الأمر، والنّهي، والدّعاء، والاستفهام التوبيخي.

- فالأمر: (ضربًا زيدًا)؛ فـ (ضربًا): ناب مناب (اضرب)، وانتصب بعامل

(1)

والحذف حتم: مبتدأ وخبر. مع: ظرف منصوب على الظرفية، وهو متعلق بالخبر، ومع: مضاف، وآت: مضاف إليه. بدلا: حال من الضمير المستتر في آت. من فعله: الجار والمجرور متعلق بقوله: بدلا، وفعل مضاف، والضمير: مضاف إليه. كندلا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أو حال من الضمير المستتر في آت. اللذ: اسم موصول صفة لندلا. كاندلا: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، والكاف في كندلًا وفي كاندُلا داخلة على مقصود لفظه، فكل منهما مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.

ص: 186

محذوف وجوبًا، تقديرُهُ:(اضرب)، ولَا يجوز إِظهاره؛ كيلا يجمع بَينَ العوض والمعوَّض، و (زيدًا): منصوب بـ (ضربًا) عند سيبويه والفارسي والزّجاج.

وقيل: بالفعل المحذوف العامل فِي المصدر، وهو للمبرد والسّيرافي.

وقيل: إن (ضربًا) منصوب بـ (التزم) لا بـ (اضرب) فيكون مفعولًا به، ومنه أيضًا قوله تعالى:{فَضَرْبَ الرِّقَابِ} ؛ أَي: (فاضربوا الرّقاب).

وقولُ الشّاعرِ:

. . . . . . . . . .

فنَدْلًا زُرَيقُ المالَ نَدلَ الثَّعالِبِ

(1)

فـ (ندلا): ناب مناب (اندل)، وإِليه أشار بقوله:(كَنَدْلًا اللَّذْ كَانْدُلا).

و (النّدل): الخطف بسرعة. و (زريق): منادى حذفت منه الأداة. و (المال): مفعول به، والتّقدير: يا زويق اندل المال.

وخص ابن عصفور: وجوب الحذف بأن يتكرر المصدر؛ كقوله:

فَصبْرًا في مجالِ الْمَوتِ صَبْرًا

. . . . . . . . . .

(2)

(1)

التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: عَلى حِين أَلْهَى النَّاسَ جُلُّ أُمُورِهم

وهو للأحوص، محمد بن عبد اللَّه بن عاصم الأنصاري، وفي الحماسة لأعشى همدان، وقال الجوهري: لجرير، والأظهر كما في الحماسة.

اللغة: ألهى الناس: شغلهم وأورثهم الغفلة، جل أمورهم: -بضم الجيم- معظمها وأكثرها، ندلا: مصدر: ندل المال، إذا خطفه بسرعة، زريق: اسم رجل أو قبيلة.

المعنى: أن هؤلاء اللصوص يخرجون للسرقة والاختطاف وقت اشتغال الناس بمهامهم، ويوصي بعضهم بعضًا بسرعة الخطف والاحتيال كخطف الثعالب، وقد ضرب المثل بالثعلب في هذا فقيل: أخطف من ثعلب.

الإعراب: على: حرف جر. حين: ظرف زمان مبني على الفتح في محل جر أو مجرور بالكسرة الظاهرة، ألهى: فعل ماض، الناس: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، جل: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، أمورهم؛ مضاف إليه، فندلًا: منصوب بفعل محذوف، زريق: منادى بحرف نداء محذوف، المال: مفعول لقوله: ندلا السابق، منصوب بالفتحة الظاهرة، ندل: مفعول مطلق مبين للنوع منصوب بالفتحة الظاهرة، الثعالب: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

الشاهد: (فندلا)، حيث ناب مناب فعله وهو مصدر، وعامله محذوف وجوبًا والتقدير: اندل ندلًا.

