الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3040 -
وعن جابر، قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا، والسوط، والحبل، وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به. رواه أبو داود. [3040]
وذكر حديث المقدام بن معدي كرب: ((ألا لا يحل)) في ((باب الاعتصام)).
[كتاب الفرائض والوصايا]
الفصل الأول
3041 -
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((أنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء؛ فعلي قضاؤه. ومن ترك مالاً فلورثته)). وفي رواية: ((من ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه)). وفي رواية: ((من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كلاً فإلينا)). متفق عليه.
ــ
الحديث الخامس عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((في العصا والسوط)) ((حس)): فيه دليل علي أن القليل لا يعرف، ثم منهم من قال: ما دون عشرة دراهم قليل، وقال بعضهم: الدينار فما دونه قليل لحديث علي رضي الله عنه، وقال قوم: ينتفع بالقليل التافه من غير تعريف، كالنعل والسوط والجراب ونحوها.
باب الفرائض
((حس)): الفرض أصله القطع، يقال: فرضت لفلان إذا قطعت له من المال شيئاً. ((المغرب)): الفريضة اسم ما يفرض علي المكلف، وقد يسمى بها كل مقدر. فقيل لأنصباء المواريث: فرائض، لأنها مقدرة لأصحابها، ثم قيل للعلم بمسائل الميراث: علي الفرائض. وللعالم به: فرضي وفارض وفراض. وفي الحديث ((أفرضكم زيد)) أي أعلمكم بهذا النوع.
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((من ترك مالا)) منه أخذ التركة. ((فا)): التركة اسم للمتروك، كما أن الطلبة اسم للمطلوب، ومنه تركة الميت. ((أو ضياعا)) ((قض)): ضياعا بالفتح يريد به العيال العالة، مصدر أطلق مقام اسم الفاعل للمبالغة كالعدل والصوم، وروي بالكسر علي أنه جمع ضايع، كجياع في جمع جائع، و ((الكل)) هو الثقل، قال تعالي:{وهُوَ كَلٌّ عَلي مَوْلاهُ} وجمعه كلول، وهو يشمل الدين والعيال. قوله:((فإلينا)) أي فإلينا مرجعه ومأواه. ((حس)): الضباع اسم ما هو في معرض أن يضيع إن لم يتعهد كالذرية الصغار، والزمني الذين لا يقومون بكل أنفسهم ومن يدخل في معناهم.
3042 -
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولي رجل ذكر)). متفق عليه.
3043 -
وعن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)). متفق عليه.
ــ
أقول: الفاء في قوله: ((فمن مات)) تفسيرية مفصلة لما أجمل من قوله: ((أنا أولي بالمؤمنين)) ومعنى الأولوية النصرة والتولية، أي أنا أتولي أمورهم بعد وفاتهم، وأنصرهم فوق ما كان منهم لو عاشوا، فإن تركوا شيئاً من المال فأذب المستأكلة من الظلمة، أن يحرموا حوله فيخلص لورثتهم، وإن لم يتركوا وتركوا ضياعا وكلا من الأولاد فأنا كافلهم، وإلينا ملجؤهم ومأواهم، وإن تركوا دينا فعلي أدواؤه؛ ولهذا وصفه الله تعالي في قوله عز من قائل:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} وقوله: {النَّبِيُّ أَوْلي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} . وهكذا ينبغي أن تفسر الآية أيضاً؛ ولأن قوله: {وأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} إنما يلتئم إذا قلنا: إنه صلى الله عليه وسلم كالأب المشفق، بل هو أرأف وأرحم بهم.
الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فهو لأولي رجل ذكر)) ((مح)): قال العلماء المراد بـ ((الأولي)) الأقرب، مأخوذ من [الولي] وهو القرب. ووصف الرجل بالذكر تنبيهاً علي سبب استحقاقه، وهي الذكورة التي هي سبب العصوبة وسبب الترجيح في الإرث؛ ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة في القيام بالعيال، والضيفان، وإرفاد القاصدين، ومواساة السائلين، وتحمل الغرامات وغير ذلك والله أعلم.
