الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإليه أشار بقوله: (وَنَصْبُ غُدْوَةٍ بِهَا عَنْهُمْ نَدَرْ)؛ فقطعت عن الإضافة لفظًا ومعنى.
والنصب: على التمييز، أو على التشبيه بالمفعول، أو إضمار كان واسمها؛ أي:(لدن كانت الساعة غدوة).
وقال البعلي: شبهت نونها بتنوين اسم الفاعل، فنصبت.
قال سيبويه: وهو شيء نادر غريب. انتهى.
ويجوز جر (غدوة) وهو القياس، وهي بمعنى (غداة)، إلا أن (غدوة) معرفة، و (غداة) نكرة، ذكره في "الأشباه والنظائر".
تنبيه:
(لدن): مبنية على السكون.
وأعربها قيسٌ، وبه قرأ أبو بكر عن عاصم:(لينذر بأسًا شديدًا من لدنه) بكسر النون.
وفيها لغات:
- (لَدَن) بفتح الأول والثاني.
- و (لَدْنِ) كـ (أمس).
- و ([(لُدْن)] بضم اللام كـ (قفل).
- و (لَدَ) بفتح اللام وضمها.
- (ولَدُ) بفتح الأول وضم الثاني.
- و (لدا) بفتح الأول.
وسبق الكلام على (لدا)، وبنيت (لدن)؛ لأن وضع (لد) وضع الحروف، فأجريت بقية اللغات مجراه.
وقيل: لأنهم لم يتجاوزوا بها حضرة الشيء والقرب منه، فجرت مجرى الحرف
وجميع النُّحاة استشهدوا به على نصب غدوة بعد (لدن) ولم تجرّ بالإضافة؛ وهذا نادر. يُنظر هذا البيتُ في: حُروف المعاني 26، وشرح اللّمع لابن بَرْهان 2/ 429، واللّسان (لدن) 13/ 384، وابن عقيل 2/ 65، والمقاصد النّحويّة 3/ 429، والتّصريح 2/ 46، والهمع 3/ 218، والأشمونيّ 2/ 263، والدّرر 3/ 138.
الموضوع بإزاء معنى لا يتجاوزه، ولهذا: أعربت (عند)؛ لأنهم أوقعوها على ما بالحضرة وغيره؛ فيجوز: (عندي مال) وإن كان المال غائبًا في بلد آخر.
بخلاف: (لدن) .. فلا يكون إلا للحاضر كما سبق ذكره.
واللَّه الموفق
ص:
409 -
وَمَعَ مَعْ فِيْهَا قَلِيْلٌ وَنُقِلْ
…
فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُوْنٍ يَتَّصِلْ
(1)
ش:
من الأسماء اللازمة للإضافة أيضًا (مع)، وهي: اسم معرب منصوب على الظرفية.
- فتكون اسمًا لمكان الاصطحاب؛ كـ (جلست مع زيد).
- ووقت الاصطحاب؛ كـ (جئت معَ زيد).
بفتح العين.
وغنم وربيعة: يبنونها على السكون، وإليه أشار بقوله:(وَمَعَ مَعْ فِيْهَا قَلِيْلٌ)، قال الشاعر:
فَرِيشِي مِنْكُمُ وهَوايَ مَعْكُمْ
…
وإن كانت زِيارَتُكُمْ لِمَامَا
(2)
(1)
ومع: معطوف على (لدن) في البيت السابق. مع: قصد لفظه: مبتدأ. فيها: جار ومجرور متعلق بقليل الآتي. قليل: خبر المبتدأ. ونقل: فعل ماض مبني للمجهول. فتح: نائب فاعل نقل. وكسر: معطوف على فتح. لسكون: تنازعه كل من فتح وكسر. يتصل: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى سكون، والجملة في محل جر صفة لسكون.
(2)
التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 225، وشرح أبيات سيبويه 2/ 291، والمقاصد النحوية 3/ 432، وللراعي النميري في ملحق ديوانه ص 331، والكتاب 2/ 287، ولأحدهما في شرح التصريح 2/ 48، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 306، ورصف المباني ص 329، وشرح ابن عقيل ص 395، ولسان العرب 8/ 341 (معع).
اللغة: الريش: اللباس الفاخر. الهوى: المَيل. اللمام: الغبّ، أي الحين بعد الحين.
المعنى: يقول: إنّ كلّ ما عندي من لباس ومال هو من خيركم وفضلكم، لذا فإنّ هواي منصرف إليكم وإن كانت مودّتكم لنا غير مستقرّة.
الإعراب: فريشي: الفاء بحسب ما قبلها، ريشي: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. منكم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. وهواي: الواو: حرف
و (الريش): المال والمعاش.
وإذا وقع بعدها ساكن على لغة تميم وربيعة .. كسرت العين فرارًا من التقاء الساكنين؛ نحو: (جئت معِ الأمير) بكسر العين أو فتحهما، وإليه الإشارة بقوله:(وَنُقِلْ فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُوْنٍ يَتَّصِلْ).
والصحيح: أن الساكنة العين اسم.
خلافًا: لمن زعم أنها حرف؛ كالنحاس.
وليس لتسكين عينها ضرورة، بل هي لغة كما تقدم.
