المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[حكم الفاعل] وحكمه: الرّفع. لقوته، وعدم استغناء الفعل عنهُ. ولأنه: قبِلَ المفعول لفظًا - شرح الفارضي على ألفية ابن مالك - جـ ٢

[الفارضي]

الفصل: ‌ ‌[حكم الفاعل] وحكمه: الرّفع. لقوته، وعدم استغناء الفعل عنهُ. ولأنه: قبِلَ المفعول لفظًا

[حكم الفاعل]

وحكمه: الرّفع.

لقوته، وعدم استغناء الفعل عنهُ.

ولأنه: قبِلَ المفعول لفظًا ومعنىً.

ولكونه عمدة.

فجعل لهُ أول الحركات وأقواها.

[أنواع الفاعل]

ويكون اسمًا صريحًا كما سبق.

ومؤَوّلًا به، كـ (يعجبني أَن تقوم)، قال تعالَى:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} ؛ أَي: (إنزَالُنا).

‌تنبيه:

سبق أَن الفاعل يرفع بالظّرف والمجرور؛ لما فيهما من معنَى (مستقر)، أو (استقر)، بشرط: أَن يكونا خبرًا، أَو صفة، أَو يسبقهما نفي، أَو استفهام؛ نحو:(زيد عنده أخوه)، و (زيد فِي الدّار أخوه)، و (مررت برجل عنده أخوه)، و (رأيت زيدًا عنده أخوه)، ونحو:(ما عندي شيء)، و (هل عندك شيء؟).

قال أبو الفتح: والّذي يدل علَى شبَهِ الظّرف والمجرور بالفعل: عطف الفعل عليه فِي: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} فعطف (ينزل) علَى (عنده).

والوجه: أَنَّ (ينزِّل) معطوف علَى (السّاعة) و (أنْ) مقدرة؛ أَي: (عنده علم السّاعة، وعلم إنزال الغيث).

وقيل: إن الفاعل بعدهما موفوع بالمتعلق، لا بالظّرف نفسه.

وأَجازَ الأخفش: أَن يعملا من غير اعتماد علَى نفي ونحوه؛ نحو: (فِي الدّار زيدٌ)، على أن (زيدٌ) فاعل.

وعلَى هذا المذهب قال بعضهم فِي: (كيف ذلك الرّجل؟): يجوز أَن يكونَ اسم الإِشارة فاعلًا بـ (كيف) علَى القول بأنها ظرف.

ص: 53

والمشهور: أنها خبر مقدم فِي هذا المثال، واسم الإِشارة: مبتدأ.

وقيل: (كيف): هي المبتدأ، ولَا يضر كونها نكرة؛ لأنَّ فيها معنَى العموم باعتبار أنها تناولت جميع أحوال المسؤول عنهُ، فهو علَى حد قول سيبويه فِي (كم جريبًا أرضك؟)، و (كم مالك؟).

والكثير:

* أَن يصدُرَ الفعلُ من الفاعل؛ كـ (قام زيد)

* وقد يقوم به الفعل؛ كـ (مات زيدٌ)، ولهذا قيل:(الفاعل ما أسند إِليه فعل علَى جهه قيامه به أَو صدوره منه).

والبصريون: لا يقدم الفاعل علَى فعله باقيًا علَى الفاعلية؛ لأنه كالجزء من الفعل، وجزء الفعل لا يتقدم.

وأجازه بعض الكوفيين؛ تمسكًا بنحو قول الشّاعر:

فَظِلٌّ لنَا يَومٌ لَذِيذٌ بِنِعمَةٍ

فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحسُهُ مُتَغَيَبِّ

(1)

برفع (نحسُه)، وجر (متغيبِ)، علَى أَن الأصل:(مقيل متغيب نحسه)، فهو فاعل (متغيب)؛ كما تقول:(مررت برجل كريم أبوه).

وأجيب: بأنه أراد (متغيبي) فحذف ياء النّسب واكتفَى بالكسرة، فيكون (نحسه): مبتدأ، و (متغيبي): خبر.

ذكر ذلك القواس، وفيه تكلف.