(2)

التخريج: صدر بيت من الوافر، وعجزه: فَمَا نَيْلُ الخُلُودِ بِمُسْتَطَاع

وهو لقطري بن الفجاءة في تخليص الشواهد ص 298، وشرح التصريح 1/ 331، والمقاصد النحوية 3/ 51.

ص: 187

- والنهي؛ نحو: (قيامًا لا قعودًا)؛ أَي: (لا تقعد).

- والدّعاء؛ كقولهم: (سقيا لك ورعبًا).

وحكَى ابن إِياز عن أبي الحسن محمد الزّعفراني تلميذ علي بن عيسَى الرّبعي: أَن هذه اللّام لا تتعلق بشيء.

وقيل: تتعلق بمحذوف صفة لـ (سقيًا).

ورُدَّ: بأنه أقيم مقام الفعل، فَلَا يوصف كالفعل.

ونقل الأندلسي غلام أبي علي: أَن بعضهم يعلقه بـ (أعني) محذوفًا.

- والاستفهام التّوبيخي؛ كقولك: (ألهوًا وقد قرب الموت؟).

ومنه قولُ الشّاعرِ:

. . . . . . . . . . .

ألُؤمًا لَا أَبَا لَكَ وَاغتِرَابَا؟!

(1)

= المعنى: يقول مخاطبًا نفسه: لا تخافي من الموت في المعارك، فكل نفس ذائقة الموت، ولا يسعها أن تبقى خالدة.

الأعراب: فصبرا: الفاء بحسب ما قبلها، صبرا: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: اصبري. في مجال: جار ومجرور متعلقان بصبرا، وهو مضاف. الموت: مضاف إليه مجرور. صبرا: توكيد للأولى: فما: الفاء استئنافية، وما: حرف نفي، أو من أخوات ليس. نيل: مبتدأ، أو اسم ما مرفوع، وهو مضاف. الخلود: مضاف إليه مجرور. بمستطاع: الباء حرف جر زائد، مستطاع: خبر المبتدأ أو خبر (ما) مجرور لفظًا ومرفوع محلًا على أنه خبر المبتدأ، أو منصوب محلًا على أنه خبر (ما).

وجملة (صبرا): بحسب ما قبلها. وجملة (ما نيل): استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد قوله: (فصبرا في مجال الموت صبرا) حيث جاء المصدر صبرًا بمعنى فعل الأمر اصبري، فهو مفعول مطلق لفعل محذوف.

(1)

التخريج: عجز بيت من الوافر، وصدره: أعبدًا حَلَّ في شعْبى غَريبا

وهو لجرير في ديوانه ص 650، وإصلاح المنطق ص 221، والأغاني 8/ 21، وجمهرة اللغة ص 1181، وخزانة الأدب 2/ 183، وشرح أبيات سيبويه 1/ 98، وشرح التصريح 1/ 331، 2/ 171، 289، والكتاب 1/ 339، 334، ولسان العرب 1/ 503 شعب، ومعجم ما استعجم ص 799، 861، والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506، وبلا نسبة في رصف المباني ص 52.

اللغة: شعبى: اسم جبل يقع في طريق مكة من البصرة.

المعنى: يتساءل الشاعر متعجبًا: إن هذا العبد يظهر لؤمه في موطن غربته، فكأنه قد جمع بين اللؤم والاغتراب، وهذا منتهى الصفاقة والنفاق.

ص: 188

أي: (أتلؤُمُ لؤمًا، وتغترب اغترابًا؟).

وكذا المصدر الّذي لا فعل لهُ؛ نحو: (ويلَ الظّالم)، و (ويحَ الظالم الباغي)، بنصبهما بعامل محذوف من معناهما.

وقد يقام المصدر مقام فعله في الخبر؛ يعني فِي غير الطّلب:

كقولك عند حصول نعمة أَو تذكرها: (حمدًا وشكرًا لا كفرًا).

وعند الشّدة: (صبرًا لا جزعًا)؛ أَي: (أصبر صبرًا لا أجزع جزعًا).

