المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل الثالث 2874 - عن واثلة بن الأسقع، قال: سمعت رسول - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٧

[الطيبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌(1) باب الكسب وطلب الحلال

- ‌(2) باب المساهلة في المعاملات

- ‌(3) باب الخيار

- ‌(4) باب الربا

- ‌(5) باب المنهي عنها من البيوع

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب السلم والرهن

- ‌(8) باب الاحتكار

- ‌(9) باب الإفلاس والإنظار

- ‌(10) باب الشركة والوكالة

- ‌(11) باب الغصب والعارية

- ‌(12) باب الشفاعة

- ‌(13) باب المساقاة والمزارعة

- ‌(14) باب الإجارة

- ‌(15) باب إحياء الموات والشرب

- ‌(16) باب العطايا

- ‌(17) باب

- ‌(18) باب اللقطة

- ‌[كتاب الفرائض والوصايا]

- ‌باب الفرائض

- ‌(1) باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌(1) بابالنظر إلي المخطوبة وبيان العورات

- ‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌(3) باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌(4) باب المحرمات

- ‌(5) باب المباشرة

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب الصداق

- ‌(8) باب الوليمة

- ‌(9) باب القسم

- ‌(10) بابعشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌(11) باب الخلع والطلاق

- ‌(12) باب المطلقة ثلاثا

- ‌(13) باب [في كون الرقبة في الكفارة مؤمنة]

- ‌(14) باب اللعان

- ‌(15) باب العدة

- ‌(16) باب الاستبراء

- ‌(17) باب النفقات وحق المملوك

- ‌(18) باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

الفصل: الفصل الثالث 2874 - عن واثلة بن الأسقع، قال: سمعت رسول

الفصل الثالث

2874 -

عن واثلة بن الأسقع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من باع عيبا لم ينبه، لم يزل في مقت الله، أو لم تزل الملائكة تلعنه)). رواه ابن ماجه. [2874]

(6) باب

الفصل الأول

2875 -

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر، فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع. ومن ابتاع عبدا وله مال، فماله للبائع، إلا أن يشترط المبتاع)). رواه مسلم. وروى

البخاري المعنى الأول وحده.

ــ

الفصل الثالث

الحديث الأول عن واثلة: قوله: ((عيبا)) أي معيبا، وقد تقرر في علم المعإني أن المصدر إذا وضع موضع الفاعل أو المفعول كان للمبالغة، نحو رجل عدل أي هو مجسم من العدل، وجعل المعيب نفس العيب دلالة علي شناعة هذا البيع، وأنه عين العيب، وذلك ليس من شيم المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم:((من غش فليس مني)) أو يقدر ذا عيب، والتنكير للتقليل. والله أعلم. وفي قوله:((في مقت الله)) مبالغتان، فإن المقت أشد الغضب، وجعله ظرفاً له.

باب

الفصل الأول

الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((بعد أن تؤبر)) ((قض)): التأبير تلقيح النخل، وهو أن يوضع شيء من طلع فحل النخل في طلع الأنثى إذا انشق، والمعنى أن من باع نخلا مثمرا قد أبرت، فثمرتها تبقى له إلا إذا شرط دخولها في العقد، وعليه أكثر أهل العلم، وكذا إن انشق ولم تؤبر بعد؛ لأن الموجب للأفراد هو الظهور المماثل لانفصال الجنين، ولعله عبر عن الظهور بالتأبير؛ لأنه لا يخلو عنه غالباً، أما لو باع قبل أوان الظهور تبع الأصل، وانتقل إلي المشتري، قياسا علي الجنين وأخذا من مفهوم الحديث، وقال أبو حنيفة: تبقى الثمرة للبائع بكل حال، وقال أبي ليلي: الثمرة تتبع الأصل وتنتقل إلي المشتري بكل حال.

قوله: ((وله مال)) ((حس)): فيه بيان أن العبد لا ملك له بحال، فإن السيد لو ملكه لا يملك

لأنه مملوك، فلا يجوز أن يكون مالكا كالبهائم. قوله:((وله مال)) إضافة مجاز لا إضافة ملك،

كما يضاف السرج إلي الفرس، والإكاف إلي الحمار، والغنم إلي الراعي، يدل عليه أنه

ص: 2157

2876 -

وعن جابر: أنه كان يسير علي جمل له قد أعيي، فمر النبي صلى الله عليه وسلم به، فضربه، فسار سيرا ليس يسير مثله، ثم قال:((بعنيه بوقية)) قال: فبعته، فاستثنيت حملانه إلي أهلي، فلما قدمت المدينة أتيته بالجمل ونقدني ثمنه وفي رواية: فأعطإني ثمنه ورده علي. متفق عليه.