وقول الآخر:

لَسْنَ بِأَنيَابٍ وَلَا حَقَائِقِ

وَلَا ضِعَافٍ مُخُّهنَّ زَاهِقِ

(2)

(1)

التخريج: البيت في مجالس العلماء للزجاجي (ص 319)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 160) وديوانه (ص 40) طبعة السندوبي، وشرح المقرب لابن عصفور (ص 4).

اللغة: المقيل: اسم مكان من القيلولة وهي الظهيرة، قِل: فعل أمر من: قال يقيل.

الشاهد: قوله: (نحسه متغيب)؛ حيث تأخر المسند، ومع ذلك رفع المسند إليه، وذلك على رأي بعض الكوفيين الذين يزعمون أن تأخر المسند لا يخل برفعه المسند إليه، والتقدير عندهم:(متغيب نحسه)

(2)

الرجز لعثمان بن طارق في لسان العرب 10/ 148 (زهق)، ولعمارة بن طارق في التاج

ص: 54

برفع (مخُّهن)، وجر (زاهقِ)، علَى أَن الأصل:(ولَا ضعاف زاهق مخهن)؛ فهو فاعل بالصّفة كالذي قبله، وقدم.

وأجيب: بأن (مخهن): بدل من الضّمير فِي (ضعاف).

ذكره ابن الخباز فِي "شرح لمع ابن جني".

وقول الآخر:

مَا لِلجَمَالِ مَشْيُهَا وَئيدَا

أَجَنْدَلًا يَحْمِلنَ أَمْ حَدِيدَا

(1)

25/ 423 (زهق).

اللغة: زاهق: مِن قولك: زَهَقَ العظمُ زُهوقًا إِذَا اكْتَنَزَ مُخُّه.

الشاهد: قوله: (مخهن زاهق)؛ حيث تأخر المسند، ومع ذلك رفع المسند إليه، وذلك على رأي بعض الكوفيين الذين يزعمون أن تأخر المسند لا يخل برفعه المسند إليه، والتقدير عندهم:(زاهق مخُّهنَ).

(1)

التخريج: هذا بيت من مشطور الرجز، وبعده قوله:

أم صَرَفانًا بَارِدًا شَدِيدَا

أَمِ الرِّجَالُ جُثَّمًا قُعُودَا

وقصة الزباء مع جذيمة رواها الميداني في المثل: (خطب يسير في خطب كبير). مجمع الأمثال تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد: 1/ 233. رقم 1250. والبيت الشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 271، والأشموني: 355/ 1/ 169، وهمع الهوامع: 1/ 159، والدرر اللوامع: 1/ 141، والمغني: 986/ 758، وشرح السيوطي: 308 والكامل للمبرد: 279، وأمالي الزجاجي: 166، والعيني: 2/ 448.

اللغة: الجِمال: جمع جَمَل. وئيدا: ثقيلًا بطيئًا، هو صفة مشبهة من التؤدة وهي التمهل والتأني. جندلا: الجندل: ما ينقله الرجل من الحجارة. صَرَفانًا: النحاس والرصاص. جُثَّمًا: جمع جاثم، أي لاصقين بالأرض. قعودَا: جمع قاعد.

ومعنى البيت بات واضحًا، قالته الزباء لما رأت الجمال التي أتاها بها قصير، وقد حمل عليها الرجال في الغرائر، فأوهمها أن ذلك بضاعة.

الإعراب: ما: اسم استفهام مبتدأ. للجمال: متعلق بمحذوف الخبر. مشيُها: بالرفع فاعل مقدم لـ (وئيدا) على مذهب الكوفيين، وها مضاف إليه. وئيدا: حال من الجمال.

الشاهد: قوله: (مشيها وئيدا)؛ حيث يروى (مشيها): بالرفع والنصب والجر؛ فعلى روايتي النصب والجر، لا شاهد على الخلاف بين البصريين والكوفيين في مسألة تقدم الفاعل على عامله، وإعراب الروايتين كالآتي:

أ - رواية النصب: مشيَها، مشي: مفعول مطلق، لفعل محذوف؛ والتقدير: تمشي مشيها، وها مضاف

ص: 55

علَى أَن (مشيها): فاعل (وئيدا)، والأصل:(ما للجمال وئيدٌ مشيُها)، فقُدِّم علَى الصّفة كما سبق.