وعند ظهور شيء يتعجب منه: (عجبًا)؛ أَي: (أعجب عجبًا).

ونحو: (زرني وكرامة)؛ أَي: وأكرمك كرامة.

وكذا: نحو: (غفرانك، ومعاذ اللَّه).

واللَّه الموفق

ص:

293 -

وَمَا لِتَفصِيْلٍ كَإِمَّا مَنَّا

عَامِلُهُ يُحْذَفُ حَيْثُ عَنَّا

(1)

= الإعراب: أعبدا: الهمزة للنداء، عبدًا: منادى منصوب بالفتحة. حل: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو. في شعبى: جار ومجرور متعلقان بحل. غريبًا: حال منصوب. ألؤمًا: الهمزة للاستفهام، لؤمًا: مفعول مطلق منصوب. لا: نافية للجنس: أبا: اسم لا منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة. لك: اللام زائدة، والكاف في محل جر بالإضافة لـ (أبا)، ويجوز اعتبار (لك) جارًا ومجرورًا متعلقان بمحذوف نعت لاسم (لا)، وخبرها محذوف. واغترابا: الواو حرف عطف، اغترابا: معطوف على (لؤمًا) أي مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: تغترب (اغترابا).

وجملة (حل): في محل نصب نعت (عبدا). وجملة (ألؤما): استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة (لا أبا لك): اعتراضية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (ألومًا واغترابا) فقد اشتملت هذه العبارة على مصدر واقع بعد همزة استفهام فى دالة على توبيخ، والعامل في هذا المصدر محذوف وجوبًا.

(1)

ما: اسم موصول: مبتدأ أول. لتفصيل: جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة: كإما: جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لتفصيل. مَنا: مفعول مطلق حذف عامله وجوبًا. عامله: عامل: مبتدأ ثان، وعامل مضاف والضمير مضاف إليه. يحذف: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى عامل، والجملة من (يحذف) ونائب =

ص: 189

ش:

إذا وقع المصدر تفصيلًا. . يجب أيضًا حذف عامله؛ كقولِهِ تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ؛ فـ (مَنّا وفداءً) مصدران وقعا تفصيلًا لعاقبة ما قبلهما؛ والتّقدير واللَّه أعلم بمراده: (فإما تمنون منا، أَو تفدون فداء)، وإلى هذه الآية الشّريفة أشار الشيخ بقوله:(كإِما مَنَّا).

وتقول: (اجلس فإما حديثًا أَو سكوتًا).

وقد يجوز الرّفع؛ كقول الشّاعر:

فَسِيرَا فَإِمَّا حَاجَةً تَقضِيَانِها

وَإِمَّا مَقِيلٌ صَالِحٌ وَصَدِيقُ

(1)

وقوله: (حَيْثُ عَنَّا)؛ أَي: حيث عرض.

واللَّه الموفق

ص:

294 -

كَذَا مُكَرَّرٌ وَذُو حَصْرٍ وَرَدْ

نَائِبَ فِعْلٍ لِاسْمِ عَيْنٍ اسْتَنَدْ

(2)

ش:

- يجب أيضًا حذف عامل المصدر. . إن كَانَ المصدر مكررًا أَو محصورًا والعامل

= فاعله: في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره: في محل رفع خبر المبتدأ الأول. حيث: ظرف متعلق بيحذف مبني على الضم في محل نصب. عنَّا: فعل ماض، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى عامل، والجملة من (عنَّ) وفاعله: في محل جر بإضافة حيث إليها.

(1)

التخريج: البيت من الطويل، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن 2/ 158 معزوًا لبعض العرب، وتفسير الطبري 18/ 335، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 305. ولم أجده في أي من كتب النحو التي بين يدي.

والشاهد فيه: قوله: (وإما مقيلٌ)؛ حيث وقع المصدر تفصيلًا فوجب حذف عامله، وجاز رفعه.

