المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(12) باب الشفاعة - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٧

[الطيبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌(1) باب الكسب وطلب الحلال

- ‌(2) باب المساهلة في المعاملات

- ‌(3) باب الخيار

- ‌(4) باب الربا

- ‌(5) باب المنهي عنها من البيوع

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب السلم والرهن

- ‌(8) باب الاحتكار

- ‌(9) باب الإفلاس والإنظار

- ‌(10) باب الشركة والوكالة

- ‌(11) باب الغصب والعارية

- ‌(12) باب الشفاعة

- ‌(13) باب المساقاة والمزارعة

- ‌(14) باب الإجارة

- ‌(15) باب إحياء الموات والشرب

- ‌(16) باب العطايا

- ‌(17) باب

- ‌(18) باب اللقطة

- ‌[كتاب الفرائض والوصايا]

- ‌باب الفرائض

- ‌(1) باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌(1) بابالنظر إلي المخطوبة وبيان العورات

- ‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌(3) باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌(4) باب المحرمات

- ‌(5) باب المباشرة

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب الصداق

- ‌(8) باب الوليمة

- ‌(9) باب القسم

- ‌(10) بابعشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌(11) باب الخلع والطلاق

- ‌(12) باب المطلقة ثلاثا

- ‌(13) باب [في كون الرقبة في الكفارة مؤمنة]

- ‌(14) باب اللعان

- ‌(15) باب العدة

- ‌(16) باب الاستبراء

- ‌(17) باب النفقات وحق المملوك

- ‌(18) باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

الفصل: ‌(12) باب الشفاعة

(12) باب الشفاعة

الفصل الأول

2961 -

عن جابر، قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. رواه البخاري.

ــ

فما فيه دليل علي الخروج قوله تعالي: {فنظرة إلي ميسرة} لأن الإعسار علة الإنظار، وبوجود الميسرة تزول العلة. وما فيه دليل علي الدخول قولك: حفظت القرآن من أوله إلي آخره؛ لأن الكلام مسوق لحفظ القرآن كله. كذا في الكشاف، وكذا ما نحن فيه الغاية يوم القيامة. وهو داخل في الحكم إلي قضاء الحق بين الناس، فيكون ((حتى يقضي)) كالبيان للغاية.

باب الشفعة

المغرب: الشفعة اسم للملك المشفوع بملكك من قولهم: كان وترا فشفعته بأخر، أي جعلته زوجاً له، ونظيرها الأكلة واللقمة، في أن كل واحدة منهما فعلة بمعنى مفعول، هذا أصلها، ثم جعلت عبارة عن تملك مخصوص. وقد جمعهما الشعبي في قوله: من بيعت شفعته وهو حاضر فلم يطلب ذلك فلا شفعة له.

الفصل الأول

الحديث الأول عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق)) قال المالكي: معنى ((صرفت الطرق)) أي خلصت وبينت، واشتقاقه من الصرف وهو الخالص من كل شيء فقيل منه صرف وتصرف كما قيل من المحض محض وتمحض. ((تو)): هذا الحديث أخرجه البخاري بهذا اللفظ ولم يخرجه مسلم، وإنما أخرج حديثه الآخر الذي يتلو هذا الحديث. وكان علي مؤلف المصابيح لم أورد الحديث في القسم الذي هو مما أخرجه الشيخان، أو أحدهما أن لا يعدل في اللفظ عن كتاب البخاري؛ فإن بين الصيغتين بوناً بعيداً، ولا يكاد يتسامح فيه ذو عناية بعلم الحديث. وقد روي هذا الحديث أيضاً في غير الكتابين عن أبي هريرة علي نحو ما رواه البخاري عن جابر.

((قض)): هذا الحديث مذكور في مسند الإمام أبي عبد الله محمد الشافعي رضي الله عنه كذا

((الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة))، وفي صحيح البخاري كذا: ((قضى رسول

الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة)) إلي آخره. فاختار الشيخ عبارته إلا أنه بدل قوله: ((قضى بالشفعة فيما لم

ص: 2197

2962 -

وعنه، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة، أو حائط:((لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به)). رواه مسلم.

ــ

يقسم)) بقوله: ((قال: الشفعة فيما لم يقسم)) لما لم يجد بينهما مزيد تفاوت في المعنى، وقد صحت الرواية بهذه العبارة، وبه اندفع اعتراض من شنع عليه.