وأجيب: بأن (مشيها): مبتدأ حذف خبره، و (وئيدا): معمول للخبر المحذوف، والتّقدير:(مشيُها يوجد وئيدًا) أَو نحو ذلك.

وقيل: روي بتثليث (مشيها).

* فالرّفع: علَى ما ذكر.

* والنّصب: أَن (مشيها) مصدر؛ أَي: (ما للجمال تمشي مشيَها وئيدا).

* والخفض: أنه بدل اشتمال من (الجمالِ).

ومن العجب أَن الرّضي ادعَى الإجماع علَى منع تقديم الفاعل علَى الفعل؛ وقد ثبت عن الكوفيين: جواز تقديمه علَى الصّفة عندهم؛ فتقديمه علَى الفعل أولَى؛ لأنَّ الفعل أصل فِي العمل، والصّفة فرع عليه حتَّى عندهم، إِذ هم لا يقولون: إن الصّفة أقوَى فِي العمل من الفعل.

قال الشّيخ جمال الدّين بن إياز فِي "شرح أصول بن معط" رحمهما الله: وتقديم الفاعل علَى الفعل غير جائز، وهذا إِنما هو علَى رأي البصريين، فأما الكوفيون فمذهبهم جواز التّقديم. انتهى.

وقد يجر الفاعل بالمصدر؛ نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} .

وباسم المصدر، وسيأتي فِي إعمال المصدر.

وبـ (مِن) أَو بـ (الباء):

فالأول: يشترط كونه نكرة بعد النّفي أَو شبهه؛ نحو: (ما جاءني من أحد)، و (لَا يقم من أحد)، و (هل عندك من شيء).

إليه. وئيدا: حال منصوب على المصدر؛ وجملة الفعل المحذوف في محل نصب حال من الجمال.

ب - رواية الجر: مشيِها: بدل اشتمال من الجمال، وها مضاف إليه. وئيدا: حال من المشي.

وأما رواية الرفع ففيها الخلاف بين البصريين والكوفيين، حيث زعم الكوفيون أن مشيها فاعل لـ (وئيدا) تقدم عليه؛ لأنهم يجيزون تقدم الفاعل على عامله؛ والتقدير عندهم: أي شيء ثابت للجمال حال كونها وئيدًا مشيها.

وأما البصريون فلا يجيزون تقدم الفاعل على عامله.

ص: 56

والثّاني: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} .

وكقول الشّاعر:

مَهْمَا لِيَ اللَّيْلَةَ مَهْمَا لِيَهْ

أَوْدَى بِنَعْلَيَّ وَسِرْبَاليَهْ

(1)

التقدير: (أَودى نعلاي).

والباء في (كفى بالله): زائدة لازمة، فَلَا تتعلق بشيء.

وأبو بكر بن السّراج: ليست زائدة، وهي متعلقة بمصدر محذوف، والمعنَى:(كفَى الاكتفاء بالله).

واعترض: بأن المصدر لا يعمل النّصب محذوفًا.

ويجوز: أَن تَرفَعَ علَى محل الفاعل المجرور إِذا وصفتَ أَو عطفتَ؛ نحو: (ما جاءني من أحد ظريفٌ)؛ برفع (ظريفٌ)، علَى المحل، و (ما جاءني من كبيرٍ ولَا صغيرٌ)، برفع (صغيرٌ) علَى الموضع كما سبق.

(1)

التخريج: البيت لعمرو بن ملقط في الأزهية ص 256، وأمالي ابن الحاجب ص 658، وخزانة الأدب 9/ 18، 19، 23، والدرر 5/ 3، وشرح شواهد المغني ص 330، 724، والمقاصد النحوية 2/ 458، ونوادر أبي زيد ص 62، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 51، 611، وخزانة الأدب 9/ 524، ولسان العرب 13/ 543 (مهه)، وهمع الهوامع 2/ 58.

اللغة: أودى الشيءُ: هلك، وهوى؛ وأودى به: أهلكه، وأضَلَّه. السربال: القميص، وقيل: الدرع.

المعنى: يستغرب الشاعر، ويستعظم ما حَلَّ به هذا اليوم حتى زلَّت قدمه وهَوَى في الهاوية.