أقول: أوقع الموصوف مع الصفة موقع العصبة كأنه قيل: فما بقى فهو لأقرب عصبة وسموا عصبة؛ لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم، أي يحيطون به ويشتد بهم، والعصبة أقارب من جهة الأب، ((مح)): قد أجمعوا علي أن ما بقي بعد الفرائض فهو للعصبات، يقدم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب، وجملة عصبات النسب الابن والأب ومن يدلي بهما، ويقدم منهم الأبناء ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأب ثم الجد، ثم الإخوة للأبوين أو للأب، وهم في درجة. ((حس)): فيه دليل أن بعض الورثة يحجب البعض، والحجب نوعان: حجب نقصان، وحجب حرمان.
الحديث الثالث عن أسامة. قوله: ((لا يرث المسلم الكافر)) ((مح)): أجمع المسلمون علي أن الكافر لا يرث المسلم، وأما المسلم من الكافر ففيه خلاف، فالجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم علي أنه لا يرث أيضاً. وذهب معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب ومسروق
3044 -
وعن أنس [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((مولي القوم من أنفسهم)). رواه البخاري.
3045 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ابن أخت القوم منهم)). متفق عليه.
وذكر حديث عائشة: ((إنما الولاء)) في باب قبل ((باب السلم)).
وسنذكر حديث البراء: ((الخالة بمنزلة الأم)) في باب: ((بلوغ الصغير وحضانته)) إن شاء الله تعالي.
ــ
وغيرهم إلي أنه يرث من الكافر، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم:((الإسلام يعلو ولا يعلي عليه)) وحجة الجمهور هذا الحديث. والمراد من حديث الإسلام فضل الإسلام علي غيره وليس فيه تعرض للميراث فلا يترك النص الصريح. وأما المرتد فلا يرث المسلم بالإجماع، وأما المسلم من المرتد ففيه أيضاً الخلاف، فعند الشافعي ومالك وربيعة وابن أبي ليلي وغيرهم أن المسلم لا يرث منه. وقال أبو حنيفة والكوفيون والأوزاعي وإسحاق: إنه يرثه وروي ذلك عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما، لكن قال الثوري وأبو حنيفة: ما اكتسبه في ردته فهو لبيت المال. وما اكتسبه في الإسلام فهو لورثته المسلمين.
الحديث الرابع عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((مولي القوم)) ((مظ)): المولي يقع في اللغة علي المعتق وعلي العتيق، وفسر العلماء المولي هنا بالمعتق، أي يرث من العتيق إذا لم يكن له أحد من عصباته النسبية، ولا يرث العتيق إلا عند طاووس.
الحديث الخامس عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ابن أخت القوم منهم)) ((مظ)): ابن الأخت من ذوي الأرحام، ولا يرث ذوو الأرحام إلا عند أبي حنيفة وأحمد، وإنما يرث ذوو الأرحام إذا لم يكن للميت عصبة ولا ذو فرض، وذوو الأرحام عشرة أصناف. ولد البنت، وولد الأخت، وبنت الأخ، وبنت العم، والخال، والخالة، وأبو الأم، والعم للأم، والعمة، وولد الأخ من الأم ومن أدلي بهم، وأولادهم أولاد البنت، ثم أولاد الأخت، وبنات الأخ، ثم العم للأم والعمات، والأخوال والخالات، وإذا استوى اثنان منهم في درجة فأولاهم بالميراث من هو أقرب إلي صاحب فرض أو عصبة، وأبو الأم أولي من ولد الأخ من الأم من بنات الأخ وأولاد الأخت.
