المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(5) باب المباشرة - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٧

[الطيبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌(1) باب الكسب وطلب الحلال

- ‌(2) باب المساهلة في المعاملات

- ‌(3) باب الخيار

- ‌(4) باب الربا

- ‌(5) باب المنهي عنها من البيوع

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب السلم والرهن

- ‌(8) باب الاحتكار

- ‌(9) باب الإفلاس والإنظار

- ‌(10) باب الشركة والوكالة

- ‌(11) باب الغصب والعارية

- ‌(12) باب الشفاعة

- ‌(13) باب المساقاة والمزارعة

- ‌(14) باب الإجارة

- ‌(15) باب إحياء الموات والشرب

- ‌(16) باب العطايا

- ‌(17) باب

- ‌(18) باب اللقطة

- ‌[كتاب الفرائض والوصايا]

- ‌باب الفرائض

- ‌(1) باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌(1) بابالنظر إلي المخطوبة وبيان العورات

- ‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌(3) باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌(4) باب المحرمات

- ‌(5) باب المباشرة

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب الصداق

- ‌(8) باب الوليمة

- ‌(9) باب القسم

- ‌(10) بابعشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌(11) باب الخلع والطلاق

- ‌(12) باب المطلقة ثلاثا

- ‌(13) باب [في كون الرقبة في الكفارة مؤمنة]

- ‌(14) باب اللعان

- ‌(15) باب العدة

- ‌(16) باب الاستبراء

- ‌(17) باب النفقات وحق المملوك

- ‌(18) باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

الفصل: ‌(5) باب المباشرة

(5) باب المباشرة

الفصل الأول

3183 -

عن جابر، قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فنزلت:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شئتُمْ} . متفق عليه.

3184 -

وعنه، كنا نعزل والقرآن ينزل. متفق عليه. وزاد مسلم: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا.

ــ

باب المباشرة

((غب)): البشرة ظاهر الجلد، وجمعها بشر وأبشار، وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارا لظهور جلده من الشعر، بخلاف الحيوانات، والمباشرة الإفضاء بالبشرتين، وكنى بها عن الجماع في قوله عز وجل:{ولا تُبَاشِرُوهُنَّ وأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} .

الفصل الأول

الحديث الأول عن جابر: قوله: {أَنَّى شئتُمْ} ((حس)): اتفقوا علي أنه يجوز للرجل إتيان الزوجة في قبلها من جانب دبرها، وعلي أي صفة كانت، وعليه دل قوله تعالي:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شئتُمْ} أي هن لكم بمنزلة أرض تزرع، ومحل الحرث هو القبل. الكشاف:((حرث لكم)) مواضع حرثكم، شبهن بالمحارث لما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بالبذور. وقوله:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} معناه: فأتوهن كما تأتون أرضكم التي تريدون أن تحرثوها، من أي جهة شئتم، ولا يحظر عليكم جهة دون جهة، وهو من الكنايات اللطيفة والتعريضات المستحسنة. أقول: وذلك أنه أبيح لهم أن يأتوهن من أي جهة شاءوا كالأراضي المملوكة، وقيدها بالحرث ليشير إلي أن لا يتجاوز البتة موضع البذر، ويتجانف عن مجرد الشهوة.

الحديث الثاني عن جابر: قوله: ((فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم) عطف علي الجملة المقيدة بالحال، يعني كنا نعزل ولم يمنعنا الوحي ولا السنة. ((مح)): العزل هو أن يجامع فإذا قارب الإنزال نزع وأنزل خارج الفرج، وهو مكروه عندنا؛ لأنه طريق إلي قطع النسل، وكذا ورد ((العزل الوأد الخفي)). قال أصحابنا: لا يحرم في مملوكته ولا في زوجته الأمة، سواء رضيتا أم لا؛ لأن عليه ضررا في مملوكته بأن يصيرها أم ولد لا يجوز بيعها، وفي زوجته الرقيقة يصير ولده رقيقا تبعا لأمه؛ أما زوجته الحرة: فإن أذنت فيه فلا يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم.

ص: 2304

3185 -

وعنه، قال: إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي جارية هي خادمتنا، وأنا أطوف عليها، وأكره أن تحمل فقال:((اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها)). فلبث الرجل، ثم أتاه، فقال: إن الجارية قد حبلت فقال: ((قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها)). رواه مسلم.

3186 -

وعن أبي سعيد الخدري، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا الغربة، وأحببنا العزل، فأردنا أن نعزل، وقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله؟ فسألناه عن ذلك. فقال: ((ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلي يوم القيامة، إلا وهي كائنة)). متفق عليه.