(2)

كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم: مكرر: مبتدأ مؤخر. وذو: معطوف على مكرر، وذو: مضاف. وحصر: مضاف إليه، وجملة. ورد: وفاعله المستتر فيه في محل رفع نعت للمبتدأ وما عطف عليه. نائب: حال من الضمير المستتر في ورد، ونائب: مضاف. وفعل: مضاف إليه. لاسم: جار ومجرور متعلق باستند الآتي، واسم مضاف. وعين: مضاف إليلا. أستند: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا، تقديره: هو، يعود إلى فعل، والجملة من استند وفاعله في محل جر نعت لفعل.

ص: 190

خبرًا عن اسم عين.

فالأول: (زيد سيرًا سيرًا)؛ التّقدير: (يسير سيرًا)، فحذف الخبر لقيام التّكرير مقامه كما سبق فِي المبتدأ.

والثّاني: (إِنما أنت سيرًا)، و (ما زيد إِلَّا سيرُ الأمير)؛ التّقدير:(إِنما أنت تسير سيرًا)، (وما زيد إِلَّا يسير سير الأمير)، فحذف العامل أيضًا لما فِي الحصر من التّأكيد القائم مقام التكرير.

وأبو حيان: يجوز علَى جهة المبالغة: (إِنما أنت سير).

- ويجب الحذف أيضًا إِذا كَانَ المصدر مستفهمًا عنهُ استفهامًا عَلى بابه؛ نحو: (أأنت سيرًا؟).

فإِن لم يكن تقرير ولَا حصر ولَا استفهام ولَا عطف -كما سيأتي- لم يجب الحذف؛ نحو: (زيد سيرًا)، أَو (زيد يسير سيرًا)، هذا ما كَانَ من اسم العين.

وأما اسم المعنَى:

فقيل: يجب معه رفع المصدر؛ نحو: (أمرك سير).

والظّاهر: جواز نصبه مع استقامة المعنَى.

ويذكر العامل أَو يحذف.

ومن نصبه بعامل مقدر بعد اسم المعنَى: قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} ؛ فـ (سلام): مبتدأ، و (قولا): مصدر انتصب بالخبر المحذوف، والتّقدير واللَّه أعَلم بمراده:(سلام يقال لهم قولًا).

وقيل: (من رب رحيم): هو الخبر، و (قولًا): منصوب بالفعل المقدر.

وقيل غير ذلك.

تنبيه:

العطف كالتكرير في وجوب حذف العامل؛ نحو: (أنت أكلًا وشربًا).

ويقدر لكل مصدر ما يناسبه؛ أَي: (أنت تأكل أكلًا، وتشرب شربًا)، وسيأتي فِي التّحذير والإغراء: أَن العطف كالتكرار فِي وجوب الحذف.

واللَّه الموفق

ص: 191

ص:

295 -

وَمِنْهُ مَا يَدْعُوْنَهُ مُؤكِّدَا

لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْمُبْتَدَا

(1)

296 -

نحوُ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عُرْفَا

وَالتَّانِ كَابْنِي أَنْتَ حَقًّا صِرْفَا

(2)

ش:

- يعني: ومن المصدر الّذي يجب أيضًا حذف عامله: ما يسمَّى مؤكدًا لنفسه أَو لغيره:

وقوله: (فالْمُبْتَدَا): يشير به إِلَى المؤكد لنفسه وهو الّذي بدأ به من القسمين فِي المتن.

• والمؤكد لنفسه: هو الواقع بعد جملة هي نصٌّ فِي معناه؛ نحو: (لهُ علي ألفٌ عرفًا)، أَو (اعترافًا)؛ فـ (اعترافًا): مصدر حذف عامله، والتّقدير:(أعترف اعترافًا).

• وأما المؤكد لغيره: فهو الّذي يقع بعد جملة تحتمله وتحتمل غيره؛ نحو: (أنت ابني حقًا)، فـ (حقًا): مصدر حذف عامله وجوبًا؛ أَي: (أحقه حقًا).