خلافًا لسيبويه في زعمه ذلك.
ويجوز في (مع) أن يفرد لفظها عن الإضافة فتخرج عن الظرفية وتنصب على الحال؛ كـ (جاء الزيدان معًا)، و (قاما معًا).
وقد تستعمل في الجمع؛ كقول الخنساء:
وأَفْنَى رِجَالِي فَبَادُوا مَعًا
…
فأصْبَحَ قَلْبي بِهم مُسْتَفِزَّا
(1)
= عطف، هواي: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. معكم: ظرف متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ، وهو مضاف، وكم: ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. وإن: الواو حالية، إن: وصلية زائدة. كانت: فعل ماضٍ ناقص، والتاء للتأنيث. زيارتكم: اسم كان مرفوع، وهو مضاف، وكم: ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. لمامًا: خبر كان منصوب.
وجملة (ريشي منكم): بحسب ما قبلها. وجملة (هواي معكم): معطوفة على الجملة السابقة.
وجملة (وإن كانت زيارتكم لماما): في محل نصب حال.
الشاهد: قوله: (هواي معْكم) حيثما وردت (مع) مبنيّة على السكون.
(1)
التخريج: البيت للخنساء في ديوانها ص 274، وشرح التصريح 2/ 48، وشرح شواهد المغني 1/ 252، 2/ 748.
اللغة: أفنى: أهلك. بادوا: هلكوا. مستفزًّا: مستخفًّا.
المعنى: لقد هلك رجالي جميعًا فبت مضطربةَ القلبِ حزينةً.
الإعراب: وأفنى: الواو: حسب ما قبلها، وأفنى: فعلَ ماضٍ مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر، والفاعل: ضمير مستتر تقديره هو. رجالي: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسبة، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. فبادوا: الفاء: عاطفة، بادوا: فعل ماضٍ مبني على الضمة الظاهرة لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف: للتفريق. معًا: حال منصوبة بالفتحة
وقول الآخر:
...................
…
إِذَا حَنَّتِ الأُولَى سَجَعنَ لَهَا مَعَا
(1)
والخليل وسيبويه: على أنها ثنائية اللفظ مطلقًا، ولو نونت في نحو:(جاء الزيدان معًا) .. فهي بمنزلة قوله: (رأيت دمًا).
= الظاهرة. فأصبح: الفاء: عاطفة، وأصبح: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة. قلبي: اسمها مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء لاشتغال المحل بالحركة المناسبة وهو مضاف، والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. بهم: جار ومجرور متعلقان بالخبر (مستفزًّا).
مستفزًّا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة.
وجملة (أفنى رجالي): ابتدائية لا محل لها. وجملة. (بادوا): معطوفة على ابتدائية لا محل لها.
وجملة (فأصبح قلبي مستفزًّا): معطوفة على جملة (بادوا) لا محل لها.
الشاهد: قوله: (بادوا معًا) فقد عبر بـ (معًا) عن جماعة الذكور كما يعبر بها عن الاثنين.
(1)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: يذكرن ذا البث الحزين ببثه
وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص 117، وشرح التصريح 2/ 48، وشرح شواهد المغني 2/ 567، 747، والشعر والشعراء 1/ 345، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 74، 75، والمحتسب 1/ 151.
اللغة: الحنين: صوت الناقة إذا اشتاقت إلى ولدها. سجعن معًا: التقت أصواتهن معًا على طريقة واحدة.
المعنى: إن النوق الثلاث يذكرن صاحب الحزن الشديد فإذا صوتت إحداها .. قابلتها الأخريات بمثله.
الإعراب: يذكرن: فعل مضارع مبني على السكون والنون: ضمير متصل في محل رفع فاعل. ذا: مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. البث: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. الحزين: صفة مجرورة بالكسرة الظاهرة. ببثه: جار ومجرور متعلقان بالفعل يذكرن. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لفعله متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب. حنت: فعل ماضٍ مبني على الفتحة والتاء: للتأنيث وحركت بالكسر منعًا لالتقاء الساكنين. الأولى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. سجعن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون: ضمير متصل في محل رفع فاعل. لها: جار ومجرور متعلقان بالفعل سجعن. معًا: حال منصوبة بالفتحة الظاهرة.
وجملة (يذكرن): ابتدائية لا محل لها. وجملة (إذا حنت سجعن): استئنافية لا محل لها. وجملة (سجعن معًا): جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة (حنت): في محل جر بالإضافة.
الشاهد: قوله: (سجعن لها معًا) استعمل (معًا) لجماعة الإناث كما تستعمل للاثنين.
ويونس والأخفش: على أنها ثلاثية الوضع، وأصلها:(معيٌ)، فحذفت لامها اعتباطًا، يعني: لا لعلة، وأنها لما أفردت في:(جاء الزيدان معًا) .. رد إليها المحذوف وهو لام الكلمة، فهي اسم مقصور: كـ (فتى)، و (عصى)، وتجري حينئذ في الوقف مجراهما؛ فإذا قلت:(جاء الزيدان معًا) .. كانت منصوبة على الحال، وفتحتها فتحة إعراب عند الخليل وسيبويه، وهذه الألف بدل من التنوين عندهم؛ كما تقول:(رأيت دمًا).