أقول: ((من)) في ((منهم)) اتصالية، أي ابن الأخت متصل بأقربائه في جميع ما يجب أن يتصل به من القول والنصرة والتوريث وما أشبه ذلك، وهو نحو قوله تعالي: {وأُوْلُوا الأَرْحَامِ
الفصل الثاني
3046 -
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،:((لا يتوارث أهل ملتين شتى)). رواه أبو داود، وابن ماجه. [3046]
3047 -
ورواه الترمذي عن جابر. [3047]
3048 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القاتل لا يرث)). رواه الترمذي، وابن ماجه. [3048]
ــ
بَعْضُهُمْ أَوْلي بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي في أحكامه وفرائضه، والكتاب كثيراً ما يجيء بمعنى الفريضة، واستدل به أصحاب أبي حنيفة علي توريث ذوي الأرحام، وينصره حديث المقدام في الفصل الثاني:((والخال وارث من لا وارث له)).
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عبد الله: قوله: ((شتى)) حال من فاعل ((يتوارث)) أي مختلفين. ويجوز أن يكون صفة ((لملتين)) أي ملتين متفرقتين، قد سبق بيان تورث المسلم من الكافر وعكسه. وأما توريث الكفار بعضهم من بعض، كاليهودي من النصرإني وعكسه، والمجوسي منهما وهما منه، فقال بن الشافعي، لكن لا يرث حربي من ذمي ولا ذمي من حربي. وكذا لو كانا حربيين في بلدتين متحاربتين قال أصحابنا: لم يتوارثا، كذا في شرح مسلم.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((القاتل لا يرث)) ((مظ)) العمل علي هذا الحديث عند العلماء، سواء كان القتل عمداً أو خطأ، من صبي أو مجنون أو غيرهما. وقال مالك: إذا كان القتل خطأ لا يمنع الميراث. وقال أبو حنيفة: قتل الصبي لا يمنع.
أقول: إذا جعل العلة نفس القتل المنصوص عليه فيعم، وإذا ذهب إلي المعنى وما يعطيه من قطع الوصلة فلا. فالتعريف في ((القاتل)) علي الأول للجنس، وعلي الثاني للعهد، وعليه يتفرع ما ذكره الشيخ محيي الدين في الروضة إذا قتل الإمام مورثه حداً ففي منع التوريث أوجه. ثالثها: إن ثبت بالبينة منع، وإن ثبت بالإقرار فلا؛ لعدم التهمة، والأصح المنع مطلقاً؛ لأنه قاتل.
3049 -
وعن بريدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم. رواه أبو داود. [3049]
3050 -
وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا استهل الصبي، صلي عليه، وورث)). رواه ابن ماجه، والدارمي. [3050]
3051 -
وعن كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مولي القوم منهم، وحليف القوم منهم، وابن أخت القوم منهم)). رواه الدارمي. [3051]
3052 -
وعن المقدام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أولي بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك ديناً أو ضيعة فإلينا. ومن ترك مالاً فلورثته. وأنا مولي من لا مولي
ــ
الحديث الثالث عن بريدة: قوله: ((دونها أم)) ((دون)) هنا بمعنى قدام، لأن الحاجب كالحاجز بين الوارث والميراث، وأنشد في الكشاف:
[تريك القذى دونه وهي دونها]
أي قدامه.
الحديث الرابع عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((إذا استهل)) ((حس)): لو مات إنسان ووارثه حمل في البطن يوقف له الميراث، فإن خرج حياً كان له، وإن خرج ميتا فلا يورث منه، بل لسائر ورثته الأول، فإن خرج حياً ثم مات يورث منه، سواء استهل أولم يستهل بعد أن وجدت فيه أمارة الحياة من عطاس، أو تنفس، أو حركة دالة علي الحياة سوى اختلاج الخارج عن المضيق. وهو قول الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب أبي حنيفة. وذهب قوم إلي أنه لا يورث منه ما لم يستهل، واحتجوا بهذا الحديث، والاستهلال رفع الصوت، والمراد منه عند الآخرين وجود أمارة الحياة، وعبر عنها بالاستهلال؛ لأنه يستهل حالة الانفصال في الأغلب وبه تعرف حياته. وقال الزهري: أرى العطاس استهلالا.