وفي رواية للبخاري أنه قال لبلال: ((اقضه وزده)) فأعطاه، وزاده قيراطا.

ــ

قال: ((فماله للبائع))، أضاف الملك إليه وإلي البائع في حالة واحدة، ولا يجوز أن يكون الشيء الواحد كله ملكاً لاثنين في حالة واحدة، فثبت إضافة المال إلي العبد مجاز، أي للاختصاص وإلي المولي حقيقة، أي للملك.

((مح)): مذهب مالك والشافعي في القديم أن العبد إذا ملكه سيده مالا ملكه، لكنه إذا باعه بعد ذلك كان ماله للبائع، إلا أن يشترط لظاهر الحديث. وقال الشافعي: إن كان المال دراهم لم يجز بيع العبد، وتلك الدراهم بدراهم، وكذا إن كان الدنإنير أو الحنطة لم يجز بيعهما بذهب أو حنطة. وقال مالك: يجوز إن اشترطه المشتري، وإن كان دراهم والثمن دراهم، ولإطلاق الحديث. وفي الحديث دليل علي أن ثياب العبد التي عليه تدخل في البيع، إلا أن يشترطها؛ لأنه مال في الجملة. وقال بعض أصحابنا: تدخل. وقال بعضهم: ساتر العورة فحسب، والأصح أنه لا يدخل شيء؛ لظاهر الحديث، ولأن اسم العبد لا يتناول الثياب.

الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((قد أعيي)) أعيي أي أصابه العياء وصار ذا عياء. قوله: ((بوقية)) ((نه)): هي بغير ألف لغة عامرية، وغير العامرية أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء، وهي أربعون درهما، ووزنها أفعولة، والألف زائدة، والجمع الأواقي مشدداً وقد يخفف. و ((الحملان)) مصدر حمل يحمل حملانا. ((مح)): احتج به أحمد ومن وافقه علي جواز بيع دابة، يشترط البائع لنفسه ركوبها. وقال مالك: يجوز ذلك إذا كانت المسافة ريبة. وقال الشافعي وأبو حنيفة وآخرون: لا يجوز ذلك، سواء بعدت المسافة أو قربت، واحتجوا بالحديث السابق في النهي عن بيع الثنيا، وبالحديث في النهي عن بيع وشرط. وأجابوا عن حديث جابر بأنها قضية تتطرق إليها احتمالات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطيه الثمن ولم يرد حقيقة البيع، ويحتمل أن الشرط لم يكن في نفس العقد، وإنما يضر الشرط إذا كان في نفس العقد، فلعل الشرط كان سابقاً فلم يؤثر، ثم تبرع صلى الله عليه وسلم بإركابه، وفيه أنه لا بأس بطلب البيع من مالك السلعة وإن لم يعرضها للبيع.

قوله: ((وزده)) ((مح)): فيه دليل علي جواز الوكالة في قضاء الدين وأداء الحقوق،

واستحباب أداء الدين وإرجاح الوزن. ((حس)): فيه جواز هبة المشاع؛ لأن زيادة القيراط هبة غير متميزة

من جملة الثمن. أقول: وفيه بحث؛ لأن قوله: ((فأعطاه وزاده قيراطاً)) لا يساعد عليه. وكذا ما روي

ص: 2158

2877 -

وعن عائشة، قالت: جاءت بريرة، فقالت: إني كاتبت علي تسع أواق،

في كل عام وقية، فأعينيني فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة، واحدة وأعتقك؛

فعلت، ويكون ولاؤك لي، فذهبت إلي أهلها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: ((خذيها وأعتقيها)) ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله

ــ

عن جابر أنه قال: قلت: هذا القيراط الذي زادني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقني أبدا فجعلته في كيس، فلم يزل عندي حتى جاء أهل الشام يوم الحرة فأخذوه فيما أخذوا.

الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((قالت: جاءت بريرة)) ((قض)): ظاهر مقدمة هذا الحديث يدل علي جواز بيع رقبة المكاتب، وإليه ذهب النخعي ومالك وأحمد، وقالوا: يصح بيعه، ولكن لا تنفسخ كتابته، حتى لو أدى النجوم إلي المشتري عتق، وولاؤه للبائع الذي كاتبه. وأول الشافعي الحديث بأنه جرى برضاها، وكان ذلك فسخاً للكتابة منها، ويحتمل أن يقال: إنها كانت عاجزة عن الأداء، فلعل السادة عجزوها وباعوها. واختلف في جواز بيع نجوم الكتابة فمنعه أبو حنيفة والشافعي، وجوزه مالك وأول قوم حديث بريرة عليه، بقول عائشة رضي الله عنها:((أعدها لهم)) والضمير لـ ((تسع أواق)) التي وقعت عليها الكتابة، وبما جاء في بعض الروايات ((فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك)) ويرده عتق عائشة إياها، وما روى ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال:((ابتاعي وأعتقي)) وفي رواية أخرى أنه قال: ((اشتريها وأعتقيها)) وأما ما احتجوا به فدليل عليهم؛ لأن مشتري النجوم لا يعدها ولا يؤديها، وإنما يعطى بدلها. وأما مشتري الرقبة إذا اشتراها بمثل ما انعقدت به الكتابة فإنه يعده، وفحوى الحديث يدل علي جواز بيع الرقبة بشرط العتق؛ لأنه يدل علي أنهم شرطوا الولاء لأنفسهم، وشرط الولاء لا يتصور إلا بشرط العتق، وأن النبي صلي الله عليه وسلن أذن لعائشة في إجابتهم بالشرى بهذا الشرط، ولو كان العقد فاسداً لم يأذن فيه ولم يقرر العقد، وإليه ذهب النخعي والشافعي وابن أبي ليلي وأبو ثور، وذهب أصحاب أبي حنيفة إلي فساده.

والقائلون بصحة العقد اختلفوا في الشرط، فمنهم من صححه، وبه قال الشافعي في الجديد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أذن فيه؛ ولأنه لو فسد لأفسد العقد؛ لأنه شرط يتعلق به غرض ولم يثبت، ففسد العقد للنص والمعنى المذكورين قبل، ومنهم من ألغاه كابن أبي ليلي وأبي ثور. ويدل أيضا علي صحة البيع بشرط الولاء وفساد الشرط؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قرر العقد وأنفذه وحكم ببطلان الشرط، وقال:((إنما الولاء لمن أعتق)) وبه قال ابن أبي ليلي وأبو ثور والشافعي في القديم. والأكثرون علي فساد العقد لما سبق من النص والمعنى، وقالوا: ما جرى الشرط في بيع بريرة، ولكن القوم ذكروا ذلك طمعاً في ولائها جاهلين بأن الولاء لا يكون إلا للمعتق. وما روى هشام بن عروة

ص: 2159

وأثنى عليه. ثم قال: ((أما أبعد، فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله.

ــ

عن أبيه عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((خذيها واشترطيها)) زيادة تفرد بها، والتاركون لها كابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة والقاسم بن محمد عنها أكثر عدداً وأشد اعتباراً فلا يسمع؛ لأن السهو علي واحد أجوز منه علي جماعة. قال الشافعي رضي الله عنه: كيف يجوز في صفة الرسول ومكانه من الله أن ينكر علي الناس شرطا باطلا، ويأمر أهله بإجابتهم إلي الباطل، وهو علي أهله في الله أشد وأغلظ. أقول: وعلي هذا التقدير والاحتمال ينهدم ما ذكرنا من الاستدلال، ولا يكون فيه ما يدل علي جواز شرط العتق في العقد وصحته.

قوله: ((ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟)) كذا في البخاري بلا فاء، قال المالكي:((أما)) حرف قائم مقام أداة الشرط والفعل الذي يليها؛ فلذلك يقدرها النحويون بمهما يكن من شيء، وحق المتصل بالمتصل بها أن تصحبه الفاء، نحو قوله تعالي:{فأما عاد فاستكبروا في الأرض} ولا تحذف هذه الفاء غالبا إلا في شعر أو مع قول أغنى عنه مقوله، نحو {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم} أي فيقال لهم: أكفرتم، وقوله صلى الله عليه وسلم:((أما موسى كإني أنظر إليه)) وقول عائشة رضي الله عنها: ((وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافاً واحداً)) وقد خولفت القاعدة في هذه الأحاديث، فعلم بالتحقيق عدم التضييق، وأن من خصه بالشعر أو بالصورة المعينة من النثر مقصر في فتواه وعاجز عن نصرة دعواه- انتهي كلامه. أراد صلى الله عليه وسلم بما قال أن هذه الشروط ليست في حكم الله، أو ليست علي مقتضى حكم كتاب الله، ولم يرد أنها منصوصة في كتاب الله؛ فإن كون الولاء للمعتق أيضا غير منصوص في القرآن، ولكن الكتاب أمر بطاعة الرسول واتباع حكمه، وهو قد حكم بأن الولاء لمن أعتق، وغلي هذا يكون قوله:((وإنما الولاء لمن أعتق)) حالا من قوله: ((يشترطون)) مقررة لجهة الإشكال كقوله تعالي: {ونحن نسبح بحمدك} حيث وقعت مقررة لإنكار ما سبق من قوله: {أتجعل فيها من يفسد فيها} .