ويونس والأخفش: أن هذه الألف ألف الكلمة، وأن التنوين حذف من غير عوض كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى في الوقف.
وحكى سيبويه: جرها بـ (مِن)؛ كقولهم: (ذهبت من معه)، وهي هنا بمعنى (عند).
وبه قرأ يحيى بن يعمر: (هذا ذِكرٌ مِن معي وذِكرٌ من قبلي) بتنوين (ذِكر)، وأن (مِن): حرف جر.
وسأل ثعلب رحمه الله أحمد بن قادم عن الفرق بين: (قام عبد اللَّه وزيد معًا)، و (قام عبد اللَّه وزيد جميعًا)، فسكت، فقال ثعلب: إن (جميعًا) للقيام في وقتين وفي وقت واحد، و (معًا) للقيام في وقت واحد. انتهى.
ويشكل عليه قولُ امرئ القيس:
مِكَرٍّ مِفَر مُقْبِل مُدْبِرٍ مَعًا
…
.....................
(1)
(1)
التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
وهو لامرئ القيس في ديوانه ص 19، وإصلاح المنطق ص 25، وجمهرة اللغة ص 126، وخزانة الأدب 2/ 397، 3/ 242، 243، والدرر 3/ 115، وشرح أبيات سيبويه 2/ 339، وشرح التصريح 2/ 54، وشرح شواهد المغني 1/ 451، والشعر والشعراء 1/ 116، والكتاب 4/ 228، والمقاصد النحوية 3/ 449، وبلا نسبة في لسان العرب 7/ 274 (حطط)، وأوضح المسالك 3/ 165، ورصف المباني ص 328، والمقرب 1/ 215، وهمع الهوامع 1/ 210.
اللغة: مكرّ: كثير العطف أي العودة مرة بعد أخرى. مِفَر: كثير الفرار. الجلمود: الحجر العظيم الصلب. حطه: حدره.
المعنى: يقول: إنّ فرسه سريع الجري، شديد الإقدام والإدبار معًا، وشبيه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عالٍ إلى الحضيض.
الإعراب: مكر: نعت لـ (منجرد) في البيت السابق، مجرور. مفرّ: نعت لـ (منجرد) أيضا. مقبل:
لأنه لا يُقبِل ويدبر في حالة واحدة.
وقيل: إنها بمعنى (بعد)، في قوله تعالى:{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ، كما أن (بعد) بمعناها في:{عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} .
واللَّه الموفق
ص:
410 -
وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْرًا إنْ عَدِمْتَ مَا
…
لَهُ أُضِيْفَ نَاوِيًا مَا عُدِمَا
(1)
411 -
قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ حَسْبُ أَوَّلُ
…
وَدُوْنُ وَالْجِهَاتُ أَيْضًا وَعَلُ
(2)
412 -
وَأَعْرَبُوا نَصْبًا إذَا مَا نُكِّرَا
…
قَبْلًا وَمَا مِنْ بَعْدِه قَدْ ذُكِرَا
(3)
= نعت لـ (منجرد). مدبر: نعت لـ (منجرد). معا: حال منصوب. كجلمود: جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر المبتدأ المحذوف تقديره: هو كائن كجلمود، وهو مضاف. صخر: مضاف إليه مجرور. حطه: فعل ماض، والهاء: ضمير في محلّ نصب مفعول به. السيل: فاعل مرفوع. من عل: جار ومجرور متعلّقان بـ (حط).
جملة (هو كائن كجلمود) الاسمية: في محل نعت لمنجرد، وجملة (حطه السيل) الفعلية: في محل نعت لـ (جلمود).
الشاهد قوله: (مقبل مدبر معا) حيث جاءت (معا) للدلالة على الإقبال والإدبار، ولا يكون ذلك في وقت واحد، وبهذا يرد على من قال: إن (معًا) للدلالة على فعل الشيئين في وقت واحد.
(1)
واضمم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. بناء: مفعول مطلق على حذف مضاف، أي: اضمم ضم بناء. غيرًا: مفعول به لاضمم. إن: شرطية. عدمت: عدم: فعل ماض فعل الشرط، وتاء المخاطب فاعل. ما: اسم موصول: مفعول به لعدم. له. جار ومجرور متعلق بقوله: أضيف الآتي. أضيف: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى غير، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد: الضمير المجرور محلا باللام. ناويًا: حال من فاعل اضمم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. ما: اسم موصول: مفعول به لناو، وجملة عُدما: من الفعل المبني للمجهول ونائب فاعله المستتر فيه: لا محل لها صلة الموصول.
(2)
قبل: مبتدأ. كغير: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. بعد، حسب، أول، ودون، والجهات: معطوفات على قبل بعاطف مقدر في بعضهن. أيضا: مفعول مطلق لفعل محذوف.
وعل: معطوف على قبل.
(3)
وأعربوا: فعل وفاعل. نصبًا: حال من الفاعل: أي ناصبين. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. ما:
ش:
اعلم: أن (غير) من الأسماء اللازمة للإضافة، وقد تخلو منها كما سيذكر.