الإعراب: مهما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لي: جار ومجرور متعلقان بالخبر. الليلة: مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بالخبر المحذوف. مهما ليه: مثل الأولى، أما الهاء، فهي هاء السكت. أودى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. بنعليَّ: الباء: حرف جر، نعليَّ: اسم مجرور وعلامة جره الياء لأنه مثنى، وياء المتكلم: مضاف إليه. والجار والمجرور متعلقان بالفعل أودى. وسرباليه: الواو: حرف عطف، سرباليه: معطوف على نعلي مجرور مثله، وعلامة جره الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء، وياء المتكلم: مضاف إليه، والهاء: للسكت.

وجملة (مهما لي): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (مهما ليه): توكيد للأولى. وجملة (أودى بنعليَّ): استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (أودى بنعلي)؛ حيث جر الفاعل بالباء.

ص: 57

وقرئ: (وما تسقط من ورقة إِلَّا يعلمها ولَا حبةٌ) برفع (حبة) علَى موضع ووقة؛ لأنَّ المعطوف عليه مجرور بحرف زائد، وسيأتي مبسوطًا فِي إعمال المصدر.

والله الموفق

ص:

226 -

وَبَعْدَ فِعْل فَاعِلٌ فَإِنْ ظَهَرْ

فَهْوَ وَإِلَّا فَضَمِيْرٌ اسْتَتَرْ

(1)

ش:

يُذكَر الفاعل بعد الفعل كما سبق؛ فإِن ظهر ما هو الفاعل فِي المعنَى؛ كـ (قمت) ، و (قام زيد)، و (الزّيدان قاما)، و (الزّيدون قاموا)، و (الهندات قمن) .. فهو الفاعل فِي الاصطلاح، ولَا حذف ولَا استتار.

وإِن لم يظهر لفظه .. فهو مضمر بشرطه، راجع:

* إما لمذكور؛ كـ (زيد قام)، و (هند قامت).

* أَو لما دل عليه فعله؛ كقولِهِ عليه الصلاة والسلام: "لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولَا يشرب الخمر وهو يشربها وهو مؤمن" ففاعل (يشرب): ضمير فيه، يرجع للشارب الّذي دل عليه يشرب.

وقوله تعالَى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} ؛ ففاعل (بدا): ضمير راجع إِلَى المصدر الّذي هو البداء؛ أي: (ثم بدا لهم بداء).

وقيل: ضمير (السَّجن) بفتح السّين مصدر: (سجنه)، ودل عليه (ليسجننه)، واختاره أبو حيان قال: وحينئذ يكون (ليسجننه): جواب قسم محذوف.

(1)

وبعد: ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، وبعد مضاف. وفعل: مضاف إليه. فاعل: مبتدأ مؤخر. فإن: شرطية. ظهر: فعل ماض، فعل الشرط، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى فاعل. فهو: الفاء لربط الجواب بالشرط، هو: مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: فإن ظهر .. فهو المطلوب مثلًا، والجملة في محل جزم جواب الشرط. وإلا: الواو عاطفة، وإن: شرطية، ولا: نافية، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، والتقدير: وإلا يظهر. فضمير: الفاء لربط الجواب بالشرط، ضمير: خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: فهو ضمير، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط، وجملة استتر مع فاعله المستتر فيه في محل رفع صفة لضمير.

ص: 58

وأما قول الشّاعر:

فإن كان لا يُرْضِيك حتَّى تَرُدَّني

إلى قَطَرِيٍّ لا إخالُك راضِيَا

(1)

فقالوا: إن الفاعل المحذوف فيه هو: اسم (كَانَ) المذكورة.

والّذي يظهر: أَن اسم (كَانَ): ضمير الشّأن، و (لَا يرضيك): خبرها، وفاعل (يرضيك) محذوف؛ أَي:(فإن كَانَ لا يرضيك ما تشاهده مني)، فحذف الفاعل لدلالة الكلام والحالِ المشاهدة ولَا يكون الفاعل جملة.

خلافًا: لثعلب، وهشام، وغيرهما من الكوفيين، وجعل منه قوله تعالَى:{وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} علَى أَن (كيف فعلنا): فاعل (تبين) كما سبق فِي المعرب والمبني.