فإن قلت كيف سويت بين العبارتين؟ وما ذكره الشيخ يقتضي الحصر عرفاً، وما أورده البخاري لا يقتضيه؛ لجواز أن يكون حكاية حال واقعة، وقضاء في قضية مخصوصة. قلت: كفي لدفع هذا الاحتمال ما ذكر عقيبه، ورتب عليه بحرف التعقيب، ولا يصح أن يقال: إنه ليس من الحديث بل شيء زاده الراوي فأوصله بما حكاه؛ لأن ذلك يكون تلبيساً وتدليساً. ومنصب هذا الراوي والأئمة الذين دنوه وساقوا الرواية بهذه العبارة إليه، أعلي من أن يتصور في شأنهم أمثال ذلك. والحديث كما ترى يدل بمنطوقه صريحاً علي أن الشفعة في مشترك مشاع لم يقسم بعد، فإذا قسم وتميزت الحقوق ووقعت الحدود وصرفت الطرق، بأن تعددت وحصل نصيب لكل طريق مخصوص لم يبق للشفعة مجال، فعلي هذا تكون الشفعة للشريك دون الجار.

وهو مذهب أكثر أهل العلم كعمر وعثمان وابن المسيب وسلمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز، والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن من التابعين، والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور ممن بعدهم. وقوم نزر من الصحابة ومن بعدهم مالوا إلي ثبوتها للجار، وهو قول الثوري وابن المبارك وأصحاب أبي حنيفة، غير أنهم قالوا: الشريك أولي وأقدم علي الجار، واحتجوا بما روى البخاري عن أبي رافع.

أقول: قوله: ((لما لم يجد بينهما مزيد تفاوت في المعنى)) إلي آخره، لا يرفع الإنكار؛ لأن أهل هذه الصنعة صرحوا بأن القائل إذا قال: رواه البخاري أو مسلم مثلا، جاز له الرواية بالمعنى، وأما إذا قال: في كتاب فلان كذا وكذا، لم يجز له أن يعدل عن صريح لفظه. وقد ذكر الشيخ في خطبة المصابيح: وأعني بالصحاح ما أورده الشيخان في جامعيهما أو أحدهما. وأما قوله: ((كفي لدفع هذا الاحتمال)) إلي آخره، ففيه بحث؛ لأن الحصر هاهنا ليس بالأداة والتقديم وتعريف الخبر، بل بحسب المفهوم.

وقوله: ((الشفعة فيما لم يقسم)) مفهومه لا شفعة فيما قسم، فيكون ما بعده بيانا له وتقريراً، ومفهوم قوله:((قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يقسم)) لم يقض فيما قسم، فبينهما بون.

الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((ربعة أو حائط)) ((مح)): الربع والربعة-

بفتح الراء وإسكان الباء- المسكن والدار وطلق الأرض، وأصله المنزل الذي كانوا يربعون فيه.

ص: 2198

2963 -

وعن أبي رافع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بسقبه)). رواه البخاري.

ــ

قالوا: الحكمة في ثبوت الشفعة إزالة الضرر عن الشريك، وخصت بالعقار؛ لأنه أكثر الأنواع ضرراً. واتفقوا علي أن لا شفعة في غير العقار من الحيوان والثياب والأمتعة وسائر المنقولات. واستدل أصحابنا بهذا الحديث علي أن الشفعة لا تثبت إلا في عقار محتمل للقسمة، بخلاف الحمام الصغير والرحى ونحو ذلك، والشركة لا تختص بالمسلم بل تعم المسلم والذمي، وبه قال الجمهور. وقال الشعبي والحسن وأحمد: لا شفعة للذمي علي المسلم.

وقوله: ((لا يحل له أن يبيع)) محمول عند أصحابنا علي الندب، وكراهة بيعه قبل إعلامه، فإن نفي الحل يصدق علي المكروه؛ لأنه ليس بحلال، أو يكون الحلال بمعنى المباح، وهو مستوي الطرفين، والمكروه ليس بمباح مستوي الطرفين بلا هو راجح تركه. واختلفوا فيما لو أعلم الشريك بالبيع فأذن فيه فباع، ثم أراد الشريك أن يأخذ بالشفعة، فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابهم وغيرهم: له أيأخذ بالشفعة. وقال الحاكم والثوري وطائفة من أهل الحديث: ليس له الأخذ. وعن أحمد روايتان كالمذهبين. والله أعلم.

الحديث الثالث عن أبي رافع: قوله: ((بسقبه)) المغرب: السقب القرب، وبالصاد لغة، وهما مصدر أسقبت الدار وصقبت والصاقب القريب. والمعنى الجار أحق بالشفعة إذا كان جاراً ملاصقاً، والباء من صلة ((أحق)) لا للتسبب، وأريد بالسقب الساقب علي معنى ذو سقب من داره أي قريبة. ويروى في حديث عمرو بن الشريد أنه صلى الله عليه وسلم لما قال ذلك، قيل: وما سقبه؟ قال: شفعته. ((خط)): يحتمل أن يراد به البر والمعونة وما في معناهما. ((تو)): ويرحم الله أبا سليمان فإنه لم يكن جديراً بهذا التعسف، وقد علم أن الحديث قد روي عن الصحابي في قصة صار البيان مقترناً به؛ ولهذا أورده علماء النقل في كتب الأحكام في باب الشفعة، وأولهم وأفضلهم البخاري ذكره بقصته عن عمرو بن الشريد إلي آخره.