ولها أربعة أحوال: فتعرب في ثلاثة، وتبنى في الحالة الرابعة، وقد أشار في البيت الأول: إلى الحالة الرابعة التي تبنى فيها.
- فتبنى على الضم إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه؛ كقولك: (قبضت درهمًا ليس غيرُ) بالضم.
وقوله: (ناويًا ما عُدِمَا) أي: معنى ما عدم، ويفهم من قوله:(واضمُم بِناءً)، أن الضمة بناء؛ لأنها ظرف كـ (قبل)، و (بعد)، وهو للمبرد، فتقول في:(قبضت درهمًا ليس غير): إنها ظرف مبني على الضم في محل نصب، لكونها خبر (ليس)، واسمها مضمر؛ أي:(ليس المقبوض غير ذلك).
ويجوز العكس؛ أي: (ليس غير ذلك مقبوضًا).
والأخفش: أنها ضمة إعراب؛ لأنها اسم مثل (كل) و (بعض).
وأجاز ابن خروف: الوجهين.
وابن السراج والسيرافي وأبو حيان: أن (لا) مثل (ليس)؛ في نحو: (لا غير)، و (ليس غير).
قال الشاعر:
....................
…
لعَنْ عَمَلٍ أسلفتَ لَا غيرُ تُسألُ
(1)
= زائدة. نكرا: نكر: فعل ماض مبني للمجهول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى المذكور، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. قبلا: مفعول به لأعربوا السابق. وما: الواو عاطفة، ما: اسم موصول معطوف على قوله قبلا. من بعده: الجار والمجرور متعلق بقوله (ذكرا) الآتي، وبعد مضاف، وضمير الغائب مضاف إليه. ذكرا: ذكر: فعل ماض مبني للمجهول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود على ما الموصولة، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة.
(1)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وصدره: جوابًا به تنجو اعتَمدْ فَوَربِّنا
وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 116، وشرح التصريح 2/ 50، وهمع الهوامع 1/ 210.
اللغة: جوابًا: أي هو الجواب الذي يكون عند السؤال بعد الموت. تنجو: تتخلص. أسلفت: سبق وقدمت.
وفي القاموس: أن (لا غير): لحن، وقصره على السماع.
وأما الثلاثة التي تعرب فيها:
* فالأول: أن يذكر المضاف إليه، كـ (قبضت درهمًا لا غيرَه) بالنصب.
* الثاني: أن يحذف المضاف إليه ولا ينوى لفظه ولا معناه؛ كـ (قبضت درهمًا لا غيرَ) بالنصب.
* الثالث: أن يحذف وينوى لفظه؛ كـ (قبضت درهمًا لا غيرَ) بالنصب أيضًا.
ومرجع هذا كله لنية المتكلم.
والحاصل: أنه إن ذكر المضاف إليه، أو لم يذكر ولم ينو شيء، أو نوي اللفظ ..
أُعرب.
أو لم يذكر ونوي المعنى .. بُني.
واعلم: أن (قبل)، و (بعد)، و (حسب)، و (أول)، و (دون)، و (عل)، والجهات نحو:(أمام)، و (خلف)، و (فوق)، و (تحت)، و (يمين)، (وشمال)، و (حذا)، و (تلقاء)، و (تجاه)، و (وراء): ظروف لازمة للإضافة أيضًا، وإضافتها معنوية، وهي كـ (غير) في الأوجه المذكورة.
الإعراب: جوابًا: مفعول به لـ (اعتمد) منصوب. به: جار ومجرور متعلقان بتنجو. تنجو: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. اعتمد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. فوربنا: الفاء: تعليلية، والواو: حرف جر وقسم، ربنا: مجرور بالكسرة، وهو مضاف، ونا: ضمير في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف. لعن عمل: اللام رابطة جواب القسم، وعن عمل: جار ومجرور متعلقان بتُسأل. أسلفت: فعل ماضٍ، والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل. لا: نافية تعمل عمل ليس. غير: اسم لا في محل رفع، والخبر محذوف. تسأل: فعل مضارع للمجهول مرفوع، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
وجملة (اعتمد جوابًا): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (تنجو): في محل نصب نعت جوابًا. وجملة (أسلفت): في محل جر نعت عمل. وجملة (تسأل): لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم.
الشاهد: قوله: (لا غير تسأل)؛ حيث وقعت (غير) منقطعة عن الإضافة لفظًا بعد لا النافية، وهذا جائز عند ابن الحاجب والفيروزأبادي، وغير جائز عند السيرافي وابن هشام.
* وقد استعملت (وراء) بمعنى (أمام)، في قوله تعالى:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} .
وبنيت هذه الظروف في الحالة الرابعة؛ لافتقارها إلى ما تضاف إليه افتقار الحروف إلى غيرها.
والمصنف: أنها أشبهت أحرف الجواب كـ (نعم)، و (بلى) في الاستغناء بها عن لفظ ما بعدها.
* وقال بعضهم في (قبل) و (بعد): بُنِيا لأنهما تعرفا بحذف ما أضيفا إليه، وهو خلاف: ما تتعرف به الأسماء.
وقيل:
لما تضمنا المحذوف بعدهما .. صارا كبعض الاسم، وبعض الاسم: مبني.