وقال أبو حيان فِي "النّهر": من أَجازَ أَن يكونَ الفاعل جملة .. فيكون (ليسجننه) فِي

(1)

التخريج: البيت لسوار بن المضرب في شرح التصريح 1/ 272، والمقاصد النحوية 2/ 451، وبلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 479، والخصائص 2/ 433، وشرح المفصل 1/ 80، والمحتسب 2/ 192.

الإعراب: فإن: الفاء حرف استئناف، وإن: حرف شرط جازم. كان: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر. لا: حرف نفي. يرضيك: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو، يعود إلى اسم كان، والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. حتى: حرف جر. تردني: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وعلامة نصبه الفتحة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت، والنون حرف للوقاية، والياء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول من أن تردني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بيرضيك. إلى قطري: جار ومجرور متعلقان بتردني. لا: حرف نفي. إخالك: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وكسرت همزته على غير القياس، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. والكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به أول. راضيا: مفعول به ثان منصوب.

وجملة (تردني): صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة (لا يرضيك): في محل نصب خبر كان، وجملة (لا إخالك راضيا): لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء إذا الفجائية. وجملة فعل الشرط وجوابه استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد: قوله: (كان لا يرضيك)؛ حيث حذف اسم كان المرفوع، وقد تمسك الكسائي بهذا فأجاز حذف الفاعل.

ص: 59

موضع الفاعل. انتهَى.

يشير إلى الآية المتقدمة.

وقال البعلي تلميذ المصنف فِي "شرح الجرجانية": الفاعل مضمونُ (كيف فعلنا بهم)؛ كأنه قيل: (وتبين لكم كيفية فعلنا بهم).

ونظيره فِي التّأويل بالمصدر دونَ الحرف المصدري: قوله تعالَى: {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}

الآية؛ أَي: (سواء عليهم الإِنذار وعدمه).

وإِنما قلت: (فهو مضمر بشرطه) .. ليخرج الفعل المذكور توكيدًا فِي نحو: (قام قام زيد)؛ فَلَا ضمير فيه، خلافًا لبعضهم.

* وقد علم: أَن بعض الأفعال لا فاعل لهُ؛ ومنه: (قلَّما) المقصود بها النّفي؛ نحو: (قلَّما تأتينا).

ويحتمل أَن تكونَ (ما) مصدرية، وهي الفاعل؛ أَي:(قلّ إتيانك)، فتكون للتقليل لا للنفي.

وقد يقع الاسم بعد (قلَّما)، قال الشّاعر:

صَدَدْتِ فَأَطْوَلتِ الصُّدُودَ وقَلّمَا

وِصَالٌ عَلَى طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ

(1)

(1)

التخريج: البيت للمرار الفقعسي في ديوانه ص 480، والأزهية ص 91، وخزانة الأدب 10/ 226، 229، 231، والدرر 5/ 190، وشرح أبيات سيبويه 1/ 105، وشرح شواهد المغني 2/ 717، ومغني اللبيب 1/ 307، 2/ 582، 590، وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 145، والخصائص 1/ 143، 257، والدرر 6/ 321، والكتاب 1/ 31، 3/ 115، ولسان العرب 11/ 412 (طول)، 564 (قلل)، والمحتسب 1/ 96، والمقتضب 1/ 84، والممتع في التصريف 2/ 482، والمنصف 1/ 191، 2/ 69، وهمع الهوامع 2/ 83، 224.

اللغة: صددت: حرمت ودادك. الصدود: الهجران والإعراض. الوصال: دوام المودّة.

المعنى: لقد أعرضت عني وطال هجرانك لي، وقلما يدوم الوداد ويستمر الحبّ إذا ما طال الهجران والبعد بين الحبيبين.

الإعراب: صددت: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل. فأطولت: الفاء: للعطف، أطولت: فعل ماضي مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل. الصدود: مفعول به منصوب بالفتحة. وقلما: الواو: استئنافية، وقلَّ: فعل ماض مبني على الفتح، وما: حرف زائد على رأي المبرد. وصال: فاعل مرفوع بالضمّة. على

ص: 60

فسيبويه: أَن (ما): اسم فِي موضع رفع بـ (قلَّ)، و (وصالٌ): مبتدأ، وما بعده خبر، والجملة: صلة (ما)، والمعنَى عنده:(وقلَّما يدوم وصال).