3187 -

وعنه، قال: سئل رسول الله، عن العزل. فقال:((ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء)). رواه مسلم.

ــ

الحديث الثالث عن جابر: قوله: ((اعزل عنها إن شئت)) أن لا تحبل، وذلك لا ينفعك، ثم علله بقوله:((فإنه سيأتيها)) والضمير للشأن، وفيه مؤكدات ((إن)) وضمير الشأن وسين الاستقبال.

((مح)): فيه دلالة علي إلحاق النسب مع العزل.

الحديث الرابع عن أبي سعيد: قوله: ((فقال: ما عليكم)) ((قض)): الحديث مما أخرجه الشيخان. وقوله: ((ما عليكم)) روى بـ ((ما)) و ((لا)) ومعناه لا بأس عليكم أن تفعلوا و ((لا)) مزيدة. ومن لم يجوز العزل قال: ((لا)) نفي لما سألوه، و ((عليكم أن لا تفعلوا)) كلام مستأنف مؤكد له، وأن مفتوحة، وقد صرح بالتجويز في حديث جابر حيث قال:((اعزل عنها إن شئت)) وللعلماء فيه خلاف، واختيار الشافعي جوازه عن الأمة مطلقا، وعن الحرة بإذنها. وقوله:((ما من نسمة كائنة)) إلي آخره يدل علي أن العزل لا يمنع الإيلاد، فلو استفرش أمة وعزل عنها، فأتت بولد لحقه إلا أن يدعي الاستبرا. ((حس)): قال المبرد: معناه لا بأس عليكم أن تفعلوا، ومعنى ((لا)) الثانية طرحها. ((مح)): فيه دليل علي أن الأعراب يجري عليهم الرق إذا كانوا مشركين؛ لأن بني المصطلق فبيلة من خزاعة، وهو مذهب مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة والشافعي في القديم: لا يجري عليهم الرق لشرفهم.

الحديث الخامس عن أبي سعيد: قوله: ((ما من كل الماء)) فإن قلت: كيف طابق هذا جوابا للسؤال؟ قلت: معنى السؤال أنهم استأذنوا في العزل مخافة الولد، فأجيبوا بأنكم زعمتم بأن صب الماء سبب للولد، والعزل لعدمه، وليس كذلك؛ إذ لا يكون الولد من كل الماء، فكم

ص: 2305

3188 -

وعن سعد بن أبي وقاص: أن رجلا جاء إلي رسول الله، فقال: إني أعزل عن امرأتي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم تفعل ذلك؟)) فقال الرجل: أشفق علي ولدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم)). رواه مسلم.

3189 -

وعن جذامة بنت وهب، قالت: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: ((لقد هممت أن أنهي عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم ذلك شيئا)). ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ذلك الوأد الخفي وهي {وإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ})). رواه مسلم.

ــ

من صب لا يحدث منه الولد، ومن عزل محدث له. فقدم خبر ((كان))؛ ليدل علي الاختصاص، وأن تكوين الولد بمشيئة الله تعالي لا بالماء، وكذا عدمه بها لا بالعزل.

الحديث السادس عن سعد: قوله: ((أشفق علي ولدها)) ((نه)): الشفق والإشفاق الخوف، أي لو كان الغيل ضارا لضر بهذين الجيلين.

الحديث السابع عن جذامة: قوله: ((عن الغيلة)) ((نه)): الغيلة – بالكسر – الاسم من الغيل بالفتح، وهو أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وكذلك إذا حملت وهي مرضع، وقيل: يقال فيه: الغيلة والغيلة بمعنى، وقيل: الكسر للاسم والفتح للمرة، وقيل: لا يصح الفتح إلا مع حذف الهاء، وقد غال الرجل وأغيل، والولد مغال ومغيل، واللبن الذي يشربه الولد يقال له: الغيل أيضا. ((قض)): كان العرب يحترزون عن الغيلة، ويزعمون أنها تضر الولد، وكان ذلك من المشهورات الذائعة عندهم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي عنها لذلك، فرأي أن فارس والروم يفعلون ذلك ولا يبالون به، ثم أنه لا يعود علي أولادهم بضرر، فلم ينه.

قوله: وهي: {وإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} الضمير راجع إلي مقدر، أي ذلك الوأد الخفي مندرج تحت الآية في الوعيد، وهي قوله:{وإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} . ((قض)): وإنما جعل العزل وأدا خفيا؛ لأنه في إضاعة النطفة التي هيأها الله تعالي لأن تكون ولدا، يشبه إهلاك الولد ودفنه حيا، لكن لا شك أنه دونه؛ فلذلك جعله خفيا. واستدل به من حرم العزل، وهو ضعيف؛ إذ لا يلزم من حرمة الوأد الحقيقي حرمة ما يضاهيه بوجه، ولا يشاركه فيما هو علة الحرمة، وهي إزهاق الروح وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولكنه يدل علي الكراهة.