وعلى حركة: لالتقاء الساكنين.
وكانت ضمة: لأنهما يصلحان للزمان والمكان بحسب ما يضافان إليه، فلما قوي معناهما .. حركا بأقوى الحركات؛ ليطابق اللفظ المعنى.
أو لأنها في حالة الإضافة تحرك بالفتح والكسر، فضمت ليكمل لها الحركات الثلاث.
والسيرافي: أنها أشبهت المنادى المفرد في كونها إذا نكرت أو أضيفت .. أعربت، وإلا .. بنيت على الضم؛ كـ (يا زيد).
وقال الحوفي: لا يبنيان .. إلا إذا كان المضاف إليه معرفة؛ فإن كان نكرة .. أعربا، سواء نوي معناه أم لا.
وفي حالة البناء على الضم .. تسمى هذه الظروف: (غايات)؛ إذ الأصل أن تكون مضافة لفظًا؛ كـ (جئتك قبل زيد)، ونهايتها حينئذ: آخر المضاف إليه؛ لأن المضاف إليه تتمة المضاف؛ لأن المتضايفين كالكلمة الواحدة؛ فإذا حذف المضاف إليه وتضمنه المضاف .. صارآخر المضاف غاية؛ لأنه ناب عن الغاية.
وقد أعربت حيث ذكر المضاف إليه في قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} ، {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} ، {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} ، {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} ، {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} ، {إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} .
* و (دون): ظرف مكان لا ينصرف.
والأخفش والكوفيون: ينصرف.
قال الأخفش: وهو مبتدأ في نحو: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} الآية، وبنيت لإضافتها للمبني؛ أعني: اسم الإشارة، (ومنا): خبر مقدم.
ورُدَّ: بأن في الآية حذف؛ أي: (ومنا قوم دون ذلك)، أو (فريق) كما سيأتي في المفعول فيه.
وتأتي (دون) بمعنى: (فوق)، و (تحت)، و (أمام)، و (وراء)، و (شريف)، و (خسيس)، و (الأمر)، و (الوعيد)، وبمعنى (غير).
قيل: ومنه حديث: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة".
وبمعنى: (قبل)؛ كقوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} .
وتقول: (هذا دونه)؛ أي: (أقرب من).
* ويكثر جرها بـ (من).
* وقد تجر بـ (الباء).
وتقول: (أتيه من علِ الدار) بالجر؛ أي: (من فوق الدار)، و (جلست أمامَك، وخلفَك، وتحتَك، ويمينَك وشمالَك) بالنصب في الجميع.
وأما قولُ الشاعرِ:
فَغَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسَبُ أنّه
…
مَوْلَى المَخافَةِ خَلْفُها وأمامُها
(1)
(1)
التخريج: البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص 311، وإصلاح المنطق ص 77، والدرر 3/ 117، وشرح شواهد الإيضاح ص 170، والكتاب 1/ 407، ولسان العرب 12/ 26 (أمم)، 15/ 228 ظظ (كلا)، 410 (ولي)، والمقتضب 4/ 341، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 463، ولسان العرب 2/ 342 (فرج).
اللغة: فغدت: من الغدو. الفرجان: مثنّى الفرج، وهو ما بين قوائم الدابة، أو الثغر الذي هو موضع المخافة. مولى المخافة: أولى بالمخافة.
المعنى: يقول: فغدت البقرة تعدو في الجبل، وأينما توجّهت ظنّت أن الخطر يداهمها من الأمام والخلف على السواء.
الإعراب: فغدت: الفاء: حرف عطف، غدت: فعل ماضٍ، والتاء للتأنيث، والفاعل: هي. كلا: مبتدأ
فقيل: بدلان من (كلا الفرجين)، أو خبران و (مولى): بدل من الهاء، أو أنهما خبر بعد خبر، أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي:(هما خلفها وأمامها).
وعلى الأقوال: فقد تصرف أيضًا، وهو رأي صالح بن إسحاق الجرمي؛ لأنه يجيز ذلك في الشعر.
* قد أعربت أيضًا حيث لم ينو لفظ المضاف إليه ولا معناه، في قوله تعالى:(لله الأمر من قبلٍ ومن بعدٍ) فى قراءة الجر والتنوين، ونحو قول الشاعرِ:
فَسَاغَ لِيَ الشَّرابُ وَكُنتُ قَبلا
…
أَكَادُ أَغَصُّ بِالمَاءِ الفُرَاتِ
(1)
= مرفوع بالضمة المقدّرة، وهو مضاف. الفرجين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه مثنّى. تحسب: فعل مضارع مرفوع، وفاعله: هي. أنّه: حرف مشبّه بالفعل، والهاء: ضمير في محلّ نصب اسم أنّ. مولى: خبر أنّ مرفوع، وهو مضاف. والمصدر المُؤوَّل من أنّ ومعموليها سدَّ مَسَدّ مفعولي تحسب. المخافة: مضاف إليه مجرور. خلفها: بدل من مولى مرفوع، وهو مضاف، وها: ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. وأمامها: الواو: حرف عطف، أمام: معطوف على خلف وهو مضاف، وها: ضمير في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة (غدت): معطوفة على جملة في البيت السابق. وجملة (كلا الفرجين) الاسميّة: في محل نصب حال تقديرها: فغدت وكلا الفرجين. وجملة (تحسب): الفعليّة في محلّ رفع خبر المبتدأ.