والمبرد: أَن (ما) صلة ملغاة، و (وصالٌ): مرتفع بـ (قلَّ)، وكأنه قال:(وقل وصال يدوم علَى طول الصّدود).

وقيل: (ما): ظرف بمعنَى الحين؛ أَي: (وقل وقت يدوم فيه وصال).

وقيل: زيدت (ما) مع (قلَّ)؛ ليصلح دخوله علَى الفعل، وأما قوله:(وقلَّما وصالٌ) .. فضرورة.

والله الموفق

ص:

227 -

وَجَرِّدِ الْفِعْلَ إِذَا مَا أُسْنِدَا

لاِثْنَيْنِ أَوْ جَمْعٍ كَفَازَ الشُّهَدَا

(1)

228 -

وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا

وَالْفِعْلُ لِلظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ

(2)

طول: جار ومجرور متعلقان بالفعل يدوم. الصدود: مضاف إليه مجرور بالكسرة. يدوم: فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره: هو.

وجملة (صددت): ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة (أطولت): معطوفة عليها لا محل لها من الإعراب. وجملة (قلما وصال): استئنافية لا محل لها. وجملة (يدوم): في محل رفع صفة لوصال.

الشاهد: قوله: (وقلما وصال)، حيث وقع الاسم بعد (قلما) وفي هذا خلاف بين المبرد وسيبويه ذكره الشارح.

(1)

وجرد: الواو عاطفة، جرد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. الفعل: مفعول به لجرد. إذا: ظرف تضمن معنى الشرط. ما زائدة. أسندا: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود إلى الفعل، والجملة من أسند ونائب فاعله في محل جر بإضافة إذا إليها. لاثنين: جار ومجرور متعلق بأسند. أو: جمع: معطوف على اثنين. كفاز الشهدا: الكاف جارة لقول محذوف، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب بذلك المجرور المحذوف، وأصل الكلام: وذلك كائن كقولك: فاز الشهداء.

(2)

وقد: حرف تقليل. يقال: فعل مضارع مبني للمجهول. سعدا وسعدوا: قصد لفظهما: نائب عن الفاعل ومعطوف عليه. والفعل: الواو للحال، والفعل: مبتدأ. للظاهر، بعد: متعلقان بمسند الآتي. مسند: خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب حال.

ص: 61

ش:

إِذا أسند الفعل إِلَى فاعل مثنى كَانَ أَو جمعًا .. جُرِّدَ الفعل من علامة التثنية والجمع؛ نحو: (قام الزّيدون)، و (فاز الشُّهداء).

وفي القرآن: {وَقَالَ الظَّالِمُونَ} .

ومن العرب من يولي الفعل (ألفًا) فِي التثنية، و (واوًا) فِي الجمع المذكر، و (نونًا) فِي الجمع المؤنث؛ كـ (قاما الزّيدان)، و (قاموا الزّيدون)، و (قُمنَ الهندات).

و (الألف)، و (الواو)، و (النّون) عند هؤلاء: أحرف تدل علَى حال الفاعل الآتي بعدها؛ كما تدل التّاء علَى تأنيث الفاعلة فِي: (خرجَتْ هندٌ).

وإِلَى هذه اللّغة أشار بقوله: (وقَد يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا) إِلَى آخره.

فتثبت الألف والواو ونحوها مع كون الفعل مسندًا للاسم الظّاهر؛ كـ (قاموا الزّيدون)

والنّحويون يجعلون كلًا من الألف والواو والنّون فاعلًا، والاسم الظّاهر بدل منه.

أَو أَن الاسم: مبتدأ مؤخر، والفعل: خبر مقدم.

وهذا إِنما هو علَى لغة غير هؤلاء الطّائفة؛ لأنَّ هذه الطّائفة يقصدون أَن يكونَ الظّاهر فاعلًا، لا بدلًا ولَا مبتدأ، ومن ذلك قوله تعالَى:{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ، وقوله عليه الصلاة والسلام:"يتعاقبون فيكم ملائكةٌ باللّيل"، ونحو قولِ الشّاعرِ:

أُلْفِيَتَا عَيْنَاكَ عِنْدَ الْقَفَا

....................