الحديث الخامس عن كثير: قوله: ((مولي القوم منهم)) سبق شرحه، وكذا شرح ((ابن أخت القوم))، وأما الحليف فإنهم كانوا يتحالفون ويقولون: دمي دمك وهدمي هدمك، وسلمي سلمك، وحربي حربك، أرث منك وترث مني، فنسخ بآية المواريث.
الحديث السادس عن المقدام: قوله: ((أرث ماله)) ((قض)): يريد به صرف ماله إلي بيت مال المسلمين، فإنه لله ولرسوله. وقوله ((أعقل له)) أي أعطي له وأقضي عنه، ما يلزمه بسبب
له، أرث ماله. وأفك عانه. والخال وارث من لا وارث له، يرث ماله، ويفك عانه)). وفي رواية:((وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه، وأرثه. والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه، ويرثه)). رواه أبو داود. [3052]
3053 -
وعن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تحوز المرأة ثلاث مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لا عنت عنه)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [3053]
3054 -
وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما رجل عاهر بحرة أو أمة، فالولد ولد زنى لا يرث ولا يورث)). رواه الترمذي. [3054]
3055 -
وعن عائشة: أن مولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مات وترك شيئاً، ولم يدع
ــ
الجنايات التي سبيلها أن يتحملها العاقلة. ((وأفك عانه)) أي عإنيه بحذف الياء تخفيفا، كما حذفها في يد، أي أخلص أسيره بالفداء عنه. وقوله:((والخال وارث من لا وارث له، يرث ماله)) يستدل به علي إرث ذوي الأرحام، وأول من لم يورثهم قوله:((الخال وارث من لا وارث له)) بمثل قولهم: الجوع زاد من لا زاد له. وحملوا قوله: ((يرث ماله)) علي أنه أولي بأن يصرف إليه ما خلفه علي بيت المال من سائر المسلمين. أقول: لا ارتياب أن قوله: ((يرث ماله)) كالتقرير لقوله: ((الخال وارث)) والتكرير إنما يؤتى به لرفع ما عسى أن يتوهم في المعنى السابق التجوز، فكيف يجعل تقريراً للتجوز؟ رحم الله من أذعن للحق وأنصف.
الحديث السابع عن واثلة: قوله: ((تحور المرأة)) ((حس)): هذا الحديث غير ثابت عند أهل النقل، واتفق أهل العلم علي أنها تأخذ ميراث عتيقها، وأما الولد الذي نفاه الرجل باللعان فلا خلاف أن أحدهما لا يرث الآخر؛ لأن التوارث بسبب النسب، وقد انتفي النسب باللعان، أما نسبه من جهة الأم فثابت ويتوارثان. ((قض)): حيازة المتلقطة ميراث لقطتها محمولة علي أنها أولي بأن يصرف إليها ما خلفه من غيرها، صرف مال بيت المال إلي آحاد المسلمين، فإن تركته لهم، لا أنها ترثه وراثة المعتقة من معتقها، وأما حكم ولد الزنا فحكم المنفي بلا فرق.
الحديث الثامن عن عمرو: قوله: ((عاهر)) ((نه)): العاهر الزإني، وقد عهر يعهر عهوراً وعهراً إذا أتى المرأة ليلا للفجور بها، ثم غلب علي الزنا مطلقا.