((مح)): وفي هذا الشرط إشكال؛ لأنه يفسد البيع، وكيف وهو متضمن للخداع والتغرير؟ أم

كيف أذن لأهله ما لا يصح؟ ولهذا الإشكال أنكر بعض العلماء هذا الحديث بجملته، وما في معناه

في الرواية الأخرى من قوله: ((واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق)) وقال الجمهور: هذه

اللفظة صحيحة، واختلفوا في تأويلها، قيل ((لهم)) بمعنى ((عليهم)) كما قال تعالي: {ولهم

اللعنة} أي عليهم {وإن أسأتم فلها} أي فعليها وهو ضعيف؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أنكر عليهم

ص: 2160

ما كان من شرط ليس في كتاب الله؛ فهو باطل، وإن كان مائة شرط. فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق)). متفق عليه.

2878 -

وعن ابن عمر، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته. متفق عليه.

ــ

الاشتراط، ولو كان كما قال القائل لم ينكره، وقد يجاب عنه أنه صلى الله عليه وسلم إنما أنكر ما أرادوا اشتراطه في أول الأمر، والأصح في تأويله ما قاله أصحابنا في كتب الفقه: إن هذا الشرط خاص في قضية عائشة رضي الله عنها، واحتمل هذا الإذن وإبطاله هذه القضية الخاصة، وهي قضية عين لا عموم لها، قالوا: والحكمة في إذنه ثم إبطاله المبالغة في قطع عادتهم في ذلك وزجرهم علي مثله، كما أذن لهم صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالحج، ثم أمرهم بفسخه وجعله عمرة؛ ليكون أبلغ في زجرهم وقطعهم عما اعتادوه من منع العمرة في أشهر الحج، وقد يحتمل المفسدة اليسيرة لتحصيل مصلحة عظيمة.

قال العلماء: الشرط في البيع ونحوه أقسام: منها: شرط يقتضيه إطلاق العقد بأن شرط تسليمه إلي المشتري، أو تبقية الثمرة علي الشجرة إلي أوان الجذاذ. ومنها: شرط فيه مصلحة وتدعو إليه الحاجة، كاشتراط الرهن والتضمين والخيار ونحو ذلك، فهذان الشرطان جائزان، ولا يؤثران في صحة العقد بلا خلاف. ومنها: اشتراط العتق في العبد أو الأمة ترغيباً في العتق لقوته وسرايته- انتهي كلامه.

قوله: ((فأبوا إلا أن يكون)) الاستثناء مفرغ؛ لأن في ((أبي)) معنى النفي، الكشاف في قوله تعالي:{ويأبي الله إلا أن يتم نوره} : قد أجرى ((أبي)) مجرى لم يرد، ألا ترى كيف قوبل {يريدون أن يطفئوا نور الله} بقوله:{ويأبي الله} وأوقعه موقع لم يرد! وقوله: ((ما كان من شرط)) ((ما)) شرطية و ((من)) زائدة؛ لأن الكلام غير موجب، ومعنى ((وإن كان مائة شرط)) هو أنه لو شرطه مائة مرة وهو من الشرط الذي يتبع به الكلام السابق بلا جزاء مبالغة وتقريرا. وقوله:((فقضاء الله)) الفاء فيه جواب شرط محذوف، ولفظ القضاء يؤذن بأن المراد من ((كتاب الله)) في قوله:((ليست في كتاب الله)) قضاؤه وحكمه.

الحديث الرابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((عن بيع الولاء)) ((مح)): بيع الولاء وهبته لا يصحان، وأنه لا ينتقل الولاء عن مستحقه؛ فإن لحمه كلحمة النسب، وعليه جمهور العلماء من السلف والخلف، وأجاز بعض السلف نقله، ولعلهم لم يبلغهم الحديث.

