المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٧

[الطيبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌(1) باب الكسب وطلب الحلال

- ‌(2) باب المساهلة في المعاملات

- ‌(3) باب الخيار

- ‌(4) باب الربا

- ‌(5) باب المنهي عنها من البيوع

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب السلم والرهن

- ‌(8) باب الاحتكار

- ‌(9) باب الإفلاس والإنظار

- ‌(10) باب الشركة والوكالة

- ‌(11) باب الغصب والعارية

- ‌(12) باب الشفاعة

- ‌(13) باب المساقاة والمزارعة

- ‌(14) باب الإجارة

- ‌(15) باب إحياء الموات والشرب

- ‌(16) باب العطايا

- ‌(17) باب

- ‌(18) باب اللقطة

- ‌[كتاب الفرائض والوصايا]

- ‌باب الفرائض

- ‌(1) باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌(1) بابالنظر إلي المخطوبة وبيان العورات

- ‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌(3) باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌(4) باب المحرمات

- ‌(5) باب المباشرة

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب الصداق

- ‌(8) باب الوليمة

- ‌(9) باب القسم

- ‌(10) بابعشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌(11) باب الخلع والطلاق

- ‌(12) باب المطلقة ثلاثا

- ‌(13) باب [في كون الرقبة في الكفارة مؤمنة]

- ‌(14) باب اللعان

- ‌(15) باب العدة

- ‌(16) باب الاستبراء

- ‌(17) باب النفقات وحق المملوك

- ‌(18) باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

الفصل: ‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

امرأة أول مرة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها)) رواه أحمد. [3124]

3125 -

وعن الحسن، مرسلا، فال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله الناظر والمنظور إليه)). رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)). [3125]

(2) باب

الولي في النكاح واستئذان المرأة

الفصل الأول

3126 -

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تنكح الأيم حتى

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا إلي معنى قوله تعالي: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} فإن الزكاء إما التنمية أو الطهارة، والطهارة منتهية إلي النمو أيضا، ولا نمو في الإنسان أكمل وأفضل من أن يفتح الله عليه باب ما خلق لأجله من العبادة، وكمالها أن يجد العابد حلاوتها ويزول عنه تعب الطاعة وتكاليفها الشاقة عليه، وهذا المقام هو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله:((وقرة عيني في الصلاة)) *، و ((أرحنا يا بلال)) ** والله أعلم. الحديث الخامس عن الحسن: قوله: ((لعن الله الناظر والمنظور)) لم يبين ما به يستحق به اللعن مما لا يجوز النظر إليه شرعا لعدم اللبس، وأن ذلك ما هو تعظيما له وتفخيما لشأنه والله أعلم بالصواب.

باب الولي في النكاح واستئذان المرأة

((نه)): ولي المرأة متولي أمرها، والمولي اسم يقع علي جماعة كثيرة من الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعبد والمعتق والمنعم عليه.

الفصل الأول

الحديث الأول عن أبي هريرة رصي الله عنه: قوله: ((لا تنكح الأيم)) ((نه)): الأيم في الأصل التي لا زوج لها بكرا كانت أو متوفي عنها، ويريد ب ((الأيم)) في هذا الحديث الثيب خاصة، وهي التي زالت بكارتها بأي وجه كان، سواء زالت بنكاح صحيح أو

ص: 2278

تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)). قالوا: يارسول الله، وكيف إذنها؟ قال:((أن تسكت)) متفق عليه.

3127 -

وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها إذنها صماتها)).وفي رواية: قال: ((الثيب أحق بنفسها من

ــ

شبهة أو فاسد أو بوثب أو بإصبع أو غير ذلك؛ لأنها جعلت مقابلة للبكر، ويقال الرجل أيضا: الأيم. قوله: ((حتى تستأمر)) ((قض)): الاستئمار طلب الأمر والاستئذان الإعلام، وقيل: طلب الأذن، لقوله صلى الله عليه وسلم:((وإذنها الصموت)) وقيل: المراد بالاستئمار المشاورة، وذلك بأن الاستئذان أبلغ من المشاورة، فلو حمل الاستئمار عليها ينعكس الأمر، وليس كذلك؛ فإن المشاورة تستدعي أن يكون للمستشار رأي ومقال فيما يشاور فيه ولا كذلك الاستئذان. وظاهر الحديث يدل علي أنه ليس للولي أن يزوج موليته من غير استئذان ومراجعة ووقوف واطلاع علي أنها راضية بصريح إذن أو سكوت من البكر؛ لأن الغالب من حالها أن لا تظهر إرادة النكاح حياء.