أقول: الواجب علي الناظر أن لا يسلك طريق التعصب، ويأخذ المنهج القويم، ثم النظر إلي نفس

التركيب من غير اعتبار أمر خارجي يوجب التأويل، فالسقب حقيقة هو القرب، وإذا ذهب إلي المجاز فالبر

والإحسان أقرب لوجود العلاقة المعتبرة، والقرينة الصارفة إليهما من نفس التركيب، ومثله ما روي عن عائشة رضي الله عنها: قلت: يا رسول الله! إن لي جارين فإلي أيهما أهدي؟ قال: ((إلي أقربهما منك باباً))، وإذا ذهب إلي الشفعة كانت العلاقة بعيدة، والقرينة خفية فيصير بمنزلة التعمية والإلغاز، فيفتقر إلي الاستفسار كما رواه صاحب المغرب،

ص: 2199

2964 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) متفق عليه.

ــ

وهو من أئمة اللغة؛ ولأن ((أحق)) يقتضي شركة في نفس الشفعة، ومن له حق الشفعة الشريك والجار علي زعمكم، فكيف يرجح الجار عليه مع ورود تلك النصوص الصريحة الصحيحة؟.

وأما إيراد الإمام محمد بن إسماعيل في باب الشفعة مع اقتران البيان به، فليس بحجة علي الإمام الشافعي ولا علي أبي سليمان، علي أن محيي السنة فعل كذلك في كتاب المصابيح، وبين ما قصدته في شرح السنة حيث قال: وإن كان المراد منه الشفعة فيحمل الجار علي الشريك جمعا بين الخبرين. واسم الجار قد يقع علي الشريك؛ لأنه يجاور شريكه بأكثر من مجاورة الجار؛ فإن الجار لا يساكنه والشريك يساكنه في الدار المشتركة، ويدل علي أنه قال:((أحق)) وهذه اللفظة تستعمل فيمن لا يكون غيره أحق منه. والشريك بهذه الصفة أحق من غيره وليس غيره أحق منه. وذكر أيضا الوجه الذي ذكره الخطابي؛ لاحتماله، وإن كان الأول هو الوجه؛ لما سيرد في حديث جابر:((الجار أحق بشفعته إذا كان طريقهما واحدا)) لأنه تفسير للمبهم وتقييد للمطلق. وكم ترى من كلمة في التنزيل لها محتملات مختلفة بل متضادة ذكرها المفسرون، وأكثروا فيها القول، ولم يكن ذلكم مغمزاً فيهم ومطعناً للمخالف. وإذا كان الأمر علي هذا؛ فلا وجه للتشنيع علي الإمام القدوة المحدث أبي سليمان الذي لان له الحديث، كما لان لسليمان الحديد.

الحديث الرابع ع أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يمنع جار)) ((مح)): اختلفوا في معنى هذا الحديث، هل هو علي الندب إلي تمكين الجار من وضع الخشب علي جدار جاره أم علي الإيجاب؟ وفيه قولان للشافعي ولأصحاب مالك، أصحهما الندب. وبه قال أبو حنيفة، والثاني: الإيجاب وبه قال أحمد وأصحاب الحديث، وهو الظاهر لقول أبي هريرة بعد روايته:((مالي أراكم عنها معرضين: والله لأرمين بها بين أكتافكم)) وذلك أنهم توقفوا عن العمل به. وفي رواية أبي داود: ((فنكسوا رءوسهم فقال: مالي أراكم أعرضتم)) أي عن هذه السنة أو الخصلة أو الموعظة أو الكلمات. ومعنى قوله: ((لأرمين بها بين أكتافكم)) أقضي بها وأصرحها وأوجعكم بالتقريع بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه. وأجاب الأولون بأن إعراضهم إنما كان لأنهم فهموا منه الندب لا الإيجاب. ولو كان واجبا لما أطبقوا علي الإعراض عنه.

أقول: يجوز أن يرجع الضمير في قوله: ((لأرمين بها)) إلي ((الخشبة))، ويكون كناية عن إلزامهم بالحجة القاطعة علي ما ادعاه، أي لا أقول: إن الخشبة ترمى علي الجدار بل بين أكتافكم؛ لما وصى صلى الله عليه وسلم بالبر والإحسان في حق الجار وحمل أثقاله.