ص: 2161

الفصل الثاني

2879 -

عن مخلد بن خفاف، قال: ابتعت غلاما فاستغللته، ثم ظهرت منه علي عيب، فخاصمت فيه إلي عمر بن عبد العزيز فقضى لي برده، وقضى علي برد غلته، فأتيت عروة فأخبرته. فقال: أروح إليه العشية فأخبره أن عائشة أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا: أن الخراج بالضمان. فراح إليه عروة فقضى لي أن آخذ الخراج من الذي قضى به علي له. رواه في ((شرح السنة)). [2879]

2880 -

وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اختلف

البيعان؛ فالقول قول البائع، والمبتاع بالخيار)). رواه الترمذي. وفي رواية ابن ماجه،

ــ

الفصل الثاني

الحديث الأول عن مخلد: قوله: ((فاستغللته)) ((نه)): الغلة الدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك، والمراد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة عبدا كان أو أمة أو ملكا، وذلك أن يشتريه فيستغله زمانا، ثم يعثر منه علي عيب قديم، لم يطلعه البائع عليه أو لم يعرفه، فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله؛ لأن المبيع لو تلف في يده لكان من ضمانه ولم يكن له علي البائع شيء. والباء في ((بالضمان)) متعلقة بمحذوف، تقديره الخراج مستحق بالضمان أي بسببه. وقيل: الباء للمقابلة، والمضاف محذوف، أي منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري في مقابلة الضمان اللازم عليه بتلف المبيع، ومنه قولهم: من عليه غرمه فله غنمه.

((حس)): قال الشافعي: فيما يحدث في يد المشتري من نتاج الدابة وولد الأمة ولبن الماشية وصوفها وثمرة الشجرة، أن الكل يبقى للمشتري، وله رد الأصل بالعيب. وذهب أصحاب أبي حنيفة إلي أن حدوث الولد والثمرة في يدي المشتري يمنع رد الأصل بالعيب، بل يرجع [بالأرش]. وقال مالك: يرد الولد مع الأصل ولا يرد الصوف، ولو اشترى جارية فوطئت في يد المشتري بالشبهة أو وطئها، ثم وجد بها عيباً، فإن كانت ثيبا ردها والمهر للمشتري، ولا شيء عليه إن كان هو الواطئ، وإن كانت بكرا فافتضت فلا رد له؛ لأن زوال البكارة نقص حدث في يده، بل يسترد من الثمن بقدر ما نقص العيب من قيمتها. وهو قول مالك والشافعي.

الحديث الثاني عن عبد الله بن مسعود: قوله: ((إذا اختلف البيعان)) ((مظ)): يعني إذا اختلف

البائع والمشتري في قدر الثمن أو في شرط الخيار أو الأجل أو غيرها من الشروط، فمذهب

ص: 2162

والدارمي قال: ((البيعان إذا اختلفا والمبيع قائم بعينه، وليس بينهما بينة؛ فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع)). [2880]

2881 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أقال مسلما أقاله الله عثرته يوم القيامة)). رواه أبو داود، وابن ماجه.

وفي ((شرح السنة)) بلفظ ((المصابيح)) عن شريح الشامي مرسلاً. [2881]

الفصل الثالث

2882 -

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشترى رجل ممن كان

ــ

الشافعي أن البائع يحلف، أي ما بعته بكذا بل بكذا، ثم المشتري يتخير بين أن يرضي بما حلف عليه البائع، وبين أن يحلف إني ما اشتريت إلا بكذا، فإذا تحالفا فإن رضي أحدهما بقول الآخر فهو المراد، وإن لم يرضيا فسخ القاضي بينهما العقد سواء كان المبيع باقيا أو لم يكن. وعند مالك وأبي حنيفة لا يتحالفان عند هلاك المبيع، بل القول قول المشتري مع يمينه، وقوله في الرواية الأخرى:((والمبيع قائم)) أي باق، فالقول قول البائع بحلف، فإذا حلف فالمشتري مخير كما سبق، وإن لم يكن باقيا عند النزاع، فالقول قول المشتري مع يمينه، ولم يحلف البائع، وإلي هذا ذهب أبو حنيفة ومالك. قوله:((وفي شرح السنة- إلي قوله- مرسلا)) فيه أن المصنف ترك الأولي حيث ذكر المرسل ولم يذكر المتصل.

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((من أقال مسلما)) ((حس)): الإقالة في البيع والسلم جائزة قبل القبض وبعده، وهي فسخ للبيع.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((اشترى رجل)) ((مح)): العقار هو الأرض وما يتصل بها، وحقيقته الأصل، وعقر الدار- بالضم والفتح- أصله، وفي الحديث دليل علي فضل الإصلاح بين المتبايعين، وأن القاضي يستحب له الإصلاح بينهما كما يستحب لغيره. أقول: قوله: ((الذي اشترى العقار)) في الموضعين مظهر في موضع المضمر.

ص: 2163