وللعلماء في هذا المقام تفصيل واختلاف، وقد ذهبوا جميعا إلي أنه لا يجوز تزويج الثيب البالغة العاقلة دون إذنها، ويجوز للأب والجد تزويج البكر الصغيرة، وخصوص هذا الحديث فيه بما صح أن أبا بكر رضي الله عنه زوج عائشة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن بعد بالغة. واختلفوا في غيرهما، فمنع الشافعي تزويج الثيب الصغيرة مطلقا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر باستئمار الثيب مطلقا، ولا معنى لاستئمارها قبل البلوغ؛ إذ لا عبرة بقولها، وتزويج البكر الصغيرة لغير الأب والجد والبالغة لغيرهما من غير إذنه؛ لعموم قوله:((البكر تستأذن)) وجوز لهما تزويج البكر البالغة بغير إذن كما يجوز لهما تزويجها صغيرة. وخصص قوله: ((ولا تنكح البكر حتى تستأذن)) بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((الثيب أحق بنفسها من وليها)) وقوله فيما روى [عنه أبو] * هريرة: ((اليتيمة تستأمر في نفسها)) فإن معناه: لا تنكح اليتيمة حتى تبلغ فتستأمر. والمراد باليتيمة التي تكون قريبة العهد بالبلوغ. وأبو حنيفة ذهب إلي خلاف ذلك كله. واختلف أيضا في أن السكوت من البكر يقوم مقام الإذن في حق جميع الأولياء، أو حق الأب والجد دون غيرهما، وإلي الأول ذهب الأكثر لظاهر الحديث.

الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله ((الأيم أحق بنفسها)) ((مح)): قال الكوفيون وزفر: ((الأيم)) هنا كل امرأة لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا، كما هو مقتضاه في اللغة، فكل امرأة بلغت فهي أحق بنفسها من وليها، وعقدها علي نفسها بالنكاح صحيح. وبه قال الشعبي والزهري. ((شف)): قالوا: ليس الولي من أركان صحة النكاح بل من تمامه. وقوله: ((أحق بنفسها)) يحتمل أن يراد به من وليها في كل سيء من العقد وغيره كما قال أبو حنيفة

ص: 2279

وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها)) وفي رواية قال:((الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها)) رواه مسلم.

3128 – * وعن خنساء بنت خذام: أن أباها زوجها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد نكاحها رواه البخاري وفي رواية ابن ماجة: نكاح أبيها

3129 -

وعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفت إليه وهي بنت تسع سنين، ولعبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمإني عشر. رواه مسلم.

ــ

وداود، ويحتمل أنها أحق بالرضي، حتى لا تزوج إلا أن تأذن بالنطق بخلاف البكر، ولكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم ((لا نكاح إلا بولي)) مع غيره من الأحاديث الدالة علي اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني. فإذا تقرر هذا فمعنى ((أحق)) وهو يقتضي المشاركة، أن لها في نفسها في النكاح حقا ولوليها حقا، وحقها أوكد من حقه؛ فإنه لو أراد تزويجها كفءا وامتنعت لم تجبر، وإن أرادت أن تزوج كفءا وامتنع الولي أجبر، فإن أصر زوجها القاضي. وأما قوله صلى الله عليه وسلم في البكر:((وإذنها صماتها)) فظاهر العموم أنه في كل بكر وكل ولي، وأن سكوتها يكفي مطلقا.