الحديث التاسع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((حميما)) حميم الرجل قريبه الذي يهتم لأمره. ((قض)): إنما أمر أن يعطى رجلا من قريته تصدقا منه أو ترفعا، أو لأنه كان لبيت المال
حميماً ولا ولداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أعطوا ميراثه رجلاً من أهل قريته)). رواه أبو داود، والترمذي. [3055]
3056 -
وعن بريدة، قال: مات رجل من خزاعة، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه، فقال:((التمسوا له وارثاً أو ذا رحم)) فلم يجدوا له وارثاً ولا ذا رحم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطوه الكبر من خزاعة)). رواه أبو داود وفي رواية له: قال: ((انظروا أكبر رجل من خزاعة)). [3056]
3057 -
وعن علي [رضي الله عنه]، قال: إنكم تقرءون هذه الآية: {مِّنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وأن أعيان بني الأم يتوارثوان دون بني العلات، الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه، دون أخيه لأبيه)). رواه الترمذي، وابن ماجه. وفي رواية الدرامي: قال: الإخوة من الأم يتوارثون دون بني العلات
…
)) إلي آخره. [3057]
ــ
ومصرفه مصالح المسلمين وسد حاجاتهم، فوضعه فيهم لما رأي من المصلحة، فإن الأنبياء كما لا يورث عنهم لا يرثون عن غيرهم. ((تو)) الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعيهن لا يرثون ولا يورث عنهم؛ لارتفاع قدرهم عن التلبس بالدنيا الدنية، وانقطاع أسبابهم عنها. وقوله في الحديث الذي تقدم:((أنا مولي من لا مولي له، أرث ماله)) فإنه لم يرد به حقيقة الميراث، وإنما أراد أن الأمر فيه إلي في التصدق به، أو صرفه في مصالح المسلمين، أو تمليك غيره.
الحديث العاشر عن بريدة: قوله: ((الكبر من خزاعة)) ((نه)): يقال: فلان كبر قومه بالضم إذا كان أبعدهم في النسب، وهو أن ينتسب إلي جده الأكبر بآباء أقل عدداً من باقي عشيرته. وقوله:((أكبر رجل)) أي كبيرهم، وهو أقربهم إلي الجد الأعلي.
الحديث الحادي عشر عن علي رضي الله عنه: قوله: ((وأن أعيان بني الأم)) ((فا)): الأعيان الإخوة لأب واحد وأم واحدة، مأخوذ من عين الشيء وهو النفس منه. وبنو العلات الإخوة لأب واحد وأمهات شتى، فإن كانوا لأم واحدة وآباء شتى فهم الأخياف. ((قض)): سموا علات؛ لأن الزوج قد عل من المتأخرة بعد ما نهل من الأولي، وقد يسمى الأخوة أيضاً علات علي حذف المضاف، والمعنى أن إخوة الأب والأم إذا اجتمعوا مع إخوة الأب فالميراث للذين من الأبوين؛ لقوة القرابة وازدواج الوصلة.
3058 -
وعن جابر، قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد بن الربيع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالاً، ولا تنكحان إلا ولهما مال. قال:((يقضي الله في ذلك)) فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي عمهما فقال:((أعط لابنتي سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. [3058]
ــ
أقول: قوله: ((إنكم تقرءون)) إخبار فيه معنى الاستفهام، يعني إنكم تقرءون هذه الآية، هل تدرون معناها؟ فالوصية مقدمة علي الدين في القراءة مؤخرة عنه في القضاء، والإخوة فيها مطلق يوهم التسوية، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقديم الدين عليها، وقضى في الإخوة بالفرق. وقوله ((وأن أعيان)) بالفتح علي حذف الجار عطف علي ((بالدين)) بدليل رواية المصابيح ((قضى رسول صلى الله عليه وسلم أن أعيان بني الأم)). وقوله:((الرجل يرث)) استئناف كالبيان والتفسير لما قبله.
فإن قلت: إذا كان الدين مقدماً علي الوصية فلم قدمت عليه في التنزيل؟ قلت: اهتماماً لشأنها. الكشاف: لما كانت الوصية مشبهة بالميراث في كونها مأخوذة من غير عوض، كان إخراجها مما يشق علي الورثة ويتعاظم، ولا تطيب أنفسهم بها، وكان أداؤها مظنة للتفريط، بخلاف الدين فإن نفوسهم مطمئنة إلي أدائه؛ فلذلك قدمت علي الدين بعثاً علي وجوبها، والمسارعة إلي إخراجها مع الدين؛ ولذلك جيء بكلمة ((أو)) للتسوية بينهما في الوجوب.