ص: 2200

2965 -

وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اختلفتم في الطريق جعل عرضه سبعة أذرع)) رواه مسلم.

الفصل الثاني

2966 -

عن سعيد بن حريث، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من باع منكم داراً أو عقاراً، قمن أن لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله)) رواه ابن ماجه، والدارمي. [2966]

ــ

الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((سبعة أذرع)) ((مح)): في أكثر النسخ سبع أذرع، والروايتان صحيحتان؛ لأن الذراع يذكر ويؤنث. وأما قدر الطريق فإن جعل الرجل بعض أرضه المملوكة طريقاً مسبلة للمارين، فقدرها إلي خيرته والأفضل توسيعها، وليست هذه الصورة مرادة بالحديث، فإن كان الطريق بين أرض لقوم أرادوا عمارتها، فإن اتفقوا علي شيء فذاك، وإن اختلفوا في قدره جعل سبعة أذرع هذا مراد الحديث. أما إذا وجدنا طريقاً مسلوكاً وهو أكثر من سبعة أذرع فلا يجوز لأحد أن يتسلي علي شيء منه، لكن له عمارة ما حواليه من الموات، وتملكه بالإحياء بحيث لا يضر المارين.

((حس)): هذا علي معنى الإرفاق، فإن كانت السكة غير نافذة فهي مملوكة لأهلها، فلا يبنى فيها ولا تضيق ولا يفتح إليها باب إلا بإذن جماعتهم. وإن كانت نافذة فحق الممر فيها لعامة المسلمين. ويشبه أن يكون معناه إذا بني أو قعد للبيع في النافذ بحيث يبقى للمارة من عرض الطريق فلا يمنع، لأن هذا القدر يزيل ضرر المارة. وكذا في أرضي القرى التي تنزع إذا خرجوا من حدود أراضيهم إلي ساحتها، لم يمنعوا إذا تركوا للمارة سبعة أذرع. أما الطريق إلي البيوت التي يقسمونها في دار يكون منها مدخلهم، فيتقدر بمقدار لا يضيق عن مآربهم، التي لا بد لهم منها كممر السقاء والحمال ومسلك الجنازة ونحوها.

أقول: معنى ظاهر الشرط أن يقال: إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوا، فعدل إلي قوله:((جعل)) دلالة علي التنبيه والإخبار، أي إذا اختلفتم في الطريق فاعلموا أن حكمه عند الشارع كذا فأذعنوا له. وذلك أن الجزاء مسبب علي الشرط. وهاهنا الجعل والقضاء مقدم علي الاختلاف، فوجب التأويل بالإخبار. وإلي هذا أشار الشيخ محيي الدين بقوله: وإن اختلفوا في قدره جعل سبعة أذرع، هذا مراد الحديث.

الفصل الثاني:

الحديث الأول عن سعيد: قوله: ((قمن أن لا يبارك)) ((مظ)): ((قمن)) أي حقيق، يعني بيع الأراضي والدور وصرف ثمنها إلي المنقولات غير مستحب؛ لأنها كثيرة المنافع قلية الآفة

ص: 2201

2967 -

وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجار أحق بشفعته، ينتظر لها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً)) رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، والدرامي. [2967]

2968 -

وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء)) رواه الترمذي، قال:[2968]

2969 -

وقد روي عن ابن أبي مليكة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهو أصح. [2969]

ــ

لا يسرقها سارق، ولا يحلقها غارة بخلاف المنقولات، فالأولي أن لا تباع، وإن باعهما فالأولي صرف ثمنهما إلي أرض أو دار.

الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((الجار أحق بشفعته)) ((حس)): هذا حديث لم يروه أحد غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وتكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث. وقال الشافعي: نخاف أن لا يكون محفوظاً. وقال الشيخ: احتج من يثبت الشفعة في المقسوم إذا كان الطريق مشتركاً بهذا، وبقوله:((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطريق)). والمراد منه الطريق في المشاع؛ فإن الطريق فيه يكون شائعاً بين الشركاء، وكل واحد يدخل من حيث يشاء، فإذا قسم العقار بينهم منع كل واحد منهم أن يتطرق شيئاً من حق صاحبه، فتصير الطريق في القسمة مصروفة.

((قض)): هذا الحديث وإن سلم عن الطعن فلا يعارض ما ذكرنا فضلا أن يرجح، ومع هذا فهؤلاء لا يقولون بما هو مقتضى هذا الحديث كما سبق. قوله:((وإن كان غائباً)) بإثبات الواو في الترمذي وأبي داود وابن ماجه والدارمي وجامع الأصول وشرح السنة، وبإسقاطها في نسخ المصابيح والأول أوجه.

الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((الشريك شفيع)) مضى بحثه في الحديث الثاني من الفصل الأول.

ص: 2202