الحديث الثالث عن خنساء: قوله: ((نكاحه)) كذا في البخاري والحميدي والدرامي وجامع الأصول ومسند الشافعي، وفي سنن ابن ماجة ((نكاح أبيها)) ووقع في نسخ المصابيح ((نكاحها)).

الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ولعبها معها)) ((تو)): اللعب جمع لعبة كركبة وركب، أرادت ما كانت تلعب به، وكل ملعوب به فهو لعبة، وإذا فتح اللام فهو المرة الواحدة من اللعب، وإذا كسرت فهي الحالة التي عليها اللاعب. ((مح)): أجمع المسلمون علي جواز تزويج الأب بنته البكر الصغيرة لهذا الحديث، وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي والحجازيين، وقال أهل العراق: لها الخيار إذا بلغت؛ وأما غير الأب والجد من الأولياء فلا يجوز أن يزوجها عند الشافعي ومالك والثوري وغيرهم، وقالا الأوزاعي وأبو حنيفة آخرون: يجوز لجميع الأولياء، ولها الخيار إذا بلغت إلا أبا يوسف، فقال: لا خيار. وفيه جواز اتخاذ اللعب وإباحة لعب الجواري بهن، وقد جاء في الحديث الآخر أنه صلى الله عليه وسلم رأي ذلك ولم ينكره، ويحتمل أن يكون هذه قضية عائشة هذه في أول الهجرة قبل تحريم الصور.

ص: 2280

الفصل الثاني

3130 -

عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا نكاح إلا بولي)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داوود، وابن ماجة، والدرامي. [3130]

3131 -

وعن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داوود، وابن ماجه، والدرامي. [3131]

ــ

الفصل الثاني

الحديث الأول الثاني عن عائشة رضي الله عنها: فوله: ((أيما امرأة نكحت)) ((قض)): الحديث صريح في المنع عن استقلال المرأة بالتزويج، فإنها لو زوجت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، وقد اضطرب فيه الحنفية فتارة يتجاسرون بالطعن فيه، ويقولون: إن هذا الحديث رواه الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريح عن سلمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة، وقد روي عن ابن جريج أنه قال: سألت الزهري عنه فلم يعرف، ولم يعرفوا أن هذا الحديث قد روي عن ابن جريج جمع كثير من الأكابر الأئمة وأعيان النقلة، كيحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن أيوب وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وعن الزهري غير سعيد من الإثبات كالحجاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة، مع أن سعيدا من أكابر الرواة ووجوه الثقات، وروى هشام بن عروة عن أبيه مثل ذلك. علي أن قوله:((فلم يعرفه)) إن صح لم يقدح؛ لأنه ليس فيه صريح إنكار. وتارة مالوا إلي المعارضة والترجيح، قالوا: يعارضه حديث ابن عباس وهو من الصحاح، وقد عرفت ما هو المراد من حديثه، وأن قوله:((الأيم أحق بنفسها من وليها)) ليس فيه تنصيص علي استقلالها بالعقد.

ومرة جنحوا إلي التأويل، فقوم خصصوا ((أيما امرأة)) بالأمة والصغيرة والمكاتبة والمجنونة، فأبطلوا به ظهور قصد التعميم بتمهيد أصل؛ فإنه صدر الكلام ((بأي)) الشرطية وأكد ب ((ما)) إبهامية، ورتب الحكم علي وصف الاستقلال ترتيب الجزاء علي الشرط المقتضى له، مع أن الصغيرة لا تسمى امرأة في عرف أهل اللسان، ثم إنه صلى الله عليه وسلم رتب الحكم ببطلانه ثلاثا، وعقد الصبية ليس بباطل عندهم بل هو موقوف علي إجازة الولي، والأمة ليس لها مهر، وقد قال

ص: 2281

ــ

صلى الله عليه وسلم: ((فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها)) والمكاتبة نادرة بالنسبة إلي جنس النساء، فلا يصح قصر العام عليها.