الشاهد: قوله: (خلفها وأمامُها) بالرفع بدلًا من الخبر مولى، والثاني معطوف عليه، فدلّ ذلك على أن خلف وأمام من الظروف المتصرّفة التي تخرج أحيانًا عن النصب على الظرفيّة، وعلى الجرّ بـ (مِن) متأثَّرة بالعوامل.
(1)
التخريج: البيت ليزيد بن الصعق في خزانة الأدب 1/ 426، 429، ولعبد اللَّه بن يعرب في الدرر 3/ 112، والمقاصد النحوية 3/ 435، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 156، وتذكرة النحاة ص 527، وخزانة الأدب 6/ 505، 510، وشرح التصريح 2/ 50، وشرح ابن عقيل ص 397، وشرح المفصل 4/ 88، ولسان العرب 12/ 154 حمم، وتاج العروس حمم، وهمع الهوامع 1/ 210.
ويروى (الحميم) مكان (الفرات).
اللغة: ساغ الشراب: سهل مروره في الحلق. غص بالطعام أو الشراب: تعذر بلعه فمنعه عن التنفس. الماء الفرات: الماء العذب.
المعنى: يقول: هنؤ عيشه، وطاب شرابه بعد أن أدرك هدفه، ونال مبتغاه، وقد كان من قبل لا يستسيغ الماء العذب.
بالنصب على الظرفية، كأنه قال:(وكنت قديمًا)، وإليه أشار بقوله:(وَأَعربوا نَصْبًا إِذَا مَا نُكِّرا قبلا).
- فتنصب. إذا نكرت.
- وتجر: إذا دخل حرف الجر.
وكذا قولُ الآخر:
...................
…
فَمَا شَرِبُوا بَعدًا عَلَى لَذَّةٍ خَمْرَا
(1)
الإعراب: فساغ: الفاء: بحسب ما قبلها. ساغ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة. لي: اللام: حرف جر. والياء: ضمير متصل مبني في محل جر بحرف الجر. والجار والمجرور متعلقان بالفعل ساغ. الشراب: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. وكنت: الواو: واو الحال. كنت: فعل ماض ناقص، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع اسم كان. قبلا: ظرف زمان منصوب متعلق بأغص. أكاد: فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. أغص: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. بالماء: الباء: حرف جر، الماء: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلقان بالفعل أغص. الفرات: نعت الماء مجرور بالكسرة.
وجملة (ساغ الشراب): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (كنت قبلًا): في محل نصب حال. وجملة (أكاد أغص): الفعلية في محل نصب خبر كنت. وجملة (أغص): الفعلية في محل نصب خبر أكاد.
الشاهد: قوله: (قبلًا)؛ حيث نونها الشاعر ليقطعها عن الإضافة لفظًا ومعنى.
(1)
التخريج: هذا عجز بيت وصدره قوله: وَنَحْنُ قَتَلْنَا الأَسَد أَسَد شَنُوءَة
وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في إصلاح المنطق ص 146؛ وأوضح المسالك 3/ 158؛ وخزانة الأدب 6/ 501؛ والدرر 3/ 109؛ وشرح الأشموني 2/ 322؛ وشرح التصريح 2/ 50؛ وشرح شذور الذهب ص 137؛ ولسان العرب 3/ 93 (بعد)، 14/ 237 (خفا)؛ والمقاصد النحوية 3/ 436؛ وهمع الهوامع 1/ 209، 210.
اللغة: أسد شنوءة: حي من اليمن أبوهم الأزد بن الغوث؛ ويقال له: الأسد بن الغوث؛ وهم فرق؛ منهم: أزد شنوءة، وأزد السراة، وأزد عمان.
المعنى: إنا قتلنا أولئك القوم، ومزقناهم شر ممزق، وشتتنا شملهم، فما عرفوا بعد ذلك الهوان لذة للشراب. والمراد: أنهم بهزيمتهم حرموا ملاذ الحياة ونعيمها.
الإعراب: ونحن: الواو بحسب ما قبلها، نحن: ضمير رفع منفصل، في محل رفع مبتدأ. قتلنا: فعل ماض مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك، ونا: فاعل؛ وجملة قتلنا: في محل رفع
بنصبها على الظرفية.
وتقول: (جئت أولًا)، و (جلست دونًا)، و (سرت أمامًا، وخلفًا)، و (جلست فوقًا، وتحتًا، ويمينًا، وشمالًا) كما سبق ذكره.
وظاهر كلام الشيخ: أن ذلك يجوز، في نحو:(رأيت رجلًا حَسْبًا) أي: كافيًا، و (آتيك عَلًا) أي:(من فوق).
* وادعى ابن أبي الربيع تلميذ الشلوبين: أن (عل) لا تستعمل .. إلا مجرورة بـ (من)، وأنها لا تضاف.
وفي "الصحاح": تضاف؛ كـ (جئت من عل الدار)؛ أي: (من فوقها).