الحديث الثاني عشر عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((قتل أبوهما معك)) لا يجوز ((معك)) أن يتعلق بـ ((قتل)). الكشاف في قوله تعالي: {ودَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} . ((مح)) يدل علي معنى الصحبة واستحداثها، تقول خرجت مع الأمير تريد مصاحباً له، فيجب أن يكون دخولهما السجن مصاحبين له، وفي قوله تعالي:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} لا يصح تعلق ((معه)) بـ ((بلغ))؛ لاقتضائه بلوغهما معاً فهو بيان، كأنه لم قيل: فلما بلغ معه السعي، أي الحد الذي يقدر فيه علي السعي، قيل: مع من؟ قيل: مع أبيه، وكذلك التقدير، فلما قيل: قتل يوم أحد، قيل: يوم أحد مع من؟ قيل: معك، و ((شهيداً)) تمييز، ويجوز أن يكون حالا مؤكدة؛ لأن السابق في معنى الشهادة.
3059 -
وعن هزيل بن شرحبيل، قال: سئل أبو موسى عن ابنة، وبنت ابن، وأخت. فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود، فسيتابعني، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى. فقال: لقد ضللت إذن، وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم:((للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت)). فأتينا أبا موسى، فأخبرناه بقول ابن مسعود. فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم. رواه البخاري.
3060 -
وعن عمران بن حصين، قال: جاء رجل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ قال:((لك السدس)) فلما ولي دعاه قال: ((لك سدس آخر)) فلما ولي دعاه قال: ((إن السدس الآخر طعمة)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. [3060]
3061 -
وعن قبيصة بن ذؤيب، قال: جاءت الجدة إلي أبي بكر [رضي الله عنه] تسأله ميراثها. فقال لها: مالك في كتاب الله شيء، وما لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، فارجعي حتى أسأل الناس. فسأل فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فقال أبو بكر [رضي الله عنه]: هل معك غيرك؟ فقال محمد ابن مسلمة مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر [رضي الله عنه]. ثم جاءت الجدة
ــ
الحديث الثالث عشر عن هزيل: قوله: ((تكملة الثلثين)) إما مصدر مؤكد؛ لأنك إذا أضفت السدس إلي النصف فقد كلمته ثلثين، ويجوز أن يكون حالا مؤكدة.
الحديث الرابع عشر عن عمران: قوله: ((إن ابن ابني مات)) ((مظ)) صورة هذه المسألة أنه ترك الميت بنتين وهذا السائل، فلهما الثلثان وبقي الثلث، فدفع صلى الله عليه وسلم إلي السائل سدساً بالفرض؛ لأنه جد الميت، وتركه حتى ذهب، فدعاه ودفع إليه السدس الآخر؛ كيلا يظن أن فرضه الثلث. ومعنى ((الطعمة)) هنا التعصيب، يعني رزق لك وليس بفرض. وإنما قال في السدس الآخر طعمة دون الأول؛ لأنه فرض، والفرض لا يتغير بخلاف التعصيب، فلما لم يكن التعصيب شيئاً مستقراً ثابتاً سماه طعمة.
الحديث الخامس عشر عن قبيصة: قوله: ((فأنفذه)) أي الحكم بالسدس للجدة.
وقوله: ((ثم جاءت الجدة الأخرى)) أي لهذا الميت، إما من جهة الأب إذا كانت الأولي من
الأخرى إلي عمر [رضي الله عنه] تسأله ميراثها. فقال: هو ذلك السدس، فإن اسجتمعتما فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها. رواه مالك، وأحمد، والترمذي، وأبو داود، والدارمي، وابن ماجه.