الحديث الثامن عن أبي سعيد: قوله: ((إن أعظم الأمانة)) أي أعظم أمانة عند الله خان فيها

ص: 2306

3190 -

وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة)) – وفي رواية -: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلي امرأته وتفضي إليه ثم ينشرسرها)). رواه مسلم.

الفصل الثاني

3191 -

عن ابن عباس، قال: أوحي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: {} الآية: ((أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة)). رواه الترمذي وابن ماجه. [3191]

3192 -

وعن خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لا يستحيي من

ــ

الرجل أمانة ((الرجل

إلي آخره)). ((شف)): لا بد فيه من تقدير مضاف، أي إن أعظم خيانة الأمانة عند الله يوم القيامة. وقوله:((الرجل)) خبر ((إن)) وفيه تقدير مضاف أيضا، أي خيانة رجل يفضي إلي امرأته. ((مح)):((إن من أشر)) قال القاضي: هكذا وقعت في الروايات، والنحويون لا يجوزون أشر وأخير. قال: وقد جاءت الأحاديث الصحيحة للغتين جميعا، وهي حجة في جوازهما. وفيه تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين المرأة تحت اللحاف من فعل أو قول. وأما مجرد ذكر الجماع، فإن لم يكن فائدة أو حاجة فمكروه؛ لأنه خلاف المروءة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) وإن احتاج إلي أن يشكو منها إعراضها، أو احتاجت أن تدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك فلا كراهة.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أقبل وأدبر واتق الدبر)) تفسير لقوله تعالي: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شئتُمْ} فإن الحرث يدل علي اتقاء الدبر و {أَنَّى شئتُمْ} علي إباحة الإقبال والإدبار، والخطاب في التفسير خطاب عام، وأن كل من يتأتي منه الإقبال والإدبار فهو مأمور بهما. قوله:((الحيضة)) ((نه)): الحيضة بالكسر الاسم من الحيض، والحال التي تلزمها الحائض من التجنب والتحيض، كالجلسة والقعدة.

الحديث الثاني عن خزيمة: قوله: ((إن الله لا يستحيي)) الحياء تغير يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب به ويذم، والتغير علي الله تعالي مجاز عن الترك الذي هو غاية الحياء، أي إن

ص: 2307

الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن)). رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي. [3192]

3193 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ملعون من أتى امرأته في دبرها)). رواه أحمد، وأبو داود. [3193]

3194 -

وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه)). رواه في ((شرح السنة)). [3194]

3195 -

وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينظر الله إلي رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر)). رواه الترمذي. [3195]

3196 -

وعن أسماء بنت يزيد، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تقتلوا أولادكم سرا، فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه)). رواه أبو داود. [3196]

ــ

الله لا يترك من قول الحق أو إظهاره. وفي جعل هذا الكلام مقدمة وتمهيدا للنهي الوارد بعده إشعار بشناعة هذا الفعل واستهجانه، وكان من الظاهر أن يقال: إني لا استحيي، فأسند إلي الله تعالي مزيدا للمبالغة والتأكيد، وهذا في شأن النساء فكيف بالرجل؟ ((مظ)): هذا إن فعله بأجنبية حكمه حكم الزنا، وإن فعله بامرأته أو أمته فهو محرم، لكن لا يرجم ولا يحد ولكن يعزر. ((مح)): ولو لاط بعبده فهو كلواطه بأجنبي. وأما المفعول به فإن كان صغيرا أو مجنونا أو مكرها فلا حد عليه.

الحديث الثالث إلي السابع عن أسماء: قوله: ((فيدعثره)) ((نه)): أي يصرعه ويهلكه، يريد أن سوء أثر الغيل في بدن الطفل وإفساد مزاجه وإرخاء قواه لا يزال يلاقيه إلي أن يشتد ويبلغ مبلغ الرجال، فإذا أراد منازلة قرن في الحرب، وهن عنه وانكسر، وسبب وهنه وانكساره الغيل – انتهي كلامه. فإن قلت: كيف أثبت ضرر الغيل في هذا الحديث وبالغ فيه ونفاه في الحديثين السابقين؟ قلنا: كان ذلك إبطالا لزعم أهل الجاهلية، واعتقاد أنه سبب مستقل مؤثر في نفسه، وإثبات الضرر هنا؛ لا أنه سبب ولكن المؤثر الحقيقي هو الله تعالي.

ص: 2308