ومثال ما إذا حذف المضاف إليه ونوي لفظه: قوله تعالى: (لله الأمر من قبلِ ومن بعدِ) بالجر من غير تنوين، فأعربت أيضًا.
وكقولِ الشاعر:
وَمِنْ قَبْلِ نَادَى كُلُّ مَولَى قَرَابَةٍ
…
فَمَا عَطَفَتْ مَولَىً عَلَيهِ العَوَاطِفُ
(1)
= خبر نحن. الأسد: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، أسد: بدل من الأسد منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف. شنوءة: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. فما: الفاء عاطفة، ما: نافية، لا محل لها من الإعراب. شربوا: فعل ماض مبني على الضم، والواو: فاعل، والألف: للتفريق. بعدا: متعلق بشربوا منصوب. على لذة: متعلق بشربوا. خمرا: مفعول به منصوب.
الشاهد: قوله: (بعدا) حيث نونها الشاعر ليقطعها عن الإضافة لفظًا ومعنى.
(1)
التخريج: وهو من شواهد: التصريح: 2/ 50، والأشموني: 643/ 2/ 322، وابن عقيل: 235/ 3/ 72، والعيني: 3/ 443، والهمع: 1/ 210، والدرر: 1/ 177.
اللغة: من قبل: أي من قبل ما حدث. مولى: للمولى معانٍ كثيرة منها: ابن العم، والسيد، والناصر، والقريب؛ والأول أو الأخير، هو المراد هنا. عطفت: أمالت ورققت. العواطف: الصلات والروابط التي تستلزم العطف، وميل بعض الناس لبعض؛ كالصداقة، والمروءة، والنجدة، ونحوها: وهي جمع عاطفة.
المعنى: يبين الشاعر في معرض وصفه لشدة نزلت به كيف نادى كل ابن عم أو عصبة قرابته؛ ومَن بينهم وبينه صِلات مودة وعطف ليساعدوه ويأخذوا بناصره؛ ولهول الموقف .. لم يجب أحد مستجيرًا، ولم يعطف قريب على قريب، أو يساعد صديق صديقا.
الإعراب: ومن: الواو بحسب ما قبلها، من: حرف جر. قبلِ: اسم مجرور بمن، وعلامة جره الكسرة؛
وقالوا: إن (مولى) في هذا الشاهد بدل من الهاء، في (عليه)، وقدم للضرووة.
وقول الآخر:
...................
…
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيلُ مِنْ عَلِ
(1)
بالجر كما ذكر.
ومثال حالة البناء: وهو ما إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه: قوله تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} ، بالضم في قراءة الجماعة.
وقولُ الآخر:
لَعَنَ الإِلَهُ تَعِلَّةَ بْنَ مُسَافِرٍ
…
لَعْنًا يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ قُدَّامُ
(2)
= ومن قبل: متعلق بقوله: نادى الآتي. نادى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف؛ منع من ظهوره التعذر. كل: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف. مولى: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، منع من ظهورها التعذر. قرابةٍ: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة؛ وعلى هذه الرواية فالمفعول به لنادى محذوف، والتقدير: نادى كل مولى قرابة قرابته. فما: الفاء عاطفة، ما: نافية، لا محل لها من الإعراب. عطفت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث، لا محل لها. مولى: إما أن يكون مفعولًا به لعطف منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين، منع من ظهورها التعذر؛ أو بدلًا من الضمير المجرور بعلى بعده بدل كل من كل، قدم عليه لضرورة الشعر؛ أو حالًا من الضمير المجرور محلًا بعلى؛ والتقدير: فما عطفت العواطف عليه حال كونه مولى؛ أي: قريبًا. عليه: متعلق بعطف. العواطف: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
الشاهد: قوله: (ومن قبلِ) حيث جاءت (قبل) مجرورة؛ لمجيئها مضافة إلى مضاف إليه محذوف لفظه منوي ثبوته؛ وترك التنوين للإضافة المذكورة؛ لأن المنوي ثبوت لفظه كالثابت؛ والتقدير: (من قبل ذلك).
(1)
تقدم إعرابه وشرحه، والشاهد فيه هنا: قوله: (من علِ) وجه الاستشهاد: مجيء (علِ) مجرورا بـ (من)؛ لأن الشاعر قطعه عن الإضافة، ولم ينوِ لفظ المضاف إليه ولا معناه، ولهذا أعربه، حيث لم يرد الشاعر أن الصخر ينحط من أعلى شيء خاص، وكان حقه التنوين؛ لأنه نكرة، ولكنه حذف للشعر.
(2)
التخريج: البيت لرجل من بني تميم في الدرر 3/ 114، وشرح التصريح 2/ 51، والمقاصد النحوية 3/ 437، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص 279، وهمع الهوامع 1/ 210.
وقول الآخر:
...................
…
وَأَتَيتُ نَحوَ بَنِيْ كُلَيبٍ مِن عَل
(1)
وقول الآخر:
= اللغة: تعلة: اسم رجل. يشن: يصحب.