وسمي مؤكدًا لغيره؛ لأنَّ (أنت ابني) محتمل للمجاز علَى معنَى (أنت عندي بمنزلة ابن)؛ فلما قيل: (حقًا). . ارتفع المجاز وصارت الجملة نصًا فِي قصد حقيقة البنوّة.

(1)

ومنه: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. ما: اسم موصول: مبتدأ مؤخر. يدعونه: فعل وفاعل ومفعول أول. مؤكدا: مفعول ثان، والجملة من يدعو وفاعله ومفعوليه: لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. لنفسه: الجار والمجرور متعلق بيدعو، ونفس مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف إليه. أو غيره: أو: حرف عطف، غير: معطوف على نفسه، وغير مضاف وضمير الغائب مضاف إليه. فالمبتدأ: مبتدأ.

(2)

نحو: خبر للمبتدأ في آخر البيت السابق. له: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. عليَّ: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور السابق. ألفٌ: مبتدأ مؤخر. عرفا: مفعول مطلق، وجملة المبتدأ وخبره: في محل جر بإضافة نحو إليها. والثان: مبتدأ. كابني: الكاف: جارة لقول محذوف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، ابني: ابن: خبر مقدم، وابن: مضاف، وياء المتكلم مضاف إليه. أنت: مبتدأ مؤخر، وجملة المبتدأ وخبره: في محل نصب مقول لذلك القول المحذوف. حقًا: مفعول مطلق. صرفا: نعت لقوله حقًا.

ص: 192

ومثله: (لا أفعله ألبتة)، فـ (ألبتة): مصدر حذف عامله كما ذكر؛ أَي: (أبت ألبتة).

و (البت): القطع.

فقولك: (لا أفعله) محتمل لاستمرار النّفي وانقطاعه، ولفظ (ألبتة) يحقق الاستمرار.

و (أل) فِي (ألبتة): لازمة الذّكر.

وقيل: يجوز حذفها.

واللَّه الموفق

ص:

297 -

كَذَاكَ ذُو التَّشْبِيهِ بَعْدَ جُمْلَهْ

كَلِي بُكًا بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَه

(1)

ش:

أي: يجب حذف العامل أيضًا إِذا قصد بالمصدر التّشبيه، وَكَانَ قبله جملة مشتملة عليه وعلَى فاعله:

ويشترط: كون هذا المصدر فعلًا علاجيًا.

والعلاجي: ما احتاج فِي إحداثه إِلَى علاج بتحريك عضو؛ فتقول: (لزيد صوتٌ صوتَ حمار)، و (لي بكاءٌ بكاءَ الثّكلَى)، وهي: الحزينة.

فـ (صوت حمار): مصدر قصد به التّشبيه منصوب بمحذوف وجوبًا، والتّقدير:(يَصوتُ صوتَ حمار)، و (كذا بكاءَ الثّكلَى)؛ أي:(أبكي بكاءَ الثّكلَى)، فكلٌّ من المصدرين وقع بعد جملة اشتملت عليه وعلَى فاعله.

فـ (زيد): فِي الجملة الأولَى: فاعل فِي المعنَى؛ لأنه هو المصوّت.

و (الياء): في الجملة الثّانية؛ أعني قوله: (لي بكاءٌ): فاعل كذلك؛ لأنه هو الباكي.

(1)

كذاك: كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب. ذو: اسم بمعنى صاحب: مبتدأ مؤخر، وذو مضاف. والتشبيه: مضاف إليه. بعد: ظرف متعلق بمحذوف حال، وبعد مضاف. وجملة: مضاف إليه. كلي: الكاف جارة لقول محذوف. لي: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. بكا: قصر للضرورة مبتدأ مؤخر. بكاءَ: مفعول مطلق، وبكاء مضاف. وذات مضاف إليه، وذات مضاف. وعضلة: مضاف إليه.