(1)

(1)

التخريج: صدر بيت من السريع، وعجزه: أَوْلَى فأَوْلَى لك ذا واقيَهْ

وهو من شواهد: التصريح: 1/ 257، ونوادر أبي زيد الأنصاري: 62، وأمالي ابن الشجري: 1/ 132، والخزانة: 3/ 633، والعيني: 2/ 458، ومغني اللبيب: 691/ 485.

اللغة: ألفيتا: وجدتا. أولى فأولى لك: كلمة تقال عند التهديد والوعيد؛ وهي كما قال الأصمعي والمبرد - اسم فعل معناه: قاربك ما يهلكك. ذا: اسم بمعنى صاحب. واقية: مصدر بمعنى الوقاية، كالعافية.

المعنى: يصف الشاعر رجلًا بالجبن والفرار من القتال، فيخاطبه قائلًا: وجدت عيناك عند قفاك؛ من كثرة نظرك، والتفاتك الشديد إلى الخلف -وأنت فارٌّ- لتنظر الأعداء خشية أن يتبعوك، ثم يدعو عليه بنزول الكوارث، فيقول: حلت بك المصائب، وقاربك ما يهلكك.

ص: 62

ولم يقل: (ألفِيَت).

وقولِ الآخرِ:

. . . . . . . . . . .

بِحَورَانَ يَعْصِرْنَ السَّليطَ أقارِبُهْ

(1)

= الإعراب: ألفيتا: فعل ماض مبني للمجهول، والألف: علامة التثنية. عيناك: نائب فاعل، ومضاف إليه. عند: متعلق بـ (ألفيتا). القفا: مضاف إليه. أولى: مبتدأ: فأولى: معطوف عليه. لك خبر المبتدأ؛ ويجوز أن يكون (أولى): خبرًا لمبتدأٍ محذوف؛ والتقدير: دعائي أولى. ذا: حال من الكاف في عيناك. واقية: مضاف إليه.

الشاهد: قوله: (ألفيتا عيناك)؛ حيث ألحق ألف الاثنين بالفعل (ألفى) مع كونه مسندًا إلى اسم ظاهر مثنى؛ وهو عيناك؛ وهذا الإلحاق على لغة جماعة من العرب بأعيانهم؛ واختلف العلماء في بيان أصحاب هذه اللغة، فبعضهم يذكر أنها لغة طيئ، وبعضهم يذكر أنها لغة أزد شنوءة.

(1)

التخريح: عجز بيت من الطويل، وصدره: وَلَكِن دِيافِيٌّ أَبوهُ وَأُمُّهُ

وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 46، والاشتقاق ص 242، وتخليص الشواهد ص 474، وخزانة الأدب 5/ 163، 234، 235، 237، 239، 7/ 346، والدرر 2/ 285، وشرح أبيات سيبويه 1/ 491، وشرح شواهد الإيضاح ص 336، 626، ولسان العرب 7/ 321 (سلط)، 9/ 108 (دوف)، وبلا نسبة في الجنى الداني ص 150، وخزانة الأدب 7/ 446، 11/ 373، والخصائص 2/ 194، ورصف المباني ص 19، 332، وسرّ صناعة الإعراب ص 446، ولسان العرب 1/ 67 (خطأ)، وهمع الهوامع 1/ 160.

اللغة: ديافيُّ: نسبة إلى قرية بالشام وهي (ديافٌ). السليط: الزيت.

المعنى: هجا رجلًا فجعله من أهل القرى العاملين لإقامة عيشهم، ونفاه عمَّا عليه العرب من الانتجاع والحرب.

