الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبلكم عقارا من رجل، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك عني إنما اشتريت العقار ولم ابتع منك الذهب، فقال بائع الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها. فتحاكما إلي رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ فقال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية. فقال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا عليهما منه، وتصدقوا)) متفق عليه.
(7) باب السلم والرهن
الفصل الأول
2883 -
عن ابن عباس، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال:((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلي أجل معلوم)). متفق عليه.
ــ
باب السلم والرهن
((نه)): السلم هو أن تعطي ذهبا أو فضة في سلعة معلومة إلي أمد معلوم، فكأنك قد أسلمت الثمن إلي صاحب السلعة وسلمته إليه. ((غب)): الرهن ما يوضع وثيقة للدين، والرهان مثله، لكن يختص بما يوضع في الخطار، وأصلهما مصدر يقال: رهنت الرهن وأرهنته رهانا فهو رهين ومرهون، ويقال في جمع الرهن: رهان ورهن ورهون، وارتهنت أخذت الرهن.
الفصل الأول
الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((السنة)) منصوب إما علي نزع الخافض أي إلي السنة، وإما علي نصب المصدر إي إسلاف السنة. ((مح)): معنى الحديث أنه إن أسلم في مكيل فليكن كيله معلوما، وإن كان في موزون فليكن وزنه معلوما، وإن كان ثوبا فليكن ذرعه معلوما، وإن كان مؤجلا فليكن أجله معلوما. ولا يلزم من هذا اشتراط كون السلم مؤجلا بل يجوز حالا؛ لأنه إذا جاز مؤجلا مع الغرر فجواز الحال أولي؛ لأنه أبعد من الغرر، وليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل، بل معناه إن كان مؤجلا فليكن معلوما، كما أن الكيل ليس بشرط بل يجوز السلم في غيره كما سبق، وإنما ذكر الكيل تمثيلا، بمعنى أنه إن أسلم في مكيل فليكن كيلا معلوما، واختلفوا في جواز السلم حالا، فجوزه الشافعي وآخرون، ومنعه مالك وأبو حنيفة وآخرون، وأجمعوا علي اشتراط وصفه بما يضبط به.
2884 -
وعن عائشة، قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي إلي أجل، ورهنه درعا له من حديد. متفق عليه.
2885 -
وعنها، قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير. رواه البخاري.
2886 -
وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الذر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلي الذي يركب ويشرب النفقة)). رواه البخاري.
ــ
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ورهنه درعا)) ((حس)): فيه دليل علي جواز الشرى بالنسيئة، وعلي جواز الرهن بالديون، وعلي جواز الرهن في الحضر، وإن كان الكتاب قيده بالسفر، وعلي جواز المعاملة مع أهل الذمة، وإن كان مالهم لا يخلو من الربا وثمن الخمر. ((مح)): فيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا وملازمة الفقر، وفيه جواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة، والحكم بثبوت أملاكهم علي ما في أيديهم، وأن قوله تعالي:{وإن كنتم علي سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} مبين بهذا الحديث، وأن دليل خطابه متروك به. وأما معاملته مع اليهودي ورهنه عنده دون الصحابة، فقيل: فعله بيانا لجواز ذلك، وقيل: لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه إلا عنده، وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه، ولا يتقاضونه الثمن، فعدل إلي اليهودي لئلا يضيق علي أصحابه، وقد أجمع المسلمون علي جواز معاملة أهل الذمة، والكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معهم، لكن لا يجوز للمسلم بيع السلاح وما يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع المصحف، ولا عبد مسلم لكافر مطلقا.
الحديث الثالث والرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الظهر يركب)) ((قض)): ((الظهر)) يريد به ظهر الدابة، وقيل:((الظهر)) الإبل القوي، يستوي فيه الواحد والجمع، ولعله سمى بذلك؛ لأنه يقصد لركوب الظهر. وظاهر الحديث أن المرهون لا يهمل ومنافعه لا تعطل، بل ينبغي أن ينتفع به وينفق عليه، وليس فيه دلالة علي أن من له غنمه عليه غرمه، واختلفوا في ذلك، فذهب الأكثرون إلي أن منفعة الرهن للراهن مطلقا ونفقته عليه؛ ولأنه روى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال:((لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه)) وقال أحمد وإسحاق: للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما، يقدر بقدر النفقة، واحتجا بهذا الحديث.