3062 -
وعن ابن مسعود، قال في الجدة مع ابنها: إنها أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم سدساً مع ابنها، وابنها حي. رواه الترمذي، والدارمي، والترمذي ضعفه. [3062]
3063 -
وعن الضحاك بن سفيان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه: ((أن ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها)). رواه الترمذي، وأبو داود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. [3063]
3064 -
وعن تميم الداري، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما السنة في الرجل من أهل الشرك يسلم علي يدي رجل من المسلمين؟ فقال: ((هو أولي الناس بمحياه ومماته)). رواه الترمذي، وابن ماجه، والدارمي. [3064]
ــ
الأم وبالعكس، وقوله:((هو ذلك السدس)) أي ميراثك ذلك السدس بعينه تقتسمان بينكما، وقوله:((فإن اجتمعتما)) إلي آخره، بيان للمسألة، والخطاب في ((فإن اجتمعتما وأيتكما)) للجنس لا يختص بهاتين الجدتين، فالصديق إنما حكم بالسدس لها؛ لأنه ما وقف علي الشركة، والفاروق لما وقف علي الاجتماع حكم بالاشتراك. والله أعلم.
الحديث السادس عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((إنها أول جدة)) مقول القول، والضمير راجع إلي الجدة المذكورة في المسألة، أي قال بن مسعود في مسألة الجدة مع الابن هذا القول. ((مظ)): يعني أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أبي الميت سدساً مع وجود أبي الميت، مع أنه لا ميراث لها معه. ((حس)): قال ابن مسعود: ((الجدات ليس لهن ميراث، إنما طعمة أطعمنها، أقربهن وأبعدهن سواء)).
الحديث السابع عشر عن الضحاك: قوله: ((من دية زوجها)) ((حس)): فيه دليل علي أن الدية تجب للمقتول أولا ثم تنتقل منه إلي ورثته كسائر أملاكه، وهذا قول أكثر أهل العلم. وروى عن علي رضي الله عنه: أنه كان لا يورث الإخوة من الأم، ولا الزوج والمرأة من الدية شيئاً.
الحديث الثامن عشر عن تميم: قوله: ((ما السنة)) ((مظ)): أي ما حكم الشرع في شأن الرجل
3065 -
وعن ابن عباس: أن رجلاً مات ولم يدع وارثاً إلا غلاماً كان أعتقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل له أحد؟)) قالوا: لا؛ إلا غلام له كان أعتقه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه له. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. [3065]
3066 -
وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يرث الولاء من يرث المال)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث إسناده ليس بالقوي. [3066]
الفصل الثالث
3067 -
وعن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو علي قسمة الجاهلية، وما كان من ميراث أدركه الإسلام فهو علي قسمة الإسلام)). رواه ابن ماجه. [3067]
ــ
أسلم علي يد غيره، أيصير مولي له أم لا؟ فعند أبي حنيفة والشافعي ومالك والثوري لا يصير مولي له، ويصير مولي عند عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وعمرو بن الليث لهذا الحديث. دليل الشافعي وأتباعه قوله صلى الله عليه وسلم ((الولاء لمن أعتق)). وحديث تميم الداري يحتمل أنه كان في بدء الإسلام؛ لأنهم كانوا يتوارثون بالإسلام والنصرة ثم نسخ ذلك. ويحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم:((هو أولي الناس بمحياه ومماته)) يعني بالنصرة في حال الحياة، وبالصلاة بعد الموت فلا يكون حجة.
الحديث التاسع عشر عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه له)) هذا الجعل مثل ما سبق في حديث عائشة: ((أعطوا ميراثه رجلا من أهل قريته)). ((مظ)): قال شريح وطاووس: يرث العتيق من المعتق، كما يرث المعتق من العتيق.
الحديث العشرون عن عمرو بن شعيب: قوله: ((من يرث المال)) ((مظ)): هذا مخصوص أي كل عصبة ترث مال الميت، ينتقل إليها ولاء العتيق، ولا ينتقل إلي بيت المال، وإن كانت ترث المال؛ لأنها ليست بعصبة بل العصبة الذكور دون الإناث، ولا ترث النساء بالولاء إلا إذا أعتقن، أو أعتق عتيقهن أحداً.
الفصل الثالث
الحديث الأول والثاني عن محمد بن أبي بكر بن حزم: قوله: ((عجباً)) هذا التعجب من