الإعراب: ولكن: الواو: حرف استئناف، لكن: حرف استدراك، خُفف فأُهمل. ديافيّ: خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو ديافيٌّ. أبوه: فاعل لـ (ديافي) مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، والهاء: مضاف إليه محله الجر. وأمُّه: الواو: حرف عطف، وأمّه: معطوف على أبوه مرفوع بالضمة، والهاء: مضاف إليه محلّه الجرّ. بحوران: جار ومجروو بالفتحة لأنّه ممنوع من الصرف، والجار والمجرور متعلقان بـ (يعصرن). يعصرن: فعل مضارع مبني على السكون، والنون: علامة تأنيث الجماعة، وقيل: فاعل محله الرفع على خلافهم في ذلك. السليط: مفعول به منصوب بالفتحة. أقاربه: فاعل لـ (يعصرن) على رأي من جعل نون يعصرن علامة جمع الإناث، ومبتدأ مؤخر على رأي من جعل جملة (يعصرن) هي الخبر، وبدل من النون على رأي آخر. وجملة (هو ديافي): استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (يعصردن): خبر ثان لـ (هو) محلها الرفع، أو خبر أقاربه كما ذكرنا.

ص: 63

حيث لم يقل: (يعصر).

وقول الآخر:

رَأَينَ الغَوَانِي الشَّيبَ لَاحَ بِعَارِضِي

. . . . . . . . . .

(1)

وقولِ الآخرِ:

يَلُومُونَنِي فِي اشْتِرَاءِ النَّخِيـ

ـلِ أَهْلِي وَكُلُّهُم أَلْوَمُ

(2)

= الشاهد: قوله: (يعصرن أقاربه)، حيث ألحق نون النسوة بالفعل (يعصر) مع كونه مسندًا إلى اسم ظاهر؛ وهو أقاربه، وهذا الإلحاق على لغة جماعة من العرب بأعيانهم، لا على اللغة الشائعة.

(1)

التخريج: صدر بيت من الطويل، وعجزه: فَأعْرَضْنَ عَنّي بِالخُدُودِ النَّواضِرِ

وهو لأبي عبد الرحمن محمد بن عبد اللَّه العتبي، من ولد عتبة بن أبى سفيان.

اللغة: الغواني: جمع غانية، وهي هنا التي استغنت بجمالها عن الزينة. لاح: ظهر النواضر: الجميلة، مأخوذ من النضرة، وهي الحسن والرواء، والنواضر: جمع ناضر.

الإعراب: رأين: رأى: فعل ماض، وهي هنا بصرية، والنون حرف دال على جماعة الإناث. الغواني: فاعل رأى. الثيب: مفعول به لرأى. لاح: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، يعود على الشيب. بعارضي: الباء حرف جر، وعارض: مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلق بلاح، وعارض مضاف، وياء المتكلم مضاف إليه. فأعرضن: فعل وفاعل. عني، بالخدود: جاران ومجروران متعلقان بأعرض. النواضر: صفة للخدود.

الشاهد: قوله: (رأين الغواني)؛ حيث ألحق نون النسوة بالفعل مع كونه مسندًا لاسم ظاهر حسبما ذكرنا في الشاهد السابق.

(2)

التخريج: الشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 276، والأشموني: 359/ 1/ 170، وابن عقيل 143/ 2/ 82 وهمع الهوامع: 1/ 160، والدرر اللوامع: 1/ 142، وشرح المفصل: 3/ 87، و 7/ 7 والعيني: 2/ 460، وأمالي ابن الشجري: 1/ 133، والعيني: 2/ 460، ومغني اللبيب: 679/ 478، وديوان أمية: 48، وفيه برواية: فكلهم ألوم.

اللغة: يلومونني: اللوم: العذل والتعنيف.

المعنى: يعتب علي أهلي ويعنفونني لشراء النخيل، ولا حق لهم؛ فكلهم أكثر استحقاقًا للوم.

الإعراب: يلومونني: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ والواو: حرف دال على جماعة الذكور، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به. في اشتراء: متعلق بـ (يلوم). النخيل: مضاف إليه.

أهلي: فاعل يلوم. فكلهم: الفاء عاطفة. كلهم: مبتدأ، ومضاف إليه. ألوم: خبر المبتدأ.

الشاهد: قوله: (يلومونني)؛ حيث اتصلت واو الجماعة بالفعل، مع أن الفعل أسند إلى الاسم الظاهر المذكور؛ وهو أهلي؛ وهذا لغة طيئ، أو أزد شنوءة، كما أسلفنا.

ص: 64