وقوم أولو قوله: ((باطل)) بأنه علي صدد البطلان، ومصيره إليه بتقدير اعتراض الأولياء عليها إذا زوجت نفسها من غير كفء، وذلك مع ما فيه من إبطال قصر التعميم مزيف من وجوه أخر: أحدهما: أنه لا يناسب هذا التأكيد والمبالغة. وثإنيهما: أن المتعارف المنقول في تسمية الشيء باسم ما يئول إليه [تسمية ما يكون المآل إليه] * قطعا، كما في قوله تعالي:{إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُم مَّيِّتُونَ} أو غالبا كما في قوله تعالي: {إني أَرَإني أَعْصِرُ خَمْرًا} . وثالثهما: أنه لو كان كذلك لا يستحق المهر بالعقد إلا بالوطء؛ ولذلك قالوا: يتقرر المسمى بالوطء ويتعلق بالطلاق قبل الوطء، وقد علق رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستحقاق علي الوطء، وجعل الاستحلال علة لثبوته، وذلك يدل علي أن وطء الشبهة يوجب مهر المثل، ولم أجد أحدا غيرهم من أهل العلم رخص للمرأة تزويج نفسها مطلقا، وجوز مالك للدنيئة دون الشريفة، وقال أبو ثور: إن زوجت نفسها بإذن الولي صح، وإن زوجت بغير إذنه لم يصح؛ لتخصيص الحكم بالتزويج بغير إذن، وهو ضعيف؛ لاتفاق القائلين بالمفهوم كقوله تعالي:((وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن)) وقوله تعالي: ((فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به)) إذ الظاهر أن الموجب لتخصيص محل النطق في ذلك كونه غالبا، فلا يدل علي قصر الحكم عليه.

وقوله: ((فإن اشتجروا)) أي اختلفوا وتنازعوا، ومنه قوله تعالي:((فيما شجر بينهم)) أي فيما وقع خلافا بينهم يريد به مشاجرة العضل؛ ولذلك فوض الأمر إلي السلطان وجعلهم كالمعدومين، وهو مما يؤيد منع المرأة عن مباشرة العقد؛ إذا لو صلحت عبارتها للعقد لأطلق لها ذلك عند عضل الأولياء واختلافهم، ولما فوض إلي السلطان. هذا تلخيص ما شرح السنة.

أقول: ((أيما)) من المعممات التي يستغنى بها إما عن تفصيل غير حاصر أو تطويل غير ممل. فقوله: ((أيما امرأة)) تشمل الثيب والبكر والأمة والمجنونة والمكاتبة والصغيرة، فالقول بأن الثيب خارجة من الحكم يفتقر إلي دليل، وكذا قوله:((لا نكاح إلا بولي)) ((لا)) نفي جنس النكاح وحصره إلا علي الولي، فهو من قصر الإفراد، يرد زعم من يذهب إلي أن النكاح يصح بولي وبغير ولي، فقطع الشركة وفصر الحكم علي الولي؛ فالحديثان دالان علي أن للولي مدخلا في النكاح البتة ولا يصح بدونه، لكنهما مجملان مبهمان في أن الولي هل هو مستقل أم لا، واستقلاله في بعض الصور أو كلها؟ وحديث أبي هريرة وابن عباس مع الروايات السابقة في بعضها؛ فإن أفعل التفضيل تدل علي أن له مدخلا وليس بمستقبل، وكذلك الاستثمار. ومن

ص: 2282

3132 -

وعم ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة)).والأصح أنه موقوف علي ابن عباس رواه الترمذي.

3133 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اليتيمة تستأمر في نفسها، فإن صمتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها)).رواه الترمذي، وأبو داوود، والنسائي. [3133].

3134 -

ورواه الدارمي عن أبي موسى.

ــ

ذهب إلي استقلال الثيب أبطل مقتضى هذين الحديثين، ولم يعمل بموجب الحديثين الأولين.

الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((البغايا)) جمع بغية وهي الزإنية، من البغاء وهو الزنا. والبينة إما أن يراد به الشاهد فبدونه زنى عند الشافعي وأبي حنيفة، أو من به تبيين النكاح من الولي فهو شبهة فتسميها ب ((البغايا)) تشديد وتغليظ، ويؤيد هذا الوجه الحديث الثاني في الفصل الثالث من الباب. ((حس)) في الحديث السابق ((فإن دخل بها فلها المهر)) دليل علي أن وطء الشبهة يوجب مهرا ولا يجب به الحد، ويثبت النسب؛ فمن فعله عامدا عزر. وذهب أكثر أهل العلم إلي أن النكاح لا ينعقد إلا ببينة، وليس فيه خلاف ظاهر بين الصحابة ومن بعدهم من التابعين وغيرهم، إلا قوم من المتأخرين كأبي ثور.

الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((اليتيمة تستأمر)) يراد بها البالغة البكر من اليتامى، سماها يتيمة باعتبار ما كانت، كقوله تعالي:{وآتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} . وفائدة التسمية مراعاة حقها والشفقة عليها في تحري الكفاءة والصلاح؛ فإن اليتيم مظنة الرأفة والرحمة. ((حسن)): اختلفوا في اليتيمة إذا زوجها غير الأب والجد، فذهب جماعة إلي أن النكاح صحيح، ولها الخيار إذا بلغت في فسخ النكاح أو إجازته، وهو قوله أصحاب أبي حنيفة، وذهب قوم إلي أن النكاح باطل. وهو قول الشافعي، واحتج بأنه صلى الله عليه وسلم قال:((اليتيمة تستأمر)) واليتيمة اسم للصغيرة التي لا أب لها، وهي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا عبرة لإبائها، وكأنه صلى الله عليه وسلم شرط بلوغها، فمعناه لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر.

واختلفوا في الوصي هل يزوج بنات الموصي؟ فذهب قوم إلي أنه لا ولاية له وإن فوض إليه. وقال حماد ابن أبي سليمان: للوصي أن يزوج اليتيمة قبل البلوغ، وحكى ذلك عن ابن شريح أنه أحاز نكاح الوصي مع كراهة الأولياء، وأجاز مالك إذا فوض إليه الأب.

قوله: ((فلا جواز عليها)) أي فلا تعدي عليها. ((نه)): جازه يجوزه إذا تعداه وعبره عليه.

ص: 2283

3135 -

وعن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر)). رواه الترمذي، وأبو داوود، والدارمي. [3135]

الفصل الثالث

3136 -

عن ابن عباس، قال: إن جارية بكرا أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داوود. [3136]

3137 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزإنية هي التي تزوج نفسها)) رواه ابن ماجه. [3137]

3138 -

وعن أبي سعيد، وابن عباس، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه، فإذا بلغ فليزوجه، فإن بلغ ولم يزوجه فأصاب إثما؛ فإنما إثمه علي أبيه). [3138]

3139 -

وعن عمر بن الخطاب، وأنس بن مالك [رضي الله عنهما] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((في التوراة مكتوب: من بلغت ابنته اثنتي عشرة سنة ولم يزوجها فأصابت إثما، فإثم ذلك عليه)). رواهما البيهقي في ((شعب الأيمان)). [3139]

ــ

الحديث الخامس عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((فهو عاهر)) ((مظ)): لا يجوز نكاح العبد بغير إذن سيده عند الشافعي [وأحمد] * لهذا الحديث، ولا يصح إن أجاز بعد العقد، وعند أبي حنيفة يجوز إن أجازه بعده.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((جارية بكرا)) فيدها بالبكارة دون الصغر لاعتبار كراهتها، ولو كانت صغيرة لما اعتبر كراهتها؛ فإن قوله:((وهي كارهة)) حال لبان هيئة المفعول عند التزويج.

الحديث الثاني والثالث والرابع عن أبي سعيد وابن عباس رضي الله عنهم: قوله: ((فأصاب إثما)) أي ما أثم به من الفواحش. وقوله: ((فإنما إثمه علي أبيه)) أي جزاء الإثم عليه حقيقة، ودل هذا الحصر علي أن الإثم علي الوالد مبالغة؛ لأنه لم يتسبب لما يتفادى ولده من إصابة الإثم.

ص: 2284