ص: 193

وقال الشّاعر:

مَا إنْ يَمَسُّ الأَرضَ إلَّا مَنْكِبٌ

مِنهُ وَحَرْفُ السَّاقِ طَيَّ المِحْمَلِ

(1)

فـ (طي): مصدر قصد به التّشبيه، نصب بمحذوف وجوبًا كما سبق؛ أي:(يطوي طيَّ المِحْمَل).

وقوله: (ما إن يمس الأرض إِلَّا منكبٌ): بمنزلة (لهُ طي)، وهو جملة مشتملة علَى المصدر، والفاعل الّذي هو (الهاء) فِي (لهُ)، و (حرف الساق): معطوف علَى منكب.

و (المِحمَل): بكسر الأولَى وفتح الثّانية: علَّاقة السّيف.

فإِن لم تشتمل الجملة علَى الفاعل. . وجب الرّفع: كـ (هذا صوتٌ صوتُ حمار)، و (علَى زيد نوحٌ نَوحُ الحمائم)؛ أَي:(هو صوتُ حمار)، و (هو نوحُ الحمائم).

وكذا إِذا ذكر الفاعل فِي غير جملة؛ نحو: (صوتُ زيد صوتُ حمار).

فـ (صوت زيد): مبتدأ، و (صوت حمار): خبر.

وكذا إن كَانَ المصدر غير علاجي؛ نحو: (لزيد ذكاءٌ ذكاءُ الأطباء) و (لهُ حسبٌ

(1)

التخريج: البيت لأبي كبير الهذلي في خزانة الأدب 8/ 194، وشرح أبيات سيبويه 1/ 324، وشرح أشعار الهذليين 3/ 1073، وشرح التصريح 1/ 334، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 90، وشرح شواهد الإيضاح ص 147، وشرح شواهد المغني 1/ 227، والشعر والشعراء 2/ 676، والكتاب 1/ 359، والمقاصد النحوية 3/ 54، وللهذلي في الخصائص 2/ 309، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 246، والإنصاف 1/ 230، والمقتضب 3/ 203، 232.

اللغة: المنكب: مجتمع رأس الكتف والعضد. المحمل: حمالة السيف.

المعنى: يقول: إن ذلك الفتى لضمور بطنه، وضعف جسمه، إذا اضطجع على الأرض لا يمسها منه إلا المنكب وطرف الساق.

الإعراب: ما: حرف نفي. إن زائدة. يمس: فعل مضارع مرفوع. الأرض: مفعول به منصوب. إلا: أداة حصر. منكب: فاعل مرفوع. منه: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت منكب. وحرف: الواو حرف عطف، حرف: اسم معطوف على منكب مرفوع، وهو مضاف. الساق: مضاف إليه مجرور. طي: مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف. المحمل: مضاف إليه مجرور. وقيل: طي المحمل مركب إضافي منصوب على أنه مصدر تشبيهي على ما قرره سيبويه.

الشاهد: قوله: (طي المحمل) حيث نصب طي بفعل محذوف دل عليه السياق تقديره: طوي طي.

ص: 194

حسبُ الصّالحين)؛ فإِن: (الذّكاء)، و (الحسب): ليسا علاجيين.

• ويجوز الرّفع والنّصب فِي: (لزيدٍ علمٌ علم الفقهاء).

فالرّفع: علَى أنه خبر لمحذوف.

والنّصب: علَى تقدير: أنك مررت عليه فِي حال التّعلم فيكون علاجيًا.

وقيل: يجوز الرّفع فِي نحو: (لهُ صوتٌ صوتُ حمار) علَى حذف الصّفة؛ أَي: (مثل صوت حمار)، أو خبرًا لمحذوف؛ أَي:(هو صوت حمار).

وسوَّى بعضهم: بَينَ النّصب والرّفع، ونسب ذلك لأبي الحسن علي بن عصفور تلميذ الشّلوبين.

واللَّه الموفق

* * *

ص: 195