الفصل الثاني
2887 -
عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه)). رواه الشافعي مرسلاً. [2887]
ــ
ووجه التمسك به أن يقال: دل الحديث بمنطوقه علي إباحة الانتفاع في مقابلة الإنفاق، وانتفاع الراهن ليس كذلك؛ لأن إباحته مستفادة له من تملك الرقبة لا من الإنفاق، وبمفهومه علي أن جواز الانتفاع مقصور علي هذين النوعين من المنفعة، وجواز انتفاع الراهن غير مقصور عليهما، فإذن المراد به أن للمرتهن أن ينتفع بالركوب والحلب من المرهون بالنفقة، وأنه إذا فعل ذلك لزمه النفقة. وأجيب عن ذلك بأنه منسوخ بآية الربا، فإنه يؤدي إلي انتفاع المرتهن بمنافع المرهون بدينه، وكل قرض جر نفعا فهو ربا، والأولي أن يجاب بأن الباء في ((بنفقته)) ليست للبدلية بل للمعية، والمعنى: أن الظهر يركب وينفق عليه، فلا يمنع الرهن الراهن من الانتفاع بالمرهون، ولا يسقط عنه الإنفاق كما صرح به في الحديث الآخر.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يغلق)) بفتح الياء واللام، والرهن الأول مصدر والثاني مفعول، في الغريبين: أي لا يستحقه مرتهنه إذا لم يؤد الراهن ما رهنه به. ((فا)): يقال: غلق الرهن غلوقا، إذا بقى في يد المرتهن لا يقدر علي تخليصه.
قال زهير:
وفارقتك برهن لا فكاك له
…
يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
وكان من أفاعيل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المؤقت ملك المرتهن الرهن. وعن إبراهيم النخعي أنه سئل عن غلق الرهن، فقال: يقول: إن لم أفتكه إلي غد فهو لك. وزاد في النهاية قال الأزهري: يقال: غلق الباب وانغلق واستغلق، إذا عسر فتحه، والغلق في الرهن ضد الفك، فإذا فك الراهن الرهن فقد أطلقه من وثاقه، وقد أغلقت الرهن فغلق، أي أوجبته فوجب للمرتهن.
2888 -
وروي مثله أو مثل معناه، لا يخالف عنه عن أبي هريرة متصلا.
2889 -
وعن ابن عمر، ن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان
أهل مكة)). رواه أبو داود، والنسائي. [2889]
2890 -
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان: ((إنكم قد وليتم أمرين، هلكت فيهما الأمم السابقة قبلكم)). رواه الترمذي. [2890]
ــ
قوله: ((له غنمه)) قال الشافعي: غنمه زيادته وغرمه هلاكه ونقصه. ((حس)): فيه دليل علي أن الزوائد التي تحصل منه تكون للراهن، وعلي أنه إذا هلك في يد المرتهن يكون من ضمان الراهن، ولا يسقط بهلاكه شيء من حق المرتهن، وإذا دل الحديث علي أن منافع الرهن للراهن، ففيه دليل علي أن دوام القبض ليس بشرط في الرهن؛ لأن الراهن لا يركبها إلا وهي خارجة عن قبض المرتهن. قال في المغرب: قال أبو عبيدة: معنى الحديث أنه يرجع الرهن إلي ربه فيكون غنمه له، ويرجع رب الحق عليه بحقه فيكون غرمه عليه.
قوله: ((من صاحبه)) ((حس)): قيل: أراد لصاحبه، وقيل: من ضمان صاحبه. أقول: ويمكن أن يقال: إنه ضمن غلق معنى منع، أي لا يمنع الرهن المرهون من تصرف مالكه، ثم جيء بما بعده بيانا لذلك، وقدم الخبر علي المبتدأ تخصيصا، يعني لا يمنع من تصرفه فله نفعه لا لغيره، وعليه غرمه لا علي غيره وفيه أن ليس للمرتهن من الرهن إلا توثقة دينه، وإن نقص وهلك فله الرجوع إلي الراهن.
الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((مكيال أهل المدينة)) ((قض)): أي المكيال المعتبر مكيال أهل المدينة؛ لأنهم أصحاب زراعات، فهم أعلم بأحوال المكاييل، والميزان المعتبر ميزان أهل مكة؛ لأنهم أهل تجارات فعهدهم للموازين وعلمهم بالأوزان أكثر ((حس)): الحديث فيما يتعلق بالكيل والوزن من حقوق الله تعالي كالزكوات والكفارات ونحوها، حتى لا تجب الزكاة في الدراهم، حتى تبلغ مائتي درهم بوزن مكة، والصاع في صدقة الفطر صاع أهل المدينة، كل صاع خمسة أرطال وثلث.
الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((قد وليتم أمرين)) أي جعلتم حكاما