الإعراب: لعن: فعل ماضٍ. الإله. فاعل مرفوع. تعلة: مفعول به منصوب. بن: نعت تعلة منصوب. وهو مضاف. مسافر: مضاف إليه مجرور. لعنًا: مفعول مطلق منصوب. يشن: فعل مضارع للمجهول مرفوع، ونائب فاعله ضمير تقديره: هو. عليه: جار ومجرور متعلقان بيشن. من قدام: جار ومجرور متعلقان بيشن.
وجملة: (لعن الإله تعلة): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (يشن عليه): في محل نصب نعت لعنًا.
الشاهد: قوله: (من قدام)؛ حيث بنى الظرف (قدام) على الضم؛ لأنه حذف المضاف إليه، ولم ينو لفظه، بل نوى معناه.
(1)
التخريج: هذا عجز بيت للفرزدق يهجو فيه جريرًا، وصدره قوله:
ولقد سددت عليك كل ثنية
…
....................
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 54، وشذور الذهب 49/ 151، وشرح المفصل: 4/ 89، والعيني: 3/ 447، وهمع الهوامع: 1/ 210، والدرر اللوامع: 1/ 177، وديوان الفرزدق:723.
اللغة: ثنية: هي العقبة، أو الجبل، أو الطريق إليهما، والجمع ثنايا. بني كليب: رهط جرير.
المعنى: لقد سددت عليك يا جرير كل طريق ومنجى تسلكه للمفاخرة، وأتيتكم من أعلى، فألحقت بأصولكم عارًا لا تستطيعون دفعه، والخلاص منه.
الإعراب: لقد: اللام موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق. سددت: فعل ماض، مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. عليك: متعلق بسد. كل: مفعول به لسد منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف. ثنية: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره. وأتيت: الواو حرف عطف، أتى: فعل ماضٍ مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. نحو: ظرف، بني: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. كليب: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
من: حرف جر. علُ: ظرف مبني على الضم في محل جر بمن.
الشاهد: (من عل) حيث بنى الظرف (عل) على الضم؛ لأنه حذف المضاف إليه، ولم ينو لفظه، بل نوى معناه.
.........
…
عَلَى أَيِّنَا تَعْدُ المَنِيَّةُ أَوَّلُ
(1)
وقول الآخر:
...................
…
لِقاؤُكَ إلَّا مِن وَراءُ وَرَاءُ
(2)
(1)
التخريج: هذا عجز بيت، وصدره قوله: لَعَمْرِكَ مَا أَدْري وَإِنِّي لَأوْجَل
وهو مطلع قصيدة مشهورة يستعطف بها الشاعر صديقًا له، وقد أنشد أبو تمام في حماسته أكثرها، وأنشدها أبو علي القالي في أماليه، وبعد الشاهد قوله:
وإني أخوك الدائم العهد لم أحل
…
إن ابزاك خصم أو نبا بك منزل
والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 51، والمقتضب: 3/ 346، والمصنف: 3/ 35، وأمالي ابن الشجري: 1/ 328، 2/ 263، وشرح المفصل: 4/ 87، 6/ 98، والخزانة: 3/ 505، والأشموني: 640/ 2/ 322، والعيني: 3/ 439، والشذور: 45/ 145، وديوان معن:57. اللغة: أوجل: من الوجل، وهو الخوف، وهذا يحتمل أن يكون وصفًا، أو فعلًا مضارعًا مبدوءًا بهمزة المتكلم. تعدو: تسطو، مِن: عدا عليه، اجترأ وسطا. وروي: تغدو، أي تصبح. المنية: الموت.
المعنى: أقسم بحياتك لست أدري، ولا أعلم -وإني لخائف- على أينا ينقض الموت قبل صاحبه؛ فلا تقطع حبل المودة والصلة، فالموت آتٍ لا بد منه.
الإعراب: لعمرك: اللام للابتداء. عَمر: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، وضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالإضافة وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا؛ والتقدير: لعمرك قسمي. ما أدري: ما: نافية لا عمل لها. أدري: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنا. وإني: الواو: حالية، إني: إن: حرف مشبه بالفعل، مبني على الفتح المقدر على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهوره اشتغال المحل بالحركة المناسبة للياء، والياء: ضمير متصل في محل نصب اسم إن. لأوجل: اللام لام المزحلقة، أوجل: خبر إن مرفوع؛ وجملة (إني لأوجل): في محل نصب على الحال. على أينا: متعلق بتعدو، ونا: في محل جر بالإضافة. تعدو: فعل مضارع. المنية: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. أول: ظرف زمان متعلق بتعدو مبني على الضم في محل نصب.
الشاهد: قوله: (أول)؛ حيث جاء (أول) مبنيًا على الضم؛ لحذف المضاف إليه ونية معناه؛ لأن المراد: أول الوقتين، لأن لكلٍّ وقتًا يموت فيه؛ ويقدر أحدهما أسبق من الآخر.
(2)
التخريج: عجز بيت من الطويل، وعجزه: إِذا أَنا لم أومَن عَلَيْك وَلم يكن
وهو لعتي بن مالك في لسان العرب 15/ 390 (ورى)، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 504، والدرر 3/ 113، وشرح التصريح 2/ 52، ولسان العرب 3/ 92 (بعد)، وهمع الهوامع 1/ 210.